أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - عدالة الذئاب البشرية















المزيد.....

عدالة الذئاب البشرية


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 202 - 2002 / 7 / 27 - 09:17
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                                             

تناقلت وسائل الإعلام  قبل أيام قليلة خبرا مفاده أن محكمة قبلية في الباكستان أصدرت حكما عجيبا ولا إنسانيا على شقيقة شخص متهم بإقامة علاقة جنسية سرية مع امرأة  يقضي بأن يغتصب أربعة رجال من  قبيلة المرأة " ذات العلاقة السرية "  علنا وأمام الجمهور تلك الفتاة البريئة والتي لم تتجاوز بعد الثامنة عشرة من عمرها وبعد أن نفذ الحكم أعيدت الفتاة المغتصبة الى قبيلتها ولكن عارية .هذا الخبر الذي توقفت عنده وسائل الإعلام العالمية بدهشة واستغراب وإدانة  يصلح ليكون مناسبة طيبة لتجريب طريقة التفكير النقدي ومحاولة الغوص في عمق الحدث المأساوي بدلا من استهلاكه ببلادة وسطحية كأي نوع من الكرزات .

   يمكن النظر الى هذا الخبر/ الحدث مثلا كفضيحة إجرامية لا سابقة لها في تاريخ الإنسان واستثناء صادر عن وضع استثنائي لمجتمع استثنائي .ولكن وقائع التاريخ تدحض هذه النظرة تماما  إذ أن تاريخ الإنسان ليس على تلك الدرجة العالية من النقاء والنظافة فجرائم اغتصاب النساء والأطفال تكاد ان تكون عادة يومية وفي المجتمعات التي تسمى متطورة والمتخلفة على حد سواء . و "ليلة الدخلة " في الزواج الشرعي الديني و المدني في أغلب مجتمعات العالم  أشبه بعملية اغتصاب لتأكيد فحولة الذكر على المستوى الفردي وليكن بعد ذلك مخنثا على المستوى العام  وبلا رجولة أمام السلطان الجائر  أوالغزاة الأجانب ! دع عنك ما تحفل به كتب التاريخ والتراث  عن مذابح وجرائم جنسية تقشعر لهولها الأبدان ومن أشهرها جرائم الأمير الأسطوري الدموي شهريار الذي كان يغتصب ويقتل امرأة كل ليلة حتى وصل الدور الى شهرزاد فتوقف عن سفك الدم المؤنث .والغريب أن جهود الفدائية " شهرزار " لم تفلح في إنقاذ بنات جنسها فحسب بل إنها تفضلت على المجرم شهريار نفسه فجعلت الناس تنسى  جرائمه  ولا تتذكر منه فقط إلا ذلك الأمير البدين والذي يقضي ساعات الليل فاتحا فمه كأي أبله في سوق الدجاج  مذهولا بخرافات خيال شهرزاد الخصب حتى الجنون !

  ويمكن النظر الى هذا الخبر كدليل على التخلف الحضاري لعالمنا العربي و الإسلامي والشرقي بعامة  الذي لا شفاء منه وهذه النظرة القادمة من عقل مصاب بالدونية ومطعم بعقد النقص  ينسى أصحابه أن الفلاح الإنجليزي كان قبل قرنين من الزمان  يربط زوجته من عنقها بحبل ويقودها صباحا الى سوق البهائم ليبيعها هناك . أما في الحروب الصليبية فقد انتشرت في أوروبا الغربية  صناعة ما سمي آنذاك حزام العفة  ( لا سنتور دي شازتيت ) وهو حزام بقفل و مفتاح يربطه المقاتل الصليبي حول "وسط " زوجته أو بناته ثم يقفله ويضع المفتاح في جيبه قبل أن يذهب الى أداء " الحرب المقدسة  ! وهكذا فالبشر سواء وإنما تولدت الفروق بينهم بفعل التطور والصعود الحضاري والخروج من مستنقعات الركود والنعاس الاجتماعي بفعل الرجات والاكتشافات والتمردات والثورات الفكرية والفنية والأدبية وأخيرا السياسية ..

