أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - فصل من رواية ( المونليزا تحبُ السمكَ المشوي)















المزيد.....

فصل من رواية ( المونليزا تحبُ السمكَ المشوي)


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4001 - 2013 / 2 / 12 - 02:23
المحور: الادب والفن
    




فصل من رواية ( المونليزا تحب السمك المشوي)

العودة الى أساطير الميتافيزيقيا.......!

يتدفقُ شعاع الشمس الذهبية على موج الماء الراكد بأتساع المدى الاخضر لغابات القصب وحركات السمك وهو يهرب من ضجر القاع الحار في هذا الصيف القائظ ليشم الهواء حذرا من شباكِ الصيادين وهم يعتلون الزوارق النحيفة بحثاً عن طرائدهم المزعنفة والغائبة بين الماء والقصب وضوء الشمس.
يتكرر النهار هنا منذ بدء خليقته منتظرا صوت الديك وموسيقى ضفادع الماء وتسلل ضوء الشمس بين الاجفان الغافية على جبائش القصب وقد أتعبها رعيَّ قطعان الجواميس وارغمها على مغادرة قليواتها النهارية لجني الحليب واطعامها وارغامها على النوم ولكن بدون احلام.
وحدهم سكان سلف المرعش يحلمون ببساطة التخيل أن يظلوا احياء لصباح قادم وغير ذلك ليس هناك أي حلم سوى امنيات ان ييسر الله عسر الجاموسة ( رعشه ) وهي في مخاض ولادتها الاولى...
المكان الذي عُدت إليه مع عودة البط الصيني أحمل أشتياق رئتي لعطر الطين في غرف بيتنا ، لمساحات الضوء المتعشقة مع اللون الاخضر عندما يرتديه الماء ثوبا بسبب ركوده وانعكاس لون القصب عليه .
عدت لمزاولة الاشتياق واستعادة شيئا من وجود كدت افقده في ترحال المحطات والمدن وثلج الليالي الموحشة بالنأي وسماع الاغاني . أحمل في أعماقي سندبادا صغيرا ، وكاميرا ديجتال وحاسوبا محمولا لأدون عليه ما اعتقد أنها مشاهد ولحظات رائعة لا تعوض .
أحتمي بالوجوه وهي تشع بالأسئلة ، وألوذ بأجفانها من أجل حنانٍ أفتقدته منذ سنوات ، حتى لو بثمن . أخرج من جيبي ورقة من فئة العشرين يورو ، أريها لأطفال صغار حتى أسرق من وجوههم معلومة او منظرا اتمناه لافهم ما يجري بالضبط .
غادرت المكان من ثلاثين عام ، هو ذاته بتضاريسه ، لكن الوجوه ليست بنظراتها . وها انا في دوامة الغيب ، انهم لاينتبهون الى زرقة الورقة واغراءات مبلغها لو تم تحويلها الى الدينار العراقي .
قلت لصبي من صبيان المدرسة لم يهرب مع الاخرين حين ناديتهم في نهاية الدوام : تحب النقود ؟
قال :لا .
قلت :ولكنك تستطيع بها ان تشتري حلوى وثيابا جديدة ودمية .؟
ضحك ...وقال :الثياب اعرفها .والحلوى اعرفها مصنوعة من التمر .لكني لم أسمع بالدمية ...
قلت وأنا ابتسم : هي أول شيء عبده اجدادك ..
قال : هي الله ..؟
قلت : قلت نعم هي الله .المُلحد ..!
لم يفهم ، وربما اصيب بالذعر .فما يهم الله هنا يجعلهم يحسون بالرهبة من الاحساس بالخالق ، وأي اشارة لجلالته ينبغي أن تمر من خلال اجفان اهل البيت وائمته والسادة العلويين،وغير ذلك كل الأشارات الأخرى ازاء الذات الالهية فهي تقود الى النار.
أبتعد الصبي مع الاخرين ولم يتحمس حتى لملامسة ورقة النقد الثمينة.
وحدي والمكان بأزليته يسكنني في ظهيرة نيسان الدافئ والسماء ناصعة مثل براءة الفراشة قبل أن يلامسها ذكر.
أتخيل أني غريب ، وبنطلون الجينز الذي ارتديه لم يثر في سكان السلف سوى انه لا يشبه ثيابهم ( الدشاديش ) ، ولا حتى يشبه بنطلون المعلم الذي لم ينفعني بشيء حين اخبرته اني عائد الى بيت اهلي بعد 30 عاما واريد أن استعيد أنفاسي المخنوقة من غربتها ، فوجدته لايمتلك ثقافة سوى ما طُبعوه بالكتاب المدرسي ، وغير ذلك هو يتحاشي حتى النظر الى الصفحة الاولى من الجريدة ، وعرفت أنه يتعمد أن يطيل خدمته في هذا النأي هروبا من المدينة التي لايصلح لها بسبب خجله وانطواءه ومرضه النفسي.
