أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد العليمى - الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلارك - مراجعة ابراهيم فتحى - الفصل التاسع















المزيد.....



الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلارك - مراجعة ابراهيم فتحى - الفصل التاسع


سعيد العليمى

الحوار المتمدن-العدد: 4080 - 2013 / 5 / 2 - 00:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ترجمة سعيد العليمى

الفصل التاسع
الفلسفة الإنسانية البنيوية
برهنت في الفصول السابقة ان ليفي شتراوس قد دخل حقل الأنثروبولوجيا من اجل ان يطور فلسفة انسانية جديدة ، وقد برهنت اضافة الى ذلك انها كانت تلك الفلسفة التى عبر عنها في دراساته للقرابة والفكر الاسطورى . ولا يخبرنا ليفي شتراوس في هذه الدراسات الخاصة بشئ عن القرابة او الاسطورة ، عن الثقافات او المجتمعات التى لا تعرف الكتابة (الأمية). انه يخبرنا بنظريته عن العقل ويقدم تفسيرا لانظمة القرابة والاسطورة في ضوء هذه النظرية .
لقد آن الآوان لنتمعن عن قرب في الفلسفة الانسانية التي طورها ليفي شتراوس والتى تقدم ( الأساس ) العقلاني لكل أعماله .وحين اقوم بذلك فانني اريد ان التقط فكرة رئيسية قدمت في الفصلين الأولين ، وهي الخاصة بتكامل البنيوية والظاهرياتية . سوف اقوم بذلك من خلال مناقشة الجدل بين ليفي شتراوس وسارتر الذي اعقب نشر كتاب سارتر نقد العقل الجدلي .
ان طموح ليفي شتراوس هو ان يكتشف الجوهر الانساني بإعتباره القاسم المشترك ، الطابع الشامل ، لكل مجتمع ، وهذا هو الذى يقوده الى ان ينفصل عن كل محتوى ثقافي نوعى وان يركز تحليله على الأشكال الاجتماعية . ففي نظرية القرابة فإن العام هو شمولية العلاقة الاجتماعية ، وفي نظرية الاسطورة فإنها شمولية مبدأ التعارض . والقدرة العقلية الشاملة التي تجعل الثقافة والمجتمع ممكنين هي القدرة على تعلم الربط والتفكير علائقيا ، القدرة على صنع تمايزات ثنائية .وقد تبدت هذه القدرة لليفي شتراوس ، من خلال الفونولوجيا التي طورها رومان ياكوبسون .
ان هذه القدرة العقلية الشاملة بالنسبة الى ليفي شتراوس لها اساس طبيعي . وإنبثاقها هو إنبثاق للثقافة ، ولكنها تنبثق على اساس من التغير الطبيعي . ومن ثم فالعلاقة بين الطبيعة والثقافة مركزية بالنسبة الى فلسفة ليفي شتراوس الانسانية .
اعتبر ليفي شتراوس الطبيعة والثقافة في عمله الأسبق بمثابة نظامين متميزين تماما ، ولكن هذه النظرة الثنائية كان يتعذر الدفاع عنها فلسفيا . فما دام يرفض المثالية ، فإن الحل الوحيد هو اختزال الثقافة الى الطبيعة . وعلى ذلك ، ففى عمله التالى ، انتهى ليفي شتراوس الى ان يجادل بان التمييز بين النظامين هو " ذو اهمية منهجية أولية " حتى يعتبر بمثابة " خلق اصطناعي للثقافة " ( 1 )
هذه المادية هي تكملة جوهرية لكانطية ليفي شتراوس ، وهو نفسه يدرك ذلك : " فقط إذا كان يمكن ربطهما ( التقييدات العقلية س . ك ) حتى على نحو غير مباشر بالشروط البادية في تشريح الانسان ووظائف اعضائه ، فهل سنكون قادرين على تجاوز التهديد بالارتداد الى نوع من الثنائية الفلسفية " . ومن ثم فإن ليفي شتراوس مصيب في الاصرار على الاحتفاظ بتركيبة التناقضى للفلسفات : "يحصى بول ريكور على الاقل ثلاث فلسفات متداخلة في اساس مؤلفي : فلسفة نقدية بدون ذات متعالية ، مادية بيولوجية ، ومادية ممارسة “praxis” باعتبارها وسيطا بين البنائين التحتى والفـوقى . حسنا افترض وجود هذه التناقضات ، وهى لا تزعجنى ، ( 2 )
يحتوى البنى الأولية بالفعل على جوهر فلسفة ليفي شتراوس في فكرتها الأولية الموجهة عن الانتقال من الطبيعة للثقافة . لقد كشف البنى الأولية مجتمعات بدائية كانت قد طورت بنى اجتماعية معقدة للغاية ، مستجيبة ، وفقا لليفي شتراوس ، لحاجة الى التبادلية ، التى كانت في نفس وذات الوقت حاجة طبيعية وشرط امكان المجتمع . التضاد بين المجتمعات البدائية ومجتمعاتنا قد برز بالفعل . لقد ابان المجتمع الاوروبي انه غير قادر على ان يعيش حسب قاعدة الآخر ، وقـد هجر التبادلية ، وادار ظهره للطبيعة ، ولا بد ان قدره المحتوم الهلاك . هذه هي الأفكار الرئيسية التى طورها ليفي شتراوس في مؤلفاته التالية ، إما إيجابيا وعلى نحو مباشر او سلبيا من خلال اطرائه لعالم " البدائي " المفترض تناغمه .
ان اكتشاف اللسانيات البنيوية على اثر البنى الاولية كان اكتشاف نظرية أكثر ملاءمة للاوعي الذي يمكن ان يقدم الاساس ، لفلسفة انسانية شاملة عقلية ، ومن ثم عقلانية . وقد ازاح الاكتشاف ايضا مفهوم التبادلية من مركز الصدارة ، لتصبح التبادلية نتاجا للطابع الرمزى للواقعة الاجتماعية . والرمزى ذاته مستبطن من خلال القدرة على تشكيل بنى اللاوعي ، المفترض ان يكشف بواسطة اللسانيات البنيوية .
ان هذا اللاوعي الشكلي الخالص هو شامل ولا زماني ، سابق على التجربة الذاتية وعلى المشروطية الزمانية لتلك التجربة . ويقدم مفهوم اللاوعي الاساس لكل من تحليل الفكر الرمزى ، الذى بلغ ذروته في ميثولوجيات ، وللفلسفة الانسانية التي طورت بشكل واسع في مؤلفين خصصا على التوالى الى مـوس ( اي . م 1950 ) ولروسـو ( ج . ج . روسو 1992 ) ، ومتضمن في المدارات الحزينة الذى يقدم تعبيره الاكثر اقناعا .
تملى شمولية اللاوعي ان يكون نقطة الانطلاق واساس الاثبات للتفسير السوسيولوجي . وباعتباره عماد القدرة الرمزية فانه يعزز العلاقة الرمزية بين الذات والاخر ، مقدما ارضية مشتركة ، حيث يمكن أن يلتقى الاثنان ، ومن ثم امكان المجتمع . واخيرا ، حيث ان الطابع الشمولى والطبيعي يحدد انسانيتنا ، فان اللاوعى الشكلي يقدم المعنى النهائي للوجود الانساني ، والوسائل لنقد المجتمع باسم انسانيتنا المتأصلة .
1 – فلسفة ليفي شتراوس الإنسانية :
فى مقدمتة لمؤلف موس السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا ، يجادل ليفي شتراوس بان اللاوعي يقدم نقطة الاتصال بين الاجتماعي والنفسي . وتلك الحجة هى اساس نظرية يصر ليفي شتراوس على انها ذات نزعة عقلية دون الوقوع في اخطاء النزعة السيكولوجية .
فلا يمكن ان يختزل الاجتماعي الى مسألة سيكولوجية الفرد . فالفرد لا يحيا خارج المجتمع لأن السمة المحددة للانسانية هي قدرتها الرمزية ، والنظام الرمزى هو دائما نظام اجتماعي . انه فقط من خلال عضوية المجتمع يمكن أن يكون سلوك الفرد رمزيا . ومن ثم انسانيا . ولا يمكن ان تكون النتيجة سوى ان كلا من النزعة السيكولوجية والنزعة الفسيولوجية ينبغى ان نرفضها ، حيث ان الاجتماعي والنفسى متلازمان :
" ان النظامين ليسا علاقة سبب ونتيجة الواحد منهما بالآخر … ولكن الصياغة السيكولوجية هي ترجمة فحسب ، على مستوى نفسية الفرد ، لبنية سيكولوجية حقيقية " ( 3 )
انه اللاوعى الذى يخدم في ان يربط معا الفردى والاجتماعي ، لأن اللاوعي هو الذى يملك كلا من موضوعية الاجتماعي وذاتية النفسى . الاجتماعي هو نفسية موضوعية ، ومن ثم ظاهرة لاواعية . اللاوعي هو " الحد المتوسط بين الـذات والآخر " ( 4 )
هذه النظرية الخاصة بالعلاقة بين النفسى والاجتماعي لها شأن عظيم في حد ذاتها . فعلى اساس هذه النظرية يصوغ ليفي شتراوس نظرية فى الشامانية والعصاب ( 5 ) . وهدف ليفي شتراوس ان يبين ان السلوك غير السوى يعتمد على رمزية المجتمع ، وليس على رمزية فردية . ومن ثم فحتى النشاط السيكولوجي الخصوصى الاشد وضوحا له اصل اجتماعي . ويقدم هذا رابطة بين الاسطورة الفردية للعصابى والاسطورة المنتجة اجتماعيا الخاصة بالشامان .
