أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - علي الأسدي - الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية...( الخامس)..















المزيد.....

الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية...( الخامس)..


علي الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 4006 - 2013 / 2 / 17 - 23:10
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مع ملاحظات على مقال الرفيق النمري ( الصين وروسيا لن يعودا الى النظام الرأسمالي )

الأجزاء الأربعة السابقة من هذا المقال " الصين الشعبية والانتقال الى الرأسمالية " ربما أخفقت في الاجابة على التساؤل : هل انتقلت الصين الى الرأسمالية فعلا أم لا ، واذا كان الجواب بالايجاب ، فرب قارئ يتساءل غاضبا : لم اذن كل هذه الثرثرة عن اشتراكية لم تعد موجودة لا في الصين ولا في أي بلد آخر..؟
وأليس من الأفضل التحدث عن الرأسمالية الصاعدة التي تتحدث عن نجاحاتها الأرقام لا الأحكام الصادرة من كاتب على بعد آلاف الأميال عن الصين يقبع في محراب لا كهرباء فيه ولا ماء صالحا للشرب يجتر عبارات وأرقاما أكل الدهرعليها وشرب..؟

واذا ما تمعنا جيدا بما كتبه رفيقي الاستاذ فؤاد النمري في مقاله الأخير بتاريخ 11-2-2013 تحت عنوان " الصين وروسيا لن يعودا الى النظام الرأسمالي " فان رد الفعل المباشر على المقال كان صادما ، ولا استغرب أن أقرأ بعض التعليقات على المقال مثل " لا حول ولا قوة الا بالله العظيم ". فالقارئ قد يخرج بخلاصة اننا في عالم خال من الرأسمالية ، فالجشع واستغلال العمال قد تلاشيا وينبغي عدم الاشارة اليهما في بيانات الاحزاب العمالية واتحادات العمال ، وحتى قراءة الادب الماركسي والتجارب الثورية يعتبر مضيعة للوقت ، فنحن نعيش في عصر ما بعد الاستعمار والرأسمالية والاحتكار. ولا داع لأي جهد يبذل للتحذير من خطر رأسمالية لا وجود لها ، وانه لا خشية من الرأسماليين الأفراد ان وجدوا ، فمهما فعلوا للعودة الى عصرهم الذهبي فنصيبهم الخذلان.

لكن الموضوع الذي يثيره النمري عميق الدلالة ، فهو بنظرته وحسه الماركسي يعي جيدا ان الرأسمالية برغم كل ما بقي لها من أدوات لن تستعيد موقعها الكوني وان دورها التاريخي قد أفل ، وهي تنحسر شاءت أم لم تشأ طال الزمن أم قصر ، فالعمال قادمون. قد لا يأتون في الموعد المحدد ، وقد تنقطع بهم السبل ، لكنهم في الطريق الينا لينقذوا ما تبقى من كوكبنا الذي لم يأت عليه الجشع الرأسمالي. لكن الموضوع الذي نحتاج كقراء لمناقشته مع الرفيق النمري هو رفضه القاطع لاعتبار النظم الاقتصادية السائدة في الدول الصناعية نظما رأسمالية.

فرأس المال ، والأجور ، والايجار ، والربح ، والاستثمار والفائدة ، وانتاج السلع والخدمات والسوق وقواه الخفية والمعلنة تؤدي وظائفها تماما كما كانت تعمل منذ ريكاردو وآدم سمث ، ينظم عملياتها موظفون رفيعي المناصب ، يساعدهم ويسهل عليهم عملياتهم الانتاجية والتجارية وغسيل الأموال آلاف المصارف بودائع تقدر بمئات التريليونات من الدولارات. ويزداد ولا يتناقص عدد البليونيرات والمليونيرات اللاهثين للمزيد من الارباح في عالم لا يعترف به الاستاذ النمري بكونه عالما رأسماليا. وتدافع عن هذا النظام ومصالحه مئات القواعد العسكرية وملايين من أفراد القوات المسلحة التي تقف على أهبة الاستعداد لتنفيذ الأمر بالتحرك. روسيا والصين تعودان صاغرتان الى المرآب الرأسمالي بفعل الصراع الطبقي الذي يعمل مستقلا عن فكرنا وارادتنا كما تؤكد ذلك العلوم الماركسية ، وان هذا الصراع هو المسئول عن انهيار تجربة أكتوبر الاشتراكية مع بعض التحفظ من جانبي على دور الأفراد في انهيار الاتحاد السوفييتي (كرباتشوف مثالا).

