أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - معارك الله














المزيد.....

معارك الله


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 3999 - 2013 / 2 / 10 - 18:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يتميز التاريخ البشري، في الكثير من صفحاته السوداء، بالصراع الديني الذي يستخدم اسم الإله أوالرب في سبيل تبرير وحشية الإنسان ورغباته وشذوذ طبعه. بل إن الكتب المقدسة، عند جميع الأديان بلا استثناء، وعلى عكس الدعاية الدينية في عصرنا الحاضر والموجهة أصلاً للجمهور غير المثقف وغير القارئ، تحمل أثراً واضحاً في طي كلماتها وقصصها لهذا التوحش الإنساني. فكل أمم الأرض، عند التمعن في تاريخها وفي تصرفات أفرادها، نجد تلك الرغبة المتحرقة شوقـاً إلى تصفية الآخر المختلف عنها دينياً أو مذهبياً أو عرقياً. بل الحقيقة أنه لا يلزمنا أن نذهب بعيداً عن أوطاننا التي تحضننا، أو بعيداً عن قناعات وتصرفات وأفعال حتى المغتربين العرب بالذات في أوطان العالم الأكثر تحضراً، لنرى هذه النزعة بوضوح. إنها مفاهيم ثقافية مغروسة غرساً في الثقافة الأم، ومنها ثقافة الجنس العربي، وليس محصورة بأتباع دين محدد دون آخر أو بمذهب دون سواه أو بأصل دون أصل مختلف. فالجميع يتصرف بغير عقلانية، أو "عقلانية مزدوجة"، عندما يتعلق الأمر بالآخر المختلف عنه، وخصوصاً بالمختلف دينياً. فالجميع "عقلاني" فيما يخص دين ومذهب الآخر المختلف عنه، ولكن إياك إياك أن تتطرق إلى دينه أو مذهبه، حينها تهرب "عقلانيته" المدعاة زوراً وبهتاناً من أقرب نافذة وتتحول القضية إلى (حرب مقدسة) تفتقد في معظهما حتى إلى حدود دنيا من الأخلاق والأدب ناهيك عن تخليها عن رد الدليل بالدليل ونقد البرهان بالبرهان ودفع الحجة بالحجة. الطامة أن هذا يحدث باسم الرب والله، إذ المعركة معركته من وجهة نظر هؤلاء. فبدل أن يتركوا معارك (الله) ليتولاها هو بنفسه ويشغلوا أنفسهم في التفكر في الدليل والحجة والبرهان، نجدهم ينوبون عنه "قسراً" في معاركه ويتخلوا "طوعاً" عن عقلانتيهم. فمثلاً، المجموع العام للطوائف الإسلامية السنية "تموت شوقـاً" في سبيل قمع الطائفة الشيعية سياسياً واجتماعياً ويتهمونهم جميعاً وبدون استثناء بأنهم عملاء لإيران. والمجموع العام للطائفة الإسلامية الشيعية "يتحرّق رغبةً" في سبيل هزيمة الطوائف السنية سياسياً واعلامياً وعلى مستوى المجالس الخاصة ويتهمونهم جميعاً وبلا استثناء بأنهم في أعماقهم "وهابيون" "نواصب" اشترتهم أموال المملكة العربية السعودية. والمسلمون العرب بشكل عام يتصرفون وكأن المسيحية أس بلاء مجتمعاتهم وأن كل مسيحي مشكوك في أمره بداهة ويتهمونهم بأنهم عملاء للغرب "الصليبي" بدون شك. والمسيحيون العرب يتصرفون وكأن لديهم عقد نقص تجاه الإسلام وينتهزون أدنى الفرص للإعلان عن حرب صليبية مقدسة جديدة للطعن بأي شيء إسلامي وبدون استثناء ويتهمون المسلمين كلهم بالتخلف ويستثنون ضمناً أنفسهم. وتلك الطوائف كلها منخرطة حتى حدود الثمالة الآثمة البائسة في كل وسيلة ممكنة في سبيل هذا الغرض، من أول إرسال الرسائل الإلكترونية، ومروراً بالتسجيلات الصوتية والمرئية لمجالس النميمة وأحياناً البذائة والفضائح، ونهاية بالاستعداد الواضح للانقلاب التلقائي على المجموع العام لمن ينتمي للمذهب المخالف تحت أي عذر متاح كما رأينا في قضايا متعددة خلال السنوات القليلة الماضية وفي دول متعددة. إنها الرغبة المتوحشة السادية التي تسعى لتصفية الآخر ولكن يتم تمويهها وصبغها باسم (الله).

