أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد المصباحي - صورة الشيء و جمالياته الشعرية














المزيد.....

صورة الشيء و جمالياته الشعرية


حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 4034 - 2013 / 3 / 17 - 21:45
المحور: الادب والفن
    


أولا
الشيء فلسفيا بدأ بتصور تجريدي,يحاول التعبير عن الموجودات بما يلم العالم من أطرفاه,ملموسا و غير ملموس,احتراما لعادات التفكير الذي كان لتوه منتصرا على الأسطورة,التي لم يتخلص من تقاليدها العريقة حتى أفلاطون نفسه,في صيغة تصويره للكهف,بحيث أن أفلاطون عقلن صور الأسطورة ليقضي عليها,إذ صور التناقض بين الحسي و العقلي,المختلف عما يدركه الناس بحواسهم كمجرد ظلال للحقيقة,التي لا يصل إليها إلا من تخلص من قيد الحواس و سلم بقدرة العقل وحده على إدراك الحقائق الخالدة و هي عالم المثل المتعالي عما هو حسي,لكن الغريب أن هناك فلسفة سابقة عليه كان لها اختيار آخر,و هي ما يعرف بالفلسفة الطبيعية التي ظن حكماؤها أن أصل العالم لا يوجد خارجه,بل فيه يكمن,و أن هذا الأصل لم يكن في نظرهم إلا هيولا أو تراب أو نار أو ماء أو هواء,مما مما كان اختيارا آخر للشيء باعتباره طبيعة,أو عالما,لا ينبغي أن ننبهر به بل أن نقرأه,و ربما لهذه الأسباب كانت عداوة أفلاطون للشعراء نتاجا لنسقه الفلسفي,فالشعر تغنى بالظلال و رسخ حقيقة الوهم,مما سوف يغري الناس باعتبار حقائق الشعرا احتفاء بما يجب التغني به,و الجمال سوف يترسخ بمنطق المحاكاة الأرسطية كإعادة تصوير للجميل,ولا جمال في نظر أفلاطون إلا الجمال الخالد,و فيما بعد سوف يظهر مفهوم العالم و تعود فكرة الوجود من جديد للفكر الفلسفي بمنطق مغاير في صيغة الوجودية التي أكدت على أن وجود الإنسان سابق على ماهيته,فالماهية تكتسب,كصفة غير جوهرية.
في القرن التاسع عشر و ظهور العلوم الإنسانية و خصوصا علم الإجتماع سوف يتم النظر إلى الوجود كمقولة استطاع علم الفلك فيها التقدم كثيرا,فأكد علم الإجتماع على وجود الجماعة و اللغة و الطبيعة,كمعطيات لا ينبغي إغراقها في التجريدات الفلسفية,و هنا ينبغي التعامل مع المجتمع أو بعض ظواهره كأشياء,كما العلم التجريبي,فظهرت فكرة الموضوعية التي تعتبر تدخل الذات عائقا لتطور العلوم و المعرفة الإنسانية بشكل عام,مما سوف يفرض على التفكير الفلسفي مراجعة آليات تفكيره في قضاياه,فاستحضر فكرة الشيء كمرادف للواقع,مستعينا بما تحقق في الفزياء التي لم يعد الجزئي محكوما بحتميات علمية تسمح بتوقع حركاته,التي قال عنها اسبينوزا أنها تتكلم لغة الرياضيات,فكيف امتدت هذه الحقائق و صراعاتها إلى الآداب و هل يمكن تصور ذلك؟؟؟
ثانيا
الشيء الأدبي
