أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح عسكر - التناصح والتناغم في المجتمع














المزيد.....

التناصح والتناغم في المجتمع


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 3978 - 2013 / 1 / 20 - 13:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يتميز الدين الإسلامي بالأخلاق التي تجعل من الإنسان كائناً مُجتمعياً يفعل الخيرات ويحض على ترك المُنكرات، وذلك دون المساس بالقيم الكُلية الثابتة في القرآن والتي تجعل من فعل الخيرات والحض على ترك المُنكرات بطُرق التذكير والتبيين والإيضاح لا بُطرق الأمر والقهر والجبر ..يقول الله تعالى.."فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر"..وقوله تعالى.."لا إكراه في الدين"..وأنى لرسول الله السيطرة على الناس أو إكراههم على أمر يرفضونه؟.. فقد خلق الله قلوب الناس بين يدي رحمته فيهدي من يشاء ويَعز من يشاء ويُضل من يشاء، فلو كانت السيطرة على الناس لغير الله لكان للُرسل تلك المنزلة الرفيعة تكريماً وصوناً لهم من دهماء الناس، بل وجدنا الخطاب القرآني يُوضح مهمة الإنسان في الدعوة وأنها لغرض التبيين فحسب.. كما في قوله تعالى.."وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزّل إليهم ولعلهم يتفكرون"...وفي ختام الآية بالتفكر عِظة بأن التبيان مع التفكر سيخلق في الأذهان أفهاماً مختلفة يجب الحرص على تنوعها.

بل ولا يهتم الإسلام بالأفعال التعبدية أكثر من اهتمامه بالأفعال المُجتمعية، فالدين الإسلامي هو دين اجتماعي في المقام الأول، وطُرق معالجته للمشكلات تبدأ من المجتمع وطريقة إنتاجه بعيداً عن التحزب والتشتت، وعندما نقول أن الدين هو اجتماعي في المقام الأول فلابد وأن نستذكر دور النصيحة، هذه النصيحة التي أراها هي الإسقاط العملي لفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر، لا المقصود هذا المنطق الوصائي الذي يجعل الإنسان منا قاضياً وحاكماً على غيره أو مُقيد لحرياته، فالمرء منا يستحيل أن تصدر منه أفعالاً إيجابية على الدوام، ومعنى وجود هذا المنطق الوصائي يعني أن هناك طرفاً سيقضي على غيره ولا يقبل هذا الأمر على نفسه.. مما يفتح مجالاً للفتنة يخصب يوماً بعد يوم بزلقات اللسان وحظوظ النفس وحب الانتقام.

معنى أن الدين هو دين اجتماعي يعني أهمية وجود خُلق التواضع أو مرادفاته من الإيثار والكَرَم والزُهد وغيرها..قال تعالى.."ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"..وقال أيضاً.."ومن يوق شُحّ نفسه"..فلكي يتناغم الإنسان مع نفسه وتصدر منه أفعالاً إيجابية لابد من المزج بين أخلاق.."التواضع والإيثار والكَرَم والزُهد"..كبداية للتوفيق بين الأخلاق والرأي..وبهذه السيمفونية البديعة يخرج لنا مثالاً للإنسان الملتزم هو جامعٌ لخصال الحُكماء والمُصلحين، هذا الإنسان هو عماد المجتمع الناهض..ومع ذلك نُسلّم بأن سلبيات ذلك الإنسان-الضرورية-لن تُشكل عائقاً لتواصل المجتمع إذا ما تم توظيفها لصالح ديناميكية المجتمع، بمعنى أن هذه السلبيات في حقيقتها تُعطي الحق بالخلاف للآخر، وأن الشاهد ليس في صلاح الإنسان وحكمته، بل في قابلية أفكاره وسلوكياته لترسيخ العدل -وما يتفرع منه من مفاهيم- لا تستثني فصيلاً ما أو إنسانا أياً كان هو أو مقدار معلوماته.

