أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم ازروال - جماليات في عالم بلا خرائط : هوامش على -شارع الأميرات-















المزيد.....

جماليات في عالم بلا خرائط : هوامش على -شارع الأميرات-


ابراهيم ازروال

الحوار المتمدن-العدد: 4073 - 2013 / 4 / 25 - 09:13
المحور: الادب والفن
    


جماليات في عالم بلا خرائط :
هوامش على "شارع الأميرات"


1-مأساة تمثال .
ككل المبدعين ،لم تكن مسيرة جبرا إبراهيم جبرا الحياتية والفنية ، هينة يسيرة ؛فهي مسيرة ممهورة بالكد وبالمشاق وبالتحولات وبالطفرات والمآسي.تنبثق المأساة ،من علو همة الفرد على ركود نسقه الاجتماعي ،وقهر النسق التاريخي لإرادة الشخص ،ومن ميل التعبير الجمالي إلى" القبض "،بلا جدوى ، على المأساوي المنبثق عن هذه الفيوضات التراجيدية المتدفقة كالشلالات.
(وكيف تكون الطريق إلى اكتساب هذه التجربة وتلك الخبرة ،وقد بدأ انطلاقي إلى رحاب العالم الواسعة ،إذا لم أكن مهيئا للدخول في المفارقات والتناقضات ، بل وما هو ربما أسوأ من ذلك بكثير ؟ )
(-جبرا إبراهيم جبرا-شارع الأميرات – فصول من سيرة ذاتية –دار الآداب –بيروت – لبنان – الطبعة الأولى -2007-ص.35).
ثمة اتفاق جماعي، الآن ،على الحد من عنفوان المعرفة الاستكشافية،وزخم المساءلة المريرة لقيام المنجزات التاريخية الكبرى على السخرة ،أي على العنف الحدي ،المذوب للإنسان في مصهر الأشواق الجماعية.المعرفة إذن،احتراق ومراودة شاقة للمخاطر، ومصاقبة حادة للمهاوي ،وملامسة جارحة للعدم .لا يحضر البناءون الكبار، بعجائبهم ومنجزاتهم الاستثنائية فقط ، بل بخضوعهم التراجيدي ،لقوة الهدم الساكنة في أعماق التاريخ القديم و الحديث على السواء.
ألم يبق من تمثال فرديناند دي لسبس ،المحرك لأشواق وأشجان جبرا إبراهيم جبرا ذات يوم ،إلا قاعدة جرداء بعد تفجيره ، في لحظة تضييع الحدود بين معنى التاريخ الكبير ومعنى السياسة الصغيرة، وعدم التفرقة بين المنجز الحضاري التأسيسي والحروب الجيو-ستراتيجية والتموقعات السياسية الظرفية ؟

