أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - السلفية اليسارية وداء الشيخوخة المبكرة- الجزء الثالث والأخير















المزيد.....



السلفية اليسارية وداء الشيخوخة المبكرة- الجزء الثالث والأخير


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 280 - 2002 / 10 / 18 - 05:09
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


    

       السلفية اليسارية وداء الشيخوخة المبكرة .

                             "الجزء الثالث والأخير"

                                                               

متفرقات  : تطرق عصام شكري أيضا الى عدد من الأمور والقضايا عرضا أو بشكل مبتسر في مقالته التعقيبية ، وبدورنا سنعلق على أهم  تلك التطرقات بشيء من التكثيف :

فيتنام والجزائر :

   يحاول المعقب التخفيف أو الالتفاف على حكم رفيقه سمير عادل بتحريم وتجريم  مقولة الدفاع عن الوطن بشكل مطلق ، إذ لم يترك -سمير -  ولو هامشا صغيرا لأي استثناء ،ولكن عصام ينتقل من التجريم القطعي والمطلق الى الآخر الجزئي والنسبي  فيقول  بخصوص مثالَيْ الجزائر والفيثنام اللذين سقناهما أن هاتين الحربين  هما من  نوع ( الحرب التحررية التي قامت بها البرجوازية التحررية الوطنية في وقت تنامي الحركة التحررية القومية البرجوازية بوجه القوى الاستعمارية الغربية وهي لا تثبت البتة بأن أي دفاع عن الوطن هو مقدس وفي كل المراحل ) وبغض النظر عن  اللغة التي يكتب بها المعقب وعن اصطلاحاته الجديدة والمبتكرة في القاموس الماركسي من قبيل (البرجوازية التحررية الوطنية ) نفهم أن هناك حروب مقدسة ( مقبولة أو يمكن تأييدها )وأخرى غير مقدسة ( مرفوضة )، حروب تحررية "ضد استعمارية" وأخرى رجعية وغير تحررية من وجهة نظره، والحقيقة فهذا هو جوهر الموقف الذي بنينا عليه ردنا على سمير عادل حيث رفضنا حروب البرجوازيات المتحاربة على الغنائم  والمستعمرات في مفتتح عصر التوسع الاستعماري، و أيدنا في الوقت نفسه حروب الدفاع الشعبية الاستقلالية  ضد الغزاة الاستعماريين أولا ،والإمبرياليين فيما بعد ، أي بعد أن اكتملت الظاهرة الإمبريالية بوصفها " أعلى مراحل الرأسمالية " بكلمات لينين . فما  الجديد الذي جاء به المعقب  ؟  و ما مبرر نقده الغاضب لنا إذن ؟ لماذا لا يكون صادقا مع نفسه ومع القراء ،فيسجل  أن الموقف الذي طرحناه بصدد هذا المفصل هو الأكثر موضوعية  أو الأقرب الى الصواب لأنه يجمع بين إدانة حروب البرجوازيات الأوروبية الغربية الإجرامية تحت الراية  الدفاع عن الوطن المخادعة ،وبين تأييد الحروب التحررية الدفاعية التي تقوم بها الشعوب المستهدفة بالعدوان الغربي الإمبريالي دفاعا عن نفسها ؟

   أما قول المعقب  بأن كاتب هذه السطور يرتكب (خطأ تاريخي في إسباغ  صفة التقدمية على البرجوازية المعاصرة البعث في موضوعنا وهي الأكثر رجعية من أي وقت مضى.. )  أما هذا القول ، فهو كذبة رنانة أخرى يندى لها الجبين ، وهي حلقة  في المسلسل المخجل الذي قدمه المعقب حتى الآن ، فقد  كتبنا ما يفيد عكس ذلك تماما في تلك المقالة وبالضبط بعد استشهادنا بمثالَيْ الجزائر وفيثنام  . وبالمناسبة فقد  أوردنا أيضا  مثال غاندي العظيم في الهند الذي تعامى عنه المعقب  ربما لأنه مسالم وتصالحي خطير كرأس الثعبان مثل علاء اللامي .   قلنا إذن عكس ما أورده المعقب قبل قليل ،و كتبنا حرفيا   ( و من البديهي إننا  لا نقول بأن النظام الشمولي في بلادنا وحزب البعث الذي يقوده ينتميان  نوعيا أو عضويا أو كيفيا لقوى تحريرية كهذه – في تجربتي الجزائر والفيثنام - ، فقد أعلنا مرارا  وتكرارا  أنه نظام جائر و دكتاتوري  ومتخلف ولكن من يستبدل التخلف المحلي  بالاستعمار الأجنبي والعبودية للأمريكان هو كمن يستبدل الطاعون بالكوليرة .) !

