أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم مطر - نصيحة جادة صادقة لكل عراقي يبتغي ان يصبح سياسيا ناجحا















المزيد.....

نصيحة جادة صادقة لكل عراقي يبتغي ان يصبح سياسيا ناجحا


سليم مطر

الحوار المتمدن-العدد: 1168 - 2005 / 4 / 15 - 08:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يذكر في التاريخ المصري، ان حكومة (سعد زغلول) في عشرينات القرن الماضي، بعد ان صعب عليها عقد اجتماعها الاول في مقرها الرسمي، اختارت ان تعقد اجتماعها في بيت المغنية المصرية الشهيرة (منيرة المهدية)..!!
نورد هذه الحالة المصرية، لكي لا نعطي مثلا عن مجتمعات اوربا او كوكب المريخ، بل عن مجتمع (عربي مسلم عالمثالثي) لا يختلف كثيرا عن المجتمع العراقي. يكفينا تذكر ان (ام كلثوم) كانت قادرة على تغيير الحكومات وتعيين الوزراء، بل التأثير حتى على جامع الزهر نفسه!!
هل يمكن لعراقي ان يتخيل او يصدق ان حكومته يمكنها ان تتجرأ ذات يوم وتعقد اجتماعها في بيت مثقف عراقي، ناهيك عن فنانة مغنية؟! هذا طبعا من سابع المستحيلات، لأن المسافة بين السياسي العراقي(ومعه الزعيم الديني)، وخصوصا ابن الحكومة، ازاء المثقف العراقي، تتجاوز الاميال الضوئية. ولن يتجرأ أي مثقف عراقي، حتى لو كان من فصيلة المتنبي او اينشتاين، ان يتقرب من (معالي السياسي) إلا بعد ان يقسم بكل الايمان ويقدم كل الادلة التي تثبت انه من المناصرين الاشداء لعقيدة السياسي؟! يعني ان العلاقة الوحيدة الممكنة بين السياسي والمثقف في العراق، هي علاقة التبعية، وليس علاقة المساوات والتعاون الندي؟! وهذه هي الطامة الازلية الكبرى، ومشكلة المشاكل التي عانى ويعاني منها العراق منذ قرن وحتى الآن.
لو طرحت السؤال التالي على جميع المثقفين العراقين، في الخارج وفي الداخل:
ـ هل تلقيت يوما كلمة او رسالة او اتصال، من سياسي عراقي، يهنيك على نتاجك الذي كان لوحة او اغنية اوكتاب او مقالة او قصة..؟
الجواب بكل يقين: لا ثم لا ثم لا..!!
حتى لو ابدع المثقف العراقي ما لم يبدعه مبدع، لا من قبل ولا من بعد.. حتى لو صنع اعجب المعجزات، فأنه لا يتلقى من السياسي العراقي( والزعيم الديني)، إلا التجاهل والصمت المطبق، وكأنه غير موجود على الارض؟!
لكن يكفي لذالك المثقف ان يكتب مقالة عرجاء عجفاء كسحاء، فيها مديح وتذلل مباشر وواضح وسريع لذلك السياسي والزعيم الديني، او لحزبه او مؤسسته، فأنه من المحتمل حينذاك ان يمن عليه حضرة السياسي المبجل ببعض الاحسان ويبعث له بكلمة قدسية عبر سكرتيره الخاص؟!
اما اذا كان هذا المثقف قد كتب او لفظ بما يخالف رأي السياسي، فأنه حينها قد اصبح من المغضوب عليهم واستحق كل اللعنات وتهم العمالة والتطرف، وتبدأ ابواق السياسي وكلابه الثقافية الهائجه بالنباح الوحشي وشن اعتى الحملات الاعلامية التجريحية والمهينة للكرامة، ضد ذالك المثقف المارق، حتى لو كان في كل كلمة من كلماته لا يدعو إلا الى السلام والمحبة والتضامن..
هكذا قررت نخبنا السياسية والدينية المبجلة: يجب على المثقف، مهما كان مبدعا ووطنيا واصيلا، فأنه من الجريمة ان يبقى حرا مستقلا خارج القطيع، وإلا نهشته ضباع الاحزاب المختلفة معه!! اما ان تسكت عما يجري في وطنك، او انك تلتحق بالقطيع وتصفق مع المصفقين..
انا شخصيا، كم من الكلاب الثقافية الهوجاء التي نبحت ضدي واشاعت عني التهم الجارحة، بدفع من تلك الاحزاب العنصرية والمتعصبة من مستكردين ومسخ شيوعيين.. هل تفضل احد السياسيين المدعين بالوطن والدين والاخلاق من اللذين يتفقون تماما مع طروحاتنا، ان يستخدم نفوذه بالدفاع عنا والتأثير على تلك الجهات العنصرية المحرضة. ما دام حضرة السياسي محمي وسط حزبه ودولته، ليذهب المثقف الوطني الشريف الى الف جهنم، ولتنهش سمعته ضباع السياسة وتجار الضمير..
لكني، والحمد لله، انا من المعتقدين بالحكمة القائلة: ((اشعل الشموع، افضل من ان تصرخ لاعنا الظلمات..)).. لهذا فأني عندما اسمع صراخ ديناصورات الآيدلوجيات المهترئة، وشتائمهم المبتذلة ضدي، اعرف جيدا بأن انوار شموعي قد بلغتهم وخلبت ابصارهم، وهاهم يصرخون الما وانبهارا.. فاتفهم معاناتهم واحس بالعطف عليهم، واعرف انهم في اول درب الصحو والتحرر من ظلامية كهوفهم..
هذه هي باختصار مكثف، الصورة الحقيقية الواقعية لعلاقة السياسي بالمثقف في بلادنا البائسة التعسة المنهوكة.. لماذ؟!
