أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سنان أحمد حقّي - لا أتبرّأ من الطائفتين، فأنا إبنهما معا















المزيد.....

لا أتبرّأ من الطائفتين، فأنا إبنهما معا


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 4080 - 2013 / 5 / 2 - 12:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أتبرّأ من الطائفتين، فأنا إبنهما معا
يقف العراقيون هذه الأيام موقفا مؤلما ومحيّرا بسبب تفاقم الخلاف السنّي الشيعي بل تفاقم جميع ما يؤسس إلى نشوب نزاعات إثنيّة مختلفة وقد بلغ الأمر ببعض المثقفين أن يُعلنوا براءتهم من الطائفتين وأنهم لا شأن لهم في هذه النزاعات التي لا تصبّ في مصلحة البلاد والعباد ، ولا بدّ أنكم إطّلعتم على ماجاء بمثل هذا الخطاب الذي ولا شك يكشف عن مأساة كبيرة تهدّد الشعب العراقي برمّته وتهدّد الطوائف والمذاهب والمكونات الإثنيّة جميعا، فضلا عمّا يمكن أن يُخلّفه من حالة إكتئاب شديدة لدى أبناء شعبنا وامام تضحياتهم التي جرت بدمائهم جداول وأنهارا..
فتأمّلت الأمر ونظرتُ في نفسي وقلتُ ومع من أنتِ ؟ وما موقفك يا هذا في كل ما يجري وأنا أردّد كثيرا أن المثقف يجب أن يكون له موقف مما يجري حوله من أحداث؟
هل اضع توقيعي معهم؟ وأتبرّأ من السنّة والشيعة معا؟
أم أقف غير مكترث بما يجري وبالدماء البريئة وبالشرائح التي إشتدّ عليها الفقر والعوز ؟والحرمان؟
لم يستغرق الأمر معي سوى لحظات ولكنها كانت لحظات ساخنة جدا ومؤثّرة .
لا أستطيع أن أتجرّد منهما معا فأنا سنّي وأنا شيعيٌّ بذات الوقت نشأتُ في ظل هكذا آراء وعقائد وكانت ومازالت راسخة في أعماقي ورغم أن ثقافتي الذاتية يساريّة فأنا أيضا نشأت في بيئة معظم عناصرها من الفقراء والمحرومين والمستغلّين ( بالفتح)، ولهذا لا أستطيع أن أغفل أو أتردّد في تأييد مطالب الفقراء والعمال والفلاحين ومن نشأوا على الحرمان والمثابرة والجدّ والعمل ( ضحايا الجوع باضطرار)، ومعلوم أن الفكر اليساري عموما غير منشغل بالأديان والطوائف ولا يعتبر مثل هذه الصراعات في محور النضال من أجل القضاء على الإستغلال وتقدّم المجتمع وتحسين أحوال الطبقات المستغلّة ومع هذا فقد طرحت تساؤلات كثيرة مع نفسي في إستشراف موقفها من كلّ هذا.
أنا سنّي وأنا شيعي أيضا لم أشعر ولا يوم واحد في حياتي بأن وجودي في الحياة إلاّ كواسطة العقد ومحبّتي للجميع لا تنفكّ تشغلني منذ نعومة أظفاري وكلما كبرتُ قليلا وجدتُ محبّتي تترسّخ وتتعمّق وكان معظم أصدقائي من الشيعة وكنت أحضر كثيرا من المناسبات الدينية للإطلاع والإستماع للمواعظ والعبر الفكريّة والأدبيّة والتربويّة وكانت دارنا محجّةً لكل المذاهب السنيّة منها والشيعيّة .
محبّة الأئمة في قلبي لم تتزعزع يوما واحدا أبداوكل املي أن يحشرني ربّي مع الأئمة الأطهار وسيّدنا الحسين( ع) الشهيد ومن أحبّهم ومن والاهم وهكذا عمل أهلنا على تنشئتنا بشكل يزرع الإحترام لكل الناس وكل الأديان وكل الطوائف والمذاهب والقوميات .
ولا انكر إعجابي بالقادة الأوائل من الذين ذبّوا عن الإسلام والمسلمين وحفظوا لنا كرامتنا التي لم تتمرّغ بالتراب أبدا