عقلنة جنون (معارك الله) في أوطاننا هي الشغل الشاغل للمجموع العام فيها. بل هي الشغل الشاغل للمهاجرين منها إلى الدول الأوروبية والأمريكيتين وأستراليا. هي الشغل الشاغل للمسلم، وهي الشغل الشاغل للمسيحي، سواء بسواء من دون أدنى فرق. المفارقة أن العقلانية، في أسها، هي منهج محايد، منفصل عن فضاء الانتماءات والتحزبات، ويطلب الحقيقة، لك أو عليك. لكن المشكلة عندنا هي مشكلة ثقافة لا ترى هويتها إلا من خلال هوية (الله) التي تتعبد له، ومن دونه تتهاوى تلك الهوية ويتهالك صاحبها. ولهذا السبب نرى تلك المحاولات المستميتة لعقلنة ما لا يُعقل بداهة. فهي أزمة ثقافة موطنها في عصرنا الحاضر كل منتمٍ إلى هذه الرقعة الجغرافية التي تمتد من المحيط إلى الخليج، وما التسميات الدينية (مسلم، مسيحي، يهودي، درزي، علوي ..الخ) أو المذهبية (سني، شيعي، قبطي، كاثوليكي ..الخ) إلا تمويهات لا تُشكل أي فارق حقيقي في الفكر أو المنهجية.

نحن بحاجة إلى النظر في مناهج (معارك الله) لنقدها وتفكيكها، فهو أولى من بني البشر لتولي شؤون معاركه. ونحن بحاجة إلى هزيمة (فرسان معارك الله) لأننا بحاجة اليوم إلى سيادة العقلانية وسيادة مناهجها. ولا سبيل إلى تلك الأهداف إلا بواسطة نقد (النص المقدس) وإرجاع النص إلى فضاءه البشري غير المقدس. فـ (الرب) قد استعمل أصلاً أداة بشرية في تواصله من بني البشر، أي (اللغة). واللغة بطبعها، كأي أداة بشرية أخرى، تعاني من (نقص) أصيل متجذر فيها. وهي تُخفي أحياناً أكثر مما تُظهر، وهي تحتوي، بلغتها ومفرداتها وتراكيبها وقصصها، كل ما يحتاجه الباحث الناقد الساعي وراء الحقيقة لهزيمة أصحاب تلك المعارك.

العقلانية سوف تنتصر في النهاية، هذا هو (الوعد) الوحيد الصادق الآتي لا محالة.



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالة في طقس الإفخارستيا – أكل الله
- رقص الجريح
- المسيحية وحوادث أكل لحوم المسلمين
- في مشكلة تعاليم يسوع الإنجيلي
- إشكالية العقل السلفي العربي
- في طبيعة العلاقة بين الفرد والدولة
- عندما نفقد خارطة طريقنا
- مشكلة اليهودية والجغرافيا عند كتبة الإنجيل
- من إشكاليات قصة يسوع الإنجيلي
- التناقضات الأخلاقية عند يسوع الإنجيلي
- هل هذه صلاة أجر ومغفرة؟
- في إشكالية الشعوب العربية
- سؤال غير بريئ لما يسمى ب -القوى الشبابية- في الكويت
- بصراحة … رأيي في أحداث مسيرة يوم الأحد
- كلمة قصيرة لمن يخاف -ثورة- في الكويت
- لأنكم مجتمع يمثل شذوذاً في كل شيء
- حتمية الصدام بين المنهج السلفي والدولة المدنية
- ميسون سويدان ... أيتها الرائعة
- أيها السياسيون الكويتيون العباقرة … يا أيها الشعب
- باغافاد غيتا – المعرفة السرية القصوى


المزيد.....




- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...
- اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون أذلا ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- اللواء سلامي: نحن المسلمون في سفينة واحدة ويرتبط بعضنا بالآخ ...
- اللواء سلامي: إذا سيطر العدو على بقعة إسلامية فإنه سيتمدد إل ...
- اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون إذلا ...
- اللواء سلامي: الأمة الإسلامية تتحرك بفخر نحو قمم الفتوحات


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - معارك الله