ثمة أيضا نظرة تبحث عن عدالة لا تخلو من السذاجة  والسخرية تذهب الى القول ( إذا كان لا بد من معاقبة الشاب الذي أقام علاقة  جنسية سرية مع تلك المرأة فلماذا لم تنفذ العقوبة به هو كمرتكب للجرم  ؟ ) وهذه النظرة ليست بعيدة عن عدالة الذئاب البشرية التي حكمت باغتصاب الفتاة لأنها ترد على الخطأ الإنساني  بفعل وحشي ضد حيوان (إنسان جرد من إنسانيته قسرا)  وليس بعقوبة ذات بعد تربوي ضد إنسان مخطئ إذا ما اعتبرنا العلاقة الغرامية السرية خطأ .

  ولكن ، الى أية درجة ، يمكن اعتبار هذه الجريمة البشعة مثالا مقطوعا لا نظير له ؟ أليس ممكنا الاعتقاد بأن هناك الكثير من الجرائم المشابهة وربما الأكثر بشاعة ولكنها لم تحظ  باهتمام مشابه لسبب بسيط هو أنها لم تصل الى خراطيم وعدسات وسائل الإعلام العالمية ؟ ولكن أين الحكومة والدولة الحديثة في هذا الإطار ؟ ما فائدة القنبلة النووية التي صنعها العلماء  وأدخلت الباكستان الى نادي الأقوياء النوويين إذا كان هذه الحادثة البربرية قد أخرجتها كدولة و قبائل من دائرة العدالة الإنسانية وقذفت بها في حضيض عدالة الذئاب البشرية ؟ أي عقوبة تقترح أيها القارئ الكريم أن يحكم بها على أولئك الشيوخ الذين أصدروا حكم الاغتصاب الجماعي العلني بحق الفتاة وعلى الرجال الأربعة الذين نفذوه ؟  اقترح ما تشاء لكن  بشرط البقاء في الدائرة الأولى ، دائرة العدالة الإنسانية !

 

  


#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخلاقيات القتال
- عسكر وحرامية ومناضلون !
- المسودة الكردية للدستور العراقي المقترح : المقياس الديموغراف ...
- المسودة الكردية للدستور العراقي المقترح : توسيع كردستان حتى ...
- الوهراني والسخرية السوداء
- حق العودة الفلسطيني هو قلب الصراع :اتفاقيات جنيف تمنع الفلسط ...
- استطلاعات الرأي الفلسطينية :توازن نسبي بين فتح والإسلاميين و ...
- حساب الإيجابيات والسلبيات في "إعلان شيعة العراق " -الجزء الث ...
- حساب الإيجابيات والسلبيات في -إعلان شيعة العراق - : آليات ال ...
- عروبة العراق وحقوق الأقليات :حول التناقض المفتعل بين هوية ال ...
- الى موقع عراق نت والمسؤولين عنه
- باقر الصراف وجماعة - التحالف الوطني- : محاولات بائسة لتشويه ...
- ردا على كوردة أمين :حول الابتزاز باسم العداء للكرد والشيعة : ...
- النزعة العراقوية من الجاحظ إلى عبد الكريم قاسم .
- كركوك والموصل في الكعكة السياسية : حين تتحول الأوهام الشوفين ...
- توجان الفيصل ..سلاما !
- ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة العبودية :قراءة في رسالة مفتو ...
- ثقافة الذبح العشائرية : و نقتل الأكراد مجانا..!!
- لتكن "كركوك" أنموذجا لعراق المستقبل والسلام والمواطنة الحقة
- بعد السماح للعراق باستيراد الفؤوس والرماح : هل سينتهي العراق ...


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - عدالة الذئاب البشرية