2-حب في بؤرة القلق .
وككل الرومانسيين السالكين في درب الفجائع والأوجاع الكبرى،فإنه لا يغتر بالسكينة الظاهرة ولا بالمسرات ؛فخلف كل مسرة ظاهرة ، فاجعة مهيأة للانوجاد وللفيض على القديرين والمتمكنين كينونة وصيرورة .
لا يمكن الاطمئنان ، إلى عالم متناثر القوى ،مشحون بيقينيات هلامية،لا تزيدها صلادة الواقع ،إلا هشاشة.وحين تطمئن الهشاشة إلى مصيرها ،فإنها تصير المعبر الأنجع ، للمحرقة.إلا أن المحارق لا تأتي من جهة "قلق الحضارة" فقط ،بل ، كذلك ،من جهة "قلق الثقافة "ومن جهة " قلق الشخص ".وتكمن ميزة الحرب الكونية ،في كونها تضع قلق الحضارة الحديثة ، في بؤرة الاصطراع مع قلق الثقافات الكبرى والصغرى ، وقلق النخب. وكما في كل سيرورة انتقالية ،فإن العاطفة "بيداغوجية " ،تفيد الذات في تلمس رهافتها على سلم العواطف العليا ،فقط .فالقلق المركب ،ورومانسية الحب ، لا يلتقيان إلا عرضا ؛لأن سورة القلق أكبر ، ومقتضيات الحب ،في زمان لم ينجز كل وعوده التقنية ،لا تؤدى بيسر ،خصوصا من قبل أشخاص ، شغوفين بالآبار الأولى .
(وما حدث في بقية ذلك النهار والليلة التي أعقبته ، لا يمكن أن يروى بسهولة .فقد كان كالحلم : بعضه رعب ، ومعظمه لذة ، وكله أشبه بالمستحيل .)
(-جبرا إبراهيم جبرا-شارع الأميرات –ص.52)
وحين يجتمع الرعب واللذة والمستحيل ، ويضفي الحلم هالته الكابية على كلية المشهد ،فإن المأخوذ بالروعة واللوعة ،ينصرف من اللذة إلى ما بعدها ، من الرعب إلى ما يتخطاه ، من المستحيل إلى العدم .تقود غرابة الأمشاج ،إذن، إلى توقع ، الفواجع والحرائق ،ونزيف إنسانية ،متحيرة بين وعود الطوبى وحصادها، بين يقين يعلن عودة الإنسان وواقع لا يحفل إلا بتفكيك كينونته وطمس تطلعه إلى تجل أعلى لإنسانية أرقى .
(ولكن من يدري متى تتحول الأحداث بنزوة من "ربة الدهر " ودورة من دولابها إلى مأساة ، والفاجعة في الحقيقة ، كما في الشعر ، تتربص بنا في المنعطف من كل طريق نندفع إليه ونحن لا ندري ؟ )
(-جبرا إبراهيم جبرا-شارع الأميرات –-ص.52).
يتماهى جبرا إبراهيم جبرا ، بهاملت ،ذلك الرائي الكبير؛ولئن اكتفى هاملت بالتأملات الفلسفية في الشرط الإنساني وفي المأساة الإنسانية (محاورة جمجمة المهرج مثلا) ،فإن جبرا إبراهيم جبرا،سيجابه الفاجعة،القادمة ،بالفعل ، الأنيق ، المنجز ،على لوحة أو على ورقة بيضاء ، بياض الزمان الأول !

3- التماع الحب والرعب .
ككل الهائمين في سديم المعرفة وضباب الأحزان ،فإن جبرا إبراهيم جبرا،يجمع بين تشوق فاوست الحارق إلى المزيد من المعرفة و مرارة تأملات وأشجان هاملت.لابد من تخطي جدار الألم العالي مهما كانت التكلفة عالية .والحب المحير ،المترحل ،أول أبواب الغربة الماتعة؛الحب المحير موئل اختلاجات ، وموقظ دفائن ومكبوتات وصرخات لا تأتي في رحاب الأحلام والكوابيس فقط بل تتمرأى جهارا وتتجلى نهارا ؛فبتوطين الحب وإسكانه جسدا وروحا معينين ، تهدأ النفس ،وتبحث الفنتزة عن مادة ثرة خارج مدار الفرد أي في تاريخ الوطن و في تاريخ عالم يموج بكل النقائض .
فلئن كان الحب أول الألم ،فإنه سيصير متى صقلت مرآة النفس ، أول الهناءات .
أما المأساة ،فلا يكف دبيبها عن التدفق ،طالما أن في الرغائب ما يكفي لتغذية آلتها لقرن أو يزيد .
( كان ثمة شيء غير حقيقي ، ولكنه اشد التصاقا بي من كل واقع يومي ، كأنما هناك قصيدة غريبة جدا ، بل موغلة في الغرابة هذه المرة ، أكتبها وأنا أعيشها ، ولا يهمني إلى أين ستنتهي بي .وبعضها يوقعني في مآزق ، قد تقلقني قليلا ، ولكنها دائما تثيرني جسديا وروحيا ، وتمزج لي المأساة بالعبث كل يوم ، وتحيل كل شيء في النهاية إلى فنتزة هائلة يشط بها خيالي إلى حيث لا أعلم .)
(-جبرا إبراهيم جبرا-شارع الأميرات ص.150).
إن درب الحب في شرق المتوسط ،محفوفة بالآلام ؛لم يصر الحب ،بعد ، شرطا من شروط التجوهر ، في الثقافية السائدة .كما أن الامتلاء الجمالي ، بالآخر ،محاط بكثير من المحاذير الثقافية والاجتماعية .إن إنسان شرق المتوسط ،ليس بعيدا فقط عن حريته الوجودية ، بل هو منعزل عن جسديته وعن تحابه .
ما معنى إنسان ،يقوده انئساره إلى جدار ، وعزلته الوجدانية إلى جدار آخر !
ألا تضيع ماهية الإنسان في زحمة الجدران!
(قالت(سلمى) خلال عودتي معها نحو المدينة : "حياتنا هنا لا حب فيها .جافة كالرماد .لكنني أحبك و أشعر بالرعب . سواء أحببتني أم لا ، أحبك . إلا أنني أشعر بالرعب .")
(جبرا إبراهيم جبرا –صيادون في شارع ضيق –ترجمة : محمد عصفور –دار الآداب –الطبعة الأولى -1974-ص.127).
في عالم بلا خرائط ،تغيب الحواجز بين الحب والرعب ،ويخشى،إلى حد الفرق، آنا من حب الرعب وآنا آخر من رعب الحب! .