الموضوع الذي لم يشبعه الاستاذ النمري بحثا هو الموقف من أكبر حزب شيوعي في التاريخ ، بعدد من الأعضاء يتجاوز ثمانون مليونا من الشباب الواعين ، الحزب الذي يقود أكثر من مليار ونصف المليار من البشر لبناء رأسمالية جشعة متوحشة وهمجية على انقاض اشتراكية دينامية ، صديقة للبيئة ونصيرة للكادحين والسلام حققت المساواة في نصيب الفرد من الثروة والدخل القوميين.

ظاهرة صعود الرأسمالية في الصين التي نحن شهودا عليها تحدث الآن امام أعيننا وتتطور بوتائر متسارعة ، حيث آلاف المشاريع الرأسمالية أخذت طريقها الى الوجود على حساب الآلاف من المشاريع الاقتصادية الاشتراكية الناجحة. لحظة تأمل منا لهذه التغيرات تضعنا جزئيا في تناقض مع اطروحة الرفيق النمري الذي لا يرى فيها تعزيزا للنظام الرأسمالي.

لكنه وهو يكرر ذلك دون كلل لم يطرح البديل ، لم يسمي الاشتراكية كبديل لذاك النظام الذي لن يعود الى روسيا أو الصين. وقد تكون استنتاجات النمري دليلا على تفاؤل مفرط بسقوط الرأسمالية عالميا أمام هبوب الرياح الاشتراكية عالميا أيضا ، وحتى هذا الاستنتاج مرفوض من قبله ضمنا ، لأنه يرفض قيام اشتراكية في أي مكان في العالم وخاصة في أطرافه بعد انهيار تجربة لينين الاشتراكية في روسيا.

واذا آمنا باطروحة النمري بان لا عودة للراسمالية الى روسيا والصين الا يحق للقارئ التساؤل : ما هو هذا الشيئ الذي عاد الى الدولتين الذي يوظف ملايين العمال لانتاج أشياء نافعة للناس حول العالم ، ومن أولئك الذين اقترضوا مليارات الدولارات من المصارف ووظفوها لشراء آلات عملاقة يحقق من ورائها بلايين الدولارات أرباحا بعد أن يدفع ملايين منها أجورا وايجارات وفوائد على رأس المال المقترض..؟

لا اعتقد ان الاجابة بلا أو نعم تفي بالغرض ، بل أجد من الضروري أن أميط اللثام عما يجري في الصين من نشاطات اقتصادية رأسمالية للوقوف عن قرب من ممارسات بعيدة عن التصور ، وللقارئ العزيز الحكم على طبيعة النظام الذي تنحدر نحوه الصين الشعبية منذ عام 1978.

من خلال قراءاتي للتجربة الاقتصادية الراهنة في الصين اكتشفت أن النمط الرأسمالي الذي يجري تنفيذه اليوم فيها هو النسخة البدائية لرأسمالية القرن الثامن عشر. ولا أجد التعبير المناسب لأصف الاساليب اللاانسانية في استغلال العمال من قبل أرباب وادارات العمل في دولة يقودها حزب شيوعي من أقدم الاحزاب الشيوعية في العالم. هذا الحزب الذي ما يزال يسمى بالحزب الشيوعي يلوذ بصمت القبور عن أبشع استغلال لكادحي بلاده من قبل الشركات الرأسمالية الصينية والاجنبية لا يماثله غير الكدح العبودي الذي مارسته الرأسمالية الغربية بحق الأفارقة السود الذين كانوا يسرقون من عائلاتهم في أفريقيا ويشحنون مكبلين بالسلاسل الى العالم الحر ليخدموا حتى الموت سادتهم الرأسماليين.