النفط والهيمنة :

   وفي مطرح آخر من مقالته ، يكتب عصام شكري  بلغته " الجزلة " إياها  : ( أما بخصوص أن الحرب التي تشنها الولايات المتحدة على جماهير العراق هي من أجل النفط فذلك ليس دقيقا أيضا كليشة أخرى من كلائش اليسار القومي بل من أجل الهيمنة السياسية على العالم وخصوصا باقي البرجوازيات الأوروبية والآسيوية الأخرى ..)

  فمن نصدق، الغزاة الإمبرياليين الذين تعلن مصادرهم أن  هدفهم هو النفط ،وأن لجان اقتسام الغنيمة العراقية مع فرنسا وروسيا .. الخ ،قد شكلت في الكونغرس و بدأت العمل فعلا  ، وأن الحاكم العسكري الأمريكي للعراق قد عين وأعلن اسمه في وسائل الإعلام ، أم  نصدق   عصام شكري الذي يشكك في دقة ذلك القول ويعتبره مجرد كليشة من كلائش اليسار القومي ؟

   ولماذا لا تكون السيطرة على نفط المنطقة ،وعقدة طرق المواصلات العالمية  فيها هي الطريق السالكة والسهلة  للسيطرة على ما يسميه المعقب " باقي البرجوازيات البرجوازية والآسيوية  " ؟

  لماذا هذا التناقض المفتعل بين الأمرين إذا كان أحدهما يصلح ليكون سببا لنتيجة يستبطنها الثاني ؟

  و في هذا الصدد تحديدا،ثمة خبر ذو علاقة  بموضوع الكلائش القومية ، فقد عبر عن رأي كهذا الرأي الذي طرحه عصام شكري وبشكل شبه حرفي أشهر الكتاب القوميين العرب وهو حسنين هيكل في مقالة مطولة نشرت له قبل عدة أيام . فحوى مقالة هيكل يذهب  الى أن الشرق الأوسط هو أرخص منطقة لشن الحروب بهدف السيطرة على الغرب الأوروبي والشرق الآسيوي  ، فأية قرابة فكرية أو نضالية تجمع بين بروليتاري ،ثوري ،نقي العقيدة ،كعصام شكري و ناصري ،قومي  ،كهيكل ؟ أم  إنها واحدة من   شلال المصادفات الكئيبة التي هطلت علينا في هذا المساء الجميل ؟

  في الحقيقة ، إننا إذا ما نزعنا القشور الأدلوجية التي تحيط بهذه الفكرة ،لوجدناها تقول المحتوى الصحيح ذاته، بعبارات مختلفة ،ومع شيء من التقديم والتأخير البلاغي الطابع :  فالغرب بقيادة أمريكا الإمبريالية يريد الهيمنة والسيطرة المباشرة عن طريق احتلال الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط وعموم  ما يسمى العالم الثالث  ومعها جغرافيا الخامات والثروات الطبيعية  وفي مقدمتها النفط . وبالعودة الى بدية التعقيب ، نتساءل هل قَصَرْنا نحن من جانبنا  سبب العدوان على النفط في تحليلنا ؟ كلا  طبعا، فقد ذكرنا أن السيطرة على العقدة الجيوسياسية التي يمثلها العراق هي هدف آخر من أهداف العدوان الأمريكي الوشيك ، غير أن المعقب -كما يبدو - لا يسمع إلا ما يعجبه هو فقط ، بل  و اللافت  أنه أحيانا يشطب حتى على ما يعجبه ويعلن عن تأييده له و لا تسأل عن السبب فيبطل العجب !

