|
الحُبّ يخلع الريش (3)
سلمى مأمون
الحوار المتمدن-العدد: 4095 - 2013 / 5 / 17 - 22:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ربما يفَسد الحب بفساد الحقب! ربما، لهذا يتراءى لي شأن الحُب و علاقاته في الوقت الراهن كأنه الوجه الآخر لعُملة السياسة الرسمية؛ فهو دائماً مأزوم و تفتك به النرجسية و الاستبداد بالقرار و ادعاءات البطولة ، و يفشله الهزال الداخلي و الوعود التي لا تصدق، و يمشي بالمؤثرات الخارجيه و "المهدِّدات" و الاجندات. حتى انطلاقته الأولى لا تعرف التلقائية و السلاسة، إذ لابد أن تسبقه تحركات خفية و تزكيات و توصيات، و يتكفله المقربون بالرعاية و بالوساطات و فرق التدخل السريع و يمدونه بالدعائم كالنبت المتسلِّق!
حسب الاوضاع الاستثنائية التعقيد و التوتر و الانغلاق التي نعيشها، صار معنى الوجود بحد ذاته في خطر، فالمجتمع "مجنزر" بالقوانين و التقاليد البدائية الضالة عن دورها الانساني في صون كرامة و حقوق و خصوصية البشر، و فاعل في ابتكار المزيد من زنازين الوصاية. برغم ذلك يظل الحُب يصارع أهوال الحاضر و يزدري خُطَب الكراهية و حملات التفسيق و الوصاية على "المظهر العام" و يرفض أن يمرض و يندثر..... هيهات! تظل حاجة الناس اليه لاتقبل الحظر و لا تنحني للعراقيل فيخرجون، يترافقون، و يتحلقون كل الأوقات لا يثنيهم الصهد فيلوذون بظلال الاشجار الشاحبة يبتكرون معجزة الحُبّ و ينتصرون للحياة. أتأملهم و ارسل صوبهم من البُعد علامة نصر. و أبتسم لتمسكهم بانسانيتهم، و هم يطوعون المتاح، و إن انحصر في افتراش العشب.
عليه، و إلى حين تفَضُّل القوم بأداء واجبهم تجاه انفسهم و تاريخهم بكَنس الحوش القديم من الريش و "جرد" الأنقاض، فإن الحُبّ باق يتملص من القيود و يفرض مشيئته، لأنه المارد في الحرب و السِلم و فاكهة السلام و الجمال مهما تراكم القبح و مهما كثفوا هجومهم على الأرض بالقيود المشددة على "المظهر العام" و عبر الصحافة الرديئة. الملاحظ أنها لا تمل الهجوم على كل البراحات التي يلوذ بها الشباب لينتموا الى عصرهم و لغته و في مقدمتها (الفيسبوك) الذي يحلو لأعداء الحياة اتهامه "بإفساد الاخلاق و خراب الزيجات ووو كل السوء....". السبب الرئيسي لهذا الهجوم هو توفر الفيسبوك و المواقع المماثلة على المناخ الحر الغير خاضع "لرقابتهم الشرعية"، و امكانية توظيفه خارج إرادتهم. برأيي مَن كان موجوعاً على "فراغ الشباب" و ضياعه و استهلاكه للغث على الانترنت و ادمانه الموبايلات و برامج الونسه فليمنح نفسه لحظة تأمل قبل أن يقفز الى الهجوم عليهم و على اهتماماتهم و على مواقع التواصل الاجتماعي: أين دور الدولة التي تطاردهم و تحاصر نموهم و حريتهم و هي فاشلة في وضع المناهج التعليمية الحديثة و في محاربة البطالة و في توظيف الطاقات و استيعابها في التنمية و في البرامج التثقيفية و تنمية المواهب و المعسكرات الصيفية و رحلات التبادل الشبابي و بناء المراكز و المكتبات العامة و المنتديات المهيأة لاندماجهم الحر، التي تفسح لهم النمو المعافى و التلاقي الواعي و التوافق و إدارة الحوارات التي من شأنها أن تصفّي ركام الحواجز البليدة المفروضة دون تلاقيهم و اندماجهم اناث و ذكور في بناء الحياة. ثم أين دور المجتمع؟ و أين دور الأسرة؟ فلتخرس الاصوات التي تتناول الأمر مقلوباً، فتدين النتائج و تغمض عيونها عن "الفيل"!!!!
أناشده، أيها الحُبّ في "زمن التمكين" حارب إهانتك بالاجراءات الهمجية، و بالاكتاف المنقبضة و مَشي المحبين منكفئين و جلوسهم و كلُ متصلّب حول ذاته كثمرة تحاوطت نواتها، و تركيزهم مشتت بمحاذرة مَن يحدق و مَن يتابع بالتنصُّت. قوِّض غربة الأجساد المتراصة كقطارات معطَلة و قبِّل نظراتهم المذعورة بالطمأنينة.
أناشد المحبين، حين تأتون للحب بذواتكم البريئة، و ليس بهياكل مجنزرة بالمُسبقات تكونوا جديرين بالتجربة و بالارتقاء من خلالها لتفتح ذهني و نفسي أعمق. و ليُصغي الثنائي و يثق و يحترم و لا يُخضِع كل "حركه و سكنه" للتأويلات و الاستشارات و الاستخارات، ليصبح الحُبّ مدار انكشاف الذات و انضاجها و بؤرة للعسل.
حين تُستبدل الشفة المقوسة فوق صخرة "تنباك" بابتسامة ناصعة، سيبتسم الحُب و يتنازل عن المكافآت المادية و ستتنفس البيئة الصعداء.
رجاءاً، في طريقكم الى الحب اهرعوا بلا ريش و لن تخسروا سوى لحاء التربية المُمرِض لانسانيتكم و للحُبّ.
#سلمى_مأمون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحُبّ يخلع الريش (2)
-
الحُبّ يخلع الريش (1)
-
عصف -الزمن الجميل- في صحراء الحاضر
-
شفاء المنقوص
-
ركلاتُ موقوتة
-
شظيةُ بلحم يحتضر
-
صلاة كونية
-
حجر في مستنقع القهر
-
هامش (جينيس)
-
ليمونتان بغياهب الروح
-
انتظار سيدة -الهايكو-
-
أين تسهر هذا المساء
-
شتاء خارج التغطية
-
كائنات ضوئية تصعد الباص
-
رهانات الصباح بين المفتاح و المطرقة
-
أعلى من نوتات الغجر
-
غياب
-
الزومبي(في ذكرى انتفاضة 27 مارس/ 6 ابريل السودانية 1985)
المزيد.....
-
صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان
...
-
ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
-
مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان -
...
-
روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب
...
-
في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين
...
-
عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب
...
-
هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
-
بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس
...
-
نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع
...
-
لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|