لقد لوحظ التماثل بين الشامانية والعصاب مرارا . وعلى أية حال فمن الواضح ان الشامانية ليست ببساطة متطابقة مع العصاب . على الاقل بسبب ان الشامان مندمج في الاتفاق الاجتماعي ، بينما العصابى مستبعد منه . اضف الى ذلك ان " أعراض " الشامان لا تتوافق مع الأعراض التقليدية للعصابى .
لا يريد ليفي شتراوس ان يجادل بأن الشامانية تمثل ببساطة طريقة لادماج العصابى في المجتمع ، وانما بالاحرى ان الشامانية والعصاب قابلين على السواء للتفسير السوسيولوجي كنتاج للانفصال بين الانظمة الرمزية التى اطرحها المجتمع . ومن ثم لا تمثل الشامانية الاندماج الاجتماعي لوضع مرضى فردى ، وانما يمثل العصاب بالاحرى انكارا للطابع الاجتماعي للامراض ، موضع البحث .
ان نظرية العصاب / الشامانية لم يفصح عنها بوضوح . وجرى الجدال في الطبعة الأولى بان الفكر السوى والمرضى متتامان وفي ذلك الفكر السوى " يبحث باستمرار معنى الأشياء التي تمتنع عن ان تكشف دلالاتها " بينما الفكر المرضى " يحفل بالتفسيرات العاطفية وبالمبالغات ، من اجل ان يكمل بطريقة اخرى واقعا قاصـرا " يعاني الفكر السوى من ثم من " قصور المعنى " بينما يحفل الفكر المرضى بـ " وفرة المعنى " في هذه الطبعة من ثم ، فان الفكر السوى والفكر المرضى هما نوعان متضادان من الفكر .
حين نعود الى المقدمه الى موس نجد ان النظرية قد تغيرت . ان نظرية فائض المعنى قد اصبحت مباشرة نظرية للاسطورة . والشامانية الآن مختلفة بالأحرى ، لأن النظرية الآن تفسر الفكر المرضى ، وليس مؤسسة الشامانية ، سوسيولـوجيا . والجدال ، بصفة اساسية ، ان كل مجتمع ، يجمع بين عدد من الانظمة الرمزية ، التى تكون " غير متكافئة " بسبب تطورها المتمايز وعلى ذلك لا يمكن لمجتمع ان يدمج بالفعل هذه الانظمة بشكل مرض .
يشترك الشخص السوى بالرغم من ذلك في المجتمع ، وعلى أي مستوى يكون – على الأقل – وهم التماسك معطى ( وعلى ذلك فإنه الشخص العادى ، الذي يكون ، بخضوعه للمجتمع ، مستلبا ) . لقد تأتت الامراض من رفض الخضوع للمجتمع في هذا الصدد ، يتصرف العصابى من ثم بعدم تناسب مع مختلف الانظمة الرمزية على مستوى فردى . وحتى المرضى عقليا يكونون من ثم مشاركين بكاملهم في الرمزية الجماعية . وهم يلعبون في الواقع دورا تكامليا باظهار نواحى عدم تماسك النظام .
ان نظرية الشامانية مرتبطة بنظريتى الاسطورة والسحر لأن دور الشامان هو ان يخلق انظمة المعنى التى هي انظمة اسطورية او سحرية متعددة . ان غير المعروف يدرج عندئذ فى هذه الانظمة ، وهكذا يكتسب معنى ، ان لم يكن قد عرف على نحو افضل . ويقدم التفكير السحرى " نظاما مرجعيا جديدا " يمكن أن تتكامل في داخله تلك العناصر المتناقضة الى هذا الحد :
" يجب ان نرى السلوك السحرى كاستجابة لحالة تكشفت للعقل من خلال تبديات انفعالية ، غير أن جوهرها ذهنيا . لأن تاريخ الوظيفة الرمزية فقط هو الذى يمكن ان يسمح لنا ان نفهم الشرط الذهنى للانسان ، الذى لا يكون فيه الكون ابدا مشحونا بمعنى كاف والذى يكون فيه لدى العقل دائما معانى متاحة اكثر من الاشياء التى ترتبط بها " ( 6 )
هذه النظرية للنفسية الفردية ، رغم انها لم تطور من قبل ليفي شتراوس ، في غاية الاهمية بالنسبة لتطور البنيوية ، لأنها كانت النظرية التى الهمت المحلل النفسي جاك لاكان لتطوير اعادة تفسير بنيوى لفرويد وفق الخطوط التي اشار اليها ليفي شتراوس .
لقد اشرنا سلفا الى محاولة لاكان لاستخدام نظرية ليفي شتراوس فى القرابة لتبرير تحديده لعقدة اوديب باعتبارها النقطة التي يدخل فيها الفرد الى ثقافته حين عالجت مؤلف جولييت ميتشل . وعلى أي حال فإن دين لاكان لليفي شتراوس هو اكثر جوهرية حتى من هذا ، لأن عقدة اوديب ليست ببساطة التعبير السيكولوجي عن مبدأ التبادلية ، انها تعبير عن القدرة الثنائية لتشكيل البنى التي تثوى خلف اندماج الفرد في الأنظمة الرمزية التى تؤلف المجتمع .
وبالنسبة الى لاكان ، مقتفيا أثر ليفي شتراوس ، خلقت نفسية الفرد أثناء عملية الانخراط الاجتماعي التي استوعب فيها الفرد داخل هذه الانظمة الرمزية ، بينما تميز في نفس الوقت داخلها . ومن ثم فإن نفسية الفرد هي نقطة التقاء قدرة اللاوعي الفارغ على تشكيل البنى مع الانظمة الرمزية للمجتمع . وهكذا ، فإن الذاتية وهم ، بالرغم من انها وهم ضرورى . انها ببساطة طريقة لعيش نمط خاص من الاندماج ( او الاندماج الردئ ) في الانظمة الرمزية للمجتمع .
ليست نظرية لاكان التحليلية النفسية ببساطة تطويرا لنظرية ليفي شتراوس . وبالرغم من ان تفسيرات لاكان تختلف الى حد بعيد ، فان توجهه الأساسي شديد الاختلاف عن وضعية ليفي شتراوس العقلانية . فلاكان يأخذ بنيوية ليفي شتراوس ويقرنها بقراءة اعراضية لفرويد ضمن الاطار الكلي لفلسة اللغة الظاهرياتيـة الهيدجرية .
إن بنيوية لاكان تختلف عن ( بنيوية ) ليفي شتراوس في جانبين هامين . أولا ، بينما لدى ليفي شتراوس في النهاية نظرية بيولوجية اختزالية للنفسية التي بالنسبة لها تكون البنى الذهنية بمثابة تعبيرات متماثلة للأساس البيولوجي للاوعى ، فان لدى لاكان نظرية تميل اكثر نحو المثالية الثقافية ، وبهذا المعنى فهو اقرب الى دوركايم منه الى ليفي شتراوس في النظر الى النفسية باعتبارها نتاجا لانظمة من التمثيلات الجماعية . هذه المثالية الثقافية تكون حتى أكثر إفصاحا في المقاربة المقارنة لفوكو .
ثانيا : بينما يصر ليفي شتراوس على أن اللاوعي شكلي بطريقة خالصة ويرفض ما يعده لاعقلانية فرويدية ، يستبقى لاكان المفهوم الفرويدى الكلاسيكى للاوعى . ولهذا السبب فان ليفي شتراوس متشدد في أن ينفصل عن بنيوية لاكان :
" اننا لا نشعر على الاطلاق باننا متساهلون تجاه خفة اليد التى تبدل اليد اليسرى باليد اليمنى ،للعودة الى أسوا فلسفة تحت المائدة ، فلسفة تدعى بتلك العودة أنها أرجعت ماإدعت أنها اخذته فوق المائدة وهى ببساطة أحلت محل الذات الآخر وسربت ميتافيزيقا الرغبة تحت منطق المفهوم جاذبة الأساس من تحت الأخير. لأنه ، باحلال الذات من ناحية بأي آخر مجهول ، ومن ناحية اخرى مع رغبة متفردة ( حتى لو لم تكن تعين شيئا ) ، لا توجد طريقة يمكن بها اخفاء حقيقة ان المرء يحتاج الى ان يضمهما معا ويحول اتجاه الشيئ بكليته حتى يعيد اكتشاف الذات على الجانب الاخر التى اعلن المرء عن إلغائها بمثل هذا الصخب " . ( 7 )
يصر ليفي شتراوس على ان فلسفته الانسانية امينة للمبادئ الكلاسكية للنزعة الانسانية في البحث عن الاساس الطبيعي والكونى لانسانيتنا المشتركة وراء الاختلافات الاصطناعية التى تفصلنا الواحد عن الاخر . ان اللاوعى البنيوى هـو حارس انسانيتنا . وعلى اساس اللاوعى فإن الذات والاخر، الملاحِظ والملاحَظ ، مندمجان الواحد في الاخر .
