أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - الحزب الشيوعي العمالي و العدوان الوشيك على العراق : دوغما ستالينية مغطاة بطبقة من الصراخ















المزيد.....



الحزب الشيوعي العمالي و العدوان الوشيك على العراق : دوغما ستالينية مغطاة بطبقة من الصراخ


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 267 - 2002 / 10 / 5 - 22:59
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الحزب الشيوعي العمالي و العدوان  الوشيك على العراق :

دوغما ستالينية  مغطاة بطبقة من الصراخ !

 

                                        علاء اللامي / كاتب ماركسي مستقل .

 

    وصِفت الماركسية بأنها فلسفة نقدية، وعلم اجتماع نقدي ،وعلم سياسية نقدي ، وهي حين تتخلى ، أو تكف عن أن تكون نقدية تموت ! إنها بالأحرى  تتحول الى دوغما " عقيدة " مؤدلجة ومنزوعة القلب والعقل اسمها الستالينية أو الستالينية الجديدة  . ولكن ماذا بخصوص الماركسية الأولى " ماركسية التأسيس النقدي " ذاتها، هل هي في منأى عن ..و عصية  على التحول  الى دوغما عديمة العقل والقلب  متى ما توفرت الشروط الفاعلة ؟ ثمة حيثية  تاريخية تتضمن إشارة  الى وقفة مضادة لهذا المآل حدثت وماركس مازال على قيد الحياة وذلك حين أخبره، وكان مريضا، زميله  فردريك إنجلز قائلا ( أن  أصدقاءنا الماركسيين الفرنسيين يبالغون في دور العامل الاقتصادي في الحياة الاجتماعية ..)  ويبدو أنها المرة الأولى التي يستعمل فيها إنجلز تسمية " الماركسيين " كنسبة و بحضور ماركس فما كان من هذا الأخير إلا أن قال له متذمرا كما يخبرنا صديقهما  فرانز ميهرنغ في كتابه " ماركس :حياته ونضاله " : ( الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أنني أنا كارل ماركس لست ماركسيا !) 

  بنفيه صفة الماركسية عن شخصه، وبالتالي عن ذاته المبدعة والمنتجة لفكره ونضاله ، يؤسس كارل ماركس ويلحم و يدمج   فلسفته  بالقلب والعقل النقديين على المستوى النظري ، غير أن  التجربة السلافية " السوفيتية "وملحقاتها ذات الحزب الواحد والاشتراكية في بلد واحد و ما الى ذلك من "الواحديات "التي  لا جذر لها إطلاقا في ماركسية الرواد  ، وتحت ضغط تخلف روسيا و دموية  ستالين اللصيقة بهذا التخلف  التصاق الجنين بالرحم ، وبتأثير من حرب التدخل التي شاركت فيها ست عشرة دولة أوروبية غربية ضد الجمهورية السوفيتية الوليدة ،وبتأثير آخر من الحصار الرأسمالي العالمي الذي أعقب حرب التدخل ومن ثم العدوان النازي فيما بعد ، فكت  ذلك اللحام فكاً وأنتجت أسوأ نسخة يمكن أن يتصورها عقل لدوغما دكتاتورية شخصانية من رحم أعظم فلسفة نقدية أنجزها العقل  البشري  .

 واليوم ، يبدو أننا إزاء محاولة صغيرة جديدة لتحويل الماركسية النقدية الى دوغما بائسة في القرن الحادي والعشرين  على أيدي الأصدقاء في الحزب الشيوعي العمالي العراقي الذين يأخذون بنسخة  متجددة وشديدة التخطيطية والتبسيط من التجربة المجالسية " السوفيتية " كما أعاد إطلاقها  من جديد الفقيد منصور حكمت " زوبين "   والذي رحل مأسوفا عليه عن عالمنا قبل فترة قصيرة وبعد تجربة تأسيس مثيرة  ومفعمة بالآمال والحماس  ومحكومة في الوقت ذاته بحدود الظرف الموضوعي  .