سلفية اصطلاحية :

  يحاول المعقب أن يفرض على الجميع لغته " الأدلوجية "  الخاصة ومصطلحاته الفكرية المرتجلة فيصرخ بنا أحيانا، وعلى طريقة العلامة اللغوي  الراحل مصطفى جواد " قل ولا تقل " : ( فالمكونات السياسية والاجتماعية للساحة العراقية خالية تماما من العلمانيين خلا الحزب الشيوعي العمالي " يا للتواضع الجم !!" وبعض أوساط المثقفين التحرريين ،التحرريين وليس المستقلين )

   إذن : قل التحرريين ولا تقل المستقلين ! من الواضح أن عصام شكري يرفض وجود المستقلين والمحايدين والمشككين والمصابين بداء التساؤل والفضول ؛ ولكن المشكلة أن هؤلاء هم أغلبية الناس ، معذرة فهذه الكلمة –الناس -كما يبدو غير محبذة  لدى المعقب  والأفضل أن نقول : جماهير العراق .

  خلاصة القول هي أن  المحايدين والمستقلين غير مرغوب فيهم ، وبناء عليه ، و بموجب صاحب الاختراع الأصلي  "الرفيق" جورج بوش الابن في بداية  حربه ضد ابن لادن  فمن لا يكون معنا في محور الخير الهيروشيمي  ،فهو ضدنا وفي محور الشر المكتظ بالجياع  وليذهب المستقلون الى جهنم !

   وكان من الأفضل أن يهتم المعقب بسلامة جملته تلك ،فيكتبها بشكل بسيط ومفهوم لا أن يوقفها على رأسها ويدوخ قرائه الدوخات السبع دون مبرر ،فبدلا من قوله ( المكونات السياسية والاجتماعية للساحة العراقية خالية ) كان يمكنه أن يكتب ببساطة ( الساحة العراقية خالية من المكونات السياسية والاجتماعية العلمانية  ..الخ ) .

  بعد تلك الجملة الخبرية القاطعة في يقينيتها ، يصدر المعقب حكما جديدا ناريا كعادته، يلغي بموجبه وجود تيار ديموقراطي عراقي  فيقول ( التيار الديموقراطي فلا  وجود سياسي واجتماعي له وان من يسمون أنفسهم ديموقراطيين هم في حقيقة الأمر قوميون مقنعون ) و ها قد عدنا الى ما يماثل الجوهر السلفي الذي نجده في  منطق منظمة "التكفير والهجرة" وشقيقاتها  و التي تكرر منذ نصف قرن أن  ( المسلمين الحقيقيين لا وجود لهم خارج الجماعة ، وأن من يسمون أنفسهم  مسلمين هم كفار ومنافقون ، وأن المجتمعات الراهنة  تعيش في جاهلية جهلاء، تنبغي هجرتها ،و تحكيم السيف فيها.. )  نحن نسأل الرفيق عصام مع احترامنا الشديد للمثل العليا التي نقاسمه إياها كالمساواة والتحرر : هل تلغي القشرة الأدلوجية والمصطلحات الحزبية المختلفة بل والمتعارضة الى درجة التناقض أحيانا، هل تلغي  الجوهر الواحد والمتماثل لرؤية الواقع بشكل سلفي ميتافيزيقي ؟  

 

التكفير اليساري:

  وفي الختام يصدر المعقب حكمه البات والمقرر أن كاتب هذه السطور هو (عدو للطبقة العاملة والجماهير عموما)  لماذا ؟

 لنستمع الى حيثيات الحكم كما وردت في مقالته  :

 ( إن عدم إدانة الكاتب مدعي الاستقلالية  لليمين القومي الفاشي بجناحيه الإسلامي السياسي والقومي العروبي لهو  دليل على انجراره الى موقع  أعداء الطبقة العاملة والجماهير عموما )

  تعليقي الوحيد، هو أن هذا السيد جديدٌ على الميدان كما يبدو ،وكان حريا  ببعض الأصدقاء في قيادة الحزب  أن يردعوه عن غيه ، أو على الأقل أن يلجموا اندفاعته لئلا يسيء الى حزبهم ككل ، ومنهم أصدقاء يتابعون ما نكتبه منذ بضعة أعوام   ضد اليمين القومي الفاشي والسلفية الدينية والطائفية .صحيح أن لدينا خلافات جوهرية في العديد من الأمور ولكن ذلك ليس سببا وجيها لتوجيه حكم تجريمي كهذا الذي صار بمقتضاه  كاتب السطور عدوا للطبقة العاملة والجماهير عموما.

