أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - التاوي والسحّاب والحرب !















المزيد.....



التاوي والسحّاب والحرب !


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 232 - 2002 / 8 / 28 - 04:01
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                                                                                                       

                                                                    

التاوي هو المؤمن بالديانة التاوية ، وهذه الأخيرة هي الوحيدة التي جاءت من الفلسفة بعد تحولات تاريخية طويلة ومعقدة . من المعتقدات التاوية المتعلقة بأمور الدنيا ،والتي تدخل في باب الاستذهان المقارن أو وحدة الإبداع البشري لأنها تكررت في جميع الديانات بهذا الشكل أو ذاك ، يمكننا الإشارة الى الدعوة الى المساواة والعدالة والجمال والسلام  ومعاداة الحروب والسيطرة والاستبداد . الفقرات التالية الواردة في كتاب التاو " تاوتي تشينغ " تعطي  القارئ فكرة واضحة عن هذه المعتقدات ،وقد اعتمدنا على الترجمة العربية لهذا الكتاب  المقدس التي قام بها أستاذنا الراحل هادي العلوي البغدادي والصادر سنة 1995 :

-      كل من تحت السماء يمكنهم رؤية الجمال جمالا لأن ثمة قبحا .

-       انتج ولا تملك ، قُدْ ولا تسيطر .

-  يوم تتويج الإمبراطور أو تنصيب الوزراء ، لا تبعث هدية من "اليشب" أو فصيلا  من أربعة خيول ، بل الزم مكانك وأظهر التاو .

-      عدم جمع الكنوز يمنع السرقة .

-       العنيف يموت ميتة عنيفة  .

-       السلام يسهل الحفاظ عليه والمصائب يمكن منعها قبل أن تبدأ  .

-       لماذا لا يعبأ الناس بالموت ؟  لأن الحكام يطلبون ثمنا باهظا للحياة .

-       معرفة الجهل قوة وجهل المعرفة سقم .

-       الجندي الجيد ليس عنيفا ، المنتصر الجيد ليس انتقاميا .

-   في الجيش يقف القائد الى اليسار ورئيس الأركان الى اليمين ، يعني هذا أن الحرب تدار على شاكلة الجنائز (...) ما الفرق إذن بين النصر والجنازة ؟

   أود أن يتوقف القارئ معي عند المبدأ التاوي المعادي للعنف والحروب والداعي الى المحافظة على السلام ومنع الكوارث فهذا المبدأ الإنساني الخالد لم يرد بهذا الوضوح والقطعية بل والشفافية في أي نص قديم آخر . إنه نص تصبح الحرب بموجبه جريمة  وفعلا خطيرا يهدد الحياة الإنسانية كلها ولنلاحظ أيضا الدقة في الحبكة المنطقية التي تقوم عليها هذه القناعات فهي تساوي من حيث المصير  والقيمة بين المنتصر والمهزوم بين النصر والجنازة" الموت "  وبين شكل الجيش والجناز. وفي آية أخرى يقول التاو : حين يجتاز الجيش غابة أو أرضا مزروعة فإنهما تتحولان  الى أرض يباب قاحلة . الحرب بالمعنى التاوي للكلمة هي إذن  خراب وموت ودمار ، ولذا ينبغي الوقوف ضدها ومعاداتها. ثمة أيضا عدم التمييز في جوهر هذا المعتقد. فهو ضد الحرب سواء كانت ضدنا " ضد شعبنا " أو ضد أي شعب آخر، وهو ضدها سواء كان " جيشنا" فيها منتصرا أو مهزوما .. وهكذا وتطبيقا لما تقدم من مبادئ ومعتقدات ستكون إجابة  الإنسان  التاوي إذا سئل اليوم عن  رأيه  في الحرب القادمة التي تهدد بشنها الولايات المتحدة الأمريكية  ضد العراق : إنها مدانة  ولا أخلاقية وأنا ضدها !

لنر الآن كيف ينظر السحاب الى هذه الحرب القذرة والغزو  الوشيك :

السحاب : صفة أطلقها العرب القدماء على الكلب المصاب بالسعار والذي ينبح ضد كل ما يراه سواء كان  بشرا أو شجرا أو حجرا بل ويتجاوز ذلك إذا لم ير شيئا قربه فينبح على الغيوم والسحاب التي يراها في السماء ، ومن هنا جاء اسمه " السحاب " أي النابح على السحاب .