ومثال ذلك ما تناقلته وسائل الاعلام الغربية عن الممارسات الهمجية ضد العمال الفقراء الصينيين العاملين في أكبر شركة للمنتجات الألكترونية في العالم ، ولها زبائن في انحاء مختلفة من الكرة الأرضية ولها ثلاثة عشر مصنعا. تنتج الشركة وتسمى Technology Foxconn حوالي 90 ألف جهاز الكتروني سنويا لشركات Apple ,Dell ,Nokia, Hewlet- Pacard, Sony, ، وغيرها بالعشرات. في عام 2010 حدثت فيها اكبر محاولة انتحار في العصر الحديث ، حيث قام عشرون عاملا بمحاولة انهاء حياتهم احتجاجا على ظروف العمل التي يجبرون عليها ، وقد تم انقاذ ستة فقط بينما فقد اربعة عشر عاملا حياتهم. ومرت تلك الحادثة دون رمشة عين من رئيس الدولة وقيادة الحزب الشيوعي في حين تحركت الجماهير التونسية في ثورة غضب اطاحت برؤوس النظام التونسي كرد فعل على انتحار عامل واحد.

الجناح اليميني في الحزب يشجع هذا الاستغلال ، لأن عددا من المسئولين الحزبيين المحليين يعملون في تلك الشركة وينتفعون من الرأسماليين. وعندما يطرح الجناح اليساري في الحزب الظروف السيئة التي يعمل في ظلها العمال وبضرورة اعادة توزيع الدخل لصالح العمال ، يطرح الجناح اليميني الظروف الاقتصادية الصعبة التي ستنعكس على نشاطهم فيطالبون من جانبهم بتخفيض الضرائب على دخولهم وباعادة توزيع للدخل لصالحهم هم.

يجبر العمال على العمل لمدة اثنا عشر ساعة في اليوم أو أكثر ، ولهم فقط عشر دقائق للراحة ، واذا ما رغب أحد العمال لزيارة المرافق العامة فيجب أن يكلف أحدا للقيام بواجباته خلال ذلك. ويجبرون على العمل الاضافي بنصف الأجر ، ولا تدفع لهم أجورهم أحيانا في الموعد المحدد ، حيث يستلمون بدلها قسيمة تعتبر الاجر غير المدفوع دينا على الشركة. ويحدث أن لا تدفع الشركة حصص العمال التقاعدية.

ومهما حاول العمال الدفاع عن حقوقهم بمقاضاة الشركة لمخالفتها القوانين النافذة تفشل محاولاتهم ، لأن الشركة من القوة والنفوذ بحيث لا احد له سلطة مساءلتها. وان 87% من المصانع تحرم العمال من حقوقهم في التمتع بالعطل الاسبوعية والمناسبات الوطنية المدفوعة الأجر. تعتبر هذه العطل أمرا روتينيا في القطاع العام وتنص عليه القوانين النافذة ، لكن الشركة لا تعترف لهم بذلك وتجبر العمال على اعتباره يوم عمل.

ممارسات كهذه لم نعد نسمع عنها حتى في البلدان المتخلفة اقتصاديا ، لكنها شائعة في المشاريع الاقتصادية الخاصة والاجنبية العاملة في الصين. وهناك جانبا آخر من الممارسات ما تزال الكتابة عنها شحيحة ومحدودة الانتشار، لكن تبعاتها على الاقتصاد والمجتمع والبيئة كارثية بكل المقاييس. ففي تقرير صادر عن ادارة البيئة سرب الى الصحافة الأجنبية ، يعكس ما تعجز المؤسسات المحاسبية الصينية والدولية من الوصول الى تكاليفه الاقتصادية والاجتماعية الحقيقية.(12)

تطرق التقرير الى النتائج التي قادت اليها النشاطات الاقتصادية الساعية للربح السريع ضمن سياسة اقتصاد السوق الراهنة ، محذرا بانه اذا استمرت الصين في هذا الطريق التقليدي في التصنيع فليس هناك اي حظ في أن يكون لها تطورا اقتصاديا مستقرا ، لأن الثروة الطبيعية والبيئية قد وصلت مداها الآن. فنهر اليانتسي تحول الى مكب للمياه الثقيلة ، ومياهه مسممة بسبب النفايات الصناعية غير المعالجة. كما ان هناك نقصا في الموارد الطبيعية من كل الأصناف بما فيها الطاقة والغابات والمياه والأراضي ، فهذه أصبحت ملوثة بالنفايات المشبعة بالسموم التي تسببت في فقدان الكثير من الكائنات البرية. وان 75% من مياه الانهار التي تجري داخل المناطق الحضرية غير صالحة للشرب أو الصيد.

