أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - خطابات الرئيس والعك الكروي















المزيد.....

خطابات الرئيس والعك الكروي


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 3998 - 2013 / 2 / 9 - 14:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الخَطَابة والتربية..وجهان لعُملة واحدة..فالخطيب هو بالأصل مُربّي..ومجال عمله سواء في الخَطَابة الدينية أو السياسية أو الاقتصادية يعتمد عليه آخرون في تثقيفهم وإثقالهم لأنواعٍ من الخِبرات..وأولى واجبات الخطيب أن تكون أقواله موافقة لأفعاله، هذا لئلا يقع تحت طائلة التناقض أو أن يراه الناس بصورة أقرب للسُخرية منها إلى الوقار والهيبة..فالخطيب بالدرجة الأولى هو صنف من صنوف القدوة التي يجب مراعاة هيئتها وطرائقها في الكلام جيداً قُبيل الاختيار،وأن يكون مُعظّماً لواجبات الفرد وحقوقه في محل خَطَابته..بمعنى أن الخطيب الديني يجب أن يؤسس للناس حقوقهم وواجباتهم في إطار الدين، والخطيب السياسي يجب أن يؤسس للناس حقوقهم وواجباتهم في إطار الدولة والوطن والعمل الإداري العام.

الرئيس مرسي ورغم كونه جديداً على ساحة الخطاب السياسي - في إطار الوطن- إلا أنه ليس معذوراً كي يفشل في مهامه الخَطابية، فالخَطَابة هي بالأصل حِرفة يمتهنها كل محب..وكم من خُطباء كانوا حُدثاء الأسنان أصبحوا عِظاما..حتى أن أهم العوامل التي تؤسس للخطيب الجيد وهو عامل.."الثقة"..وهذا العامل متوافر لديه كونه يتبع تياراً يقف ورائه بكل ما أوتى من قوة مادية وبلاغية ومعنوية..إذاً ليس له عُذر..لأن الإشكالية أصلاً في التركيبة الخُلقية والكلامية والثقافية للرجل..فهو لا يمتلك الكاريزما التي تؤهله لأن يكون خطيباً على مستوى عالٍ من الوعي والإلقاء، وزاد الطين بلّة أن الرجل ظهر وكأنه تابع لأناسٍ آخرون يدافع عنهم ويسهر على مصالحهم، وهؤلاء هم جزء من شعبه فخرجت تصريحاته وقراراته في هذا الإطار..لذلك فمن الطبيعي أن يغضب الآخرون..وأنا أستغرب أن الرجل يعاند نفسه والواقع لهذه الدرجة..فالرئيس الحقيقي هو الذي يأتمر بأمر الجميع وليس بأمر فئة على حساب أخرى، إلا لو كان يعتقد بإحدى اثنتين..أن تكون هذه الفئة -التي يدعمها- هي تمتلك الحقيقة المُطلقة.. أوأنه مجبورُ وملزَم على أداء ما يفعل..وأعتقد أن الحالتين متوفرتين لديه بشكلٍ كبير.

الرئيس مرسي لا يعي جيداً أنه يحكم مصر نتيجة لثورة شعبية أطاحت بنظام سياسي كامل، فمن المنطقي أن يعتبر ممن سبقوه في هذا المنصب، وأن كافة أسباب ومسببات الثورة هي لديه محل اهتمام ألا يقع في إحداها فتخور شعبيته ويقع في نفس مصير ممن سبقه..هذه الطبيعة الثورية تفرض عليه أن يواجه الظلم وأن يُعزز من الحريات ويحميها..ولو أن الرئيس يؤمن بأهمية القراءة لأحلته إلى كتاب.."العقد الاجتماعي"..للمفكر الأوروبي العظيم جان جاك روسو..أو إلى كتاب .."طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"..للمفكر العربي الكبير عبدالرحمن الكواكبي..فالكتاب الأول يؤسس لمعاني الحرية بين الحاكم والمحكوم ويكفيه ما وُصِفَ به أن مُلهم الثورة الفرنسية.. أما الكتاب الثاني فهو يؤسس لقاعدة معرفية ضد البطش والقهر والظلم..وفي كِلتا الحالتين فهذه الكتابات تصلح للاستعانة بها في بيئة ثورية "خالصة" كالبيئة المصرية.

أذكر أنني ومنذ عهد قريب كنت محباً وعاشقاً لمباريات كرة القدم وزميلاتها من كافة الألعاب الجماعية الأخرى والفردية، وأنني لم أعد أهتم بهم إلا بعد جريمة بور سعيد الكروية، بعدها انقطعت بشكل شبه تام عن الكُرة بل والرياضة بأكملها..كنت حينما أتابع مباراة مهمة وفاصلة أعرف أنني أمام حالة من اثنين..الأولى أن تجري المباراة بسخونة وحماس وأن أستمتع بالمشاهدة قدر استمتاعي بقراءة الفلسفة!..أما الحالة الثانية وهي أن تجري المباراة في ظل الحِرص الشديد لكِلا الفريقين -أو لأحدهما- فينتج عن هذا الفِعل خروج المباراة بشكل مُملّ عبر فواصل من العك الكروي لا تنقطع إلا عبر صافرة الحَكَم..في الحالة الأولى تكون دوافع اللاعبين أكثر تصميماً وانفتاحاً، وأن خوفهم وحِرصهم لا داعي له، حينها تفرض وقائع المباراة بأن يلعب الجميع للفوز فتخرج المباراة ممتعة.