إن  "السحابين" في أيامنا هذه ، وفيما تخيم أجواء جريمة كبرى وحرب أقرب الى المجزرة الجماعية النووية  بحق الشعب العراقي راحوا يخطبون ويروجون ويزعقون بحماس تأييدا   لشن هذه الحرب ، بل وقد تطوع بعضهم للمشاركة فيها فعليا لتحقيق أهداف سياسية شخصية حرمهم من تحقيقها حكم مستبد متخلف و دموي . المأساة الحقيقية ليست في كون هؤلاء يجهلون حقيقة ما يجري وقد ينتهي باحتلال بلدهم ، بل هي في كونهم يعرفون هذا وسواه الكثير فأي تبرير أخلاقي أو حضاري يمكن أن يغلفوا به جشعهم وأرواحهم القزمة ؟ أليست هذه هي أرواح السادة اللصوص الذين حدثنا عنهم التاو :

البعض يلبسون الثياب الفاخرة

ويحملون الصوارم

ولديهم أكثر مما يستعملون

أولئك هم السادة اللصوص .

 

===================

هامش : هذا النص هو المقالة الأسبوعية التي ينشرها الكاتب كل يوم ثلاثاء في ركن ( زمان جديد ) من جريدة  " الزمان " على الصفحة الأخيرة منذ عدة أشهر وللأسف فقد اختفت العبارة  الأخيرة والمهمة من الآية التاوية التي ختم بها نص المقالة  كما نشرت في عدد  الثلاثاء 27/8/ 2002  والتي تقول ( أولئك هم السادة اللصوص ) ولا ندري في الواقع  إن كانت العبارة قد سقطت سهوا أو خوفا من ( أولئك السادة اللصوص ) .



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الظاهرة الطائفية في العراق : التحولات والبدائل . - الجزء ال ...
- أول الغيث " بامرني " : تركيا الأطلسية تريد مياه الرافدين ونف ...
- الظاهرة الطائفية في العراق : تفكيك الخطاب والأدلوجة .- الجزء ...
- الظاهرة الطائفية في العرق:محايثة التاريخ والوقائع -الجزء ال ...
- الظاهرة الطائفية في العراق :التشكل الطائفي والرموز . - الجزء ...
- توثيق حول مجزرة الوثبة المجيدة 1948 !
- الظاهرة الطائفية في العراق :المقدمات والجذور - الجزء الأول
- الحصاد المر للتجربة الملكية في العراق :
- دفاعا عن عراقية الشيخ الآصفي !
- ردا على داود السحّاب !
- القاعدة والاستثناء في الغزو الأمريكي القادم للعراق :تفكيك ال ...
- التجربة الإسكندنافية
- تقرير كوفي عنان واغتيال شهداء جنين مجددا !
- تنويه الشيخ الآصفي عودة الى عهد الفتن والفتاوي التكفيرية !
- الفاسية والفاسيون
- يشعياهو يصفع القتلة !
- مجزرة " حي الدرج" في غزة : خطوة أخرى على طريق زوال الدولة ال ...
- للرجال والنساء فقط
- عدالة الذئاب البشرية
- أخلاقيات القتال


المزيد.....




- مصدردبلوماسي إسرائيلي: أين بايدن؟ لماذا هو هادئ بينما من ال ...
- هاشتاغ -الغرب يدعم الشذوذ- يتصدر منصة -إكس- في العراق بعد بي ...
- رواية -قناع بلون السماء- لأسير فلسطيني تفوز بالجائزة العالمي ...
- رواية لسجين فلسطيني لدى إسرائيل تفوز بجائزة -بوكر- العربية
- الدوري الألماني: هبوط دارمشتات وشبح الهبوط يلاحق كولن وماينز ...
- الشرطة الأمريكية تعتقل المرشحة الرئاسية جيل ستاين في احتجاجا ...
- البيت الأبيض يكشف موقف بايدن من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ف ...
- السياسيون الفرنسيون ينتقدون تصريحات ماكرون حول استخدام الأسل ...
- هل ينجح نتنياهو بمنع صدور مذكرة للجنائية الدولية باعتقاله؟
- أنقرة: روسيا أنقذت تركيا من أزمة الطاقة التي عصفت بالغرب


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - التاوي والسحّاب والحرب !