وان هناك 60 مليونا من سكان الصين ليس لهم مياها صالحة للشرب ، وان ثلاثة اضعاف هذا العدد يشربون مياها ملوثة ، وان ربع الأراضي الصينية أجبرت عشرات الالاف من سكانها على هجرتها بحثا عن أراضي صالحة للحياة. وان سبعة من كل عشرة مدن صينية تعتبر الاكثر تلوثا في الصين ، وان 300 مدينة صينية فشلت في الوصول الى المواصفات التي حددتها منظمة الصحة العالمية ، ويعني ذلك انها غير صالحة للسكن البشري الحضري.

وهناك ماهو أكثر مأساوية في الحياة اليومية للشعب الصيني التي قادت اليها سياسة اقتصاد السوق ، فمن مجموع 800 مليون من سكان الريف الذين كانوا يعتمدون على الخدمات الصحية العامة في ظل الاشتراكية حرموا منها بعد التحول نحو اقتصاد السوق. واذا اخذنا مجموع سكان الصين فان 4% منهم فقط يتمتع بالرعاية الطبية العامة مقارنة بتسعين في المائة قبل التحول الى اقتصاد السوق.

ووفقا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية ، (13) فان الصين اليوم تقع في نهاية قائمة الدول النامية التي تتيح لمواطنيها الرعاية الصحية العامة. وأكثر الناس تضررا من واقع الخدمات الصحية العامة في الصين هم النساء الحوامل ومرضى الأيدز الذي يشكل الوباء الأكثر خطورة لعدم تمكن ضحاياه من تغطية تكاليف علاجه. ومما يسبب انتشار مرض الايدز تجارة نقل الدم التي يضطر لها الفقراء من سكان الريف. و بينما كانت الدولة الاشتراكية توفر الرعاية الصحية العامة بدء من رياض الاطفال الى المدارس والكوميون والمصنع والمكتب عملت الليبرالية الاقتصادية لأوكسياو بنغ على انهاء كل ذلك.

وبحسب بعض التوقعات التي أجراها اقتصاديون صينيون وأجانب ان الاقتصاد الصيني سيتجاوز الاقتصاد الأمريكي عام 2020 في حالة استمرار النمو الاقتصادي بمعدل 10% والصادرات بنسبة 15% سنويا.(14)

لكن استمرار نمو الصادرات بهذه النسبة يتم على حساب الطبقة العاملة التي يتم استغلالها مقابل أجور حافة خط الفقر. لقد تمكنت الدولة بنتيجة ذلك الاستغلال من زيادة معدل التراكم الرأسمالي الذي بفضله زيدت الاستثمارات السنوية بنسبة 50% الناتج القومي الاجمالي.

البروفيسور Minqi Li ، الاستاذ المشارك حاليا في قسم الاقتصاد السياسي بجامعة Utah الأمريكية يعلق على نسبة 50% استثمارا سنويا فيقول : (15)
ان 30% الناتج القومي الاجمالي هي نسبة معتدلة وتضمن الاستقرار الاقتصادي ، لأن نسبة الاستثمار 50% الناتج القومي الاجمالي تخفض نسبة العائد من رؤوس الأموال مما يهدد استقرار النظام المالي الصيني ، حيث أكثر الاستثمارات ممولة عن طريق القروض المصرفية ومصادر أخرى. أمام هذا الواقع يفترض أن تخفض الاستثمارات الى حدود 30% الناتج القومي. لكن خفض الاستثمار بنسبة 20% ( من 50% الى 30% ) يتطلب زيادة الاستهلاك الداخلي بنسبة 20% ، بعبارة أخرى زيادة دخل المواطنين بنفس النسبة أي 20%. ولأن أكثرية الشعب الصيني تعتمد على الأجور كمصدر رئيسي للدخل ، ولأجل زيادة استهلاكها بنسبة 20% يتطلب اقتطاع ما نسبته بين 15 الى 20% من دخل الرأسماليين واعادة توزيعه على العمال الأجراء. لكن اجراء كهذا سيواجه بلاشك بمقاومة متزايدة من الطبقة الرأسمالية.

