خالد قنوت
الحوار المتمدن-العدد: 4092 - 2013 / 5 / 14 - 22:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من أعظم الشعارات التي صدحت بها حناجر السوريين منذ قيام الثورة في آذار 2011 كان شعار (الموت ولا المذلة). ألا يخبركم هذا الشعار على بساطته أصل الحكاية و أساس الحل لكل مشاكل الثورة السابقة و اللاحقة؟.
عندما يكون هناك خيارين لا ثالث لهما, إما الموت و إما الكرامة و الحرية بحكم أنهما نقيضي المذلة, فهل هناك أهم من هذا الهدف الاستراتيجي للثورة و لسورية كلها؟.
دون الخوض في الايدلوجيات و العقائد و النظريات الفلسفية و الاجتماعية و السياسية التي يجب نصديرها لما بعد قيام دولة سورية ديمقراطية حرة مدنية تعددية, فإن الهدف الاستراتيجي قد وضعه السوريون البسطاء و نادوا به في مظاهراتهم السلمية التي نحنُ لها اليوم و نتوقع عودتها بعد توقف قرقعة السلاح و قتال الاخوة الأعداء, هذا الشعار الهدف يختصر كل الكلام و يضع أساس الحل لما وصلت إليه حال الأزمة السورية و طول زمن الثورة.
أن لا تتراجع قيد أنملة عن حقك بالحرية و تضع بديله الموت, ثم تنتقل للتنفيذ و لو من جسدك و دمك و بيد نظام يعشق الدماء و يتقن سفكها على مدار عقود حكمه, من سوريين و فلسطينيين و لبنانيين و عراقيين و آخرين فأنت الآن تفصل بين منطقين الموت و عكسه الحياة و المذلة و عكسها الكرامة. إنه هدف استراتيجي وطني و من يريد أن يتعلم القليل من هذه الثورة العظيمة عليه أن يضع هذا الهدف في أي فكر أو سياسة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ وطننا.
حيث هناك, لا سلطة و لا مناصب و لا مكاسب, فأنت تشتري وطن حر كريم أو تموت دونه, نقطة على السطر و بدون تنظير و استرسال بالمثاليات فقد قدم الشعب السوري عشرات الآلاف من أبنائه و مئات الآلاف من الجرحى و المعتقلين و ملايين المهجرين و لن يبخل حتى ينال النقيض للموت و المذلة إلا و هما الحياة و الكرامة.
في هذه المقالة أتطرق إلى كارثة الملايين من اللاجئين في دول الجوار, فتتوارد أخبار العذابات التي يلاقيها السوريون في معظم مخيمات اللجوء و تعرضهم للمهانة و المذلة هناك, متناسين كرمنا يوم كان الإخوة في كربهم و شدتهم. لقد رأينا بأم أعيننا موت أطفالنا في مخيم الزعتري و تعرض قوات الأمن بمختلف الأسباب للسوريين إضافة لتسول السلطات هناك على وجود السوريين على أراضيها رغم إقامتهم المهينة في الصحراء رغم أن معظم اللاجئين هم من أهل حوران أهل الكرم و أصحاب الغنى و الخيرات, في العراق معاملة اللاجئين السوريين لا يحسدون عليها فالمساعدات و السماح بالدخول لأرض العراق بالقطارة و نحن من استضفنا مليون و نصف عراقي وقت الحرب ناهيك عن عشرات اللاجئين السياسيين العراقيين ايام صدام حسين و منهم رئيس وزراء حكومة العراقية الحالي السيد المالكي. في لبنان حدث و لا حرج عن ازدواجية التعامل الشيفوني اللبناني و الحقد الطائفي لخونة جمهور حزب الله الذي ُيذهب عن البشر المروءة و الشهامة بعد أن استضفناهم بين عائلاتنا في حرب 2006 و لا ننسى سنوات حربهم الأهلية. أيضاً اليوم يتعرض السوريين للأذى بأجسادهم و بكراماتهم في تركيا بعد تفجيرات الريحانية و ظهور التعصب و الطائفية لدى بعض الجمهور التركي تجاه السوريين هناك.
ليست كل الصورة رمادية بالمطلق لكننا شعب لا يبصق في الاناء الذي نأكل منه و نحمل لصاحب المعروف معنا ديناً له في رقابنا, فالسوريين اللاجئين في مناطق كردستان العراق و في بعض المناطق الاردنية و في معظم مناطق تركيا و مصر عموماً يلقون معاملة أخوية حسنة و انسانية.