شعرت بشيء من الأسى وانا أرى رجل العلم الوحيد في قريتنا لا يفقهُ سوى برسم حروف القراءة الخلدونية والترديد كما الببغاء ما يعنيه مبتدأ الجملة وخبرها . لم يضف شيئا لتلك البراءة التي تخيلت ورقة العشرين يورو تعويذة لسحر يسلب الارواح ، فتحاشيت ان اتكلم معه .وهو ايضا تحاشاني في رغبة منه ان لا افضح جهله واناقشه بأمور لم يفقه فيها ولا يريد ان يفقه ...وربما له اسبابه عندما اخبرني أحدهم أن المعلم يحملُ بقايا شظية حرب في رأسه ويسمعونه في الليل وقد سكن بيتا طينيا جوار القرية ، يصرخ من الألم والصداع كما تصرخ المرأة الطالق ...
لم يبق لي من بيتنا الكبير وجواميسه العشرين سوى اختي التي توفي والدي بمرض غامض حملته اليه بعوضة كبيرة الحجم لسعة رقبته ..ولاسبوعين كانت تتضخم بورمها ...ولم يشيء يذهب الى المدينة لأن جواميسه ليس لهن من يذهب بهن الى المرعى بعد أن توفيت والدتي قبله بسنوات.
وحتى مع المه وانتفاخ رقبته كان يخرج مع جواميسه ..وذات صباح اجلسته اختي لينهض كي يفطر ويذهب مع جواميسه إلا أنها وجدته متخشباً في فراشه ....
لم اشاهد سعادة في عيون امرأة كالتي شاهدتها في عيون اختي يوم رأتني بعد غياب ثلاثين عاما ...وكما تشرق الشمس في عيون السنونو ايام كنا نطاردها في طفولتنا البعيدة .اشرقت في اجفانها الف شمس وجلستْ كمن يشعر بالفرح لأول مرة في حياته ، تنادمني وتسألني وتقص لي جور الحياة معها .
ــ لقد مات الجميع وانت ليس موجودا .وكم كانت امي تلهج بأسمك في نزعها الاخير .اما أبي في لحظاته الاخيرة فقد بقي صامتا وهو يتأمل صورتك المعلقة في الجدار ...
مات الجميع لكن المكان لم يَمُت . هو ذاته بتفاصيله وعطره وساعات يومه .ذلك الشروق الناعس وذاتها تغريدة الطيور ، ونفسها نجوم الليل تتقافز على سطح الماء بعبث لعبة الليل الطفولية وتجمع الاحلام من عيون النائمين وتصنع منها عقدا وتهديه الى القمر بنظرته الذكورية المشتهية .
المكان نفسه لكنه يحتاج لمن يعيد أكتشافه . وعلى أديم أنهار السماء وهي تطرزها مساحتها الشاسعة بأشكال متناثرة من غيوم الربيع الشديدة البياض جلست على حافة الهور اتخيل ما كان يجري هنا وما سيجري ..ادفع بنظرتي الى امكنة الاكتشاف الأول لأشعر أن المكان هو الذي صنع النبؤة والسفينة والاغنية والحرف ، اتمتع بفرحة الاياب واتخيل حجم الراحة في نظرات اختي وهي تمشي بدلال مبتهج امام اخيها وكأنني أعوض جميع من افتقدتهم ابي وامي وزوجها وأولادها.
أتخيل الأم من دون أكبر ابناءها . أحساس الشرق بأقصى مشاعر حزنه ، أستعيد نفسي وأنسى كل طقوس اليوم المنفي ، الصباح الذي انزل فيه الى قبو البناية مع ملابسي لاغسلها واكرر رتابة السلام مع العجوز افغوديت جارتي ذات 88 عاما ولم تزل ترفض الذهاب الى دار العجزة وتصر انها لم تزل بذات الحماس والنشاط يوم كانت ممرضة في فصيل طبي ملحق بكتبيبة من كتائب الالمانية المدرعة ( البانزر ).
أقارن الفرق بين يوم هنا ويوم هناك فلا أكتشف هاجسا مثيرا عدا اننا هناك في رتابة اليوم والعمل ووصمت أيام العطل والكتابة عن الوطن ، وهنا تسترجع ما تركته ونأيت عنه ولكن بشعور من لذةٍ لم تألفها هناك حتى مع الشقروات اللائي كنت تمارس الغرام معهن .
غير أن مزج الهاجسان سيوفر لك متعة جلب ما كنت تود ممازجته . تراتيل القساوسة البروتستانت بمراثي عشرة عاشوراء ، وعليك وأنت تراقب قفز الاسماك الصغيرة بمرح يصنعه الدفيء وخلو المكان من زوراق الصيد أن تتخيل حكايات الحوريات الصغيرات في الف ليلة وليلة .وبذهن يمتعه الخيال والشهوة تُلبسَ هذه الاسماك الصغيرة تنورات قصيرة بيضاء ، ومثل تلك الليالي المظلمة في أزمنة الصبا تتحسس نمو ذكورتكَ وشعوركَ المبكر انكَ تريد شيئا تتدفيء فيه وتحتضنه.