وتدور مناقشات واسعة داخل المجتمع الصيني حول عدم المساواة الواضحة في توزيع ثمار النمو الاقتصادي. فهناك اعدادا متزايدة من المثقفين والناشطين الاجتماعيين يضغطون من أجل اعادة التفكير ببرنامج " اشتراكية اقتصاد السوق ". وبضرورة انعاش المشاريع الاقتصادية القائمة على الملكية العامة لوسائل الانتاج ، وأن يعاد توزيع الدخل والثروة من الأثرياء الى الفقراء لضمان الاستقرار الاجتماعي. ويقود هذا التيار من اطلق عليهم " اليسار الجديد " الذين عرفوا بميولهم للنظام الاشتراكي في عهد الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ.

وقد تصاعدت شعبية اليسار الجديد داخل المجتمع الصيني وخاصة في أوساط الطبقة الوسطى والأجيال الجديدة من الطبقة العاملة ، ومما ساعد على انتشار شعبيتهم هو نقدهم لظاهرة عدم المساواة داخل المجتمع الصيني. ويعرف عن سكرتير الحزب الشيوعي لمدينة جونغ كينغ Bo Xi Lai بانه قائد الجناح اليساري في الحزب ، لكن يمين الحزب يحاول اضعافه والتقليل من نفوذه بين الجمهور الصيني. فهناك اشاعات يمكن ان تشكل جزء من محاولات اقصائه ، لكن الجناح اليساري يزداد قوة وهو دليل على وجود انقسام داخل قيادة الحزب الشيوعي.ومما يشجع على تزايد نفوذ الجناح اليساري هو التاريخ الثري للاشتراكية ، وان اي تغييرات معتدلة باتجاه اليسار يمكن ان تقود لمزيد من التغييرات باتجاه الاشتراكية الذي قد يزعزع الاتجاه اليميني في الحزب. لكن عملية التغيير هذه تعتمد على فعل الصراع الطبقي و الدور المؤثر للطبقة العاملة فيه.

التجارب التاريخية في البرازيل وبولندا وكوريا الجنوبية أثبتت انه اذا شكل العمال من أصول غير فلاحية في بلد ما أكثر من 70% من مجمل قوة العمل فيه فانهم سيتحولون الى قوة سياسية واجتماعية تضغط من أجل زيادة الأجور والتأمينات الاجتماعية والديمقراطية السياسية. القوى العاملة في الصين تشكل حوالي 60% قوة العمل الكلية فيها حاليا ، ويقدر بان اعدادها تتزايد باستمرار بحوالي 1% سنويا ، وبهذا المعدل فانها ستتجاوز نسبة 70% في حدود عام 2020. واذا أخفق الرأسماليون الصينيون في احتواء والتجاوب مع مطالب العمال الصينيين فان أزمة اقتصادية وسياسية ستواجه الصين الشعبية في السنين القريبة القادمة.(16)

