أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - علي الأسدي - الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية... ( 3 )...















المزيد.....

الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية... ( 3 )...


علي الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 4001 - 2013 / 2 / 12 - 19:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



حين استلم داعية اقتصاد السوق دينك أوكسياو بنغ قيادة الحزب الشيوعي الصيني عام 1978 كان الانتاج الصناعي الاشتراكي ينمو بمعدل يتراوح بين 10 و11 بالمائة سنويا خلال فترة العشرين عاما من قيادة ماو تسي تونغ. وبعد انجاز خطتي التنمية الاقتصادية 1953 - 1957 و 1958 - 1962تم مضاعفة انتاج مواد البناء واستخراج الفحم وانتاج المعدات والآلات والحديد والصلب والنفط ومشتقاته. وبعد تأميم الصناعات الكبرى وطرد الشركات الأجنبية وتحرير الاقتصاد من هيمنتها ، تمكنت الصين من الوصول بفترة قياسية الى انتاج 5.3 مليون طن من الحديد والصلب ، بنفس الوقت الذي كانت الولايات المتحدة المتطورة صناعيا تنتج 100 مليون طنا ، وبريطانيا 20 مليون طنا سنويا. ونجحت في تحقيق الاستخدام الكامل للعمالة الصينية وهو انجاز لم يتحقق حتى في الدول الصناعية المتقدمة الا لفترة قصيرة إبان الازدهار الاقتصادي.( 3 )

وبرغم الاضطرابات التي حدثت في الفترة 1966 – 1976 استمر الانتاج الصناعي بنفس الوتيرة دون مساعدة خارجية. وفي عام 1979 حققت الصين نسبة تراكم رأسمالي مقدارها 32% ناتجها القومي وهي نسبة غير مسبوقة في اقتصاد دولة نامية باستثناء الدول الرئيسية المنتجة للنفط.

تلقت الحركة الشيوعية العالمية انتصار الاتجاه الاصلاحي الذي باشر التحول نحو الرأسمالية عبر ما يسمى باشتراكية اقتصاد السوق بعدم تصديق وبحذر شديد ، وما يزال موضوعه مدار نقاش معمق داخل الحركة لحد اليوم. حيث اعتبر الكثير من الشيوعيين والماركسيين والتقدميين أن الاشتراكية في الصين قد بيعت الى الرأسمالية ، وان الاشتراكية قد حكم عليها بالموت. ومع رفض الشيوعيين الصينيين لهذه الاراء الا ان واقع الحال عكس ذلك. فالقطاع الرأسمالي الأجنبي في الصين والرأسمالية الصينية الصاعدة بوتيرة متسارعة تشير بوضوح الى تحولات اقتصادية تتعزز فيها الرأسمالية لا الاشتراكية في الصين.

لكن جزء واسعا من الليبراليين اليساريين قد أشاد بالاصلاحات في الصين وفي التقدم المحرز وبقدرة الحزب الشيوعي الصيني على تحاشي الأزمة الاقتصادية في العالم الرأسمالي والاضطرابات السياسية التي حدثت في الدول الاشتراكية السابقة. يتطابق تفسير موقف اليسار المؤيد للاصلاحات مع قول أوكسياو بنغ نفسه ، فقد عبر مرة مفسرا اصلاحاته الرأسمالية قائلا :

" ليس مهما أن يكون لون القطة أسودا أو أبيضا ، مادامت قادرة على الامساك بالفأر ". فأكثر اليساريين من متبني هذا الصنف من التفكير لا يهمهم أن يكون لون الحزب الشيوعي الصيني أزرقا أو أحمرا باهتا ما دام يمسك بالسلطة ويتحدث عن الماركسية. وليس واضحا الى أي مدى سيذهب الشيوعيون الصينيون واليسار في حساباتهم بان اقتصاد السوق سيعمل لصالح الاشتراكية وليس للرأسمالية ..؟

فالصين تسير قدما لترسيخ اقدامها في أسواق المال والاستثمار الصناعي والتجارة الخارجية ليس دون موافقة واجازة الولايات المتحدة. فبعد فترة اختبار منذ تبنت الصين سياسة اقتصاد السوق وافقت الولايات المتحدة على قبول الصين في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الحرة مكافئة لها لتبنيها خطها الاصلاحي الجديد.