  وعلى أية حال فلست في موضع التبرير والمطالبة باستئناف الحكم التكفيري الصادر بحقي من طرف  عصام شكري ، ولكني أتمنى لو أن المعقب  وحزبه سيقدمان   نصف ما قدمته منذ أن بدأت الكتابة ( ومعذرة لاضطراري لهذا القول الذي قد ينطوي على الغرور  ) على صعيد الصراع  الفكري والسياسي والإعلامي ضد هذين التيارين الفاشيين حتى الآن ، والحكم متروك للقراء و المتابعين وله هو أيضا بعد أن يطلع على شيء من كتاباتنا الكثيرة في هذا الخصوص .

خلاصات :

لا يمكن لكاتب هذه السطور، ولا لغيره، أن يشطب على تجربة جماعة تحمل فكرا ومشروعا أيا كانت ، في زمن هجرت الأغلبية فيه المشاريع والأحلام الكبرى والاستعداد للتضحية من أجل المثل العليا  ، وخصوصا إذا كان كاتب هذه السطور  يعتبر -ومازال - أن تلك التجربة ، وأقصد هنا تجربة  الحزب الشيوعي العمالي العراقي ، في الخندق الصحيح والموقع الرفاقي القريب  على الرغم كل الخلافات الجوهرية مع أبحاث ووجهات نظر هذا الحزب . أما الأفراد فشأنهم مختلف، وهم حين يسيئون الى الآخرين  لأسباب عصبوية حزبية إساءات بحجم تلك التي دبجها عصام شكري فهم يسيئون أيضا الى الجانب الإيجابي والمضيء من تجربتهم ذاتها .

  مع علمنا بأن هذا الحزب يتوفر على العديد من الكوادر المخلصة وذات السوية الفكرية والأخلاقية الرفيعة ، والاستعداد العالي للتضحية ، وعلى هؤلاء الرفاق والرفيقات  إنما يراهن الإنسان المخلص لقضية الإنسان والمساواة والتغيير والحرية  ،و إذا ما أراد  فعلا لهذا الحزب أن يخرج من حالة التكرار والاستنساخ " الفوتوكوبي " الى حالة الإبداع والخلق و اجتراح الجديد والتقدمي تاريخيا  ،  أما اكتفاء الصنف الآخر من الكوادر بالشطب على الآخرين واعتبارهم فاسدين وبرجوازيين وتصالحيين وأعداء للطبقة العاملة في مواجهة الأنا الحزبية السكرى بنرجسيتها  التي يصفها شكري بلغة معبرة حقا حين يقول ( يشبّهُ هذا الكاتب – علاء اللامي – قوى الضياء العمالية الإنسانية بقوى الظلام الإسلامية المعادية للإنسانية فأي سقوط مؤسف ) أما كل هذا فهو السقوط الفعلي في حالتين :

الحالة الأولى :  هي حالة العمى السياسي وعدم التمييز بين تيار سياسي إسلامي مستنير يأخذ نسغه من المنظومة الأخلاقية والروحية للإسلام كدين وحضارة منجزة ومعترف عالميا بإنجازاتها الباهرة قبل سقوط بغداد بسيوف المغول ،وبين عصابات من القتلة المتطرفين الذين -بالمناسبة - لم يرحموا الإسلاميين المستنيرين أنفسهم بل كفروهم وفسقوهم واعتبروهم قد ( انجروا الى مواقع أعداء الإسلام والجماهير المسلمة ) مع استبدال بضعة مفردات من صيغة المعقب .