لقد علمنا ماركس بان البرجوازية تحفر قبرها بيديها ، لكنها لا تفعل ذلك طواعية بل بقوة وضغط الطبقة العاملة التي ستقيم صرح الاشتراكية على قبرها. لكن أن تحفر الطبقة العاملة قبر الحزب الشيوعي الحاكم في الصين الذي أصبح جزء من الطبقة الرأسمالية الجديدة ويتقاسم معها فائض القيمة المتراكم فأمر لم يطرأ ببال ماركس وأنجلس في تلك الحقبة من التاريخ. وليس مستبعدا أن تفكر البروليتاريا الصينية بذلك اليوم وهي ترى قادة الحزب يتحولون الى بليونيرات ومليونيرات على حساب كدحها. وما ستحتاجه البروليتاريا الصينية بالفعل اليوم هو اقتفاء خطوات ثورة الكومونيين في باريس عام 1871 وتحاشي اخطاءها.
علي الأسدي
لمزيد من الاطلاع يراجع المصادر الاتية :
1- Stuart Jeffries, " Why Marxism Rise Again ", The Gurdian4/7/2012
2- Bob Treasure ," China Capitalist 0r Socialist ", The Gurdian , Australia ,19/2/2012
3- Stephen Gowans ," Socialism Agenda", Marxism-Laninism, Time Today, 8/11/2011
4- Robert Griffiths, " China forward or Into The Dith of Capitalism" , Morning Star, 21/9/2011
5- Stephen Gowans. مصدر سابق
6- Martin Hart- Landsberg and Paul Burkett, " China and Socialism Market Reforms and Class Struggle" .
7- The New York Times, October 2012
8- Clifford Coonan, The Independent, 31/1/2013
9- Bob Treasure مصدر سابق
10- Andrew Szamoszegi, " US – China Economic and Security" . Revew Commission, 10/ 2012
11- Andrew Szamoszegiمصدر سابق
12- The Financial Times ,4/5/2004
13- The New York Times 24/5/2004
14- Martin Hart-Landsbergمصدر سابق
15- Minqi Li ," A Dying Model :Chinese Capitalism" , The Diplomat , 6/11/2012
16- Minqi Liالمصدر السابق



#علي_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصين الشعبية .... والانتقال الى الرأسمالية .. (4)..
- الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية... ( 3 )...
- الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية... (2)..
- الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية ..(1)
- القرضاوي .. يتدخل بالسياسة العراقية ؛؛؛
- المحذور الذي كنا نخشاه ... قد وقع ؛؛؛
- التعامل الايجابي مع مطالب أهل الأنبار .. واجب وطني..
- لا تصبوا الزيت على النار... بل اخمدوها...؛؛؛
- التورط التركي في سوريا .. لمصلحة من ...؟؟
- لماذا يتدخل الغرب ... في الشأن الداخلي السوري...؟؟
- ملاحظات حول رسالة أينشتاين ..ردا على ابراهامي...
- لماذا رفض الفلسطينيون ... القرار الدولي رقم 181 ....(الأخير) ...
- لماذا رفض الفلسطينيون .. القرار الدولي رقم 181.....( 1 )...؟ ...
- الذكرى ...... التي تحمل آمالا جديدة...
- لماذا اغتالت اسرائيل ... أحمد الجابري .. ؟؟
- حوار ودي ... مع شيوعي أنارخي...
- قرارالأمم المتحدة حول فلسطين مدعاة للابتهاج... أم البكاء.... ...
- حوار ودي ... مع شيوعي كوموني . ..
- الرأي اليهودي الآخر...في الحرب على غزة ..
- رسالة طفل من غزة .. الى الجنرال ايهود براك ..،،


المزيد.....




- الشرطة الهولندية تداهم مخيم متظاهرين طلبة مؤيدين لفلسطين وتع ...
- طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ ...
- تايمز: مجموعة ضغط إسلامية تحدد 18 شرطا للتصويت لحزب العمال ا ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- استطلاع يورونيوز: تقدم اليمين المتطرف في إيطاليا قبل الانتخ ...
- بعد أن تعهد رئيسها بتوظيف الطلبة المتظاهرين.. شركة أمريكية ت ...
- أصالة وأهمية الندوة العالمية الأولى لمناهضة الفاشية المرتقب  ...
- الفصائل الفلسطينية تدين دعوات لرفع الأعلام الإسرائيلية بالمس ...
- موقف لافت من حزب الشعب الجمهوري التركي بشأن فلسطين
- العدد الأسبوعي (554 من 2 إلى 8 ماي 2024) من جريدة النهج الدي ...


المزيد.....

- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - علي الأسدي - الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية...( الخامس)..