أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصارعبدالله - يتيمة ابن زريق















المزيد.....

يتيمة ابن زريق


نصارعبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4034 - 2013 / 3 / 17 - 15:37
المحور: الادب والفن
    


يتيمة ابن زريق د/ نصار عبدالله
سوف أهرب هذا الأسبوع من مناخ الأحداث السياسة الكئيبة التى نعيشها لكى أكتب عن إحدى القصائد الخالدة فى تاريخ التراث العربى! ، لكننى فى الحقيقة لن أهرب تماما من مناخ الكآبة، لأن القصيدة التى سأكتب عنها هى واحدة من قصائد الندم الموجعة التى يمتزج فيها الحب بالحسرة، والتى يتطرق فيها الشاعر إلى الحقائق الكبرى التى تحكم هذا الوجود ، والتى تنطبق على عالم الحب كما تنطبق على عالم السياسة أيضا وبنفس القدر، وربما بقدر أكبر، خاصة عندما يصل الشاعر إلى البيتين اللذين يعبر فيهما الشاعر عن ندمه بقوله : "رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ / وَكُلُّ مَن لا يسُوسُ المُلكَ يُخْـلــَعُهُ"، " ــ "وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا/ شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ!"..القصيدة التى سأتكلم عنها هى يتيمة ابن زريق البغدادى، وقد سميت باليتيمة لأن التاريخ لم يحفظ لنا من شعره سواها ، لكنها مع هذا كانت وحدها كافية لأن تضع اسمه فى سجل فحول الشعراء، وابن زريق هو الشاعر العباسي: أبو الحسن علي بن زريق البغدادي, ..كان له ابنة عم أحبها حبًا عميقًا ، وبادلته حبا بحب فخطبها من عمه ، لكن عمه سخر من ضآلة المهر الذى كان بين يديه ويعتزم تقديمه إلى ابنته، مما جعله يشعر بالجرح والمهانة ، ويقرر الهجرة إلى الأندلس التى اشتهر أمراؤها بحبهم للشعر وإكرامهم للشعراء ، حيث سوف يتكسب هناك بشعره ويرجع بعدها إلى عمه بالمهر الذى يليق بابنة العمومة، وعندما أبلغ حبيبته بقراره عارضته معارضة شديدة وتشبثت ببقائه فى بغداد لأن أباها سوف يرضى بالمهر فى النهاية مادامت هى راضية به ، لكنه أصر على الرحيل من موقع اعتزازه بإبائة وتمسكه بعزة نفسه ومحاولته استرداد كبريائه الجريح ، فما كان منها إلا أن أذعنت لقراره وودعته وداعا حارا وهى مازالت حتى لحظة الرحيل تناشده أن يبقى وأن يرضى بما قسم لهما الله، ...وسافر ابن زريق من الكرخ ـ إحدى ضواحى بغداد ـ إلى الأندلس ـوقصد الأمير أبا الخيبر عبد الرحمن الأندلسى، ومدحه بقصيدةٍ قال عنها من سمعوها إنها كانت بديعة جدًا, لكن الأمير مع هذا أعطاه عطاءً قليلاً، فامتلأت نفسه بالغم والإحباط، ومضى إلى الخان الذى كان يبيت فيه، وفى الصباح وجدوه ميتا وتحت رأسه رقعة كتبت فيها هذه القصيدة التى عرفت فيما بعد باليتيمة والتى يبدو من أبياتها أنه قد كتبها وهو يستحضر صورة حبيبته وهى تناشده أن يبقى بينما يصر هو على الرحيل!! ، ولقد رآها بعينى خياله كما نفهم من القصيدة وهى تلومه وتعنفه أنه لم يستجب لمناشدتها إياه. يقول ابن زريق البغدادى: ـ" "لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ / قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ" ـ "جاوَزتِ فِي لَومهُ حَداً أَضَرَّ بِهِ/ مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ اللَومَ يَنفَعُهُ"ـــ "فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلا/ مِن لومه فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ" ــ "يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ/ مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروّعُه"ـــ" ما آبَ مِن سَفَرٍ إلا وَأَزعَجَهُ/ رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ"ــــ "كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ/ مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ"ــ "وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ / رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ"ــ"قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُو/ لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ ــ " وَالحِرصُ في الرِزقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت/ بَغِى ٌ، أَلا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ!" ــ "اأستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً / بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ"ــ "وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي / صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ" ــ" وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً/ وَأَدمُعِي مُستَهِلاٍتٍ وَأَدمُعُهُ" ــ "لا أَكُذب اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ/ عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُه ُ " ــ " رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ/ وَكُلُّ مَن لايُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ" ــــ "وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا/ شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ" ــ "اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلــّــي بَعدَ فُرقَتِهِ/ كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ" ــ " إِنّي لأ قطَعُ أيّامِي وَأنفِنثها/ بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ" ــ "بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ / بلَوعَةٍ مِنهُ لَيلى لَستُ أَهجَعُهُ" ـــ "لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذا/ لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ" ـــ قَد كُنتُ مِن رَيبِ دهرِي جازِعاً فَرِقاً / فَلَم أَوقَّ الَّذي قَد كُنتُ أَجزَعُهُ" ــ " بِاللَهِ يا مَنزِلَ العَيشِ الَّذي دَرَست/ آثارُهُ وَعَـفـَت مُذ بِنتُ أَربُعُهُ" ـ " لأصبِرَنَّ لِمَهرٍ لا يُمَتِّعُنِي/ بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ" ــ "عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجاً / فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُهُ" ـ "عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا/ جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ" ــ "وَإِن تُغِلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتَهُ/ فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُه؟ ُ" ويبقى بعد ذلك أن أقول إن بعض الرواة قد ذكروا أن الأمير عبد الرحمن الأندلسي كان فى الحقيقة قد أراد أن يختبره بهذا العطاء القليل ليعرف هل هو من المتعففين أم الطامعين الجشعين, فلما تبيَّنت له الأولى سأل عنه بعد ذلك ليجزل له العطاء, فتفقدوه في الخان الذي نزل به, فوجدوه ميتًا,.وحينئذ بكاه عبدالرحمن الاندلسي بكاءً حاراً.، فإذا صحت هذه الرواية الأخيرة فإن هذا يضفى عنصرا تراجيديا إضافيا على مأساة ابن زريق يجعلها قريبة فى أحد جوانبها على الأقل من تراجيديا روميو وجولييت لشكسبير!، ..أيا ما كان نصيب الروايات التى تروى عن ابن زريق، أيا ما كان نصيبها من الصدق، فإن الشىء المؤكد أن اليتيمة التى تركها لنا هى درة من درر الشعر العربى .
[email protected]






















































إ



#نصارعبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فواصل مصرية
- مصر تمضى إلى الهاوية
- عن تعيين نجل الرئييس
- الإسلاميون فى مصر
- ليلى الجبالى
- شبيب وغزالة
- كم عدد المصدّقين ؟
- تساؤلات حول الإعلان الجديد
- الطائفية والدستور المصرى
- قراءة فى مسودة الدستور
- حتى يكتب عند الله كذابا !
- مرة أخرى: تحية إلى البديل
- 28سبتمبر1970
- عن انحسار الأمن والعدالة
- عن الضابط ذى اللحية
- مسئولية الأنثى عن التحرش
- نقيصة أعمال كمال
- عن جريمة رفح
- موسى يتحول إلى محمد
- فى الذكرى السنوية لأزمة الوقود


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصارعبدالله - يتيمة ابن زريق