بعد خمسين عاما يسكنكَ الاستمناء بفضل هذه العودة المتأخرة ولكنها مفيدة اذ استطعت ان تعيد لاختك الكبيرة ثبات نفسها وتبعد عن خيالها فكرة أن تسمم هي جوامسيها ثم تنتحر.
يضع الماء حروفه على لسان الزمن لتتكلم الذكريات عن الذي كان يجري هنا ، فأشعر أني أعود لأسجل ذاكرة اخرى للمكان غير الذي عاشه من قبل الاف الاعوام ، ذاكرة الاعوام التي كنت فيها نائياً عن الحدث الذي غير الحياة والطبائع والارزاق فحدثت الهجرات المتعاقبة من الهور الى المدن .ومن المدن الى الحزن والكآبة والموت .
تقول اختي : الذي تغير هو أننا أمسينا واصبحنا من دون المكان . لأنني امرأة وحيدة سمحوا لي أن أبقى .
ــ أذن أنت من يعينني في مهمة بناء المكان ثانية .
قالت : في حدود معرفتي لما حدث هنا .فأنت تعرف أنني اكملت الابتدائية فقط ثم زوجوني بالرغم من أنكَ اردت أن تصطحبني معك الى المدينة لاكمل دراستي معكَ وننام عند اقاربنا..لكن ابي رفض وقال : قطيع الجواميس بدون صوتك ياوردة لن يستطيع أن يعود الى البيت..!
ضحكت وتخيلت الأمر : بسبب جاموسة يفقد الأنسان في فرصته ليتعلم في مكان يقال عنه أن قصبه كان جدارا لأول معبد على الأرض .
لأختي عطراً غريباً يحسسكَ بشيء من الهاجس الغامض والغريب لم تفضحه ايماءتها وهي تتحدث متلعثمة عن ايام كلها محنة.
قالت : كتبكَ التي تركتها هنا ، بالنسبة لي تسلية وفكر وأذى...
وحين سألت : ولماذا هي أذى مادمت تقولين أنها تسلية وفكر؟
لم ترد ، وغادرت المكان تحمل قصبة غليضة وهي تقول :كل رعاة الجاموس يصعب عليهم اعادت قطعانهم من دون عصى غليضة .عداي انا ، اعيدها بهذه القصبة فقط.
أبقت أختي مفردة الأذى معها ولم تجيب وعلي ان أسال معارفنا أو من بقي من جيلي في القرية المنكوبة بالصمت وقلة الذكور .لكن أي واحد لم يجبني على سؤالي ، وبين الفينة والاخرى كنت اخلق أي مناسبة لأعيد ذات السؤال ، وازداد قلقي عندما لمحت في صدفة صدر اختي وهي تخلع ثوبها وعليه خطوطا حمراء قاتمة ففزعت لشعوري انها اثار سياط أو ضرب مبرح بكبيلات ، وبالرغم من الالم الذي اعتصر كرامتي وحزني عليها إلا أنني تركت الحاحي في السؤال وابقيت نظراتي تتحدث بأسئلتها إلى اليوم الذي كنت فيه غارقا في النوم وفي الثلاثة فجرا ايقظتني قطرات باردة احسستها مطرا على خدي وعندما فتحت عيني رأيت اختي تضع شفتيها على خدي وهي تنحب باكية فعرفت لحظتها :انها تريد أن تحكي لماذا كانت الكتب التي ابقيتها تحت سريرها ثم هاجرت الى جهة المنفى مصدر أذى لها فقد كلفها هذا اشهرا من التعذيب في مديرية الامن ثم ساقوها الى محكمة الثورة لتحاكم ب5 سنوات سجن بتهمة اخفاء كتب ممنوعة ....
الى الصباح بقيت معانقاً اختي وسوية ننتحب بمرارة .
قلت لها : لقد تسببت في اذيتك وزوجك طلقكِ وانت في السجن واخذ اولاده وارتحل الى مكان مجهول ، ولا ادري كم تحملين علي من الغيظ والعتب لأنني دمرت حياتك وأبقيت للسياط مكانا يشوه جسدك ، وربما حنينكِ الى اولادك الان كبير وعودتي هنا مثل مجرم يسلم نفسه كي يُحاكم امام القاضي. انت الان هو القاضي .قولي لي مالذي افعله . اقتص من جلاديكِ ان كنت تعرفيهم بأسماهم ووظائفهم .ابحث عن اولادكِ واعيد زوجكِ اليك . أي شيء بمقدوري أن افعله اطلبيه .
قالت: الاولاد حزنهم تشتت في جسدي وصار نسياناً ووجوههم لم تعد حاضرة . اكثر من عشرين عام . لقد جف نبع الحنين عندهم .وابناء من دون حنين لا اريدهم . الزوج لم افكر فيه منذ أن سمعت وأنا في السجن انه طلقني . اما أن تقتص من جلادي ، فأنا طلبت هذا منه الله قبل أن تدعوني أن اطلبه منكَ .وقدرة الله اقوى وانجع ولو لبعد حين .