   وقبل أن نبدأ مناقشتنا لمقالة سمير عادل القيادي في هذا الحزب  قد يكون من المفيد  التذكير بأن كاتب هذه السطور أعلن مرارا عن أن علاقته ككاتب ماركسي مستقل  بأي حزب   ينتمي الى  اليسار الثوري  هي علاقة "التضامن النقدي " بمعنى  وجوب التضامن متى كان ضروريا وصحيحا إبداؤه  في المنعطفات المهمة ، ونقد مستمر لتجربة وفكر وسلوك هذا الحزب ودون تحفظات  . و ربما كان مفيدا أيضا التنويه بالمواقف الحازمة والصائبة للحزب الشيوعي العمالي في قضايا مركزية منها مثلا : رفضه للحصار المفروض على العراق وشعبه منذ البداية  رفضا قاطعا وغير مشروط ورفضه لجميع الاعتداءات المسلحة على العراق ، يصاحب هذا كله  موقف رافض أيضا وبقوة للنظام الشمولي الدموي وللمعارضة العراقية التقليدية المتعاملة مع الغرب الإمبريالي ، في حين  أن أحزابا أخرى تحمل اسم الشيوعية أيضا ولكنها وبعد أن رقصت طويلا في أحضان المؤتمر الوطني " الجلبي "، وترددت طويلا قبل أن تتبنى موقفَ معارضةٍ ورفضٍ  للحصار ضد العراق وشعبه لفظيا،  عادت  فأضاعت البوصلة حين وضعت قدماً  ضد  العدوان الوشيك وأخرى مدتها في كواليس المفاوضات السرية لضمان حصتها من أشلاء الفريسة، و راحت تستقبل رسل الخراب والعدوان الأمريكيين في مقرات أحزابها في كردستان والشام  !

   نسجل هذه المعطيات إنصافا للحقيقة وللحزب العمالي على الرغم من خلافاتنا  الكثيرة والجوهرية مع الأفكار البرنامجية  والممارسات السياسية  لهذا للحزب  و ستكون هذه مناسبة طيبة أتاحها لنا أحد أعضائه  للتطرق لبعضها وبما يسمح به المقام:

يخبرنا السيد سمير عادل في مقالته التي كتبها تحت عنوان "الانهزامية والأوهام في ذلك الفصيل العراقي " بأن ( ثمة تيارا يحاول أن يبلور نفسه في خضم الصراع بين أمريكا والنظام الحاكم في العراق ) ويأتي الكاتب ببعض الأمثلة على مكونات هذا التيار الذي ارتكب جريمة " الدفاع عن الوطن " ومنهم علاء اللامي الذي كتب مقالة تحت عنوان ( القاعدة والاستثناء في الغزو الأمريكي للعراق ..) خصص  سمير لنقدها جزءا من مقالته  وهناك أيضا الشيخ الخالصي الذي أفتى بتحريم التعاون مع الغزاة ( وبالمناسبة فقد أفتى بذلك أيضا  سماحة السيد فضل الله من بيروت وسماحة آية الله المالكي العراقي المقيم في مدينة قم المقدسة ومجموعة من رجال الدين الشيعة في  الحوزة العلمية العراقية ) إضافة الى جماعة  يُسمع بها للمرة الأولى و تسمي نفسها " حركة الشيوعيين العراقيين " التي يخبرنا سمير عادل بأنها أعلنت عن استعدادها  للقتال تحت راية صدام حسين ! ضد كل هؤلاء وكل من يرفع شعار الدفاع عن العراق بوجه الغزاة الإمبرياليين يسلط الشيوعي العمالي سمير عادل نيران صخبه وغضبه وتهكمه لماذا ؟  الجواب من وجهة نظره هو  لأن الدفاع عن الوطن خطيئة  فهو يصفه بأنه سوق للكادحين الى مقصلة الحرب دفاعا عن مصالح البرجوازيات .  أنه يستند في موقفه هذا الى أن ماركس قال  قبل أكثر من قرن تقريبا : ليس للبروليتاريا وطن !

فأية خيبة رجاء هذه ،وتحديدا بعد أحداث جسام هزت الكوكب والعقل البشري هزاً وجعلت الحركة التقدمية في العالم أجمع ومنها الأحزاب الماركسية تنقد وتطور وتنبش تراثها وملفاتها السرية والعلنية  وتنقح وتراجع ماضيها وتفتح النوافذ والأبواب للهواء النقي وأشعة الشمس المطهرة الطاهرة  ؟  في هذا الظرف بالذات، الذي بدأت فيه أعظم حركة نقد وبحث وتأصيل على المستوى العالمي في محاولة لاستخلاص العبر والدروس من التجارب الفاشلة و صيانة و ترسيخ البذور الصالحة والحية التي خلفتها التجربة السوفيتية ومحاولة تطويرها نقديا  يأتينا الأصدقاء في الحزب الشيوعي العمالي العراقي  وهم يرفعون ويلوحون بهذه النسخة البالية والشاحبة والمحرفة والمقروءة بالمقلوب لعدد من مقولات ماركس  وبعض رواد الماركسية سالخينها عن سياقاتها التاريخية و خالطينها ببعضها ومستعيضين بها عن الواقع لتكون "برنامجا ثوريا "صاخبا  وشديد الجلبة  وكأن مراكمة أمشاج وأشلاء الضحية على بعضها  تعيده الى الحياة وتجعل منه  رياضيا محترفا للمصارعة الرومانية !