إن معنى الوجود الانساني ببساطة هو اندماجنا في نظام يقوم على أساس لاوعى عام ، كما ان محتوى النظام عرضى بشكل خالص ، اصطناعي ، وفي النهايـة ، لا معنى له . المعنى العام لكل الوجود الانسانى معطى من خلال الطابع العام لكل الانظمة الرمزية ، البنية التي تثوى خلفها . انه لاوعينا العام الذى يعطى لنا مدخلا لتجربة الآخر ، حتى ولو كان هذا الآخر في مجتمع بعيد عن ( مجتمعنا ) ، ومن ثم يجعل ممكنا بالنسبة لنا ان نضع انفسنا مكان الآخر ، وأن نفهم الأخر كذات اخرى .
وفي نفس الوقت هذا يمد الانثروبولوجي بوسائل تصويب مفترضاته او مفترضاتها بتجربتها عليه او عليها . انها هي تلك التجربة التى تقدم الدليل النهائي على مفترضى بالبرهنة على انه انساني بشكل حقيقي ( 8 ) وهكذا فاذا ما سئلنا عن الدليل فاننا في النهاية نحال مرتدين الى الحدس ، الى تجربة مميزة هى " كبرهان اقل منها ، ربما ، كضمان " :
" كل ما نحتاجه – ويكفى لهذا الفهم الداخلى – هو ان التركيبة ، مهما تكن تقريبية ، تنشأ عن التجربة الانسانية " ( 9 )
مايهم في التحليل الأخير هو ان ذلك المفترض انساني ، وليس انه حقيقي . ومن ثم يبدأ ميثولوجيات بتنصل :
" ليس من المهم في التحليل الأخير إن كانت عمليات تفكير الهنود الامريكيين الجنوبيين في هذا الكتاب تتخذ شكلها من خلال وساطة تفكيرى ، أو إن كان تفكيرى يتخذ شكله من خلال وساطة تفكيرهم " ( 10 )
وليفي شتراوس يطور نظريته عن الذات من خلال تفسير لروسو . ففكر ليفي شتراوس محكوم بالاهتمامات الانثروبولوجية لفترة التنوير ، لانه يسعى لاكتشاف الطبيعة الانسانية وراء تنوع الثقافات الإنسانية دون أن يبدد هذا التنوع في متصل تقدم تطـورى ، انه يسعى لاظهار ، فوق كل شيئ ، ان الانسانية واحدة ، ان اعتراف الانسانية بالاخر هو شرط لتحقيق انسانية المرء الخاصة ، وانه وراء تنوع الاعراق والثقافات فاننا نشترك في جوهر كلى يمكننا على اساسه ان نرتبط الواحد بالآخر .
وهذا الاساس الكلى عقلاني ، انه العقل ذاته ، ولا يجب ان يتطابق مع تمثيلات العقل الواعية التي يقدمها اي مجتمع بمفرده . ومما يدهش قليلا ان يتجه ليفي شتراوس الى روسو ، بالرغم من ان تفسيره لروسو ، هو على الأقل خاص به .
فعند روسو وليفي شتراوس تفهم الذات من خلال الدراسة المقارنة للاختلافات الانسانية . على اية حال لفهم الذات يجب ان نذهب الى ماوراء الذات من اجل ان نفهم الذات باعتبارها مختلفة عن الاخر . وبالنسبة الى روسو الخاصية التي تجعل ذلك ممكنا هي التعاطف أو الشفقة ، pitie ، التي يدرك بها الآخر كذات اخرى من خلال الاعتراف بقدرته او بقدرتها على الشعور والمعاناة . وفي نفس الوقت ، يجادل ليفي شتراوس ، الشفقة تهيئ للتحول من الحيوانية الى الانسانية ، ومن الطبيعة الى الثقافة ، لانها
" الحالة النفسية الوحيدة التي يكون فيها المحتوى غير منفصل إجتماعيا عاطفيا وعقليا معا ، والتى يكفى فيها فعل الوعى للانتقال من مستوى الى مستوى اخر "( 11 )
وبالنسبة الى ليفي شتراوس يكون ، المرور من الطبيعية الى الثقافة مميزا بالانتقال من العاطفى الى العقلى . التطابق العاطفى مع الآخر يجعل ممكنا وجود اختلاف عقلى عن الآخر .
وهذا يقود الى مفهوم للذات مختلف جذريا عن ذلك الذى ينتمى للتقليد الفلسفى الديكارتى الذى ترعرع فيه ليفي شتراوس . ان فكرة الهوية الشخصية تمتلك فقط بالاستدلال وهي تتميز دائما بالالتباس ، مادامت تجربتى الحميمة تقدم فقط آخرا ، آخرا يبدو انه يُفكر فيه داخلى ويجعلنى اشك فيما اذا كنت أنا الذي افكر . وعلى ذلك فان الذات يمكن أن تفهم فقط في علاقاتها بالاخر ، وهي ليست اكثر من مجموع كل هذه العلاقات . ( 12 ) ان الكائن الانساني مشدود باستمرار بين التطابق مع كل البشر وبين نوعيته. ولكن بدون عدم الاتصال الذي يفترضه الكوجيتو .
يؤكد ليفي شتراوس على ان وعيا مؤسسا على هذا التطابق البدائي فحسب ، يمكن ان يتصرف ويميز ذاته كما يميز الآخرين دون انتهاك هويته . واساس هذه الفلسفة " يقوم على مفهوم للانسان يضع الآخر قبل الذات " وعلى مفهوم للإنسانية يضع الحياة قبل البشر . ( 13 )
عند دراسة مجتمعات بعيدة أو مختلفة فان المرء لا يطرح مجتمعه الخاص وراءه . فمن خلال فهم الاخر فحسب يمكن للمرء ان يفهم مجتمعه الخاص بإبعاد نفسه عنه ورؤيته باعتباره اخر . هذه هي الفكرة الرئيسية في المدارات الحزينة . إننا ندرس الاختلافات من اجل ان نكتشف التشابهات ، حتى نكتشف الاساس الطبيعي للمجتمع الذي ينبغي ان نحترمه اذا كان علينا اصلاح مجتمعنا بدون انتهاك املاءات طبيعتنا الانسانية . والفنان وعالم الاجتماع كلاهما يسهم في هذا الاكتشاف " لان المظاهر الكبرى للحياة الاجتماعية فيها شيئ مشترك مع اعمال الفن : اى انها تاتي إلى الوجود على مستوى اللاوعى – لأنها جماعية ، بالرغـم مـن ان اعمال الفن فردية " ( 14 )
ان فلسفة ليفي شتراوس الانسانية تقودة الى ان يعارض انسانية كلية بنزعة انسانية خصوصية مميزة لمجتمعنا ، ومن ثم تقوده الى نقد مجتمعنا باسم القيم الشاملة المتضمنة في الطبيعة والتى يعبر عنها من خلال اللاوعي .
طور ، ليفي شتراوس في العرق والتاريخ ( 1952 ) أولاً التضمينات النسبوية لفلسفته ، مدينا ، الموقف مركزى العنصر ، الذى يسعى الى اختزال تنوع الثقافات . وبصفة خاصة يدعو للحذر حال تطبيق مفهوم " التقدم " على ثقافات غير ( ثقافتنا ) . ولا تكمن القيمة الحقيقية لأى ثقافة في اسهامـها فـي اي تـقدم تطورى ، فبالأحـرى " الإسهام الحقيقي لثقافة متضمن … في اختلافها عن الاخرى " وواجبنا هو ان نقاوم اختزال هذا التنوع . ( 15 )
يربط ليفي شتراوس في العرق والتاريخ الدعوة النسبية للتسامح تجاه الثقافات الاخرى بمصالح الذات في ثقافتنا . طورت الفكرة الرئيسية في المدارات الحزينة، بينما تحولت الى سلاح نقدى هاجم به ليفي شتراوس مجتمعه الخاص . تقوم قيمة التنوع الآن ليس بقدر كبير على اسهامها في التطور التقدمي للبشرية بقدر ( ما تقوم ) على معرفة البشرالتى تجعلها ممكنة ، معرفة تجعل وحدها من الممكن لنا ان نقيس مجتمعنا بمعيار المطالب المفروضة من الطبيعة الانسانية .
ويبقى المدارات الحزينة مؤلفا متفائلا ، فمعرفة الكائن الانساني الطبيعي التى تم اكتسابها بواسطة الانثروبولوجيا يجرى تطبيقها على اصلاح مجتمعنا . بينما يستبقى في نفس الوقت ليفي شتراوس موقفة النسبي ، فمن الواضح اين يكمن تعاطفة . انه ليس مجتمعنا الذي يقدم ادنى تقارب مع مجتمع ضرورات الطبيعية الانسانية ، وانما بالأحرى مجتمع العصر الحجرى الحديث الذى ، كما وصفه روسو فى" منتصف الطريق بين كسل الانسان البدائي والنشاط المحموم لتقدير ذاتنا ، ( 16 ) انها مجتمعات البرازيل ، البدائية ، التي يجد فيها شتراوس مبدأ التبادلية معبرا عنه ، وانه في فكر هذه الشعوب ان العالم متناغم ومنظم ، إنسجام الثقافة مع الطبيعة . ويعبر ضحايا التقدم هؤلاء ، ضمن حدود مجتمعاتهم الصغيرة ، عن سر الانسانية ، التي ينكرها مجتمعنا .