  وبالمناسبة هل اطلع المعقب على المساهمات النظرية التي قدمها فردريك إنجلز في كتابه عن حرب الفلاحين في ألمانيا خلال القرن السادس عشر وتطرقه الى المضامين التقدمية و المساواتية  في الحركات والتجمعات المسيحية الأولى قبل تمأسس الكنيسة بعدة قرون ؟ وهل يعلم أن صناع الأدلوجة في روسيا السوفيتية الستالينية أنفسهم اعترفوا بالطابع المشاعي لتلك التجمعات اليسوعية " المسيحية " وبالضبط في " المعجم الموجز للمصطلحات لاجتماعية والسياسية " الصادر عن دار التقدم في موسكو ؟  حري به الاطلاع على تلك المساهمة لإنجلز لا لكي يحفظها عن ظهر قلب بل ليخفف من غلوائه في هذا الصدد فائق الأهمية والراهنية  .

الحالة الثانية : هي حالة الاستفزاز غير المبرر والساذج  للتراث الروحي لمئات الملايين من الجماهير المسلمة، والإساءة الى  مشاعرها الدينية بشكل خطير تحت دعاوي مناهضة السلفية المتطرفة والتيارات التكفيرية في ظاهرة  الإسلام السياسي شديدة التنوع و التمايزات . إن عدم التفريق في الفكر والممارسة  ،بين التراث الروحي والمشاعر الدينية لمئات الملايين من الناس من جهة ، وبين كيانات تنظيمية  وعصابات سلفية متطرفة ومعزولة من جهة أخرى ، هو السبيل  السالك والمجرب باتجاه الانتحار السياسي والحكم على النفس بالعزلة ثم التلاشي  وهو ما ينتظره ويتمناه  أمثال الديناصور الطائفي قاسم  محمد الكفائي * الذي أطل على الجمهور مؤخرا ومارس  الوشاية والعمل المخابراتي حتى وهو يكتب مقالته " الفاخرة " . لقد  راح  هذا الشخص يخبر  القارئ ،والقارئ غير محدد الهوية وقد يكون ضابط أمن يتابع كتابات المعارضة على الإنترنيت ، في تلك المقالة أو "البيان "بأن الاسم الحقيقي لخصمه السياسي سمير عادل هو " محمود" لأن هذا الأخير تصدى لدعاة الحرب وغزو العراق  خلال ندوة أقيمت في كندا لأحد دعاة الحرب وعملاء المخابرات المركزية الأمريكية من السياسيين العراقيين .

 إن  الحزب الشيوعي العمالي العراقي - وهذه وجهة نظر شخصية وليست حكما - يقف اليوم أمام طريقين انفتحا من قبل أمام تجارب مشابهة لتجربته و يمكنه أن يختار بين :

الطريق الأول هو  المؤدي الى التحول الى حزب ثوري حقيقي وجماهيري فعلا  يؤمن بأنه في خدمة تفعيل وصيانة التجربة المجالسية  كصيغة حكم مأمولة أو كاقتراحه الماركسي الخاص لمعضلة الحكم والديموقراطية وليس كدكتاتور جديد يحل محلها . أما  ثمن هذا الطريق فهو التخلي الفوري عما وصفته - للأسف - بالنزعة السلفية والدوغما الستالينية وهذا ما نتمناه من أعماق القلب  .

   أما الطريق الثاني ،فهو مواصلة هذا النهج الكارثي، والذي سينتهي بظهور علائم داء الشيخوخة المبكرة على تجربتهم  ،والتآكل  التنظيمي المستمر ، وفقدان الوزن السياسي، ومن ثم التحول من   الى شلة أو عصابة من المتطرفين  و الشتامين الصغار الذين لن يضيفوا الى تاريخ الحركة الثورية التقدمية في العالم  سوى أسمائهم الحركية الأنيقة والرنانة ، تلك التي تذكرنا بأسماء نجوم السينما المصرية في الخمسينات من قبيل أنور وجدي وشكري سرحان و أحمد فهمي .. الخ . وسيذكرهم  التاريخ كهامش صغير تألق كالبرق ذات يوم في انتفاضة آذار الباسلة سنة 1991  و حاقت به سحب العتمة في المنافي خارج الوطن .

 

*سيكون من المفيد تماما لجميع القوى العراقية  المعادية للحرب والدكتاتورية  التفريق بين دعاة الحرب الصرحاء والمؤيدين للغزو الأمريكي بحماس وبين أصحاب وجهات النظر و التساؤلات الملتبسة والمترددة والمعولة   على خرافة " العامل الدولي " أو " مستجدات وتطوارت الوضع على الأرض ".