أما الحالة الثانية فيكون الخوف والقلق فيها هو مصدر انبعاث هذه الذهنية والنفسية التي ظهر بها اللاعبون ..وهذا يحدث كنتيجة طبيعية لكمية القيود التي تفرضها الإدارة الفنية عليهم، فتكون النتيجة أن ينكمش كل فريق في نصف ملعبه وتدور معظم أحداث المباراة في وَسَط الملعب بعيداً عن تحقيق الأهداف..حينها لا يستمتع أيٍ من المشاهدين بالمباراة على عكس اللاعبين وإداراتهم الذين كانوا في انشغالٍ دائم بالخُطط والتكتيكات، فهؤلاء لا يهتمون بجَمال اللِعبة أكثر من اهتمامهم بالنتيجة..

في هذه الحالة أرى تشابهاً عجيباً بين هؤلاء اللاعبين وإداراتهم وبين الرئيس مرسي وإدارته فهؤلاء جميعاً يلعبون للنتائج بغض النظر عن رأي الجمهور، فالعقلية التي قيدت اللاعبين هي ذاتها العقلية التي قيدت الرئيس..إنها عقلية الخوف وهاجس الفشل والحِرص على السُمعة..يشفع للاعبين أنهم غير مسئولين إلا عن فريقهم..ولكن لا يشفع للرئيس وإدارته كونهم مسئولين عن الجميع داخل حدود الوطن.

وإذا كان الرئيس مرسي لا يُحسن الخِطاب ولكنه يضع قرارات مصيرية تتسبب في العادة بأزمات سياسية لا يُستحسن ظهورها في هذا التوقيت، فالعقلية الثورية بحاجة إلى التلاحم مع بعضها لا أن تتفكك فيصير حُلفاء الأمس أعداء اليوم..وإذا كان هناك من ضرورة لهذه النوعية من القرارات لصالح تكوين مؤسسات الدولة فلابد وأن تجري في ظلّ القانون..هذا القانون الذي يوفّر الحماية للجميع-قدر المُستطاع..وبتجاوز هذه القوانين لا تكون للدولة ولا لرموزها هيبة تُذكر، وأظن أن المُجتمع المصري الآن يعاني من هذه الحالة المُتردية، فالرئيس المصري هو أول من ضرب بأحكام القضاء عرض الحائط بعد الثورة.. وهو من سَمَح لميلشيات جماعة الإخوان بحصار تلك المحاكم..وهو أول من خرق القوانين بتعديه على السُلطة القَضائية بتعيين نائب عام ليس له سُلطة تعيينه..بل وهذا النائب مشكوك في أخلاقه ووطنيته بشكل كبير..

في الأخير هناك رابط بين صدور تلك القرارات –صاحبة الأزمة-وبين إمكانيات الرئيس من الناحية الخَطَابية..فالخطيب الجيد هو رجل اجتماعي صِرف، ولا أظن أن صفة التميز الاجتماعي متوفرة لدى رئيسنا.."الهُمام"..فالرجل منذ أن صعد لسُلّم المسئولية وهو في تخبطٍ تام ولا يُحسن معاملة الآخر في خطاباته بل وتعتريها مُصطلحات وألفاظ في منتهى السوقية والسخافة..فالإنسان الذي يبيع نفسه يسهل عليه بيع كرامة الآخرين، وأن تظل فقيراً حراً خيرُ لك من أن تُصبح غنياً عبدا..وإذا كان الرئيس مرسي لا يهتم لآراء الناس فيه فالشعب كذلك لا يهمه من يحكم بل يهمه ماذا سيُقدم له في النهاية.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العصا والجزرة في سياسة الإخوان!
- بين مشاعر الإيمان ورغبات السياسة تردد وخوف
- ابتسامة عصام العريان
- التناصح والتناغم في المجتمع
- مشهد السودان وحسن الترابي
- مشروع النهضة هل هو مشروع عدواني؟
- تصدع الإخوان(المماليك والأحرار)
- تصدع الإخوان(تطهير أم تطويع القضاء)
- تصدع الإخوان(تطهير أم تطويع الإعلام)
- الدستور الإخواني (علماني صِرف)
- رؤية سياسية هامة لما بعد المرحلة الأولى من الاستفتاء على الد ...
- أهلاً بكم في دولة(فاشيستان) الدينية
- دولة هامبوكو وحياة أبوكو
- تصدع الإخوان(التقليد والانقياد والوهم)
- تصدع الإخوان(التبرير والتحوير)
- ليالي (إرهاب) المدينة!
- طموح تجديد علم الكلام الإسلامي
- إلهام شاهين..ومعركة عين جالوت!
- لماذا لا يوجد عذاب قبر في الإسلام؟
- فلسطين وسوريا والسودان..فليضحك الإسلاميون!


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - خطابات الرئيس والعك الكروي