خصلة السياسي الناجح
في كل مكان وزمان، حتى في القرى والمجتمعات البدائية، ثمة خصلة اساسية وحاسمة يجب ان يتحلى بها (السياسي) او ( الزعيم الديني) او (عمدة العشيرة):
ـ روح الابوة..... نعم روح الابوة...
كما نعرف ان من اولى خصال الام والاب انهم لا يغارون من ابنائهم. لأن كل نجاحات الابن تعود بالخير والمجد الى الوالدين..لهذا فأن (السياسي) الحقيقي والناجح، يجب ان يمتلك هذه الروح الابوية إزاء متعلمي ومبدعي مجتمعه، ويتعامل معهم بكل كرم وتشجيع، لأنه يدرك جيدا، بأن كل ما يحققه هؤلاء لا بد ان يعود بالخير على المجتمع بأكمله، أي بالنتيجة، عليه هو شخصيا باعتباره احد قادة المجتمع..
ثم ان روح الابوة والثقة الكافية بالنفس، تمنح السياسي ما يكفي من الاباء والشيمة لكي يعترف مع نفسه، بأنه لا يستطيع ان يكون زعيما في كل المجالات، بل ان مجاله الخاص به والمتمرس عليه، هو (السياسة)، أي (فن قيادة المجتمع والدولة).. وهذا يعني ان السياسي ليس مطلوبا منه ان يكون ايضا متمرسا ومبدعا في مجال (الثقافة) أي (القدرة على معرفة خبايا الحياة والواقع والابداع بهما فنيا وادبيا وفكريا وعلميا). أن السياسي الناجح، يدرك جيدا انه من دون المثقف، لن يستطيع ابدا معرفة خبايا مجتمعه ودولته وواقعه، ولن يستطيع ابدا ابتداع العقيدة والبرنامج المناسبين لكفاحه من اجل بلوغ اهدافه. لهذا فأن فترات الازدهار الحضاري التي مرت فيها كل المجتمعات، كان التعاون فيها واضحا بين المثقف ورجل الدولة. ما الحقبة العربية الاسلامية، وبالذات في بغداد العباسية، الا مثال ساطع على ذلك، حيث بلغ دور المثقف منزلة مساوية او مكملة لدور السياسي ورجل الدولة. ولنا ايضا بالوضع السائد في البلدان الغربية نموذجا مهما وواضحا.
عقدة السياسي العراقي
من سوء حظ العراق، ولاسباب تاريخية عديدة، ومنذ بداية النهضة قبل قرن، افتقد السياسي العراقي لهذه الخصلة الابوية. لاسباب تاريخية، لم ينتج مجتمعنا غير ذلك السياسي(الصبياني) النرجسي الدعي الحسود الذي يغار حتى من صورته في المرآة. طبعا القصور لا يكمن في السياسي وحده، بل ان الذي ساعده على ديمومة نفسيته الصبيانية هذه، هو الخنوع والتذلل الذي لا قاه من غالبية المثقفين العراقيين. اما الاقلية من المثقفين ذوي الروح الاستقلالية النقدية، فأنهم اما ان يبعدوا ويحرموا من الحقوق الوطنية والانسانية، او يتم ارغامهم على السكوت او الخنوع بواسطة التهديد والترغيب. وقد مارست ولا زالت تمارسة هذه السياسة الاذلالية إزاء الثقافة والمثقف، جميع الاحزاب العراقية، يسارية وقومية وليبرالية ودينية، ومعها جميع الحكومات المتعاقبة.
بل تبلغ الصبيانية وعقدة النقص لدى السياسي، انه بقدرما يتأثر بمثقف معين ويستفيد من طروحاته، يتقصد تجاهله واحتقاره، لكي لا يكشف للآخرين بأنه متأثر بطروحات ذلك المثقف!!!!!!!
والغريب العجيب، انه حتى المثقف نفسه، مهما كان ضليعا ومبدعا، فأنه ما ان يستلم منصبا حزبيا او اداريا، تراه سرعان ما يتماهى في دور سيده السياسي، فيتلبسه عفريت الطفل الذي يكتشف لاول مرة حالة انتعاضه، فيستحيل الى منافس نسواني حسود غيور لكل مثقف مبدع ومتميز، ويفوق السياسي، في ممارسة عملية التدجين ضد المثقفين.
لم يدرك السياسي العراقي حتى الآن، انه باذلاله المثقف وتحجيم دوره، هو في الحقيقة يذل نفسه وحزبه وطائفته ودولته ومجتمعه، لأنه بافتقاد المثقف الحر الاصيل يفتقد اهم شروط نجاح اية مشروع سياسي: النخبة المثقفة الحقيقية المتمرسة التي تخلقه وتطوره وتنشره وتدافع عنه.. بسبب نرجسية السياسي وتذلل المثقف، لم نستطع ابدا منذ قرن وحتى الآن ان نخلق، لا ثقافة عراقية وطنية اصيلة، ولا مشروع سياسي عراقي ناجح. جميع تياراتنا الثقافية والسياسية مجلوبة من خارج الوطن، سواء منها العروبية او الماركسية او الليبرالية او الاسلامية..!!
اخيرا، نقول ونؤكد القول، لكل سياسي عراقي يمتلك النيات الحقيقية للاسهام بتخليص الوطن من ازمته الازلية:
ـ تجنب كل روح صبيانية نرجسية.. كن رجلا حقيقيا واثقا من نفسك واحمل في اعماقك روحا ابوية سمحاء، وتعامل مع مثقفي ومبدعي بلادك باحترام وصداقة وتضامن.. وسوف ترى، وانا اعاهدك على ذلك، انك تمتلك كل الحظوظ ان تدخل التاريخ كأول زعيم سياسي عراقي معاصر يسجل عنه: (( انه كان رجلا بكل معنى الكلمة..))!!