المشكلة أن موضوع اللجوء خارج الحدود السورية يجعل من السوريين مكسب سياسي و مالي للدول المستضيفة فيخضعونهم للحصار و المراقبة و المضايقات و المساومات خاصة على السوريات بحجج السترة و الحاجة للمال. كثير من اللاجئين السوريين يقررون بأن عودتهم للموت في بلادهم أرحم من ذل اللجوء و هنا جوهر كلامي و ندائي لكل اللاجئين و كل الناشطين على أرض الوطن بعد أن فقدنا الأمل بمعارضي الخارج, عليكم التشجيع على العودة للوطن و البدء بحملة وطنية لعودة الجميع بمختلف الظروف لأن هذه الأرض أرضهم و غيابهم عنها يذكرنا بمآسي كل من ترك بيته و وطنه على أمل العودة له يوماً و طال الزمن حتى أصبح واقع من الصعوبة بمكان التغلب عليه.
إنه مبدأ الموت و لا المذلة و على الجميع المساهمة بتوعية الناس لمخاطر المعارك التي تدور و كيفية الوقاية و التعامل مع الظروف في سبيل البقاء و الحماية.
إن عودة اللاجئين السوريين للوطن تحقق عدة مكاسب وطنية, أهمها:
* عودة الحاضنة الشعبية الأصيلة للثورة و للجيش الحر.
* إعادة عملية بناء ما تهدم نتيجة القصف الهمجي من قبل النظام و إيجاد بدائل محلية لمشاكل إعادة التعمير كمواد البناء و الطاقة و غيرها.
* عودة الدورة الاقتصادية للعمل و الانتاجية زراعية منها و صناعية, حتى تحت ضربات القصف مع تأمين الاجراءات اللازمة للوقاية كبناء ملاجئ في المدن و القرى و الحقول و لو حتى خنادق في الأرض.
* منع حدوث فراغ ديموغرافي في المناطق السورية ستسيل لعاب المتربصين بأرض الوطن و خيراته حتى من السوريين أنفسهم كتحويل بعض المناطق إلى محظيات و غنائم حرب لهم.
لنبحث بالكيفية التي نضعها بين أيدي الجميع في مشروع عودة اللاجئين السوريين للوطن:
* قيام حملة إعلامية وطنية شاملة تحث المواطنين على العودة للوطن صوناً للوطن و الثورة و لأرزاقهم و مستقبلهم فيه.
* البدء بالخطوة الأولى من جنوب و شمال سورية حيث منطقة حوران في الجنوب و منطقة إدلب في الشمال, حيث هناك مناطق واسعة محررة, طبعاً لا أحد يغفل تعرض هذه المناطق للقصف الجوي و المدفعي و لكن يمكن تهيئة هذه المناطق للتعامل معها و الوقاية منها.
* تشكيل فرق عسكرية و مدنية متخصصة تؤمن ملاجئ و خنادق تحمي المدنيين في مناطق تواجدهم و عملهم اليومي.
* تشكيل فرق أهلية مدربة لشرح كافة الاجراءات من وقاية و علاج لكل حالات التعرض للهجوم الجوي أو المدفعي أو هجمات بشرية من شبيحة و عناصر أمنية و تشكيل شبكة نقل معلومات على مدار الساعة بين الأهالي و بين قيادات الجيش الحر.
* تأمين التمويل المالي لمشروع العودة و إيجاد ممولين لإعادة إعمار و تأهيل المناطق المدمرة و صيانتها بشكل أهلي و بطرق فعالة و سريعة لاستمرار الحياة و الانتاج.
إن الاستغلال و الابتزاز الذي تمارسه بعض الدول المستضيفة أو الأفراد للاجئين السوريين لا يمكن تصنيفه سوى بمذلة يومية لا تقل عن مذلة الخنوع لسلطة النظام الأسدي و إن فكرة خروج السوريين من أراضيهم و قراهم و مدنهم و لو كانت بدافع السلامة فهي غريبة لأن معظم الشعوب الثائرة في العالم, وجدت بالبقاء و الارتباط المادي بالأرض قدسية لا تقل عن النضال و الثورة نفسها.
لنذكر أنه لو خرج الفيتناميين لاجئين من وطنهم لبقيت الولايات المتحدة في فيتنام حتى اليوم و كذلك لفعلت كل دول الاستعمار في العالم و أقرب الأمثلة السوريون أنفسهم إبان الاحتلال الفرنسي حيث تشبثوا بالوطن و لم يهجروه رغم أن الفرنسيين قصفوا معظم المدن السورية, كما يفعل النظام الأسدي منذ سنتين.
إنه هدف استراتيجي للسوريين جميعهم معارضين و ناشطين و مجتمع أهلي و مقاتلين إنه نداء بالعودة للوطن, فالموت و لا المذلة للنظام كانت أم للدول و الأنظمة التي ستتاجر بمأساتنا و بدمنا و لحم بناتنا و تشغيل أطفالنا في مسالخهم.
عودا للوطن لتشاركوا بتحريره و لتعيدوا بنائه و تأسيس وطن حر كريم.
#خالد_قنوت (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