4-الفيضان والمحرقة .

وككل المفتونين بالإقامة الجمالية في العالم ،فإنه يتساءل ،بحكمة رواقية ، عن ترياق الموت ،عن بدائل الفناء ، وعن قدرة التخييل على بناء الدلالات والاستعارات الخالدة.
( ولكن الموت ، على كل ، كان سيقاوم بهذا الحب للحياة ، وبهذه الكثافة في التفكير ، وهذه الحرارة في المشاعر .)
(-جبرا إبراهيم جبرا-شارع الأميرات -ص.43).
فهما اشتد العصف التقني ،وحوصر الإنسان بين حياة ملغومة وموت شره ،فإن الحب الهيدوني ،للحياة ،أفضل جواب ، يقدمه شاب ،باحث عن الجماليات في عصر لا يحسن إلا نشيد العنف التقني .
ولئن تمكن الكائن من النهل من " الشهوة العجيبة للحياة" في زمان العنف التقني ،فإنه سيفتقد تلك الشهوة العارمة وسيجابه ،بكثير من الحيرة والاضطراب الشعوري ،عصف العنف الرملي .إن العنف الآتي من تقانة مدارة بسياسة دون مستوى التاريخ ،أقرب إلى التمثل ، من عنف منبثق ، من شعاب تاريخ يهوى التكرار والقرار في مهوى القطرة : قطرة الدم .
فمهما كانت قسوة العنف التقاني ،فإنه لا يمنع من اغناء الحاسة وتمرين الوجدان وتغذية الشعور والالتحام بأغنى وأعمق ما في الحياة من مسرات وتجارب.أما عنف الصحراء،فهو يتوق إلى تحويل الكثافة الحياتية إلى لطافة أثيرية،متأبية على التحقق.لا يقابل قساوة العصر التقني ،إلا ترهل العصر الرملي .لقد شاهد جبرا إبراهيم جبرا ،تلك القساوة لما كان طالبا بانكلترا ، وشهد على ذلك الترهل الملحمي ،حين اقتلعت أعمدة الحكمة من التدبير وصارت السياسية جراحا تنزف على حافة تاريخ شبه ميت .

