أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عماد علي - ضمير الكادح بين القناعة و صعوبة الحياة














المزيد.....

ضمير الكادح بين القناعة و صعوبة الحياة


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 4064 - 2013 / 4 / 16 - 18:08
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كما يُقال، صحيح ان الضمير شمعة في قلب كل انسان مظلم، ان اشعلتها لربما ستتألم قليلا من حرارتها و لكنها ستنير لك طريقك الصحيح. فهل يتعض الجميع من هذه المقولة و هل الحياة تزكي و تؤيدها عمليا، للجميع دون اي استثناء ، ام يختلف من شخص لاخر و تاثيرات فعل الضمير و تداعياته و نسبة صحته و سلامته والالتزام به يختلف من فئة و طبقة و فرد لاخر، او يكون حسب نوعية و شكل المعيشة و البيئة و الثقافةالعامة .
باختصار شديد، صادفت عاملا بريئا مقتنعا بحياته البسيطة الجميلة جدا حسب تقيمي، وهو صاحب خمسة ابناء و زوجة و يعيش في غرفة متوسطة الحجم عند بيت اهله راضيا مرضيا . قال لي منذ بداية حديثه و اثبت لي نبله و بشاشته و خفة دمه وحتى كرمه، قال: انا لا اصلي و لا اصوم حتى الان و انا في هذا العمر، و لكن اقوله بصوت عالي، انا صاحب ضمير حي يدعني سعيدا مرتاح البال و مقتنع بنمط حياتي، لا اغش و لا اخدع نفسي، فهمت الحياة وفق قناعاتي و خبرتي المعيشية البسيطة دون اي تعليم يذكر، و هذا نقصي الكبير .
رايته و احسسته صادقا في كلامه و اثبت لي ذلك عمليافيما بعد، كان نشطا في عمله و انا اراقبه من بعيد دون ان يعلم، و يعمل و كانه احد افراد صاحب العمل و لم اكتشف نفسي له خلال تلك الفترة كي لا تُعكر قناعتي بصدقه و خاصة عند مقارنته بزملائه العمال الذين كانوا معه، و من خلال ذلك اكتشفته و ادركت الفرق بين تفكيره و نظرته الى الحياة و تعامله مع تفصيلاتها ومع غيره . و عند انتهاء العمل طلب غيره المكافئة قبل الاجرة كالمعتاد، هو واقف من بعيد شامخ عزيز النفس و كانه لا يهمه الامر و لم يبال بما يفعله زملائه، فاستلم الاجرة و لم ينطق بكلمة، بل ابتسم و كانه يعلم انه حقه لا اكثر و لا اقل، و عندما طلب منه صاحب العمل ان يعطيه المكافئة كما زملائه، رفض قائلا: انني لم اتعامل معك على المكافئة، بل هذا من حقي و لم افرط في حقي فقط، و في عملي ضميري هو الحاكم . والحق انه كان صادقا صديقا، رغم الالحاح ، لم يقبل بالزائد كان عنيدا صامدا في وقفته و قناعته . و اخيرا قرر صاحب العمل ان يشتري هدية لابنه الصغير سواء قبل به ام لم يقبل، لاعجابه بما بدر منه من درس عظيم لو تمعنا في صلب معانيه و ما يعنيه تلك القناعات المبهرة للجميع .
هذا هو مربط الفرس في تحليل شخصية ما، بسيطا كان ام لا وفق فكره و نظرته للحياة و ما يعيشه، و في مثل هذه الصعوبة من المعيشة في حياة العراق اليوم، و هو يعتمد على ضميره و قناعاته دون اي شيء اخر، و عندما سالت عنه، كان الجميع يصفه باستقامته و نبل اخلاقه و شهامته و عصاميته،فيا له من رجل عظيم و كم من هذا لدينا يا ترى .
و في المقابل هناك من يعيش في حياة فارهة و في ثراء فاحش، و لكنه غير مرتاح الضمير لعدم قناعته الذاتية بمصادر معيشته المجهولة، وكذلك بذاته، و مع ذلك يصلي و يصوم ولكنه لم يحج بيت الله و هو يستطيع اليه سبيلا . و على عكس العامل الكادح البريء، و على الرغم من انه يُعتبر عند هؤلاء الناس ملحدا كفورا .
هنا يبرز السؤال الصعب لنا جميعا، من يختار طريق السلامة النفسية لذاته، و من يريد السعادة المزيفة و الفرح السطحي الزائل، و ما السبل الى ذلك، انه لامر صعب لا يمكن ان يختار الجميع القناعات الذاتية فقط دون النظر الى ما يريده المجتمع. لا يمكن ان نجيب عن السؤال بلساننا او بالمنطق فقط ،و لا يمكن بيان الصحة الا بمسيرة حياتية و نظرة و قناعة و فكر ثابت للحياة عمليا . من يختار الصح يمكن ان يتحمل الثقل النفسي و الجسمي و الصعاب الحياتي و لكنه يبقى انساني الفكر و العقلية انه من طينة بيئة و تربية و عقل و نظرة و قناعة صحيحة، و يتعامل مع مسيرة الحياة بما يتطلبه صلب الحياة، بعيد كل البعد عن كل ما يمت بماوراء الطبيعة و المثاليات و الخرافات ، و لكنه مقتنع بما يعتقد و يؤمن بما هو صح و مرضي له و قناعاته.