دفع ليفي شتراوس منذ عام 1960 نقده لمجتمعه الى حدوده ( القصوى ) مطورا التضاد بين مجتمعنا وذلك الخاص بــ " البدائي " الى نقيضه . يتطابق السقوط مع دخول الكتابة التى تدعم استغلال الانسان الواحد للآخر ، وهكذا فإن استبطان اللامساواة ، ينشئ تاريخا تراكميا . في النهاية فإن توسع السكان ، بإخلاله بالتوازن بين البشرية والطبيعة ، ينهض سندا لاستغلال دائم متزايد للبشر وللطبيعة . فالنزعة الانسانية الغربية هى تعبير ايديولوجى ملائم عن هذا المجتمع المؤسس على انفصال الانسانية عن الطبيعة ، ومن ثم البشر كل منهم عن الآخر ، وعلى استغلال الواحد منهم للآخر . ( 17 )
مجتمعنا ، من ثم هو النقيض البحت لهذه القيم المتضمنة في المجتمع البدائي ، تلك القيم المفروضة على الأخير من اللاوعى. ينكر مجتمعنا هذه القيم ، ويحل الاستغلال محل التبادلية في الحياة الاجتماعية ، ومع علاقات اجتماعية تصبح على نحو متزايد غير حقيقية لانها تصبح على نحو متزايد غير شخصية . ان مجتمعنا مؤسس على " السيطرة الشاملة للانسان على الطبيعة … وسلطة اشكال معينة من الانسانية على غيرها " ان نزعتنا الانسانية مضادة لتلك التي تبينها لنا الاسطورة ، نزعة انسانية منظمة جيدا " التي " لا تبدأ بذاتها ، وانما التي تعيد الاشياء الى مكانها . انها تضع العالم قبل الحياة ، الحياة قبل الانسان ، واحترام الاخرين قبل حب الذات . ( 18 )
ان نزعة انسانية حقيقية يجب ان تؤسس على رفض صلاحية التجربة الفردية وللطريقة التي يجرب بها الفرد عرضية وجوده أو وجودها ، لصالح البحث عن المعنى النهائي للوجود الانساني في لاوعي ، كوني ، موضوعي ، ولا زماني . هكذا فقط فان نزعة انسانية تبرز الذات فقط على حساب الاخر ستكون حقا نزعة انسانية حين
" تعلن ان لاشيئ انساني ينبغى ان يكون غريبا عن الانسان ومن ثم تؤسس نزعة انسانية ديمقراطية تتعارض مع تلك التي سبقتها : التى خُلقت لذوى الإمتياز ، على قاعدة حضارات ذات امتياز " . ( 19 )
وقاعدة هذه النزعة الانسانية هي اعتراف بالأساس الطبيعي للبشرية . انها ترتكز من ثم بشكل اكثر جوهرية على احترام للطبيعة كمفترض مسبق لاحترام الروابط الطبيعية بين النساء والرجال . ( 20 )
أوكل للأنثروبولوجيا في العرق والتاريخ دورا اصلاحيا . وفي المدارات الحزينة ، كانت مازالت هناك امكانية الخلاص . وفي وقت احدث ، على اية حال ، خلص ليفي شتراوس الى ان مجتمعنا قد اصبح شديد الكبر ومعقدا حتى انه لم يعد قابـلا للتفكير فيه . حتى اذا استطعنا فهمه ، فاننا مازلنا لا نستطيع تغييره . ان الوقت من ثم متأخر للغاية لإنقاذ الانسانية . كل ما يمكن ان يفعله عالم الانثروبولوجيا هو ان يلاحـظ ويدين . الشيئ الوحيد الذي يمكننا ان نفعله هو ان ندرس ذلك " البدائي " لنكشف هذه القيم التي كان هناك ميل لاهمالها والتي من المحتمل ان تكون قد أدينت . ( 21 )
ليست مهمة الفيلسوف مدح الانسانى ، انها ان " ينهية " ، ان يقضى على ادعاءاته ، ان يعيده الى الطبيعة كموضوع ضمن موضوعات ، لأنه ، اذا كان من الحقيقي ان الطبيعة طردت الانسان ، وان المجتمع يثابر على إضطهاده ، يمكن للانسان على الأقل ان يحول طرفى المعضلة لصالحه . ويبحث عن مجتمع الطبيعة هناك ليتأمل في طبيعة المجتمع . ( 22 )
2 – إدماج سارتر للبني في الديالكتيك :
حين طور ليفي شتراوس فلسفته الانسانية أجج عداءه نحو تلك النزعة الانسانية الليبرالية التي تمثل الوجودية مثلها الأول . ومن ثم فقد استجاب بحدة شديدة على محاولة سارتر لادماج نتائج اكتشافات البني الأولية للقرابة في مؤلف سارتر الخاص . وهذا هو أساس الجدال بين الإثنين .
مناقشة سارتر البني الأولية للقرابة في نـقـد تتبنى جدالا كان اول من طوره لوفور ( 23 ) رفض لوفور محاولة ليفي شتراوس للبحث عن اساس لاواع للتبادل وان يختزل التبادل الى بنية شكلية على اساس ان مثل هذه المحاولة تقضى على وتنكر تجربة التبادل التي ، بالنسبة الى ، لوفور ، هي المصدر الوحيد الممكن لمعنى التبادل . فبالنسبة الى لوفور التبادل هو تجربة ممارسة Praxis شاملة . انه ليس آلية شكلية لحل التعارضات غير الواعية ، وانما بالاحرى الاعتراف المتبادل بين البشر .
يركز هذا النقد على عدم قدرة ليفي شتراوس على تفسير ، او على اعتبار ، التجربة والتاريخ . على اية حال فان تقويم لوفور له نقاط ضعفه الخاصة ، لإنه يتمثل التاريخ في التجربة ، وجعل التاريخ نتاج الممارسة الواعية للأفراد ، فإن لوفور غير قادر على تفسير العلاقات الداخلية النسقية للحوادث المتعاصرة ، البنية .
وأحد الاهداف الكبرى لكتاب سارتر نقد العقل الجدلى هو تجاوز هذا الضعف ، وتقديم بعض الوسائل لتفسير البنية كنتاج للممارسة ، وانه من خلال العلاقة بمؤلف ليفي شتراوس يحاول سارتر إثارة السؤال . وسارتر واع تماما بالتهديد الموضوع امام فلسفته من قبل بنيوية ليفي شتراوس .
يحاول سارتر ان يبين ، بالاشارة بصفة اساسية الى البني الأولية ، إلى ان امكانية نظرية كهذه محدودة تماما ، وان البنية خاضعة بالضرورة للممارسة .
بينما ينكر ليفي شتراوس ان التجربة والتاريخ لهما أية ميزة ، فإن معنى الوجود الانساني بالنسبة إلى سارتر مؤسس تحديدا في تاريخية خبرة الفرد الواعية . فمعنى الوجود بالنسبة الى سارتر معطى من خلال المشروع الذى يعطى ذلك الوجود اتجاها ، النشاط الانساني له معنى لانه يلعب دورا في عملية تاريخية غائية هو أو هى فاعلها.
الفعل مندرج في نظام ، ولكن ذلك النظام من نوع يتكشف تعاقبيا ، وليس نوعا يوجد تزامنيا . انه نظام مستمر ، ترتبط فيه الأجزاء ديالكتيكيا ، وليس ( نظاما) غير مستمر ترتبط الأجزاء فيه بعلامات تحليلية من التعارضات . ومن ثم فإن سارتر منشغل بمشكلة معنى التاريخ ، بمعنى تاريخه او تاريخها الشخصى بالنسبة للفرد ، ومعنى تاريخهم الجماعي بالنسبة للأعضاء الفرديين للمجموعة . ويمكن ان يفهم الحاضر بالنسبة لسارتر فقط كلحظة في تطور تاريخي مستمر وان كان ديالكتيكيا .
يسعى سارتر من ثم الى ان يبين في نقد ان البنية هي فى الحقيقة نتاج " ممارسة منظمة " .ولا تبدو البنية باعتبارها خاملة ومعيقة إلا بالنسبة للمراقب الخارجي ، ومظهر ضرورة البنية بواسطة هذا المراقب " ليس أكثر من توسط " .
البنية هي ، في الحقيقة ، الخلق الحر لممارسة الاعضاء الفرديين للمجموعة ، الذين يرهنون انفسهم للمجموعة ومن ثم يقبلون البنية باعتبارها الوسيلة التي سوف تحقق بها المجموعة اهدافها الجماعية . وعلاقة الفرد بالمجموعة ، وبنيتها ، هي من ثم علاقة تبادلية يوافق فيها كل فرد على ان يلعب دوره اودورها في مشروع مشترك ، هو المحاولة لمقاومة الندرة . وخضوع الفرد للبنية هو ، من ثـم ، فعل حر ، وهـكذا فهو " شرط مقبول بحرية " .