#سليم_مطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محبة الوطن، تعني الارتباط بواقعه واحترام خصوصياته
- موقع مجلة ميزوبوتاميا: خمسة آلاف عام من الانوثة العراقية..
- من يريد طرد مسيحي العراق والشرق الاوسط؟
- هلموا قدموا عروضكم ايها العراقيون..مطلوب قادة للعراق
- نداء ضد الارهاب والمقاومة المسلحة ومن اجل الكفاح الشعبي السل ...
- .. خمسة آلاف عام من الانوثة العراقية: دعوة للمشاركة بالعدد ا ...
- نداء الى القيادات والنخب الكردية العراقية: نخلصوا من اسطورة ...
- الحل الوحيد لخلاص العراقيين: المصالحة ثم المصالحة ثم المصالح ...
- سلام وتهاني
- مقالات في الهوية
- من اجل مفاهيم حياتية جديدة: علاقة البدن بالعقل كعلاقة الشعب ...
- شمال العراق وسياسة التصفية العرقية الكردية
- عن الشاعر ادونيس والحجاب: حنابلة الحداثة واكذوبة المجتمع الع ...
- حملات التطهير العرقي الكردية ونذر الحرب الاهلية في العراق..
- بالفكر الوسطي الجديد نبني وطننا الجديد
- ايها العراقيون: الى متى هذا الصمت عن حماقات البرزاني ـ الطلب ...
- الموقف المطلوب إزاء الاحتلال الامريكي لبلادنا: خير الامور او ...
- جروح الامة العراقية


المزيد.....




- مسؤول: أوكرانيا تشن هجمات ليلية بطائرات دون طيار على مصفاة ن ...
- -منزل المجيء الثاني للمسيح- ألوانه زاهية ومشرقة بحسب -النبي ...
- عارضة الأزياء جيزيل بوندشين تنهار بالبكاء أثناء توقيف ضابط ش ...
- بلدة يابانية تضع حاجزا أمام السياح الراغبين بالتقاط السيلفي ...
- ما هو صوت -الزنّانة- الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بال ...
- شاهد: فيديو يُظهر توجيه طائرات هجومية روسية بمساعدة مراقبين ...
- بلومبرغ: المملكة العربية السعودية تستعد لعقد اجتماع لمناقشة ...
- اللجنة الأولمبية تؤكد مشاركة رياضيين فلسطينيين في الأولمبياد ...
- إيران تنوي الإفراج عن طاقم سفينة تحتجزها مرتبطة بإسرائيل
- فك لغز -لعنة- الفرعون توت عنخ آمون


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم مطر - نصيحة جادة صادقة لكل عراقي يبتغي ان يصبح سياسيا ناجحا