وتبعا لذلك تدفقت أكثر الاستثمارات الصينية الخارجية الى الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث توزعت في مناطق عديدة وفي قطاعات اقتصاعدية مختلفة في الجنوب الغربي والبحيرات العظمى والجنوب الشرقي وفي اقصى الغرب. فشملت صناعة استخراج النفط والكيماويات والآلات وتقنية المعلومات ، وفي تجارة الأسهم والسندات. (4)

في عام 1949 حتى عام 1979كانت استثمارات الصين في الخارج باستثناء المانيا صفرا ، بدأت في التزايد باتجاه البلدان النامية أولا ، ثم بعد ذلك توجهت للدول الصناعية. حيث تزايدت لتصل في الفترة 1982- 1990 بحدود 500 مليون دولارا سنويا. وفي الفترة 1991- 2004 تصاعدت لتصل في المتوسط الى حوالي 3 بليون دولارا سنويا ، ثم تعاظمت لتصل في فترة 2005- 2007 الى متوسط سنوي مقداره 56 بليون دولارا. ومنذ عام 2010 أصبحت الصين خامس أكبر مستثمر للأموال خارج بلاده. ويوجد للصين خمسون شركة حكومية في الخارج موزعة في انحاء العالم تستثمر أموالا فيه ومن بينها ثلاث شركات تعتبر الأكبر في العالم. وتعتبر الصين المتلقي الأكبر للاستثمارات الاجنبية. وقد توزعت الاستثمارات الاجنبية في مناطق الاقتصاد المفتوح التي أشير لها في الجزء السابق من هذا المقال.( 5 )

عملية التحول نحو اقتصاد السوق في الصين قد بدأت سنوات قبل فشل برنامج كورباتشوف الاصلاحي في الاتحاد السوفييتي السابق ، وبعكس الاضطراب وسوء الادارة الذي رافق برنامجه كانت الصين واعية تماما لما تريد تغييره أو اصلاحه. ولأنها كانت قد حددت بدقة آليات التغيير وأهدافه السياسية والاقتصادية فلم تنحدرالى الفوضى التي حلت في الاتحاد السوفييتي واوربا الشرقية. وبينما قادت الاصلاحات في الصين نحو تسريع النمو الاقتصادي ليبلغ متوسطه السنوي بحدود 10% سنوبا كان اقتصاد روسيا ينكمش ، واستمر كذلك لسنين قبل أن يتجاوز 1% سنويا. كورباتشوف الذي قاد الى نهاية الاتحاد السوفييتي ونظامه الاشتراكي فقد تأييد شعبه بعدم التصويت له في أول انتخابات تجري في روسيا ، أما الغرب فبعد أن أستنفذ ما أراده منه ألقى به على قارعة الطريق كأي جهاز عاطل عن العمل.

من المفترض أن يكون الحزب الشيوعي الصيني قد تعلم كثيرا من أحداث عام 1989 في ساحة تيانامين والاحتجاجات التي حدثت فيها. لقد أشعرته بضرورة البقاء على أهبة الاستعداد لاجراء التغييرات الاقتصادية في الوقت المناسب تجنبا لأي توترات مع شعبه. فالحزب الذي له أكثر من 80 مليونا من الأعضاء لا يمكن أن يستمر باتباع سياسات غير مقبولة من الشعب الصيني حيث 900 مليونا من المواطنين هم من الشباب الواعين.(6)


لكن في ظل غياب وسائل الاعلام المستقلة يصعب الوثوق بما تدعيه الدوائر الاعلامية الرسمية الصينية بأن الشعب مقتنع ويدعم الحكومة الصينية. فصحافة الحزب المتداولة عالميا تعلن في مقالات صحفييها بأن المهمة المركزية للحزب هي تحسين المستوى المعيشي للناس باضطراد ، بنفس الوقت الذي يحفز المزيد من المواطنين للمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية ليأخذوا دورهم لخدمة مصالح كل الشعب. ففي لقاء مع الصحافة الغربية في بكين تحدث لونغ اكسمين من قسم التاريخ في الحزب حول بعض تلك الموضوعات قائلا : (7)

" ليس لنا في الصين من يعتقد أن الاشتراكية مساوية للفقر. لقد أنجزنا الكثير في هذا المجال ، لكن هناك الكثير مما يجب عمله. المشكلة الرئيسية التي نعمل على حلها هي مشكلة فرص العمل والفقر في الريف ، التحدي الأكبر هو تزايد أعداد الطبقة العاملة الصينية ، ونقص المساكن في وقت يوجد الكثير ممن يملك أكثر من بيت ويضارب باسعار البيوت. المواطنون الصينيون بحسب اكسمين سيتمكنون اعتبارا من عام 2015 من حصولهم على الراتب التقاعدي وان التنوع الاثني يعمل ايجابيا بالرغم من أن الأكثرية الحاكمة من قومية الهان."

