جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4079 - 2013 / 5 / 1 - 01:58
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
عندما ينظّم العالم نفسه من جديد بعد حروب عالمية او غير عالمية تظهر احيانا مصطلحات و اسماء سياسية جديدة خطيرة ذات عواقب وخيمة. عندما تحتل قومية اراضي الغير و تسرق هوية الاقوام الاصلية و فوق ذلك تملك الوقاحة بالغاء اسمهائها من الوجود نجد نفسنا امام واقع خطير جديد. لذا فان اسماء مناطق و دول مثل (تركيا) و (العالم العربي) هي موضوع هذا المقال. لا اريد ان اتطرق هنا الى هذا لاجحاف و الظلم بحق القوميات الاصلية بقدر دراسة عواقبها اللغوية الوخيمة للقوميات التي تختفي تحت عباءة القومية المستعمرة:
اولا العلاقة الوثيقة بين اللغة و التفكير البشري: تصيغ و تغير اللغة التفكير بشكل جذري و عندما تختفي هويات في مصطلح لغة معينة تتغير النظرة اليها و تهمشمها و تخلق واقع جديد بتسليط الاضواء على الاسم الطاغي و هذا يعني ان القوميات الاصلية اما تختفي او تتحول الى اقليات هامشية لا تستحق الذكر بمرور الزمن.
ثانيا و لان اللغة تحفظ في الذاكرة فان القوميات الاصلية تختفي بالتدريج من الذاكرة و تدخل طي النسيان. يركز القرآن في آيات كثيرة على الذكرى و الذكر لترسيخ حقائق جديدة في ذاكرة الناس و القضاء على الافكار المعارضة. الذاكرة وسيلة قوية لمحو الاخر من الوجود فهي التي حولت الحيوان الى الانسان بالتدريج.
ثالثا تزداد خطورة هذه التسميات عندما لا تحس الناس بخطورة الموقف و تتكيف و تتعود عليها اي ان الاسماء تغير العادات و التقاليد بشكل خفي و تبيع الواقع الجديد بشكل غير مباشر و تخلق هويات سخيفة من كلمات لا تتجانس مع البعض اطلاقا اذا قلت (كردي تركي) للاشارة الى هوية الكردي من كردستان الشمالية.
رابعا عندما تتعود الناس على التسميات الجديدة تنسى بان هناك امكانية استحداث تسميات و مصطلحات عادلة جديدة اذا كانت اللغة لا تملك مصطلحات بديلة فمثلا يمكن استحداث اسم جديد او تنشيط اسم قديم بمعاني جديدة على غرار كلمة (السيارة) التي وردت في القرآن و كانت تعني قافلة اي يمكن ان نستبدل مصطلح (العالم العربي) بـ (عالم قوميات المشرق) او غيرها من المصطلحات اذا كانت مصطلحات مثل العالم الشرقي او الشرق الاوسط غير دقيقة.
تغيرت تسمية اللغات الارية الى (الهندو الاوربية) بسبب سوء استعمال التسمية الارية من قبل النازية الالمانية و ثم تغيرت الى Germanic Indo - بسبب وجود لغات مثل الفنلندية في اوربا لا تعود للعائلة اللغوية رغم ان هذه التسميات لا تزال غير دقيقة. نجد يوميا صياغات علمية جديدة فلماذا لا نفكر في استبدال تسميات جائرة باخرى اكثر انسانية لا تلغي هوية الغير و لا تنفي وجود العدد الكبير من القوميات غير العربية داخل هذا العالم؟ ما الذي يمنعنا؟
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