أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد المصباحي - الهوية و العولمة















المزيد.....

الهوية و العولمة


حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 4016 - 2013 / 2 / 27 - 21:01
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


كل الحضارات الإنسانية عندما تصل أوج قوتها العلمية و العسكرية و الثقافية أيضا,تبدو فارضة لقيمها,و حتى لا تحرج العالم بما يعتبر فرضا لنموذجها المسيطر,تدعي كونية قيمها,و أحكامها و علومها,و بذلك تخلق توافقا ثقافيا و حضاريا مع الحضارات القريبة منها,جغرافيا أو تاريخيا أو حتى عرقيا,لخلق توازنات اقتصادية و تجارية ,كشرط للقبول بما تفرضه كأنه علم لا يعترف بالإختلافات و التمايزات,أي كوني,و القبول به انخراط في بوتقة العصر و انتماء للزمن الحاضر,المعتبر معاصرة و حداثة,أي العولمة بلغة العصر,من هنا صارت الرأسمالية نظاما عالميا للإنتاج,لا يمكن القبول بغيره,و معاملاته التجارية,بمثابة مكاسب إنسانية ساهمت فيها كل الشعوب,كما هو حال العلوم الطبيعية و الطب و الفلك,و كأن العالم اكتسب هوية واحدة ينبغي الدفاع عنها تجاه الرافضين و المتحاملين على التعدد و الخصوصية الحضارية بكل أبعادها,الثقافية و الدينية و حتى العرقية,مما دفع بالكثير من الدول,إلى الوقوع في مشاكل لا حصر لها في التعامل مع باقي الحضارات المختلفة عنها,تاريخا و حضارة,فانبعثت مسألة الهويات,و أدت للكثير من الصراعات,و المواجهات بين الدول العظمى التي احتمت بثقافاتها القديمة ضدا الإجتياحات الثقافية المضادة,فظهرت أصوليات عنيفة,مرتكزة للديني أو العرقي أو حتى التاريخي,في صيغته التآمرية,كما هو الشأن في العديد من الدول العربية و الإسلامية.
فهل استطاعت العولمة إقناع العالم بضرورتها؟و هل هي فعلا إقصاء للهويات أم فرض لهوية واحدة يراد لها أن تحكم العالم باسم الكونية؟ألا توجد حلول للحد من المواجهات التي انبعثت مع العولمة الموقظة للهويات الجريحة؟
1الهوية
هي الخصائص المشتركة و الثابتة في السمات العامة للشعوب و الحضارات,و التي تنطبق على الشخوص المنتمين لهذه الحضارة أو تلك,في سياق التمايزات التي تعرفها الأمم و الشعوب,فليست كل مكونات الهوية مقبولة من طرف كل مكونات المجتمع أو الحضارة,بل هناك تماهيات و اختلافات بين الثقافات المكونة للحضارة الواحدة,لكن رغم ذلك,هناك متغيرات تعرفها الهوية,بما تكتسبه من معارف و قيم تدمجها الحضارة في ذاتها كمكون من مكوناتها,لتصير منها,منصهرة مع قيمها,و حافزة على القبول بنتائج الإنصهارات العامة التي تعيشها الحضارات الإنسانية في تاريخها العميق ,المتأثر بالعديد من التحولات التاريخية,التي تعرفها الإنسانية في تاريخها كما سبقت الإشارة,لكن المثير أن الهوية أكثر تعقيدا من محاولات حصرها في الديني أو العرقي أو حتى الخبرات العامة لمجموعة تدعي تمثيل الكل,و ما هي إلا جزء من العالم يتفاعل مع باقي المكونات الأخرى,أو سبق له أن كان فاعلا في أخرى يعتقد أنه بعيد عنها أو في منأى عن التأثيرات التي تعرفها الهويات الأخرى.
2الهويات
هذه الحقيقة تتهرب الأمم منها,معتقدة أن كل حضارة لها هوية واحدة,خاصة بها,مشتركة مع كل أفراد المجموعة التي تنتمي لهذه الحضارة أو تلك,لكن الحقيقة غير ذلك,فهناك هويات في كل الثقافات و الحضارات البشرية,غير أن العميق منها يظل خفيا محجوبا عن الأخرى في انتظار شروط الظهور,أو الإنكشاف العام,ليظهر جليا في اختلافاته عن الباقي رافضا في مجاورته لما يعتقد أنه شبيه به في المتداول اليومي,إن ما ينعش الهويات و يحفظ بقاءها و وجودها الفعال,ليس تماهي الثقافات مع بعضها,بل تمايزاتها داخل الحضارة الواحدة,و في سياق تفاعلي الغاية منه الإعتراف المتبادل بالوجود المزدوج للكينونة الساعية لاكتساب وجودها مع و ليس بجوار أو خلف الغير,الهويات وجود إنساني يغتني بذاته و بغيره في سياق تفاعلات غير مقصية أو متناسية لهويات أخرى متشابهة أو حتى مغايرة أو مصارعة لغيرها في سياق التكامل التعددي المعترف و الزاخر بما ينعش وجود الناس مختلفين عن بعضهم و ليس متشابهين بتعسف و عنف يراتب و يقصي و يلغي طمعا في وحدة جازمة و حاسمة.