الكتب التي تركتها هونَ كثيرا من الاذى . لقد صادروها . لكن قسما منها اخفيتها ودفنتها خلف سور البيت ...وحين خرجت ووجدت نفسي وحيدة مع الحياة كانت فائدتها عظيمة . روزا لوكسمبورغ التي وجدتها في واحد من كتبكَ تقول : العلم والفكر والثقافة ليس سياحة لعقولنا لتتطور وتنمو ، ولكنها تعودنا على نوع خفي من الصلاة اللذيذة.
الصلاة اللذيذة تلك عوضتني عن الزوج وفقدان ابنائي . تعلم ان أحدهم سرب لي خبرا ان واحدا من اولادي بعد عام من سوقه للعسكرية اخذوه الى جبهة الحرب وقتلَ هناك ...
طلبوا مني أن انصبَ عزاءً من اجله . رفضت وأبقيت العزاء في قلبي وقلت لهم : كيف اقيم عزاء لوجه نسيته .
انا اتذكرهم ولكنهم من دون ملامح واضحة .اخذته الحرب واقمت له مأتما في طقوس هذه الصلاة اللذيذة .وكنت انحب في آخر الليل واولول من اجله وكنت اسمع بكاء نساء القرية من البعيد وهن مشدودات الى تلك الآهات الغامضة التي اطلقها حزنا على وجه نسيت ملامحه .فحين افترقت عنه كان عمره 4 سنوات .واستشهد في الحرب وعمره 20 عاما ...
هذا من بعض الأذى واللذة التي تركتهما كتبكَ .الفائدة فيها هو دروس الحياة . الزوج الخائن والقاسي ، اكتشاف الحياة ليس كالتي يعرفها سكان القرية .والاهم أن الارادة التي منحها لي السجن والكتب تحولت الى احساسيس جميلة صار فيها الرغبة في الانتحار متعة.
يعتصرني الألم وتسود الكأبة نظراتي وتفكيري . مالذي فعلته في هذه المرأة ، حولتها من تلك الطفلة الفطرية والبريئة الى انثى ملبدة بالغيوم والاسى والاذى .وربما لا اصدق مشاعرها وهي تعلن سعادتها بما اكتسبته من ثقافة ووعي وتجارب .
لا اريد أن اتخيل الحيوان الأمني الشرس وهو يمزق ثوب اختي ويضربه بالسياط ، لكنها اقسمت أن احدا لم يمس شرفها ، وقد ابلغت زوجها عبر امرأة مفرجا عنها .لكنه ركب عناده العشائري وقرر تطليقها والهروب مع اطفالها الثلاثة بعيدا .
ــ عندما تكسب الشرف والعفة من توقيف وتعذيب في مديرية أمن هذا يعني أنك ارتديت ثوب القدسية . لكَ ان تفتخر أنكَ تمتلكُ اختا قديسة.
عانقتها ...وسوية بكينا ...
البكاء في حضن أخت هو استعادة لمتعة المتخيل في نشوة براءة دمى الطين التي كنا نصنعها معاً ونتشاجر فيما بيننا جراء القسمة الغير عادلة التي تريد فرضها عليَّ عندما تعطيني الدمى الذكورية وانا اريد دمى البنات .
الآن فهمت مشاعر اختي لماذا تصر لتبقي دمى الاناث لها لشعورها انها ستقضي حياتها مع انوثتها بدون زوج وأولاد ، حتى انها قالت لي وانا اشهق ببكاء مر في احضانها : لولا حاجة جواميسي للانجاب لكنت ذبحت كل ذكر جاموس إلا واحد احببته لاني اطلقت عليه اسمكَ.
ومنذ ذلك الصباح الذي انهت فيه اختي تفاصيل كل الذي جرى لها بعد هروبي من الوطن ، بت استأنس لرؤية ذكر الجاموس الذي يحمل أسمي وصرت أطعمه بنفسي وأنا من يذهب به الى الرعي في غابات القصب وقيلولة الظهيرة في الماء ، وأنا من يعيده الى حضيرته. كان مطاوعا لي ليعود بقصبة انزلها بهدوء على مؤخرته كمن يعزف بايقاعٍ من الرقة والدلال وكان الجاموس يهز ذيله سعيدا من هذه الضربات الموسيقية لتكتشف اختي انه في غيابي لن يرضى لتقوده هي الى مرعاه ويظل معاندا لحين أجيء انا واقوده .. وذات يوم نزلت الى المدينة.وحين عدت وجدت أن عناد الجاموس الذي يحمل اسمي اوصله الى أن يموت منتحرا بجوعه ورفضه الذهاب الى المرعى وقيلولة الماء..
قالت اختي : أشعر انكَ عندما تعود الى اوربا سأفقد ذكراَ احبه .فحتما سيموت حزنا وجوعا في غيابك.
لحظتها تمنيت حين أعود أن اصحبه معي حتى لو بسفينة شحن .لكن الجواميس لاتعيش في اوربا بسبب شتاءها القاسي .
أذن سيموت حتما ولن يبقى ما يذكرني بها في مهجري........!