   فالنوع الأول ، أي المؤيدين الصرحاء للحرب والغزو ،هم جزء عضوي ملتحم  بقوى العدوان ، و هؤلاء يجب  فضحهم والقيام بنشاطات جماهيرية سلمية  ضدهم كالتحضير لرفع القضايا الجنائية  بحقهم كمحرضين على القتل والحرب الإبادية أينما حلوا وارتحلوا. ومن هؤلاء -  على سبيل المثال  لا الحصر - المدعو قاسم محمد الكفائي  الذي  قام  بدور محامي  الشيطان  من خلال مقالته الانبطاحية التي تنضح بروح الملق والعبودية للجلبي باشا ، ومعروف أن عبد العبد لن يكون إلا عبدا مربعا !

إن دفاع  الكفائي  عن سيده الجلبي حق تضمنه سوح القضاء المستقل ، ولكن الذي  ليس من حقه  هو  إطلاق الصراخ التكفيري في خاتمة بيانه الهستيري والمحرض على القتل . نعم ، إن تلك الصرخة الطائفية التي ختم بها بيانه  هي دعوة صريحة الى القتل وارتكاب عمل إرهابي  ضد مناضلي الحزب الشيوعي العمالي الذين تصدوا لدعاة الحرب فرد عليهم الكفائي  بتعميم الكفر والإلحاد ثم بصرخة القتل المشهورة : أسلم تسلم ! 

  إن هذا الشبح القادم من ظلمات الصراع الصفوي العثماني قبل عدة قرون  ،يريد العودة بالعراقيين القهقرى :

 الى عهد "الحرس القومي" .

الى البيان رقم ثلاثة عشر .

الى المأفون  "رشيد مصلح " الحاكم العسكري في انقلاب 8شباط 1963وبياناته التحريضية ضد قوى اليسار والديموقراطية  والمختومة بآية منتزعة من سياقها تقول " اقتلوهم حيث ثقفتموهم  واقطعوا منهم كل بنان ".

والى جانب الكفائي وقف المدعو عبد الفتاح مرتضى و نشر بيانا بعنوان مستمد من لغة محاكم التفتيش وتحذيرات الغستابو النازي  يقول " احذروا هؤلاء !!"  .

فمن هم  هؤلاء  " الهؤلاء " ؟

 إنهم  من وجهة نظر د.عبد الفتاح  المغمسة بأساليب الوشاية والتجسس أعضاء وأنصار  " الحزب الشيوعي العمالي جماعة الكادر الحزبي " .وهكذا فقد جمع هذا الرجل الذكي، الجهبذ ،واسع الاطلاع والمعرفة طرفين هما الحزب الشيوعي العمالي و مجموعة شيوعية أخرى هي " جماعة الكادر "جاعلا منهما طرفا وحدا يتهمه بالعمالة للسافاك  والنظام العراقي والتركي وحكومة إسرائيل وفرنسا وأمريكا .. الخ  ( حته وحده !!) كما يقول المصريون في لهجتهم .

  ثم يوثق الدكتور عبد الفتاح  مرتضى اتهاماته بإشاعات مأخوذة عن ثلاثة أشخاص يعرفهم هو شخصيا ولكنه لا يصرح حتى بأسمائهم أو صفاتهم بل ويعترف بأن اثنين منهم من أزلام  نظام البعث الدكتاتوري .

ما هذا الذكاء يا سعادة الدكتور وداعية الحرب الجهبذ  ؟

  أما بخصوص المواطنين من النوع الثاني ،فيمكن اللجوء الى أسلوب الحوار المتحضر  وتوضيح الحقائق و الإقناع ،قد أثبت هذا الأسلوب نجاعته ودليل ذلك نجده في أن دعاة الحرب ومؤيدي الغزو الأمريكي أمسوا قلة لا تتجاوز أصابع القدمين في الساحة الإعلامية وبدأ العديد من الناس المضللين بالاستفاقة والتبرؤ من مواقفهم الخاطئة السابقة و والمثال البهي على هذه الحالة نجده في الرسالة المؤثرة للمواطن العراقي عباس عيسى محمد والمنشورة على موقع "كتابات" خلال شهر تشرين الأول / أكتوبر الجاري  والذي كان مؤيدا للحرب والغزو ثم انتقد نفسه بصدق وإخلاص لدرجة التصريح بتمني إحراق يديه لأنهما صفقتا للغزاة ذات يوم ، فما أنبل هذا العراقي !