  ومن تلك المقولات واحدة تقدم ذكرها وقد  قالها ماركس  قبل الحرب العالمية الأولى  ونصها ( ليس للبروليتاريا وطن.. ) ونقول  نعم ( ليس للبروليتاريا وطن ) ! لقد كان هذا الشعار ومازال صحيحا حين تكون الحروب مجرد مجازر متبادلة بين الإمبرياليات  المتقاتلة على المغانم والمستعمرات وحقول النفط ومناجم الفحم ولكن بأجساد الشباب والعمال  من جميع الشعوب فهل هذه هي حالة العدوان الوشيك على العراق ؟ هل هي (حرب بين الولايات المتحدة وبين النظام الحاكم ) بكلمات "الشيوعمالية " أو ( بين القصف وبين صدام ) بكلمات الشيخ باقر الحكيم بعد عدوان ثعلب الصحراء  ؟  نتساءل : أ هي حرب بين أمريكا والعراق من أجل احتلال كندا أو استعمار الهند ليرفع اليساريون  ضدها راية لا للحرب من أجل الوطن البرجوازي والمستعمرات ، أم إنها عدوان لصوصي شامل و إبادي تقوده الحكومة الأكثر تطرفا يمينيا والمصابة بسعار طائفي ديني فاشي و معادية للإسلام و المسلمين ، حكومة  تتلذذ بوصف نفسها وحروبها   بالصليبية ضد شعب صغير يستبد بحكمه دكتاتور شمولي لا يرحم في العراق أو عصابات من الشباب  المتطرفين  سياسيا و المتعصبين دينيا تخرج قادتهم  من أحشاء أجهزة الأمن الأمريكية ذاتها كما هي الحال  في أفغانستان  ؟ هل نحن إزاء معركة بين دولتين استعماريتين مثل معركتي "فردان" أو "واترلو"  أم نحن إزاء غزو بربري لا يخفي القائمون به والمخططون له أطماعهم بالسيطرة على النفط العراقي والعقدة الجيوسياسية التي يمثلها موقع  العراق ؟

   لنلحظ عرضا أن معاداة الوطن والوطنية ليست بضاعة خاصة بالشيوعمالية الجديدة التي سلخت مقولة ماركس  من سياقها التاريخي ، بل تشاركها فيها و يا للمصادفة الكئيبة ! أكثر الحركات السلفية الدينية  دموية ألا وهي "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" و "الجماعة الإسلامية المسلحة" وكلتاهما  في الجزائر .لقد كفرت هاتان الحركتان جميع الوطنيين الجزائريين  لأنهم (استعاضوا عن الدين وعن شرع الله  بوثن اسمه الوطن ) فاعتبروهم وثنيين " لا حظ قرب  الصوتي  بين وثنيين و وطنيين "  يجب قتلهم !

  ولكن هل الدفاع عن الناس ووطن الناس  وثروات الناس بوجه الغزاة الإمبرياليين أو  ،على الأقل ، هل أن محاولة كبح جماح الغزاة ومحاصرة و تفكيك أبشع دكتاتورية وجدت في المشرق العربي منذ مطحنة الحجاج الثقفي جريمة في عرف "الشيوعمالية الجديدة "  ؟  و بناء عليه ، هل تعتبر ملحمة الدفاع عن الوطن السوفيتي في ظل قيادة الدكتاتور الدموي ستالين  إبان الهجوم النازي في الحرب الغربية " العالمية الثانية " و الذي دفعت الشعوب السوفيتية ثمنه عشرين مليون حيوة إنسانية لتحرير أوطانها  والمساهمة في تدمير الوحش النازي في عقر داره " برلين " ،هل تعتبر  هذه الملحمة جريمة هي الأخرى ؟ وماذا كان يملك العمال في الدولة الستالينية غير شواربهم السميكة  بعد أن سُرقت منهم مجالسهم السوفيتية ؟  في حال الإجابة على هذه التساؤلات بالإيجاب لم يبقَ  إذن إلا أن يتخلى المؤيد للشيوعية العمالية عن ملابسه حين  تهاجمه مجموعة من اللصوص وقطاع الطرق لئلا يرتكب جريمة  تأييد الحرب والدفاع عن الوطن البرجوازي  !

