أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - داود السلمان - الاسلام والطقوس الجاهلية(الحلقة الثامنة)















المزيد.....

الاسلام والطقوس الجاهلية(الحلقة الثامنة)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 4082 - 2013 / 5 / 4 - 11:37
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    




تمهيد:

من الكتاب والباحثين يأبى ان يقر بان لعرب ما قبل الاسلام او العصر (الجاهلي ) كما يطلقون عليه صفات حميدة ومزايا كريمة وسجايا طيبة . وهذا الرفض – كما اعتقد – نابع عن تعصب مقيت لا ينسجم مع الواقع التاريخي ولا مع الامانة العلمية في النقل . وبالمقابل هناك من يقر بتلك الصفات ويعدها واقع لا يمكن الحياد عنه ، ومن هؤلاء على سبيل المثال الدكتور جواد علي صاحب كتاب (المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ) والدكتور محمد سهيل طقوش صاحب كتاب ( تاريخ العرب قبل الاسلام) والباحث خليل عبد الكريم في كثير من كتبه وبحوثه . فقد اكد هؤلاء الباحثين بان مجتمع ما قبل الاسلام كانت لهم صفات حميدة كالكرم والجود والشجاعة والوفاء والامانة وغير ذلك . اذن لماذا ينكر المنكرون تلك السجايا ويلصقون بهم كل ما هو بعيد عن الاخلاق، يريدون بذلك التقليل من شأنهم ويهدفون في نفس الوقت الى ان الاسلام قد قضى على كل تلك الامور ، وجاءهم بأمور وقضايا هي قمة الانسانية والرحمة .
وفي هذا الفصل سنشير الى بعض من تلك الصفات الحميدة للعرب كدليل على ما ندعي ويكون القارئ على بينة .
يؤكد الدكتور عبد الكريم زيدان على ان الاسلام قد اقر ما عند عرب (الجاهلية )من كريم الصفات وجميل الخلال مثل الوفاء بالعهد والصدق ورعايا الجار والشجاعة والكرم فالشجاعة محمودة اذا كانت في سبيل الحق لا في سبيل طلب العلو في الارض ونشر الفساد بالاعتداء على الاخرين ، والكرم مجمود ما دام في محله لا لطلب السمعة والرياء . واقر الاسلام عادة اكرام الضيف وجعل هذا الاكرام حقا للضيف على المضيف ، فقد جاء في الحديث : ليلة الضيف حق على كل مسلم ، فمن اصبح بفنائه فهو عليه دين ان شاء اقتضى وان شاء ترك . وفي حديث آخر عن عقبة بن عامر قال : قلت للرسول انك تبعثنا فننزل بقوم لا يقروننا فما ترى ؟ فقال : اذا نزلتهم بقوم فان امروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا والا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم. ( )

( ) مدخل لدراسة الشريعة الاسلامية ، عبد الكريم زيدان ص23 الطبعة الثانية بغداد 1966.
الكرم :