  وبين النوع الأول والثاني ،تطفو  بعض الرموز والشخصيات المشبوهة والاستفزازية من أصدقاء الكيان الصهيوني  "إسرائيل" ودعاة الملكية المأجورين ،والذين ابتلعوا ألسنتهم قبل أيام فلم يردوا بحرف واحد حين كتبنا عن الفضيحة التي أثارتها الصحافة الإسرائيلية ، والتي مفادها أن خطة إعادة الملكية الهاشمية الى العراق ،هي خطة صهيونية أمريكية لا تستهدف العراق فقط  . إن هذه  العناصر ينبغي  إهمالها وازدراؤها و عدم الرد عليها إذ أن في الرد عليها نوعا من إضفاء الاعتبار  على أوغاد لا يستحقونه أبدا ،كما ينبغي التفريق بين هذه العناصر  وبين الشرفاء من أبناء شعبنا المختلفين معنا في الرأي  .

  ويظل من المؤسف ،والمحرج ،والمحزن  انجرار بعض المثقفين والفنانين الى مباءة تلك العناصر الاستفزازية ، وتعلم أساليبهم في السب والشتم والتشويه بسرعة فائقة كما حدث " مثلا " لفنان تشكيلي وكاتب روائي انحط به القلم الى درجة توجيه الشتائم السوقية  الى شخصية سياسية يسارية  معروفة ، كان هذا الفنان والروائي  نفسه " يسبح بحمدها آناء الليل وأطراف النهار " حين كان لها موقعها في المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي أيام مهزلة " الجبهة الوطنية "  .

  وعلى الرغم من  الخلافات الفكرية والسياسية المعلنة  في الصحافة لكاتب هذه السطور مع السيد باقر إبراهيم ، المستهدف بالشتائم ، ولكنه يدين ذلك الشخص "الروائي  والفنان  التشكيلي الداعي لغزو بلاده ومحرر البيان الفضائحي الساكت عن الغزو  " و الذي شتمه بالقول " الهبل الكبير  أبو خولة " على صفحات موقع " كتابات " إنني أدين هذا الشخص   وأستهجن تصرفه وأخجل حتى من ذكر اسمه الذي جلب العار للثقافة العراقية والأدب العراقي .

 

 



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب جديد عن العراق : نقد المثلث الأسود: النظام والمعارضة ...
- السلفية اليسارية وداء الشيخوخة المبكرة !* -الجزء الثاني
- السلفية اليسارية وداء الشيخوخة المبكرة !* - الجزء الأول
- الصحف الإسرائيلية تعترف : إعادة الملكية الى العراق جزء من مش ...
- السينما المتربة
- ملاحظات سريعة على مقالة الأخ مالك جاسم ..
- الحزب الشيوعي العمالي و العدوان الوشيك على العراق : دوغما ست ...
- لكلٍّ منا إمبراطورهُ .
- دعوا الانتفاضة تنتصر وإلا فانسحبوا من الواجهة !
- لبراليون من نوع آخر !
- كيف رد علي بن أبي طالب على جورج بوش زمانه !
- الإرهاب الفكري في الفضائيات
- بيان الخمسة وثلاثين مثقفا عراقيا : الصمت على العدوان الأمريك ...
- انتحار مدينة فاضلة !
- جريدة ابن الرئيس والتهجم على الشيعة : تخرصات واستفزازات خط ...
- أبو العلاء الآخر ..وهموم الحاضر .
- التاوي والسحّاب والحرب !
- الظاهرة الطائفية في العراق : التحولات والبدائل . - الجزء ال ...
- أول الغيث " بامرني " : تركيا الأطلسية تريد مياه الرافدين ونف ...
- الظاهرة الطائفية في العراق : تفكيك الخطاب والأدلوجة .- الجزء ...


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - السلفية اليسارية وداء الشيخوخة المبكرة- الجزء الثالث والأخير