التناصح يعني نصيحة من يفهمون النصيحة أولاً، ويبدأ هذا العمل من العلماء أنفسهم..إذ الناس في عمومهم تابعون لهم، وبفساد العلماء يفسد العامة، ومعنى أن النصيحة واجبة للعلماء وعليهم.. معنى هذا أنهم ليسوا وحدهم في مضمار العلم والفهم،فلربما اتبع فريقاً منهم هواه أو حِزبه أو مذهبه، أو وقفوا على أمرٍ لم يُحيطوا به علما، حتى أنه رُوي عن ابن مسعود رضي الله عنه -حين استبرأ لنفسه من الحق المُطلق- حيث قال.."إن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان"..فهكذا هم الصحابة والرسول بين ظهرانيهم، فما بالنا وقد اكتوت منا الأرض تعصباً وفُرقةً وضلالاً عن منهج الحق؟!...حينها وَجَب علينا الاعتراف بالتقصير أو بالقصور فما أحوجنا الآن لمجتمع متناغم يعمل في الأصل على تجنب اعتقاد الحق المُطلق كبداية للتفاهم.

إن أوضاعنا تلك بحاجة لإعادة تقييم ذاتية تغرس فينا خُلق السلام والمحبة من جديد..قال تعالى.."وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله"..هذا ما للأعداء وهم أعلى مراتب الخصومة.. فلننزل قليلاً إلى الفئة الأقل حيث يقول الله تعالى.."وإذا حُييتم بتحية فحيّوا بأحسن منها أو ردوها"..وكأن الله تعالى أراد أن يغرس فينا خُلق السلام لحماية المجتمع من التشتت والانحراف، ولما لا وقد حض رسول الله على إفشاء السلام لبلوغ وشيوع الحُبّ في المجتمع..قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.."أفلا أدلكم على شئٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟..أفشوا السلام بينكم"..فأهمية السلام تبدأ من شيوع الحب والتعاون، ولو أنني أن أعتقد بأن شيوع الحب ربما يأتي لأسباب أو لبواعث عاطفية سرعان ما تنتهي بزوال دوافعها..لذلك تكتمل لدي الفكرة بأن عملية إيجاد مجتمع قوي وناضج تبدأ من ترسيخ القيم الكُلية التي لا غِنى عنها لكل مجتمع ألا وهي.."العدل والمساواة والحرية"..وطُرق إسقاطهم ليست حِكراً على من يعمل بالسياسة،فالدُعاة والعلماء لهم دور كبير لا يقل عن دور السياسيين بل ربما يفوقهم منزلة.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشهد السودان وحسن الترابي
- مشروع النهضة هل هو مشروع عدواني؟
- تصدع الإخوان(المماليك والأحرار)
- تصدع الإخوان(تطهير أم تطويع القضاء)
- تصدع الإخوان(تطهير أم تطويع الإعلام)
- الدستور الإخواني (علماني صِرف)
- رؤية سياسية هامة لما بعد المرحلة الأولى من الاستفتاء على الد ...
- أهلاً بكم في دولة(فاشيستان) الدينية
- دولة هامبوكو وحياة أبوكو
- تصدع الإخوان(التقليد والانقياد والوهم)
- تصدع الإخوان(التبرير والتحوير)
- ليالي (إرهاب) المدينة!
- طموح تجديد علم الكلام الإسلامي
- إلهام شاهين..ومعركة عين جالوت!
- لماذا لا يوجد عذاب قبر في الإسلام؟
- فلسطين وسوريا والسودان..فليضحك الإسلاميون!
- تصدع الإخوان(لله وللوطن أم للجماعة)
- تصدع الإخوان(غرور القوة المتوهمة)
- تصدع الإخوان(تعاليم بوذا والأميرة النائمة)
- تصدع الإخوان(تشويه التاريخ)


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح عسكر - التناصح والتناغم في المجتمع