في مبتدأ الخمسينيات وكانت الحرب العربيّة الإسرائيلية قد إنتهت توّا بخسارة العرب وحينذاك فقد عمد نفرٌ قليل إلى إساءة معاملة اليهود كنتيجة طبيعيّة للخسارة وبلغت الجرأة ببعضهم أن يُسيؤوا لبعض رجال الدين اليهود أيضا فجمعنا والدي رحمه الله وكنّا صغارا وقال بحزم بالغ وكان حديّا في كلامه وأخبرنا أن رجال الدين والعلماء ومن أي دين أو مذهب لا يجب علينا أن نمسّهم بسوء فهم أهل الإيمان وأن الله قد أوصانا بهم خيرا ولا فرق فيهم بين من هو يهودي أو مسلم أو مسيحي ولا نفرّق بين من هو شيعي ولا سنّي وأن ما يفعله بعضهم إنما هو حرام في حرام
وكنّا إذا رأينا رجل دين من أي دين كان أو مذهب أو طائفة سواءً كان يهوديّا أم مسيحيّا نتنحّى له ونفسح له الطريق ونُطرق إحتراما وما زلنا على هذه التربية لا نسئ لرجل دين مهما قال أو فعل رغم أن لنا مواقف سياسية أو إجتماعيّة كثيرة ومختلفة.
لست من الذين يرون تعارضا للماركسيّة باعتبارها مذهبا دنيويا وإصلاحيا يكشف عن تناقضات في المجتمعات الحديثة مع الإسلام إذ أجد أن الإسلام يُحرّم الربا وأن الإستحواذ على فائض قيمة العمل لا أراه إلاّ شكلا مستترا من الربا والحديث يطول والمأثور عن الأئمة الأطهار كثير أيضا لا يسعه المقال ولو رددنا الأمر إلى القرآن وهو ما امرنا الله به فإنه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم. صدق الله العظيم. وكثير مما لا مجال لحصره
أنا نشأت على حب الفقير والفقراء والمستغلين وعلى رفض الظلم والإستغلال وكانت وما تزال ثقافتي يساريّة لهذه الأسباب ولكنني بطبيعة الحال أرفض التخلّف والتأخّر وقبول الركون إلى الموروث لأننا إعتدنا عليه بل يجب أن نسهم إلى جانب غيرنا من الأمم في بناء الحضارة ويجب أن نثبت أننا نستحق الحياة التي هي منّةٌ من الله وفضل لا يُعادله شئ والدنيا بالأساس دار عمل وسعي .
ولكنني ايضا أشعر أنني إبن الطائفتين معا فأنا أرى أن المذاهب السنيّة تمثّل مذهب الرواة والنقل القديم وأن المذاهب الشيعيّة تمثّل مذهب الإجتهاد والعقل وأن بينهما علاقة تبادليّة جدليّة يُغذّي أحد أطرافها طرفه الآخر ولا غنى لأحدهما عن الآخر ابداً
لو أننا علمنا أن خلافا دبّ في أسرةٍ واحدة وبالتحديد بدأ ما بين رجل وزوجه وانقسم أفراد الأسرة بين مؤيّد لهذا ومؤيّدٍ لذاك فمع من نقف؟ مع الرجل ؟ أم مع المرأة بغض النظر عن تفاصيل الخلاف؟
لا يمكن هذا إذ لا بدّ من دراسة التفاصيل ثم النظر إلى من كان على حق منهما وبعد ذلك لا تنتهي مهمتنا عند ذلك الحدّ فقط بل أهم ما في الأمر أن نعيد اللحمة للأسرة بين الرجل والمرأة إذ ما فائدة أن يظهر الحق إلى أحد الجانبين وينتهي الأمر بالفراق أو التفريق ؟
الطائفتان كما يبدو لي أمرهما أسرة واحدة ولن يُجدينا نفعا أن يظهر الحق مع أحدها بل يجب مع إعطاء الحق كما يجب أن نصون الأحاسيس والمشاعر بما يحفظ الوحدة الحقيقية التي لا نفع من إنفصامها لأحد
إن الإستقطاب السياسي لا يخدم البلاد إذ يجب أن تبقى هناك فئة واسعة من المستقلّين الذين سيحتاجهم البلد في فترات لاحقة كثيرة.
نعم أنا مسلم
نعم أنا شيعي
نعم أنا سنّي
نعم أنا عراقي
نعم أنا عربي
نعم أنا من كل المكونات القوميّة والمذهبيّة والدينيّة
مع الكورد
مع التركمان
مع المسيحيين
مع الصابئة المندائيين
مع الأيزيديين
مع المستقلّين
مع الشيوعيين
مع الملكيين
مع جميع أبناء شعبي وسأبقى مع الجميع مادام أي موقف أتخذه يزيد في عمق التصدّع في البلاد ويزيد في إحتمالات تمزّق الوطن شذر مذر

وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي
وهفا بالفؤاد في سلسبيل ظمأ للسواد من (عين شمس)
شهد الله لم يغب عن جفوني شخصه ساعة ولم يخل حسي
أيها الأخوة الصيني يُحبّ الصين والهندي يُحبّ الهند والبريطاني يُحبّ بريطانيا والفرنسي كذلك والأمريكي وكل الناس يفعلون هذا دائما فلماذا يُحرّم علينا حبّ بلادنا؟
إنني أرفض التعصّب بكل أشكاله فلكلٍّ حبيبته ولا ألوم أحدا لأنه يعشق حبيبته كما يفعل الفرنسي عندما يعشق فرنسا ولا أتوقّع أن يرفض الفرنسي أن أحبّ بلادي كما يفعل الفرنسيون وكل الناس أينما ذهبنا
أنا لا أتبرّأ من أي طائفة ولا أي مكون قومي أو إثني فأنا منهم جميعا وهم جميعا سرّ وجودي وحياتي ولا أنسَ لهم نضالهم الطويل والمرير في سبيل تحقيق حلم جميل ما زلنا متمسّكين به لعالم نعيش فيه متحابّين، وبعد هذا سيسهل حلّ كل شئ.
واخطر ما في الأمر أن يتنازعنا هذا وذاك ضدّ البعض الآخر في توليد إستقطاب شديد، ولكن أيها الأخوة أقول يحقّ لأي إنسان أن يدعو لنفسه وأفكاره ولكن لا يحقّ له أن يُحرّض ضد الآخر مهما كان فلا يُزكّي الأنفس إلاّ الهل .
عاش العراق!



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملامح خارطة طريق مقترحة للوضع السياسي العراقي..!
- مقام المخالف ..لماذا هو مخالف ؟
- هوامش على الحوار مع الشاعر والمفكّر أدونيس أحد مشايخ الحداثة ...
- نقد بعض الطروحات حول الماهيّة الإلهية .
- في اليوبيل الذهبي لجامعة الموصل وكليات الهندسة والعلوم..!
- صراخ..!
- المساومة في العمل السياسي..!
- الأخلاق ، في ضوء الماديّة الجدليّة..!
- القبانجي ..! نقد وتعقيب!
- على هامش التحرّش..!
- إنقراض الإسلام ..! أهو من وضع الكاتب أم نص ٌمقدّس؟
- قولٌ في الطرب..وفي الروح المبدع..!
- (كتاب الفاشوش ) من عرض وتقديم شوقي ضيف..!
- ردٌّ مقابل في قصيدة النثر العربيّة ..!
- أسود وأبيض بيكاسو.. !
- هل كان العسكريون خيارا صائبا لتولي الحكم والسياسة؟!
- الفلسفة..! لماذا..؟
- تأملات كونيّة..في الوجود والعدم!
- الإحتجاج والشجب والإستنكار إحدى أهم وسائل التعبئة الجماهيريّ ...
- المنطق العام ومنطق الأشياء..!


المزيد.....




- تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه ...
- ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي ...
- تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
- غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة ...
- -فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول ...
- صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟ ...
- ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
- فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
- صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سنان أحمد حقّي - لا أتبرّأ من الطائفتين، فأنا إبنهما معا