 و أيضا، و في السياق ذاته ، ماذا يقول الكاتب الشيوعي العمالي عن حرب  التحرير التي خاضها الفيتناميون والجزائريون ؟ ماذا عن المقاومة السلمية التي قادها غاندي وتحررت بنتيجتها الهند ؟ 

  من البديهي إننا  لا نقول بأن النظام الشمولي في بلادنا وحزب البعث الذي يقوده ينتميان  نوعيا أو عضويا أو كيفيا لقوى تحريرية كهذه، فقد أعلنا مرارا  وتكرارا  أنه نظام جائر و دكتاتوري  ومتخلف ولكن من يستبدل التخلف المحلي  بالاستعمار الأجنبي والعبودية للأمريكان هو كمن يستبدل الطاعون بالكوليرة . وإنما نقول يجب الوقوف ضد العدوان الوشيك ،  وتطويق النظام بخيارات الإنقاذ الديموقراطية كخيار تسليم السلطة طوعا الى مؤتمر شعبي للمصالحة كما اقترحنا في مقالتنا موضوع نقد السيد سمير عادل ، أو أية خيارات سلمية أخرى قد تؤدي الى كبح جماح المعتدين الإمبرياليين وتعرقل خططهم العدوانية  وتسمح بتفكيك النظام الشمولي  القمعي المذعور  باتجاه تعددية ديموقراطية حقيقية ،  تلغي حربا أهلية شبه حتمية من تاريخ شعبنا . فهل  ينطوي هذا المسعى ، أو هذا الاقتراح ، وحتى لو كان خياليا وغير عملي  ،على  معانٍ ومواقف سياسية  رجعية ومضادة للتاريخ ؟ 

  نحن نعلم أن تلك الخيارات  سيرفضها النظام  ، ولكن ، ولانعدام الوسائل الأخرى في الوقت الحاضر على الأقل للإطاحة به عن طريق العصيان المدني أو التمرد المسلح واسع النطاق فلا بد من طرحها وتكرارها وتطويرها ومحاصرة النظام بها وتحميله مسئولية عناده الأحمق وجشعه الى السلطة والزعامة المغمسة بدماء الناس التي سوف تتسبب بدمار هائل للبشر والبلاد . وإذا كان سمير عادل  يعلن أنه لا يذرف دمعة واحدة لسقوط النظام فنحن لن نذرف نصف دمعة إذا ما حدث ذلك ، ولكن حيثيات الواقع المر وفي كل مرة يجعجع فيها  سلاح الإمبريالية الأمريكية في سماء العراق تقول  بأن آلاف العراقيين  هم الذين يسقطون  قتلى والنظام باق على حاله ! فليجرب السيد سمير عادل إذن أن يذرف دموعه بسخاء على هذه الآلاف من مواطنيه الممزقين بشظايا الصواريخ و القنابل الذرية  التكتيكية ! ترى  ، أليس التخلي عن المقاومة والدفاع عن الناس في وطنها وعن هذا الوطن وثرواته  المستهدفة  هو سوق فعلي للناس عمالا وغير عمال  الى المقصلة النووية الأمريكية ؟

 