قال ابن منظور : الكرم نقيض الؤم يكون في الرجل نفسه ، وان لم يكن اباء ، ويستعمل في الخيل والابل والشجر وغيرها الجواهر اذا عنوا العنف ، واصله من الناس ( ).ويقول الدكتور محمد سهيل طقوش : الكرم هو رد فعل ايجابي على قساوة الحياة وشغف عيشها ، وكان صراع في (الجاهلية) بين الحاجة والواقع ، فـ(الجاهلي) ملزم ، استناداً الى ظروفه الذاتية والموضوعية ، ان يكون كريما ، حيث الطبيعة الصحراوية وشدة الجذب ، والكرم ليس بدعا من القيم (الجاهلية) الاخرى ، بحيث اصبحت وفرة الفضائل وتنوع المآثر من سمات التميز التي اصطبغت بها فطرته ، فكان يتباهى بكثرة الضيوف ، وذبح الابل واطعامها للمحتاجين . والكريم في الجاهلية هو من اعطى فحرم نفسه وبذل نصاب حاجاته الضرورية وهو الكثير الخير ، والجواد المعطي الذي لا ينفذ عطاؤه ، الجامع لأنواع الخير والشرفاء والفضائل ، والكرم احد مظاهر السيادة ( محمد سهيل طقوش ، تاريخ العرب قبل الاسلام ص 190 ) .
ويتجلى كرم العرب في اكرام الارامل واليتامى والسائلين اذا ما اشتد البرد وشح المطر ، ولم يجد الناس طعاماً ، وكذلك ايقاد النيران ليلاً وبخاصة في الليالي الباردة ليتمكن الغرباء من الاهتداء الى الاماكن التي يقطنونها ، وهي توقد على المرتفعات ( نفس المصدر ) .
واجواد الناس الذي انتهى اليهم الجود ثلاثة نفر : حاتم الطائي ، وهرم بن سنان المري ، وكعب بن مامة الايادي ، الا ان المضروب به المثل حاتم وحده . ( ابن عبد ربه العقد الغريد حـ1 ص214 ،المكتبة العصرية بيروت تحقيق محمد عبد القادر ) .
الشجاعة
ولقد اتصف العرب ( الجاهليون ) بالشجاعة والبأس وعد المبالاة بالموت ، اما دفاعاً عن القبيلة التي ينتسبون اليها او عن النساء ، وصونا لهن من المهانة وذل السبي ، وتدرج هذا النمط السلوكي الى الوفاء والايثار ، والعفو عند المقدرة ، واغاثة الملهوف ، والاعتراف بشجاعة الخصم . وترتبط الشجاعة بالفروسية ، وهما من المثل العليا عند العرب . وعرب البادية اكثر شجاعة من اهل المدن ، ذلك ان الحياة الرعوية البسيطة ، وقسوة الصحراء ، فرضت عليهم السمو الخلقي فصاروا يستهينون بالموت الا تحت ضلال السيوف (المصدر السابق ) ( ) (لسان العرب حـ17 ص293) ..
وثمة عدة رجالات اشتهروا بالشجاعة والبسالة والذود عن القبيلة فصارت اسمائهم على كل لسان وعند القاصي والداني منهم : ربيعة بن مكدم من بني فراس بن غنم بن مالك بن كنانة ، وكان يعقر على قبره في ( الجاهلية ) ، ولم يعقر على قبر واحد غيره ، وعنترة الفوارس ، وعتبة بن الحارث بن شهاب ، وابو براء بن عامر بن مالك ملاعب الاسنة ، وزيد الخيل ، وبسطام بن قيس ، والاحيمر السعدي ، وعامر بن الطفيل ، وعمرو بن عبد ود ، وعمرو بن معيد كرب ، ( ابن عبد ربه الاندلسي ، العقد الفريد حـ1 ص92 ) . وكان بنو فراس بن غنم بن كنانة انجد العرب . وكان الرجل منهم يعدل عشرة من غيرهم ( نفس المصدر )
قال الشاعر :
قامت تشجعني هند وقد علمت ان الشجاعة مقرون بها العطبُ
والذي منع الابصار رؤيته ما يشتهي الموت عندي من له ادبُ