5- خفقة اليد الفرحة .
وككل الحالمين بالسلم الدائم ،فإنه ينتشي بالتأمل في الحلم الجمالي وفي حكمة الحالمين بالجماليات الكبرى .
(أعمال جورج براك أنتشي بها ، ولما رأيته يوما يتمشى قرب لوحاته ،تعجبت لرؤية مهابته وبساطته معا .هكذا يكون مغيرو العصر للمزيد من الحب والفرح ، في عصر يتآكله الخوف من القنبلة الذرية القادمة ...)
(-جبرا إبراهيم جبرا-شارع الأميرات –ص.168).
فلا منقذ من هباء الزمن الذري ، إلا الكثير من "الحب والفرح".ولئن أفلح ، العصر الكوكبي ، في تطويق الأبوكاليبسا الذرية ،فإنه لم يفلح بعد في تطويق انبعاثات العصر الرملي والحلم بأمجاد الفروسية ،في العصر ما بعد الصناعي.ففيما تتخوف الحداثة من أعاصير التقانة وتطل بهلع على أهوال الذرة ،فإن الزمان الجنوبي ، المتوقف على عتبات الصحراء منذ قرون ، سيعيد ، بعبقرية أسطورية ، أعالي الذرة التقنية إلى أسافل الذرة الرملية الصحراوية.
ليست الحداثة والحالة هذه ،إلا تهذيبا جماليا،لعالم تراثي ،افتقد جمالياته التعبيرية،وكثافته الأنطولوجية،وارتكن ،هائنا ، إلى سماكة الإرادة المحرومة أصلا من الفعل .ليست كل إرادة ،دليلا على معنى في ارتقاء ، أو على تاريخ يزيح ، ببراعة ، العتبات ،المانعة من دقة الرؤية ، وبهاء الرؤيا.فكل إرادة لا تحركها كثافة جمالية ، أو تعبير مكثف ، بنحو أو آخر ، هي إرادة عابثة.
وفيما يصنع المغامرون ضد العصر الذري ،الجماليات العليا،ويعيدون الإنسان ،إلى بؤرة الاشتعال الأنطولوجي ،فإن العصر الرملي ،سيعتبر كل إنشاء جمالي ، مغامرة جمالية ،لإنسان يسكنه الموت.(....)
ألا يبدأ العصر الرملي ،بإضاعة معنى ، رسم الكينونة على الصخر أو على الرخام أو على الجسد الحي ،وتخليد لا مهارة اليد فقط بل مهارة القلب إذ يهوى والعقل إذ ينشد الروابط والعلائق بين الأشياء والجسد إذ يحتفل بطينيته .!
( ولكن من لا يشعر بالدهشة الكاملة حين يرى لأول مرة ثورا مجنحا يبلغ حجمه عشرة أضعاف الحيوان العادي ؟ إما أن ينحني له ويعبده و إما أن يعمل مطرقة الانتقام فيه ليحرقه ويتخلص منه")
(جبرا إبراهيم جبرا –صيادون في شارع ضيق –ص.134).
لقد حاول جبرا إبراهيم جبرا ،ردم الهوة بين الجماليات القديمة ،والجماليات الحداثية ،بين قسوة الثيران المجنحة وفتنة الملكة شبعاد وفرح تكعيبيات جورج براك و وحشيات هنري ماتيس وشموس بول سيزان .فالفن منجز مجنح محلق ، دوما ، في الأعالي ،ومن السهل على الحيوات الصغيرة أن تحول التماثيل إلى كلس ،في لحظات تناثر الصيرورة وقلة احتفال الإنسان بالاكتمال.
ولئن ضاع بعض رسائل جبرا العاطفية إثر فيضان بالقدس ،فإن تراثه الفني ، سيضيع ، إثر تفجير دارته بسيارة مفخخة ،في سياق المواجهات المحتدمة،بعد انتهاء الفاصل البعثي بأوروك /العراق.
( وكان ذلك كله يمدني بالمزيد من التوق ، بالمزيد من العنفوان ، بمزيد من الرغبة في تأكيد روعة تجربة العين ، وتجربة الأحاسيس التي يتضافر فيها الجسد مع العقل .)
(-جبرا إبراهيم جبرا-شارع الأميرات –-ص.169).
فإذا استوعبت سومر و أشور وبابل ،روعة تجربة العين ،وكشفت زينة الملكة بشعباد عن افتتان مذهل براعة الصياغة الفنية ،فإن العنف المستعاد والمشتعل لألف سبب فكراني أو نفساني ،كثيرا ما يقصف الإنسان ويمنع كل اتصال بفتنة الجسد والعقل و يجفف ينابيع المتعة في العين والمخيلة معا .
لم يعد إنسان العنف المركب ،يكتفي بتفتيت التماثيل ، بل صار يفجر الجسد إلى ألف قطعة وقطعة ، و يحول الجمجمة الصخرية إلى ذرات في عصر ما بعد الذروة : عصر الما قبل بامتياز !

6-أقنعة الفنان السبعة .