   أما عن استعداد ما يسمى "بحركة الشيوعيين العراقيين "  للقتال تحت راية صدام حسين، فهذا رأيهم ، وهو رأي أحمق  لا يستحق المناقشة  و وهو أيضا مفعم برائحة مخابراتية  تخرجهم حتى من نسبة حركتهم الى الشيوعية و تجعلهم عمليا  (حركة البعثيين العراقيين الاحتياط ) أو إن شئنا ترطيب المناخ  أسميناهم حركة ( الشيوبعثين العراقيين ) ! ومع ذلك فلم يكن سليما ولا هو عادلا خلط المسميات والأوراق والإيحاء وأن هؤلاء الناس و الإسلاميين من أمثال الخالصي والإسلاميين من أمثال باقر الحكيم " سواء بسواء  ، مع أنني أرجح أن هناك زلة قلم ارتكبها  كاتب المقالة  في إحدى الفقرات حين  طرح  بنبرة ساخطة ومفتعلة سؤالا يلخص كل هذه الدوغما البائسة والقراءة التحنيطية للأدبيات الماركسية الكلاسيكية فكتب ( الى متى ، والسؤال موجه الى الذين يعرفون أنفسهم بأنهم يساريون وشيوعيون ، يسوقون الجماهير الكادحة والمحرومة الى مقصلة ومصالح البرجوازية تحت راية الدفاع عن الوطن ومحاربة الإمبريالية الأمريكية ، الى متى ترتكب المذابح بحق الطبقة العاملة العراقية وأبنائها دفاعا عن وطن وأرض لا يملك فيه هؤلاء العمال سوى بؤسهم وشقائهم ؟ عن أي وطن تدافعون يا سيد علاء اللامي ويا باقر الحكيم ؟)  ومعلوم  أن المذكور أخيرا لا يدافع عن وطن بل يكدح ويتاجر من أجل  كرسي السلطة حتى ولو كان بثلاثة  أرجل   ليختصر  به الوطن  حتى إذا كان ثمن  ذلك الكرسي المشؤوم  سرقة ملفات سرية تخص تسليح  الجيش العراقي وإرسالها باليد الى "الأسياد" في واشنطن !

    ولكن لنعد الى الخطبة العصماء التي ألقاها  سمير عادل لنجده للأسف الشديد قد فهم المقولة الماركسية المعادية لحروب البرجوازيات الغربية في مفتتح عصر التوسع الاستعماري فهما شديد الميكانيكية والسطحية ، فاعتبر أي دفاع عن أي وطن خطأ وشوفينية . إنه لا يلحظ حتى تفاصيل الواقع والتي تقول : ليس اليساريون والإسلاميون  هم من يسوقون الجماهير الكادحة والطبقة العاملة التي أصبحت صنما مقدسا لدي السلفية الستالينية الجديدة الى المقاصل والحروب، لا بل أن حروبا بشرية بين طرفين متحاربين أو أكثر  لا وجود لها  في حالة العراق أو أفغانستان  اليوم  ، إنما الموجود هو شعب محكوم بنظام دكتاتوري شمولي  يتعرض الى عدوان إمبريالي يستهدفه كبشر وأرض وثروات ، فماذا ينبغي أن يفعل الثوريون حسب رأي  " الشيوعمالية "؟ هل يجب أن يتفرجوا على المذبحة ويدوروا حول الجثث كالهنود الحمر الذين أبادهم أسلاف "آل بوش"  فإذا انتهت رقصة الموت  تحركوا لتشكيل مجالسهم السوفيتية العتيدة على عظام العمال والفلاحين ؟

   إن قراءة كهذه القراءة التي يقوم بها الأصدقاء في الحزب الشيوعي العمالي لكلاسيكيات الماركسية والتاريخ العالمي  قد تجعل المرء يتمنى أن يصاب بالرمد الفوري لكي لا يكمل القراءة  !

   باختصار، يمكن القول أن "العميل" الذي يتخلى عن وطنه فيقدمه لقمة سائغة للضواري الإمبريالية ،كما تفعل المعارضة العراقية في التحالف السداسي خصوصا ، يتساوى في عرف وقانون هذه "الدوغما" الشيوعمالية  مع الثوري الذي يناضل من أجل إنقاذ هذا الوطن بمن وبما فيه من بشر وثروات . وحين يرد علينا البعض مسفهين هذا الخط الثوري والأخلاقي بالقول إن ماركس قال  قبل قرن  ( ليس للبروليتاريا وطن ) نقول أجل وكان يعني ( ليس للبروليتاريا وطن فقد سرقته البرجوازيات المتقاتلة على ما فيه من ثروات وعلى ما ترتبط به من مستعمرات والحل الثوري هو في إسقاط تلك البرجوازيات وتحرير الأوطان منها. وبما أن بيننا وبين إسقاط هذه الأنظمة البرجوازية خرط القتاد كما قالت العرب! فلنتواضع على الأقل برنامجيا ولنحاول إنقاذ الشعب العراقي من المحرقة النووية التي يهدده  بها الذئبان شارون وبوش علنا ودون وجل .

