بلال سمير الصدّر
الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 01:21
المحور:
الادب والفن
الدكتور سترنجلاف:أو كيف أتعلم أن أتوقف عن القلق واحب القنبلة 1964(ستانلي كوبريك): عن كوميديا الموقف وعن كوميديا اصطناع الموقف
النزعة التهكمية هنا في هذا الفيلم هي أقوى نزعة تهكمية-ويصح أن نقول ساخرة أيضا-في كل أفلام كوبريك على الاطلاق،كما أن الموضوع مختلف أيضا وكليا عن الموقف في فيلم البرتقالة الآلية...
كوميديا سوداء نعم...وكوميديا خط ساخن نعم أيضا
ولكن المشترك في كل هذا هو التهكم والسخرية الحادة،ولكنها تجمع معطيات كثيرة دون أي معالجة صحيحة جادة لأي موضوع من المواضيع...
الفيلم-من دون أن نسرد أحداثه لأن هذا يبدو غير مفيدا-يتحدث عن اصطناع أزمة نووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي سابقا في زمن الحرب الباردة،حيث سيأمر أحد الجنرالات المهوسيين بتطبيق الخطة (R)
التي تقضي بالقاء قنابل نووية على روسيا الأمر الذي سوف يؤدي طبعا إلى قيام حرب نووية...
الأمر الذي يطرحه كوبريك هنا يبدو متعمدا،لا يبدو خيارا غريبا،بل خيار طرحه الكثير من السياسيين والسينمائيين أيضا،حين يبدي شاعر السينما الروسي تخوفه من وقوع أزمة نووية في فيلمه الأخير (التضحية).
هناك أزمة نووية حقيقية،وهناك الفساد في المؤسسة العسكرية الأمريكية،والأكثر من ذلك هو المواقف التي تدل على البرود الشديد أو حب القنبلة أثناء التصدي لهذه الأزمة...
الفيلم يعتمد بشكل كبير على اصطناع المواقف وللأسف القول-على الرغم من أن البعض يعتبر هذا الفيلم من أعظم الأفلام في تاريخ السينما-هو ليس كوميديا موقف فعليا...بل إنه كوميديا اصطناع الموقف...
أحد الجنرالات يأكل العلكة أثناء مناقشة الأزمة بينما سكرتيرته ترتدي البكيني في غرفة خاصة للراحة في مكتبه في البنتاغون...وأحد الجنرالات يطلب قطع نقدية معدنية للحديث من هاتف مدفوع الأجر مع البيت الأبيض.
من المعروف أن كوبريك مشهور في انتقاداته للسياسة الأمريكية وخاصة الحربية منها، ولكنه ينتقد هنا أسلوب الحياة الأمريكية باطلاق النار على ماكينة الكوكا كولا،وينتقد الخيارات البشرية الخاطئة والحمقاء،وينتقد المعيار البشري في الكره،ومن ثم يتحدث عن خيارات حفظ هذا النوع البشري من الانقراض...
كوبريك لعله يقول أشياء كلها صحيحة،ولكنه يرويها باسلوب النكتة الخفيفة جدا وهذا اسلوب بحد ذاته قد يعجب البعض وقد لا يعجب البعض الآخر...
هنا علينا التفكر مليا في القمة الفلسفية التي يصل إليها كوبريك في فيلمه القادم والذي يعد من أفضل أفلامه على الاطلاق (أوديسا الفضاء 2001) الذي كنا قد كتبنا عنه في مكان آخر....
بلال سمير الصدّر 13/2/2012
#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