لا يمكن أخذ التصريحات الرسمية ماخذ الجد ، فاضافة الى عدم المساواة الصارخ في توزيع الدخل والثروة فهاك شعورا بالمرارة بين سكان الاقليات الاثنية ، يؤشر بوضوح الى وجود صراع إثني بين الخمسة والخمسين قومية ذات الديانات واللغات والثقافات المختلفة بما فيها المسلمة. هذه الأخيرة قد عبرت في السنوات السابقة عن تذمرها من السياسة الحكومية تجاههم ، كما أن قومية التبت تخوض صراعا سلميا لنيل حقوقها في اقامة دولتها الخاصة.

المشكلة الأكبر التي قد تزعزع الاستقرار في الصين هي التذمر والغضب الناتج عن التفاوت الصارخ في توزيع الدخل والثروة في الصين الذي يزداد اتساعا ، حيث يميل لصالح البرجوازية الكبيرة التي نمت بسرعة على حساب الطبقة العاملة الصينية. الحكومة الصينية لا تتدخل لتضييق الفوراق الطبقية لصالح الطبقة العاملة ، ففي العام 2012 كان في الصين 95 بليونيرا ، وهو أكثر مما في بريطانيا وهونكونغ وكندا مجتمعة ، هذا عدا أصحاب الملايين الذين يعادل عددهم اضعاف عدد البليونيرات. وقد نشرت وزارة المالية الصينية بتاريخ 19- 6- 2003 تقريرا هو بحد ذاته رسالة ادانة واضحة لسياسة الدولة الاقتصادية والاجتماعية. حيث جاء فيه (8):
1- ان الفجوة في توزيع الدخل بين الفقراء والأغنياء تزداد اتساعا.
2- ان الثروة تتركز في أيدي عائلات قليلة وتتضخم من يوم ليوم.

لقد قاد ذلك التفاوت الى تعاظم الصراع الطبقي بين من يمتلكون كل شيئ وبين من لايملكون غير قوة عملهم. وتحتدم التناقضات داخل الأقلية الحاكمة التي تتصارع حول الميزات لها ولمن حولها ، وتحاول تمرير منافع السلطة لافراد عائلاتهم وأطفالهم وهو امر عادي في المجتمعات الطبقية ، ولهذا فان الصراع سينتقل من جيل الى جيل. انها ظاهرة خطرة لا يمكن ان تستمر الى ما لانهاية ، فاذا لم يسارع الشيوعيون الحقيقيون في القاعدة والقيادات لوضع حد لها فالبلاد قد تنحدر الى الفوضى وانهيار الدولة.
علي الأسدي - يتبع



#علي_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية... (2)..
- الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية ..(1)
- القرضاوي .. يتدخل بالسياسة العراقية ؛؛؛
- المحذور الذي كنا نخشاه ... قد وقع ؛؛؛
- التعامل الايجابي مع مطالب أهل الأنبار .. واجب وطني..
- لا تصبوا الزيت على النار... بل اخمدوها...؛؛؛
- التورط التركي في سوريا .. لمصلحة من ...؟؟
- لماذا يتدخل الغرب ... في الشأن الداخلي السوري...؟؟
- ملاحظات حول رسالة أينشتاين ..ردا على ابراهامي...
- لماذا رفض الفلسطينيون ... القرار الدولي رقم 181 ....(الأخير) ...
- لماذا رفض الفلسطينيون .. القرار الدولي رقم 181.....( 1 )...؟ ...
- الذكرى ...... التي تحمل آمالا جديدة...
- لماذا اغتالت اسرائيل ... أحمد الجابري .. ؟؟
- حوار ودي ... مع شيوعي أنارخي...
- قرارالأمم المتحدة حول فلسطين مدعاة للابتهاج... أم البكاء.... ...
- حوار ودي ... مع شيوعي كوموني . ..
- الرأي اليهودي الآخر...في الحرب على غزة ..
- رسالة طفل من غزة .. الى الجنرال ايهود براك ..،،
- هل بدأ الزحف .. يا ولدي..؟
- الحقائق الثابتة ... التي لا يريدون لنا التحدث عنها ...(3)..


المزيد.....




- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - علي الأسدي - الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية... ( 3 )...