البنية مستمرة الى المدى الذي تستمر فيه كل ممارسة فردية في السعى لحفظ العلاقة القائمة للفرد بالبنية ، وتتغير الى المدى الذي يسعى فيه الأفراد لتغيير تلك العلاقة . وعلى اية حال ، لأن الافراد يرهنون انفسهم للجماعة كوسائل لغاية يشاركون فيها رفاقهم ، فانهم يعاملون المجموعة باعتبارها " شبـه موضوع " ولكن المجموعة باعتبارها كلية او واقعا موضوعيا لا توجد " كأي شيئ اكثر من معاملتها باعتبارها كذلك بواسطة الافراد الذين يشاركون فيها . وانـه بهـذا المعنى يسـمى سارتر البني " ضرورة الحرية " . ( 24 )
البنية بالنسبة الى سارتر إذن ، هي " فقط مفروضة علينا الى المدى الذى تكون فيه مصنوعة من الآخرين . وحتى نفهم كيف صنعت ، فإنه من الضرورى من ثم اعادة ادخال الممارسة ، باعتبارها عملية تحقيق الكلية ، ويجب على التحليل البنيوي ان يفسح الطريق امام الفهم الديالكتيكي .
ان البنية تنتهى فقط الى ان يكون لها معنى بالنسبة الى سارتر حين تكون مندمجة في النشاط الشمولى لذات متعالية : " الجوهر ليس هو ما يصنع المرء بالإنسان ، ولكن ماذا يصنع بما صنع المرء به ." العقل التحليلي الذي يكشف البنية الموضوعية هو عقل متكون يمكن فقط أن يكون الذات سارى الشرعية فى النهاية بالرجوع إلى العقل التأسيسى للذات التى تفرض الشمول : " العقل الجدلى هو ذاته معقولية العقل الوضعي " . ( 25 )
الجوهر الانساني بالنسبة الى سارتر هو قوة التعالي ، القدرة على قول لا ، ومن ثم جعل ذات المرء خارج الماديات التى تحت تصرفه . ليست هذه ببساطة حقيقة الانسان في مجتمع بعينة ، انها الحقيقة الكلية للانسانية . " حتى المجتمعات الاشـد قدما ، الاشد سكونا … لها تاريخ " ( 26 ) والطريقة التى يجرب بها الناس هذا التعالى تختلف في الزمان والمكان .كما تتخذ الممارسة الانسانية في مجتمع راكد شكل تكرار . وحقيقة انه في مثل هذا المجتمع يتخذ التاريخ شكل تكرار لا تعنى ان هذا المجتمع بلا تاريخ .
3 – إخضاع ليفي شتراوس الديالكتيك للبنية :
لا ينازع سارتر تحليل ليفي شتراوس للقرابة في البني الأولية ، ويلتقط بالفعل أفكارا متعددة من المؤلف الأخير ( على سبيل المثال الندرة ، التبادلية ) . واهتمامه محصور في دلالة البنى التى يزعم ليفي شتراوس انه كشفها .
بينما يستوعب ليفي شتراوس البني في موضوعية لا وعي خامل ، يسعى سارتر لالتقاطها باعتبارها بقية أوفضالة الممارسة الواعية للافراد . ان معنى الفعل الانساني وفوق كل شيئ وضع التجربة ، هو موضع البحث .
ينكر ليفي شتراوس ان الانسان متعال ، فاذا لم يكن الانسان متعاليا ، يجادل ليفي شتراوس ، فان التاريخ عندئذ لا يمكن ان يكون ديالكتيكيا ، بالمعنى الذي يقصده سارتر ، لاننا لا يمكن ان نخلق ، اننا يمكن ان نعيد فقط تنظيم ما أعطى لنا .
ان ذات التاريخ ليست ذاتا تاريخية واعية بذاتها ، وانما لاوعي بنيـوي لا زمنى . التاريخ ذاته ببساطة هو بمثابة تكشف عبر الزمان لأنظمة مفروضة من قبل بنية اللاوعي . التاريخ ببساطة تحول ، نتاج لقوى خارجية عارضة . التاريخ لا معنى له والتقدم وهم .
الوعي التاريخي ببساطة اسطورة مثلة في ذلك مثل اشياء اخرى بواسطته تختار مجتمعات كمجتمعاتنا ان تعقلن وجودها . تنشئ بعض المجتمعات تصورات الزمان على نحو غير مستمر ، مستخدمين الأحداث بطريقة غير تاريخية ، ولا زمنية ، معارضين اياها بالحاضر . نجد في مثل هذا النوع من الاسطورة سلسلتين متجاورتين وحيث ان السلسلتين الاصليتين هما نوع من تحولات السلسلتين المتعاصرتين فان العلاقة بين الإثنتين عندما تدرج فى إطار مفهومى بشكل واضح تكون غير مستمرة ،تحولا . يحـاول المجتمع " البدائي " او " البارد " ان يلغى التاريخ ، انه يحاول ان يحفظ البنية في وجه التهديدات الموضوعة لتلك البنية من الأحداث بادخال الأخيرة " كشكل بلا مضمون " . الماضي في مثل هذه المجتمعات مندمج في الحاضر اما كانعكاس ( الذي ربما كان قلبا ) او كتكرار ( في شكل دورى ) . ( 27 )
وفي مجتمعات كمجتمعاتنا فان الاحداث لا تتجاور بهذه الطريقة ، وانما هي مرتبة في شكل تعاقب ، موسومة بالاستمرارية . الحاضر معقلن كتطور ناجم عن الماضى ، اكثر منه تحول او إعادة للاخير . على اية حال فإن هذه الاساطير التاريخية ليست مختلفة في الشكل عن النوع البدائي ، فهى مازالت تستخدم الشفرة، مازالت تدخل عدم الاستمرارية في نظام الاحداث ، مازالت تختار بعض الاحداث الحافلة بالدلالة التاريخية والاسطورية وتتجاهل الأخرى . هذا الوعي التاريخي ، الذي يعلى سارتر من تميزه ، مشتق في العلاقة بالتاريخ نفسه ، الذى هو مستمر ولا نهائي بشكل حقيقي ، ومن ثم فهو يتجاوز فهمنا . انه من ثم ، لفى غاية الاهمية الانخلط اسطورة الوعي التاريخي مع حقيقة التطور التاريخي بتخيل ان الأول يمكن ان يقدم مدخلا للأخير .
بمجرد ان نرجع عن اسطورة الوعي التاريخي ،كما يجادل ليفي شتراوس ، يصبح طابعه الاسطورى واضحا . والقانون الذي تتأسس عليه ليس معينا مسبقا ، طبيعيا على نحو ما إنه إعتباطي . فالمعايير التي ننتقى بها الاحداث من الماضى ، لنهب الحاضر دلالة ، ولنضخم اهميتنا الخاصة كأدوات لتطور الماضى خلال الحاضر ونحو المستقبل ، محددة ثقافيا وتحتوى على شفرة اسطورة التاريخ . ربما تجرب المجموعات الاجتماعية المختلفة " التاريخ " وفقا لشفرات مختلفة . وعلى سبيل المثال فان معنى الثورة الفرنسية مختلف تماما عند اليسار عنه عند اليمين .
ان فلسفة سارتر بالنسبة الى ليفي شتراوس هي ببساطة تعبيرعن الطريقة الخاصة التى تمارس بها التاريخية في مجتمعه الخاص . ومن ثم ، بالنسبة الى ليفي شتراوس ، فانه ليس العقل الديالكتيكى الذي يفسر العقل التحليلي ، وانما بالاحرى العقل التحليلي هو الذي يفسر الديالكتيكى . يعتبر سارتر العقلنة الواعية لثقافته الخاصة المعنى النهائي للإنسانية . بمقدور سارتر ان يعلمنا فيما يخص ثقافته الخاصة ، التي يلتقط " حركتها الديالكتيكية " " بمهارة فنية لا تقارن " ( 28 ) ، ولكنه يقصر نفسه على التعبيرات الواعية للحياة الاجتماعية فهو ينكر على نفسه سبيلا الى شمولية اللاوعي التي تثوى خلفها . سارتر ، من ثم ، مؤرخ وليس عالم انثروبولوجيا ، لأن.
" التاريخ ينظم مادته في العلاقة بالتعبيرات الواعية للحياة الاجتماعية بينما تنطلق الأنثروبولوجيا من فحص اساسها اللاواعي " ( 29 )
يعنى التاريخ بالسيرورة ، التي هي المشروطية التي يعاين تحتها تكشف البنيوي :
" تظهر البني فقط للمراقب من الخارج … بالعكس لا يمكن للخارجـي ان يلتقط السيرورات، التي ليست موضوعات تحليلية ، ولكنها الطريقة الخاصة التي تعاين بها التاريخية من قبل الذات . ( 30 )
لا تمثل العملية التي نحن معنيون بها التطور التاريخى لذات متعالية تصنع تاريخها . انها شيئ تمارس تجربته . ليست التاريخية من ثم نتاجا وانما تجربة وعي . يستخدم ليفي شتراوس مصطلح " التاريخ " من بين اشياء اخرى ليشير لهذه التجربة ، ودراسة هذه التجربة ونتائج تلك الدراسة .