استحضر التجربة الأدبية الأشياء,في ذاتها بالتوصيف الروائي و القصصي,فكانت الدقة دليل صدق,و إغراء بتملك الحقيقة و التعبير عنها,فكان من الطبيعي أن تظهر الواقعية,بأن تعيد للمحسوس اعتباره بعد أن تحاملت عليه الفلسفات التجريدية و طردته من جمهوريات العقل المتعالي عن الحواس,هكذا امتدت الفكرة حتى للشعر نفسه,فاكتسب نفسا جديدا في تصويره للأشياء و الإعتداد بالقدرة التوصيفية للفعل الشعري مع محسنات تشبيه الشيء بالشيء,مجازات و استعارات ظلت حبيسة التعبير عن اليومي,فانخرط الآداب في معركة الدفاع عن الواقعي و اعتباره فيما بعد انخراطا في المعارك الإجتماعية التي على الأدب أن ينحاز فيها للشعب أو الطبقة الأكثر تمثيلية له,و كان السند النظري لهذه الفكرة هي التجهات الإيديولوجية الماركسية,بمبدعيها و نقادها الكبار,لوكاش غولدمان و غيرهما من المفكرين الذين سعوا لجعل الأدب في خدمة السياسة,هذه هي جمالية الفني الأدبي,بحيث يصير حاملا لوعي ضرورة التغيير التي سوف تتحول إلى تحريض بجمالية التفاعل مع الواقع بدل التنكر له.
ثالثا.جمالية الشيء
بعد كل هذه الصراعات,التي اتخذت أشكالا مختلفة,و تأثرت بما تعرفه المعرفة الإنسانية من مستجدات,حاول الأدب التخلص من شيئية الأشياء,بأن تصير لها أدوارا في العملية الأدبية خصوصا الرواية و القصة,فغدت رموزا تحيل على معاني تاريخية,كأن يكون الكرسي رمزا للسلطة,و المرآة دليل حيرة أو ازدواجا للشخصية,و الظلام مرادفا للجريمة و الرغبة في الإنتقام,و شيئا فشيئا غدت الأشياء حاضرة حضورا فعليا و مستقلا عن الشخوص,فطبيعة السياق الأدبي يتطلب أشياء محددة,و لأن السابقين تعرضوا لها,فرض على اللاحقين تصويرها بأشكال مختلفة و توصيفها أحيانا بما تتصف به الشخصيات المرافقة لها,بل هناك من أنطقها للتعبير عن ذاتها و التحرك وفق منطقها وكأن لها حياة خاصة بها و لها لغة التعبير عن وجودها,و عندما نعود للفكر الفلسفي المعاصر نجد بعض التوصيفات الفلسفية للشيء,عندما يسخر من الإنسان و يتحرك وفق منطق شيئي غريب,فالشحنات في عالم الفزياء ,لها حركة قد تفاجئ العالم,مما دفع ببعض الباحثين في علوم الفزياء إلى اعتبار الماء فاعلا بصفة الحياة التي له.
جمالية الشئ إذن لا يمكن تحققها بدون شاعرية تحول الشئ,بإكسابه صورا من خلال تعبيرات مثيرة و محركة للذهن بل مسائلة له و مشككة فيما تعلمه من حواسه عن حقيقة الأشياء,و هنا تصير الشاعرية السردية,بشعريتها تملكا خاصا للغة جديدة,لا تعرف الأشياء بغيرها و لا حركاتها,بل بإغناء التجارب الحسية للقراء,و تطويع اللغة لتصير لها القدرة على الإمتاع بصور الأشياء تعبيريا و ليس كشف جمالية الأشياء سواء كانت طبيعية أو مصنوعة.
حميد المصباحي كاتب روائي



#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة و السياسة
- الحكومة المعارضة
- السرد و النقد في المغرب
- الهوية و العولمة
- القضاء و العدالة في المغرب
- الكاتب و الثقافة في المغرب
- الإغتيالات في الإسلام
- قوة الإسلام السياسي
- الأخوة الإسلامية و الوطنية
- تجارب حكومية مغربية
- هفوات اليسار المغربي
- الخيال و الصورة
- لاهوت التكفير و لاهوت التدبير
- الفكر الديني والفقه الإسلامي
- التربية و التعليم في المغرب
- الدستور المغربي.تأويل التنزيل
- صراع الأفكار وصراع النوايا في الإتحاد الإشتراكي
- مقطع من رواية موت المجنون
- الرواية,كيفيات الكتابة
- الدين والأخلاق


المزيد.....




- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد المصباحي - صورة الشيء و جمالياته الشعرية