ككل الفنانين المولعين بالتخييل وبالاستعارات الموحية ،فإنه يبحث عن الأقنعة التخييلية ، القادرة على إثارة المخيلة وعلى إجلاء الأوجه المختلفة والمتناقضة للحقيقة الواحدة.كل قناع يصنع ، سينزع أثناء لحظة التوحد الخاصة المسماة بالقراءة ، وكل استعارة ،ستعرى ، في معرض المراودة الفاتنة والآسرة للنص ومدلولاته المتكاثرة دوما .
إنهم بحاجة إلى أقنعة الفنان داخليا ، حيث يمثلون أدوارا لا تنتهي ، ويخشون أن يراها أحد على وجوههم .أما قناع اللحظة الآنية ، الخارجية ، فما أسهل ما يرتدونه وينزعونه ، غير أن الأقنعة الداخلية ، أقنعة الخيال ، هي التي هم في بحث دائم عنها ، ويشترونها أينما وجدوها ، والمبدعون هم مراجعهم ، ومنقذوهم .)
(-جبرا إبراهيم جبرا-شارع الأميرات –-ص.172).
وبما أن الفنان ،صانع أقنعة ،فإنه يضع أقنعته البهية رهن إشارة ،من لم يتجوهر حسهم الفني ولم تنمو طاقتهم الجمالية.
وبصفته ،مستكملا للتجوهر ومتمرنا على الحس المأساوي ،فإن الفنان ، هو الأقدر ، على مد الأغيار ، بأقنعة المسرات والأحزان ، لمواجهة عواصف الوجود.
وباعتباره ،مالكا للواقع والحلم ، وقادرا على التنقل وخلق المساحات الملغزة ، بين المنجز التشكيلي أو السردي والتجربة الوجودية ،فإنه سيضحي ، الأبرع ، في تزويد الآخرين ، بالأقنعة المعبرة والدائمة : أقنعة الخيال الخلاق.
(فالفنان ما أكثر الأقنعة لديه،لأنه حتم عليه أن يحيا أكثر من حياة ،وأن يحيا أكثر من حياة ،وان يحيا أكثر من الآخرين .وكل عمل فني يبدعه إنما هو قناع آخر عاش به إحدى تلك الحيوات ، ويقدمه للآخرين لكي يرتدوه في ساعات الزخم من تجاربهم .)
(-جبرا إبراهيم جبرا-شارع الأميرات –-ص.172).
ككل العارفين بالتباس الحقيقة الجمالية ،وبدور الاستعارات والأقنعة في البناء الجمالي ،فإنه عد الفنان خالقا للأقنعة التخييلية ،وللوجوه التخييلية الباعثة ،لا على المتعة الجمالية دائما ، بل على الفرق والرعب الجماليين.فلا خير في تجربة جمالية ، لا تستوطن القيعان ، ولا تنبثق ذات لحظات برقية ،من السديم الداخلي للفنان ، للكشف ، الملتبس عن الخبيئة ، وعن الاختيار الأعمق والأسمى.فحين تكثر الاختيارات الجمالية ، وتضحي النفس ،حائرة بين أربعة وجوه ، يصير التعبير الحلمي ،"النص" النفسي الباطني ، المرشد إلى الوجه المقصود.
يعبر التعويل على الحلم في الكشف عن الدلالات والرغبات الخبيئة ،عن تعقيد وتكاملية وشمولية التجربة الحياتية وعمق التعبير الجمالي والحقيقية الجمالية ،لدى جبرا إبراهيم جبرا.ليس الحلم حفل فنتازيا رابطة بين ما لا يتواصل أو لا يتواشج في التجارب الحياتية أو في النواميس والقوانين الطبيعية ، بل هو أداة استكشافية لمعنى التعبير الجمالي ،وفسحة جمالية ،لاستكناه الغائر من الرغائب والمنسي من المطالب.

7-توثبات الكينونة.
ككل الحالمين بالتقاء الجسد بالعقل، المشخص بالمجرد،حرص جبرا إبراهيم جبرا ، على تعميق التجربة الجمالية وإمدادها بالنسغ الحيوي الضروري لإزهارها ونمائها.لا تغتني،تجارب العصر،إلا بالتقاء الجسد الهيدوني ،بالعقل المتوثب الموسوعي ،لإنسان يتجوهر إذ يتموسع ويتموسع إذ يتجوهر .




ابراهيم ازروال
اكادير –المغرب



#ابراهيم_ازروال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسخرة بوجلود : نحو تاريخية للكرنفال الأمازيغي
- حتى لا ننسج جوارب-للعقول-!
- أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 4
- أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 3
- أصول المراقبة في الفضاء الثقافي الإسلامي 2
- أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 1
- في نقد فصام الفكرية الإصلاحية -نموذج نضال الصالح 4
- في نقد فصام الفكرية الإصلاحية -نموذج نضال الصالح 3
- في نقد فصام الفكرية الإصلاحية -نموذج نضال الصالح 2
- في نقد فصام الفكرية الإصلاحية -نموذج نضال الصالح 1
- نقد التصوف في كتاب - وصف إفريقيا - للحسن الوزان 2
- نقد التصوف في كتاب - وصف إفريقيا - للحسن الوزان 1
- القوس والفراشة : سياحة في خرائب حداثة المجاورة 2
- القوس والفراشة : سياحة في خرائب حداثة المجاورة 1
- العلمانية الرخوة واستقالة العقل النقدي 2
- العلمانية الرخوة واستقالة العقل النقدي 1
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 6
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 5
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 4
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 3


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم ازروال - جماليات في عالم بلا خرائط : هوامش على -شارع الأميرات-