" تبدو لي الاستمرارية المفترضة للذات التى تصنع الكلية … وهما مدعما بمطالب الحياة الاجتماعية – وترتيبا على ذلك انعكاسا للخارجي على الداخلي – اكثر منها بالأحرى موضوعا لتجربة يقينية " . ( 31 )
اذا كان علينا ان نذهب ما وراء " العملى " الى " النظرى " اذا كان علينا ان نذهب ما وراء نسج الاساطير الى تطور المعرفة عن الانسانية فينبغي علينا ان نعترف ان معنى التطويرات الواعيه للحياة الاجتماعية هي نسبية وذاتية . فوراءها يكمن معنى اعمق :
" كل معنى قابل للاجابة بمعنى اقل ، الذي يعطيه معناه الاقصى ، فاذا ما انتهى هذا الارتداد الى ادراك " قانون محتمل يمكن ان يقول عنه المرء : انه هكذا ، وليس شيئا اخر " ( سارتر ، 1960 ، ص 128 ) ، فإن هذا المنظور ليس مرعبا لهؤلاء الذين يعذب فكرهم بواسطة تعالى حتى في شكل مستتر . ( 32 )
السبيل الوحيد لتجاوز هذه المعضلة القائمة من خلال بديلى الاثنية المركزية والنسبية هو ان نؤسس انثروبولوجيا على اللاوعي ، الذي هو موضوعي بينما يدعم الذاتي . ان فلاسفة الذات مهتمون اكثر بالحفاظ على وضع الذات اكثر من جعل الانسانية معقولة :
" انهم يفضلون ذاتا بدون عقلانية على عقلانية بدون ذات " ( 33 )
ينبغى ان ننظر بدلا من ذلك الى ما وراء الوعى والعاطفى لنجد اللاوعي والعقلي . يجب على الانثروبولوجيا ان تكرس ذاتها لدراسة عمليات اللاوعي التي تثوى خلف الحياة الاجتماعية بفهم المجتمعات كتعبيرات مختلفة لهذه العمليات اللاواعيـة .
4 – تتام وتنافى المعقولية البنيوية والديالكتيكية :
يبدو التعارض بين سارتر وليفي شتراوس وكأن كل منهما مقر بصلاحية تقويم الآخر ، ولكنه يختزله الى لحظة خاضعة لعملية يكمن اساسها في مكان آخر . وبالنسبة الى ليفي شتراوس فان انشاءات الوعي هي عمليات تعقل يتم التوصل الى معناها الحقيقي فقط من خلال تحليل بنيوي يختزلها الى لاوعي ، وفي النهاية الى الاساس العضوى . بالنسبة الى سارتر فإن البنى التي تنتج بواسطة هذا التحليل قد جرى تجريدها من الممارسة الحية التى تنتجها ، التي وحدها تعطيها المعنى والتى سوف تستعيدها فقط انثروبولوجيا حقيقية . بينما يصبح الوجود الانساني بالنسبة الى ليفي شتراوس ذا معنى فقط حين يرد الى الطبيعة التى ينبثق منها ، ان الطبيعة بالنسبة الى سارتر لها معنى فقط في العلاقة بمشاريع الافراد الذين يتعالون عليها .
يبدو التعارض بين سارتر وليفى شتراوس ايضا غير قابل للتجاوز . لأنه بالنسبة لكل منهما هناك ثغرات جوهرية فى تقويم الآخر . سارتر يقدم من ناحية ، تجربة خاصة باعتبارها الأساس الذى لايطاله الشك لكل الوجود الإنسانى .ومن الضرورى ببساطة بالنسبة الى ليفى شتراوس ان يثير الشك حول كلية هذه التجربة لأن انشاءات سارتر تتكشف عن انها بيت من العاب الورق :
" ما يسميه سارتر بالعقل الديالكتيكي هو اعادة انشاء فحسب ، بواسطة ما يسميه العقل التحليلي ، لتحركات افتراضية يستحيل معرفة … إن كانت تحمل اى علاقة على الاطلاق بما يخبرنا به عنها ، والتي إن كان الامر كذلك ، سوف تكون قابلة للتحديد بلغة العقل التحليلي وحده" ( 34 )
ان تقييم ليفي شتراوس من الناحية الاخرى ، قاصر لاختزالة التاريخ الى اثر الحدوث ( 35 ) ، وفي اختزال التجربة ، بما فيها تجربة الحرية التي هي اساس فلسفة سارتر ، الى وضع اسطورة .
ان ثقة ليفي شتراوس بالطابع المحدد للاوعي غير مؤسس مثله في ذلك مثل ثقة سارتر في الوعي التاريخي الخلاق . يسعى كل منهما لإختزال الظواهر الاجتماعية الموضوعية الى عمليات تجعل مظاهر الموضوع متعذرة التفسير . لا يستطيع سارتر ان يفسر القوانين الموضوعية للظواهر الاجتماعية ، القوانين التي لم تخلق لا من ذوات واعية ، ولا التي تعمل من خلال وعي هذه الذوات . واتصالا بذلك ، لا يستطيع ليفي شتراوس ان يعتبر مثل هذه القوانين الاجتماعية لانها غير قابلة للاختزال الى " غائية غير واعية … التى ترتكز على تفاعل الآليات البيولوجية … والسيكولوجية ( 36 ) ما دامت قوانين اجتماعية وليست ببساطة طبيعية " .
يبدو ان سارتر وليفي شتراوس يقدمان لنا نظريتيين أنثروبولوجيتين مؤسستين على فلسفتين متعارضتين كل منهما ناقصة بشكل جوهرى . ان موضوعية العالم الاجتماعي بالنسبة الى سارتر منحلة في ذاتية الممارسة المعاشة . ليـفي شتراوس ، بمحاولته لتفادى التضمينات الميتافيزيقية لسوسيولوجيا دوركايم ، يحول ببساطة المبدأ الميتافيزيقي من واقع جماعي ما وراء الفرد الى واقع بيولوجي تحته . في كل حالة فان المبدأ الذي يفترض انه ينظم الحياة الاجتماعية ينقلب بعد التفحص الى ان يكون مبدأ اخلاقيا ، لا يخبرنا ما هي الحياة الاجتماعية ، ولكن ما ينبغى ان تكون ، ليس كيف يشتغل المجتمع ، ولكن كيف ينبغى للفرد ان يعيش في المجتمع . تبدو النظرية الاخلاقية في كل حالة في هيئة نظرية علمية ،ويعامل الواجب الاخلاقي كما لو انه واجب موضوعي .
وقد أشرت في بداية هذا الكتاب الى ان فلسفتى كلا من سارتر وليفي شتراوس قد ظهرت كاستجابات تكميلية لمشكلة عامة . ونحن الآن في موضع يمكننا من تحديد تعبير تلك المشكلة الأيديولوجية الأولية في فلسفتيهما . اضف الى ذلك يمكننا ان نرى انه في الطريقة التى يطرحان بها هذه المشكلة تكون الاخطاء التي يرتكبها كل منهما منقوشة فى فلسفته. من ثم فان الطريق لتجاوز المعضلة التي يمثلها لنا التضاد بين سارتر وليفي شتراوس هو الا نحاول التأليف بين عمليهما ، وانما بالأحرى ان نعيد صياغة المشكلة التى بدآ بها .
المشكلة التى واجهت سارتر ، وليفي شتراوس وجيلهما ايديولوجيا كانت تلك التى تتعلق بتأسيس ركيزة يمكن للفرد المنعزل ان يرتبط من خلالها بمجتمع لم يقدم نقطة اندراج . وتظهر المشكلة في عملى سارتر وليفي شتراوس بمثابة تطوير نظرية أخلاقية يتأتى فيها الارشاد الاخلاقى كلية من خلال الفرد . من ثم حاول كل منهما ان يطور نظرية اخلاقية نقطة انطلاقها تلك الملامح المجردة والشاملة التى تحدد الفرد باعتباره انسانا . كل منهما اذن أنشأ عالما مثل فيه الوجود الانساني ببساطة تحقق هذه الملامح الانسانية في علاقة الفرد بالعالم . واخيرا سعى كل منهما ليظهر ان العالم الذي نعيش فيه موسوم بانتهاك الجوهر الانساني ، والملامح المحددة للانسانية .
ان المشاكل التي واجهتها فلسفتا سارتر وليفي شتراوس حين قدمت نفسيهما كنظرتين للمجتمع تنبثق من اختبار الملامح المفترضة المجردة والشاملة للجوهر الانسانى كنقطة انطلاق ، لان هذا التجريد الاولى للفرد من المجتمع يقود الى مواجهة لاحقة للفرد مع المجتمع الذي جرد من الأفراد الذين يشاركون فيه .
يُرى " المجتمع " مباشرة باعتباره كلية ميتافيزيقية يجب على الفيلسوف ان يحلها على الفور . بالنسبة الى سارتر فان ، المجموعة لا تمتلك الوجود الميتافيزيقي لشكل او جشطالت لوعي جماعي أو لكلية مخلوقة ، بينما بالنسبة الى ليفي شتراوس فان اللاوعى مقدم تحديدا لطرد العقل الجمعي الدوركايمي ( 37 ) ومن ثم فان المجتمع ملغى ، معاد ادماجه شكليا في الفرد كمقولة مجردة وهو اما نتاج ذاتي للوعي او نتاج موضوعي للاوعي .
وبالنسبة لكل من سارتر وليفي شتراوس ليس المجتمع باى معنى واقع منقطع النظير Suis generis ، بالنسبة لكليهما هو ببساطة تعبير عن ديالكتيك مطبوع في نفسيـة الفرد ، واع او لا واع . إنه ، من ثم ، نادرا ما يدهش ان اى منهما ليس قادرا على تقديم الاساس الذى نتمكن وفقا له من ان نبدأ بتفسير القوانين التى تحكم المجتمع ، القوانين التي هي موضوعية وذات معنى في آن معا ،أشياء وتمثيلات معا.