  باختصار أشد : لسنا بصدد حرب  بين دولتين برجوازيتين متكافئتين ، بل لسنا بصدد حرب من أي نوع ، وهذا خطأ يقع فيه الكثيرون من حسني النوايا ،  بل نحن  إزاء مجزرة نووية رهيبة سترتكبها الولايات المتحدة بحق الشعب العراقي مستغلة رعونة النظام المستبد وعجزه وتعلقه بالسلطة تعلق المدمن بزجاجته  . وعلى هذا فإن التهكم والنقد السياسي  الذي يوجهه كاتب التعقيب  لفكرة ( مؤتمر الإنقاذ والمصالحة بغية إنهاء الدكتاتورية وإعادة السلطة الى الشعب عبر قيام جمعية وطنية تأسيسية من  داخل هذا المؤتمر ) أقل ما يقال عنه أنه سطحي وبالغ السذاجة ، فقد عارض كاتب هذه السطور ، ومازال يعارض قيام أي حوار مع النظام الحاكم قبل أن يقطع هذا الأخير نصف المسافة على الأقل باتجاه تفكيك الدكتاتورية ومعالجة ملفات الماضي الدموي. وهو لم يدعُ الى مصالحة بين المعارضة العميلة والنظام كما فهم وعلق كاتب المقالة بل دعا الى المباشرة بهذا الخيار السياسي الكفيل بكبح جماح العدوان وتجنيب البلد حربا أهلية شبة حتمية بعده ، ليتوج هذا المسار بالتصالح بين المكونات السياسية للساحة العراقية التي انحازت نهائيا الى الديموقراطية و العلمانية " كنظام حكم  تعددي لا مركزي ومحايد طائفيا "  . لقد فضل سمير عادل قراءة المقالة التي تضمن تلك الأفكار والمقترحات كما يقرأ البيان السياسي الحزبي وليس كوجهة نظر بحثية مشغولة بقلق إنساني عميق  لشخص لا يشرفه البتة أن يكون رجل سياسية محترف فكان أن انتهى المعقب  الى تلك التهكمات والأهاجي والاستنتاجات فاقدة العمق والجدية ، مقدما بذلك مثالا طازجا وعمليا على الكيفية التي تتحول بها النظرية الثورية المفسرة للعالم بهدف تغييره الى دوغما ستالينية عادية  مغطاة بالصراخ والضجيج والسعال الديكي.  ومعلوم أن هدف هذه الدوغما  ليس معرفة الحقيقة بل الحلول محلها واعتبار الأنا الحزبية أو الفردانية  هي الحقيقة ،والحقيقة هي الأنا، و كل ما هو خارج هذه الأنا  سيكون  طبعا .. خارج الحقيقة ! والمؤسف أن تجربة أو حركة تسمي نفسها ثورية وتفكر بهذه الطريقة  الحلولية ستخرج من التاريخ حتى قبل أن تدخل فيه .

 

اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق 2002 / 9 / 10 سمير عادل الانهزامية والاوهام في ذلك الفصيل من اليسار العراقي

 



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكلٍّ منا إمبراطورهُ .
- دعوا الانتفاضة تنتصر وإلا فانسحبوا من الواجهة !
- لبراليون من نوع آخر !
- كيف رد علي بن أبي طالب على جورج بوش زمانه !
- الإرهاب الفكري في الفضائيات
- بيان الخمسة وثلاثين مثقفا عراقيا : الصمت على العدوان الأمريك ...
- انتحار مدينة فاضلة !
- جريدة ابن الرئيس والتهجم على الشيعة : تخرصات واستفزازات خط ...
- أبو العلاء الآخر ..وهموم الحاضر .
- التاوي والسحّاب والحرب !
- الظاهرة الطائفية في العراق : التحولات والبدائل . - الجزء ال ...
- أول الغيث " بامرني " : تركيا الأطلسية تريد مياه الرافدين ونف ...
- الظاهرة الطائفية في العراق : تفكيك الخطاب والأدلوجة .- الجزء ...
- الظاهرة الطائفية في العرق:محايثة التاريخ والوقائع -الجزء ال ...
- الظاهرة الطائفية في العراق :التشكل الطائفي والرموز . - الجزء ...
- توثيق حول مجزرة الوثبة المجيدة 1948 !
- الظاهرة الطائفية في العراق :المقدمات والجذور - الجزء الأول
- الحصاد المر للتجربة الملكية في العراق :
- دفاعا عن عراقية الشيخ الآصفي !
- ردا على داود السحّاب !


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - الحزب الشيوعي العمالي و العدوان الوشيك على العراق : دوغما ستالينية مغطاة بطبقة من الصراخ