3عولمة الهوية
لا يمكن للعولمة أن تفرض هوية واحدة,ظنا منها أن الباقي سوف يقبل بها و يدافع عنها,فقط لأنها قوية و مقبولة عقلانيا,فحتى العقلانية عقلانيات,و إلا لما انتقدت العقلانية الأروبية نفسها,و نظر إليها من مشروع مغاير لم يكتمل بعد لكنه حاضر,فالغرب ليس كيانا منسجما كما الشرق,هناك تفاوتات في التاريخ و القيم المدافع عنها,بطرق مختلفة ,ليس في درجة تسامحها,بل حتى في كيفيات تصريفها و القبول بها,فهناك صراعات خفية في التاريخ الأروبي لازالت حاضرة في السلوكات العامة لدى القادة الأروبيين,لكنهم اكتسبوا طرقا دبلوماسية لإخفائها و العمل على كبح ميولاتها العدوانية واللاعقلانية,لكن يمكن للعالم تأسيس قيم مشتركة كونية,بما تحمله من عدالة و مساواة بين الشعوب و الحضارات و الديانات,و لن يتأتى ذلك بدون تصفية كل مآسي الإنسانية الماسة بالعدالة الدولية و الحضارة الإنسانية,بمنع تدويل العنف و الظلم,المسلط على أعناق العديد من الشعوب التي لازالت ترزح تحت نير الإستعمار مثلا,و الحد من فرض الهيمنة على الحضارات المفتقدة للتكنولوجية,بالضغط عليها لتظل تحت سقف استهلاك التقنية بدون تخطي مرتبة الإنتاج المراد احتكارها من طرف الدول القوية,و غيرها من الإجراءات التي تجعل الشعوب تنظر للعالم نظرة أكثر تسامحا و قبولا بالكوني كقيم و أحكام و حتى سلوكات عامة فردية و جماعية.
4صراع الهويات
يمكن لهذه الصراعات أن تحدث في ظل التعايش بين المكونات الثقافية و حتى الحضارية,بعيدا عن الحروب و العداوات التي تخرب و تخزن مآسي,بتذكرها تشتعل النزوعات الرافضة للغير و تبدأ موجة التحامل الفكري عليه تمهيدا لمواجهته جسديا و عسكريا,و قد بدأ العالم يدرك من خلال القوى العالمية,أن الحروب لا يمكنها القضاء على ما يعتبر احتجاجا عنيفا على العولمة و بعض مظاهرها المقصية اجتماعيا و اقتصاديا للكثير من الفئات حتى داخل المجتمعات الصناعية نفسها,بما فرضته من تفاوتات بين البشر كفئات تحتاج للرعاية,بما تنتجه من ثروات لا يمكن القبول بصرفها لضمان الهيمنة على شعوب أخرى,أو دفعها لدول تراكم بها أسلحة لمهاجمة من تحتل أرضهم بالقوة كما هو حال إسرائيل التي تمدها الولايات المتحدة الأمريكية,بفائض خيرات الإنسان الأمريكي,الذي في حاجة لتلك الأموال أكثر من الإسرائيليين,و قد بدأ المواطن الأمريكي يدرك العبء الموضوع على كتفه من طرف الساسة الذين اعتبروا حماية إسرائيل واجبا مقدسا,أكثر من المواطنين الأمريكيين المفتقدين للشغل و المسكن,و هي مفارقة انتبه لها الأمريكي و بدأ يتحرك تجاهها رغم قوة اللوبي الإسرائيلي و تجربته في مواجهة مثل هذه الحركات.
خلاصات
ليست الهوية رفضا اتراجيديا للهوية حتى عندما تتخذ شكل الدفاع عن خصوصية,فالكوني لشدة معقوليته لا يمكن فرضه,لأن وتيرة انتشاره,لا يتحكم فيها الساسة,المعروفون باستعجالية خطاهم,فالثقافة تحقق كونيتها في صمت و بوتيرة مستقرة,بعيدا عن ضجيج الحروب و صرخات الإنتصارات الهوياتية المنتشية بربح معارك تحجب احتفاء الشباب بالكوني,حرية و ديمقراطية و معرفة.
حميد المصباحي كاتب روائي



#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضاء و العدالة في المغرب
- الكاتب و الثقافة في المغرب
- الإغتيالات في الإسلام
- قوة الإسلام السياسي
- الأخوة الإسلامية و الوطنية
- تجارب حكومية مغربية
- هفوات اليسار المغربي
- الخيال و الصورة
- لاهوت التكفير و لاهوت التدبير
- الفكر الديني والفقه الإسلامي
- التربية و التعليم في المغرب
- الدستور المغربي.تأويل التنزيل
- صراع الأفكار وصراع النوايا في الإتحاد الإشتراكي
- مقطع من رواية موت المجنون
- الرواية,كيفيات الكتابة
- الدين والأخلاق
- العروبة والقراءة
- الدرس المصري
- العنف الديني والإسلام
- بؤس السياسي ويأس الثقافي


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد المصباحي - الهوية و العولمة