وتنشأ المشاكل في كلتا الحالتين بسبب ان الفرد ليس محددا منذ البداية باعتباره كائنا اجتماعيا ، داخلا في علاقات اجتماعية عينية ، وانما بالأحرى كتجريد ، كفرد غير اجتماعي وغير تاريخي ينبغى ان يشتق منه المجتمع . وفي كل حالة تكون العواقب المثالية لمثل هذه الجدالات مشتتة بالنواقص الميتافيزيقية ( في حالة سارتر بميتافيزيقيا الندرة ، وفي حالة ليفي شتراوس بالمادية البيولوجية ) التي تقدم المجتمع باعتباره نتاج العلاقة المباشرة للفرد بالطبيعة .
وبالنسبة لعلم اجتماعي ، على النقيض من ذلك لا يمكن ان تكون نقطة الانطلاق سوى كائن اجتماعي ، فالادراك الذي يميز البشر عن الطبيعة هو تحديدا طابعهم الاجتماعي ،الذي لا يمكن فصله بدوره عن ارتباطهم بالمجتمع . يتضمن مثل هذا الادراك على الفور ان المجتمع لا يمكن ان يشتق من الجوهر الانساني ، ولا يمكن ان يشتق عن العلاقة بلا واسطة للانسانية مع الطبيعة ، لان كلا من تمييز الانسانية عن الطبيعة ، وعلاقتها بالطبيعة ، تفترض مسبقا المجتمع الذي ينخرط فيه الناس ،الذى لا يرتبطون إلا من خلاله بالطبيعة .
ومن ثم يقدم لنا سارتر وليفي شتراوس من ثم فلسفتين متتامتين تسعيان الى اطراح الاجتماعي واعادة اكتشاف انسانيتنا داخل الفرد . ان ليفي شتراوس مهتم بان يكشف معنى شاملا وموضوعيا . بينما يسعى سارتر الى معنى يكتسب كلية وذاتي . بالنسبة الى سارتر هناك فقط معنى شامل اذا ما كان هناك فرض للكلية ، وبالنسبة الى ليفي شتراوس المعنى الذاتي حقيقي فقط اذا ما تركت الذات نفسها لقاعدة الشامل الموضوعي . ويبحث في كل حالة عن معنى الوجود الانساني في مواجهة بين الفرد غير الاجتماعي و طبيعة خاملة .
وعلى حين أن مثل هاتين الفلسفتين هما ذاتهما صاحبتا معنى كاستجابات لمجتمع تبدو فيه انسانيتنا مشوهة بشكل منتظم ، فاننا يجب ان نسأل إن كانت تلك الفلسفات التي لا تستعيد هذه الانسانية إلا على حساب ان تجعل المجتمع مبهما، المجتمع الذى اخذت فيه تلك الانسانية منا هي فلسفات مُرْضية بشكل فعلى . ان فلسفة مُرْضية يجب ان تجد معنى للوجود الانساني في النقطة التي ينخرط فيها الفرد مع العالم ، النقطة التي يكون لدينا فيها معنى للعالم الذي نحن جزء منه ، في نفس الوقت حيث سيكون للعالم معنى لنا . انها تحديدا تلك النقطة التي ازيلت من قبل سارتر وليفي شتراوس ، لانه في المجتمع فقط ، في المجال الجماعي للعلاقات الاجتماعية ، للغة والثقافة ، نندمج في العالم الموضوعي .
انه فقط بواسطة هذه المؤسسات نكون كذوات قادرين على الانخراط فى العالم ، وانه فقط خلال هذه المؤسسات تكون القيود الموضوعية التي تفرضها واقعية العالم يجرى توسطها . اذا كانت هذه هي الحال ، فان معنى الوجود الانساني يجب ان يتموضع في العلاقة بالمؤسسات الجمعية للمجتمع التي من خلالها فقط نكتسب انسانيتنا . كلا من سارتر وليفي شتراوس يعرض اخلاقية تأملية مجردة غير قادرة على تقديم اى ارشاد لهؤلاء الذين لا يحتملون ان يعيشوا في مجتمع تحديدا بسبب ان اخلاقيتهم ليس لها نقطة ارتباط مع المجتمع . انها غير قادرة لا على ان تقدم تشخيصا لشرور المجتمع القائم ، ولا ان تشير لوسائل تغييره .
من ثم فان فلسفة محكمة ، ليست اقل من علم اجتماع محكم ، تعتمد على انكار التفريع الثنائى الخاص بالفرد والمجتمع . انها تعتمد على ادراك ان الذات محتواه هكذا في سياق المجتمع الذي يمفصل وحدة العلاقة بين الذات والذوات الأخرى وبين الذات والطبيعة :
" ان كلا من مادة العمل والانسان كذات ، هما نقطة الانطلاق وايضا نتيجة الحركة … وهكذا فان الطابع الاجتماعي هو الطابع العام لكل الحركة : تماما كما ان المجتمع ذاته ينتج الانسان كانسان ، كذلك فان المجتمع ينتج بواسطته … يوجد المظهر الانساني للطبيعة فقط للانسان الاجتماعي لأنه حينئذ فقط توجد الطبيعة بالنسبة له كرابطة مع الانسان – لأن وجوده للآخر ووجود الآخر له – ومثل الحياة – عنصر الواقع الإنساني . آنئذ فقط توجد الطبيعة بالفعل باعتبارها اساس وجوده الانساني الخاص ، هنا فقط يصبح ما هو بالنسبة له وجوده الطبيعى وجوده الإنسانى ،وتصبح الطبيعة إنسانا بالنسبة – له. وهكذا فان المجتمع هو الوحدة الكاملة للانسان مع الطبيعة –الانبعاث الحقيقي للطبيعة – الطبيعة الناجزة للانسان والانسانية الناجزة للطبيعة " ( 38 )
5 – خلاصـة :
يقدم التعارض الكلاسيكى بين الذات والموضوع أساسا غير سديد تُنشأ عليه نظرية للمجتمع . النظريات التي تؤسس على اى من قطبى التعارض هذين تجد نفسها غير قادرة على التقاط الاجتماعي ، الذى يصر على الوقوع بين الحدين ، وليس قابلا للإختزال لأى منهما . ان احادية الجانب في نظريات تؤسس نفسها على قطب واحد تجد تكملتها في احادية نظريات تؤسس نفسها على ( القطب ) الآخر . لقد اعد المسرح لجدال لا متناه لا يحل ، مستبعد منه المجتمع ذاته بحزم .
ومن اجل التوصل الى تفاهم مع المجتمع فانه من الضرورى تجاوز هذا التعارض . ولا يمكن لهذا التعارض ، على اية حال ، ان يزال بواسطة أمر ُكن، لان الطابع الخارجي والموضوعي للعلاقات الاجتماعية النموذجية لمجتمعنا هي شيئ على السوسيولوجيا ان تتوصل الى تفاهم معه ، انه من الضرورى كشف النسبية التاريخية للتعارض ، لكشف الشروط التاريخية التي في ظلها ترتدى العلاقات الاجتماعية هذه القوة الموضوعية ، القوة التي لا يمكن ان تختزل الى ارادة الفرد ، ولكن التي لا يمكن ان تنفصل عنها ايضا .
حاول هيجل ان يتجاوز هذا التعارض بين الذات والموضوع ، ولكنه فعل ذلك شكليا فحسب ، بطريقة نظرية ، بدلا مــن تقديم تقـييم يمكن ان يؤسس " الذاتي " و " الموضوعي " كلحظتين من سيرورة تاريخية يصبحان فيها منفصلين ،كما طابق هيجل بين الاثنين مباشرة ، ناظرا الى الاخير باعتباره عملية محايثة للأول :
,,هكذا سلم بالواقع التجريبى كما هو فقط وقيل ايضا انه العقلانى، ولكنه ليس عقليا لعلة سببه الخاص، ولكن لأن الواقعة التجريبية فى وجودها التجريبى لها مغزى مختلف عن ذاتها. فالواقعة، التى هى نقطة الإنطلاق، لاترى باعتبارها كذلك وانما بالأحرى كونها النتيجة الصوفية،، > 39 40 41<
ان مفهوم الذات الذى طورته الفلسفة الكلاسيكية الأوروبية هو ذاته نتاج تطور العلاقات السلعية :
,,الإنسان كذات أخلاقية، أى كشخصية ذات قيمة متساوية، هو بالفعل ليس اكثر من شرط ضرورى للتبادل حسب قانون القيمة. الإنسان كذات قانونية، او كما لك، هو شرط ضرورى اضافى . اخيرا، هذان الشرطان مرتبطان بوثوق شديد مع (شرط) ثالث، حيث يظهر الإنسان كذات تعمل على نحو أنانى.
كل هذه الشروط الثلاثة التى تبدو غير متوافقه والتى لاتقبل الإختزال الى ذات ونفس الشيئ، تعبر عن كلية الشروط الضرورية لتحقيق علاقة القيمة ...