الوفاء

صفة اخرى من صفات (الجاهليون) تضاف الى صفاتهم الكثيرة المتعددة ، الا وهي صفة (الوفاء) والوفاء صفة محمودة في الشخص ،وقلة ما تجدها عند انسان ، واذا وجدت في امرأ فهذا يدل على تربيته واخلاقه وطيبة سجاياه ومعدن خلقه . هذا بالإضافة الى صحة سلالته وصدق نواياه . فالوفاء اذن لا يأتي عن فراغ ومن دون مقدمات تحفز ذلك الشخص الذي يعد ثم يفي بذلك الوعد وان كان صعباً وفيه زهق ارواح واهراق دماء ، لكنهم مع ذلك يوفون بوعودهم ولا يعبرون اي اعتبار لما يتعلق وراء ذلك ما دامهم ملتزمون بكلامهم .
(( وترى الوفاء مطبوعاً في اقوال اهل البادية واشعارهم وامثالهم ، ويتجلى في عاداتهم واخلاقهم وفي سائر اعمالهم ، وهو فيهم سجية وفي سواهم صناعة وتكلف . وحكاية حنظلة الطائي . والنعمان بن المنذر تمثل هذه الخلة احسن تمثيل ، فان حنطلة وعد النعمان بالرجوع بعد عام لاستقبال الموت ، فطلب النعمان من يضمنه فضمنه شريل بن عدي ، ولم يقدم شريك على ذلك الا وهو يعتقد صدق البدو لاستشهادهم به . وقد وفى حنظلة فجاء في الوقت المعين ، لا جند تقوده ولا حراس تخفره ، مما حمل النعمان على العفو عنه وقصته مشهورة )) . ( جرحي زيدان، تاريخ التمدن الاسلامي ص308) .
يقول جرجي زيدان ( واغرب من ذلك وفاء السموأل (صموئيل) بن عاديا ، وكان امرؤ القيس الكندي قد استودعه سلاحاً وامتعة تساوي مالا كثيراً ، وسافر الى بلاد الروم ومات قبل رجوعه ، فبعث ملك كنده يطلب الاسلحة والامتعة المودعة عند السموال ، فلم يسلمها . ولما الح عليه اجابه : لا اغدر بذمتي ولا اخون امانتي ولا اترك الوفاء الواجب علي . فجرد الملك عليه جيشاً وحاصره في حصنه ، فوقع السموأل اسيراً عند الملك ، فهدد السموأل بقتل ابنه ان لم يسلمه الوديعة ، فأبى التسليم وقال : ما كنت لأخفر ذمامي وابطل وفائي فافعل ما شئت . فبذبح ولده والسمأل ينظر . فلما امتنع الحصن على ملك كندة عاد خائباً ، واما السموأل فصبر على ما تحمل من الثكل محافظة على الوفاء ، ولم يسلم الوديعة الا الى ورثة امرئ القيس ) (المصدر السابق ) .
فقال السموأل في ذلك :
وفيت بذمة الكندي اني اذا ما خان اخوان وفيت
واوصى عادياً يوما بأن لا لا تهدم يا سموأل ما بنيت
بنى لي عادياً حصنا حصيناً وبئاً كلما شئت اشقيت



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البقرة ... في التراث والسياسة
- الاسلام والطقوس الجاهلية (الحلقة السابعة)
- الاسلام والطقوس الجاهلية (الحلقة السابعة) والاخيرة
- الاسلام والطقوس الجاهلية(الحلقة السادسة)
- الاسلام والطقوس الجاهلية(الحلقة الخامسة)
- الزحامات وتوزيع الحمير
- الاسلام والطقوس الجاهلية (الحلقة الرابعة)
- الاسلام والطقوس الجاهلية/الحلقة الثالثة
- الاسلام والطقوس الجاهلية/الحلقة الثانية
- الاسلام والطقوس الجاهلية/ الحلقة الاولى
- انتخبوني قبل ان تفقدوني
- الساسة :السفر يطيل العمر
- اللوكي
- البطاط في عصر البطاطة
- كرة القدم افيون الشعوب
- الحمار والثور والسياسة العراقية
- نوال السعداوي مثال للمرأة العلمانية المتحررة
- الافعال الناقصة
- يابسة على تمن
- اكراماً للسلاطين


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل محاضرة في الجامعة العبرية بتهمة الت ...
- عبد الملك الحوثي: الرد الإيراني استهدف واحدة من أهم القواعد ...
- استطلاع: تدني شعبية ريشي سوناك إلى مستويات قياسية
- الدفاع الأوكرانية: نركز اهتمامنا على المساواة بين الجنسين في ...
- غوتيريش يدعو إلى إنهاء -دوامة الانتقام- بين إيران وإسرائيل و ...
- تونس.. رجل يفقأ عيني زوجته الحامل ويضع حدا لحياته في بئر
- -سبب غير متوقع- لتساقط الشعر قد تلاحظه في الربيع
- الأمير ويليام يستأنف واجباته الملكية لأول مرة منذ تشخيص مرض ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف وحدة المراقبة الجوية الإسرا ...
- تونس.. تأجيل النظر في -قضية التآمر على أمن الدولة-


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - داود السلمان - الاسلام والطقوس الجاهلية(الحلقة الثامنة)