#عماد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اصبحت اللاسياسة سياسة في العراق
- ان كان الكره دافعا للسياسة
- مسؤولية الفرد العراقي على ذمة المجهول
- محو النزعة القومية بالعلاقات الاجتماعية المتبادلة
- من هي المراة القائدة في العراق
- ماحال القطاع الصحي العام في العراق
- تجاوز الصعاب في الحياة باقل الخسائر المحتملة
- لماذا اختيار رئيس الاقليم من قبل البرلمان الكوردستاني هو الا ...
- قطرة دم انسان ولا مائة وطن
- من يهيء ارضية الابداع في اية منطقة كانت
- اين الشباب من ما يجري في العراق
- ليس من مصلحة الكورد ان ينزلق الى قطب اقليمي محدد
- السياسة علم يا قادة العراق
- الدوري يقضي على نزاهة التظاهرات الاحتجاجية
- ماذا نتوقع للعراق في السنة الجديدة
- من المسؤل عن فساد وزارة الثقافة في اقليم كوردستان
- في غياب الطالباني يشهد العراق اكبر تظاهرة احتجاجية حاشدة
- بدا صراع الاعلام من مظاهرات الانبار
- البحث وراء الحقيقة دائما ام توهيم الذات احيانا
- تعامل الفرد العراقي مع الواقع بمنظور المواطنة هو الحل


المزيد.....




- روسيا تدعي أن منفذي -هجوم موسكو- مدعومون من أوكرانيا دون مشا ...
- إخراج -ثعبان بحر- بطول 30 سم من أحشاء رجل فيتنامي دخل من منط ...
- سلسلة حرائق متتالية في مصر تثير غضب وتحليلات المواطنين
- عباس يمنح الحكومة الجديدة الثقة في ظل غياب المجلس التشريعي
- -البركان والكاتيوشا-.. صواريخ -حزب الله- تضرب مستوطنتين إسرا ...
- أولمرت: حكومة نتنياهو تقفز في الظلام ومسكونة بفكرة -حرب نهاي ...
- لافروف: أرمينيا تسعى عمدا إلى تدمير العلاقات مع روسيا
- فنلندا: معاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة من شأنها أن تقوض س ...
- هجوم موسكو: بوتين لا يعتزم لقاء عائلات الضحايا وواشنطن تندد ...
- الجيش السوداني يعلن السيطرة على جسر يربط أمبدة وأم درمان


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عماد علي - ضمير الكادح بين القناعة و صعوبة الحياة