النتيجة النهائية لتجريد هذه التحديدات من العلاقات الإجتماعية الفعلية التى تعبر عنها، ومحاولة تطويرها كمقولات فى حقها الخاص (بوسائل تأملية بحته) هى خليط مشوش من التناقضات وقضايا تستبعد كل منها الأخرى كلية، (42)
,, لأن السيد برودون يضع الأفكار الأبدية، مقولات العقل الخالص فى جانب، والكائنات الإنسانية وحياتها العملية، التى هى طبقا له تطبيق لهذه المقولات، فى جانب آخر،و يجد المرء عنده من البداية ثنائية بين الحياة والأفكار، بين الروح والجسد، ثنائية تعود فى اشكال مختلفة. يمكنك ان ترى الآن ان هذا التضاد ليس شيئا سوى عدم قدرة السيد برودون على فهم الأصل المدنس والتاريخ المدنس للمقولات التى يتحداها،، (43)
انها نظرية صنمية السلعة، اساس كتاب راس المال هى التى مكنت ماركس من ان يتجاوز التعارض الكلاسيكى بكشف اساس هذا التعارض فى المجتمع. المقولات المفترض ابديتها وتنافرها هى ذاتها ليست سوى مظهر لصمنية السلعة، تأبيد تعارض هو نتاج تاريخى نوعى للإنتاج السلعى. إنها بالتوافق مع ذلك نظرية صنمية السلعة التى هى اساس محاولة ماركس فى فهم الطابع الخارجى، الموضوعى والمقيد للعلاقات الإجتماعية التى هى نفسها نتاجات انسانية. لم تظهر نظرية الصنمية فقط، ان العلاقات الإنسانية كانت علاقات مقنعة بين الأشياء، وانما هى بالأحرى فى الإقتصاد السلعى، علاقات انتاج اجتماعية اخذت حتما شكل الأشياء ولايمكن ان يعبر عنها إلا خلال الأشياء (44) وأصبح ممكنا مع نظرية صنمية السلعة فهم المجتمع كحقل موضوعي للنشاط الإنسانى.
وللجدال بان التعارض الفلسفى الكلاسيكى بين الذات والموضوع هو تعبير عن تطور العلاقات السلعية لا يعنى تقديم برهان إختزالى :
,,تقدم اقتصاديات علاقات القيمة المفتاح لفهم البنية القانونية والأخلاقية، ليس بمعنى المحتوى العينى للأعراف القانونية والأخلاقية، بل بمعنى الشكل ذاته،، > 45 <
يمكن ان يتنوع المحتوى الذى جرى التعبير عنه من خلال هذا الشكل، وقد تنوع، الى حد ضخم. ويمكن أن يحرك نفس الشكل النقد البورجوازى للعلاقات الإجتماعية الإقطاعية او الإشتراكية باسم حرية ومساواة العلاقات السلعية. ويمكن ان يحرك النقد البورجوازى الصغير للميول التشريكية الكامنة فى التطور الراسمالى. انها يمكن حتى ان تحرك النقد الإشتراكى الطوباوى للإستغلال الذى يسم الإنتاج الراسمالى.
ان عملى سارتر وليفى شتراوس يمثلان طبعة القرن العشرين من النقد الطوباوى. ان نقدهما للمجتمع المعاصر مؤلف من موقف الفرد غير الإجتماعي، باسم مبدأ شامل للتبادل بين الذوات. ولكن النقد الشامل الواضح، والمبدأ الشامل كلاهما نتاج للمجتمع الذى يطبقان عليه.
فالفرد غير الإجتماعى، المنبت الجذور بوضوح، والمعزول، الذى يعاين المجتمع باعتباره قوه مستلبة هو نتاج اجتماعى. ,,نتاج تاريخى’’ نوعى :
,,الناتج من جانب عن انحلال الأشكال الإقطاعية للمجتمع، ومن جانب آخر عن تطور محتوى قوى الإنتاج الجديدة منذ القرن السادس عشر التى بالنسبة لها ,,تواجة الفرد الأشكال المختلفة من الإرتباط كمجرد وسائل تجاه اهدافه الخاصة، كضرورة خارجية. ولكن الحقبة التى تنتج مثل هذا الموقف، الخاص بالفرد المنعزل، هى ايضا بالتحديد تلك التى تتعلق بالعلاقات الأكثر تطورا حتى الآن (من هذا الموقف، فهى عامة).(46 )
الفرد المعزول، ذات المجتمع، هو نتاج نشوء التبادل السلعى الذى يربط هذه الذوات بروابط موضوعية، غير شخصية.
,,ولكنها فكرة خاوية ان نتصور فحسب هذه الرابطة الموضوعية باعتبارها خاصية طبيعية عفوية كامنة فى الأفراد وغير منفصلة عن طبيعتهم (على النقيض من معرفتهم الواعية وارادتهم). هذه الرابطة هى نتاجهم. انها تنتمى الى مرحلة نوعية من تطورهم. انها الرابطة الطبيعية بالنسبة للأفراد ضمن علاقات انتاج نوعية ومحدده’’ > 47 <.
عارضت الإشتراكية الطوباوية للقرن التاسع عشر حرية ومساواة علاقات تبادل التداول السلعى مع استغلال وهيمنة علاقات الإنتاج الراسمالية، طامحة الى يوتوبيا بورجوازية صغيرة لمجتمع من منتجى السلع الصغار المستقلين. كما اشار ماركس دائما، وكما كشف تاريخ المشاريع الطوباوية، اعتبرت الطوباوية تشويها ماهو فى الحقيقة النتيجة المحتمة لتعميم العلاقات السلعية، ودعت للعودة الى عصر ذهبى مفترض كان نتاجه التاريخى تحديدا الإستغلال الراسمالى.
تمثل فلسفتى سارتر وليفى شتراوس، بمعنى ما، طبعه القرن العشرين من نفس اليوتوبيا. انهما ينتقدان مجتمعهما من موقف الذات، مدينين الإستغلال والهيمنة، ومعاملة الآخر باعتبارة موضوعا، باسم القيمة الإنسانية الشاملة للتبادل باعتباره العلاقة بين الذوات الفردية الحرة والمتساوية.
على أى حال، فى عصر الراسمالية الإحتكارية، فان هناك توقعا ضئيلا لإستعادة الإنتاج السلعى الصغير. يمكن لسارتر وليفى شتراوس ان يقدما فقط، من ثم، نقدا تأمليا واهنا، يؤسس نفسه على تبادلية انسانية حقيقية وليس على تبادلية مشوهة هى سمة مجتمع راسمالى متطور.
وهكذا يعارض ليفي شتراوس تبادلا كلى الوجود (حقيقة اجتماعية كلية) يراه متحققا فى المجتمعات ,,البدائية’’ بالهيمنه التى تسم مجتمعنا الخاص. سارتر، متبعا برودون فى ذلك ,,يسمى الذاتى تحديدا ماهو اجتماعى وهو يسمى المجتمع تجريدا ذاتيا’’ (48) ويستبق تحولا تأمليا. فالتأمل سوف يعيد امساك جوهر العلاقات الإجتماعية باعتبارها علاقات تبادلية بين ذوات حرة. حتى المواطن المنتهك يمكن ان يستعيد ذاتيته او ذاتيتها، ومن ثم يكشف قدرته او قدرتها على ارجاع قاعدة التبادلية.
كانت المشاكل التى انطلق منها سارتر وليفى شتراوس مشاكل عينية ونوعية طرحت عليهما كمثفقين معزولين فى فترة اضطراب اجتماعى. يمكن أن نتتبع فى سياق تطور فلسفتهما ايضا تاثير الأحداث العينية. فى نفس الوقت فان الفلسفات التى طورت فى هذه المواقف الخاصة تدعى ان لها مغزى شاملا. يمكننا ان نرى الآن ان هذا ممكن لأن الفلسفة الكلاسيكية تقدم مقولات تجعل من الممكن ترجمة خبرات نوعية الى حقائق ابدية. تجد المشاكل التى تمثل التعبير النوعى وشديد العينية لمجتمع مؤسس على الإنتاج السلعى شكلها الثقافى الملائم فى مقولات الفلسفة الكلاسيكية التى تمثل التعبير الأشد تجريدا لنفس العلاقة الإجتماعية. و فى هذه الترجمة، على اية حال، الشروط التاريخية العينية التى تسببت فى ظهور المشاكل الأولية قد حلت، والفلسفة التى طورت لاتستطيع ان تفعل اكثر من معارضة القيم الأبدية بواقع غير متمايز فى نقد تأملى.



#سعيد_العليمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار ...
- الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار ...
- الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار ...
- الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار ...
- الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار ...
- الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار ...
- الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار ...
- الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار ...
- سلطة الشعب أو - ثورة إدسا - بين التوظيف الليبرالى ومرض الشيخ ...
- الواقع السياسى بين النص القانونى والصراع الطبقى
- السياسة والمضمون الطبقى
- أزمة الثورة ومأزقها
- حزب العمال الشيوعى المصرى - إنتفاضة يناير ( كانون الثانى ) 1 ...
- الماركسية والتفكيكية : الغرب ضد الآخر - بعض الأفكار حول كتاب ...
- من كتابات حزب العمال الشيوعى المصرى - ممهدات وحدود حرب اكتوب ...
- من كتابات حزب العمال الشيوعى المصرى -- ممهدات وحدود حرب أكتو ...
- من كتابات حزب العمال الشيوعى المصرى 1972 -- 1973 - القسم الث ...
- من كتابات حزب العمال الشيوعى المصرى 1971 -- 1973 القسم الأول
- الوثائق التاريخية الأساسية لحزب العمال الشيوعى المصرى - القس ...
- الوثائق التاريخية الأساسية لحزب العمال الشيوعى المصرى -- الق ...


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد العليمى - الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلارك - مراجعة ابراهيم فتحى - الفصل التاسع