#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طقوس الطور الصُبيِّ
- العراق والشام من دون المسيحيين ...!
- الجسد ..التفكير بالشهوة ......!
- مذاهب...في بلد الغرائب ....!
- الشيوعي العولمي ...الطائفي ...المنزوي ...!
- أغنيةُ سقفْ المنزلْ ..!
- وزير الثقافة الألماني وقرينهُ العراقي..!
- كتابات
- أكتشاف كوكب جديد ..أسمه ( مسماية *) ..!
- الريف يعزف لثياب الأناث بصوتِ نبي..!
- نوح وتايتانك والمطر ...!
- نصٌ للنهدِ والشهد والطفولة والحرب...!
- هلْ على منْ يكونُ لمنْ.. وفي أيُ أينَ تئنُ عَنْ ؟
- يسيلُ العسل والشفاهُ آنيتهْ ..!
- من الأجمل ..الوردة أم العولمة ؟
- مازن لطيف ..وأنموذج الناشر المثقف.....!
- هل ارئيل شارون طائر العنقاء..؟
- الشاعر وليد حسين ..الرؤيا في هكذا تكلم نيتشه
- صيد الفراشات ...!
- قصائد بقلم رجل انتحاري


المزيد.....




- تحت الركام
- ألعاب -الفسيفسائي- السردية.. رواية بوليسية في روايات عدة
- لبنان.. مبادرة تحول سينما -كوليزيه- التاريخية إلى مسرح وطني ...
- MAJID TV “تثبيت تردد قناة ماجد 2024” .. نزلها في خطوة واحدة ...
- الروائية ليلى سليماني: الرواية كذبة تحكي الحقيقة
- -الرجل الذي حبل-كتاب جديد للباحث والأنتروبولوجي التونسي محمد ...
- شارك في -صمت الحملان- و-أبولو 13?.. وفاة المخرج والمنتج الأم ...
- تحميل ومشاهدة فيلم السرب 2024 لـ أحمد السقا كامل على موقع اي ...
- حصريا حـ 33 .. مسلسل المتوحش الحلقة 33 Yabani مترجمة للعربية ...
- شاهد حـ 69 كامله مترجمة .. مسلسل طائر الرفراف الحلقة 69 بجود ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - فصل من رواية ( المونليزا تحبُ السمكَ المشوي)