أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد القبانجي - محاضرة العقلانية في عصر الحداثة















المزيد.....

محاضرة العقلانية في عصر الحداثة


أحمد القبانجي

الحوار المتمدن-العدد: 3988 - 2013 / 1 / 30 - 00:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تحرير: آريين آمد

يتميز الانسان في العصر الحديث بامرين مهمين للغاية:
الاول: الوعي العقلاني المستقل والوصول الى حالة من الاستقلال الباطني والقدرة على نقد التراث.
الثاني: القدرة العملية للتصرف في عالم الطبيعة وتغييره.
وكل انسان يعيش في العصر الحالي يحتاج الى التماهي مع متطلبات العصر الحديث الذي يقع في المقدمة منها العقلانية... تلك العقلانية التي تأتي دائما انعكاسا للواقع الزمكاني ولطبيعة العلاقات الاقتصادية والثقافية للمجتمع... فلكل عصر عقلانيته.... لا بل لكل حقل من حقول الحياة عقلانيتها المستقلة... فهناك عقلانية براغماتية (عقلانية المصالح) وتظهر بصورة خاصة في المشاريع التجارية والاستثمارية، ويمكن تقديرها من خلال دراسة الكلفة فكلما كانت الكلفة اقل والربح اكثر كلما تحققت العقلانية في المشروع، وهناك على سبيل المثال (عقلانية كلامية) فالناطق الرسمي باسم الجماعة عادة يكون اعقلهم وسابقا قيل (رسول القوم عقلهم)... وما نراه من مناظرات بين اوباما وميت رومني الا دليل قاطع على اهمية العقلانية الكلامية فالناخب الامريكي سيتأثر حتما بنتائج تلك المناظرات وسيحسم امره في النهاية ليختار لمن يصوت. وهناك عقلانيات اخرى في مجال الدين والفلسفة والتاريخ وحتى في المناهج البحثية ... والخ. نحن اليوم نعيش في ظل دور كبير للعقل. فاصبح القبول المطلق بالعقل من اهم مميزات الحداثة. وهذه لم تكن موجودة في السابق فالعقل التراثي كان عقلا مشروطا وخاملا اغلب الاحيان.
ان توفر مساحات اكبر للعقل في الحياة الحالية تتسبب احيان كثيرة وخاصة لدى النخب المثقفة حيرة من نوع خاص، فكثيرا ما يسمع المثقف اراءا غير معقولة من اشخاص يوصفون بالعلماء او الخطباء او المتكلمين من رجال دين تدفعم للاستفسار.... كيف يمكن لعالم ان يقول اشياء تخالف العقل؟؟؟؟!!!!.
ولاجل توضيح ذلك نقول بالمقدمات التالية:
المقدمة الاولى.
نحن اليوم نعيش حالة من التشكيك الكلي في مقابل المتواطئ النسبي، وبيان ذلك ان لفظة انسان ينطبق على جميع الناس بشكل متساوي وهذه تسمى متواطئ، اما المتشكك فيحصل عند اختلاف افراد تنمي لمجموعة واحدة مثل قولنا في كلمة نور فقد يشمل ذلك نور المصباح او السراج او الشمس، فالمكونات غير متشابهة وان كانت تنتمي للنور، لهذا فنحن نقول بالتشكيك في العقلانية ولا نقول بالنسبية، فالحالة هي تشكيك معرفي، وهي الشك في مقابل التواطئ.
المقدمة الثانية.
يحتاج البحث في العقلانية معرفة وتحديد الاشياء التي تقبل المحاجة العقلية والاشياء التي ليس لها علاقة بالعقل وان كانت معقولة... فالاذواق مثلا ليست عقلانية فلكل انسان ذوقه الخاص فقد تحب انت العسل مثلا اما انا فلااحبه. وكذلك العشق، لانه يعمل خارج المنظومة العقلية من الاساس. وينطبق ذلك على الدين والايمان.
المقدمة الثالثة.
ان جميع العقلانيات تنقسم الى قسمين
أ‌. العقلانية النظرية. وهي العقلانية التي تستدعي تناسب الدليل مع المدعى.
ب‌. العقلانية العملية التي تستدعي تناسب الوسيلة مع الغاية. ولتوضيح كلا النوعين سنذكر بعض الامثلة التوضيحية.
مثال العقلانية النظرية. نحن نعرف بانه توجد لدينا عقلانيات عديدة ، ففي المجال العلمي نجد، عقلانية فلسفية، تاريخية، دينية، اضافة الى توفر مناهج فلسفية عديدة في البحث. مع العرض بان عقلانية العلم تختلف عن عقلانية الفلسفة، وهكذا فاذا كان لديك مدعى علمي فالعقلانية تلزمك بتقديم دليل علمي لاثبات مدعاك، ولا يجوز باي حال من الاحوال تقديم دليل ديني مثلا او دليل تاريخي، لانك بذلك ترتكب مغالطقة لا يقبل بها العقل والحس والسليم.
لكن الملاحظ ان اغلب رجال الدين يتحدث عن الدين ويقدم دليل علمي!!!! فابو القاسم الخوئي في كتابه البيان وفي معرض دفاعه عن القران يقول بان القران الحالي هو نفس القران الذي نزل على محمد ولم يتعرض الى اي نوع من التحريف مستندا في ذلك على اجماع العلماء، ونحن نعرف جيدا بان اجماع العلماء ليس حجة، لا بل ان الاجماع يعد باطلا حتى في الفقه، ونعرف بان الامام الشافعي هو اول من ابتكر الاجماع وكان يقصد به (الاجماع في اللغة) وليس كدليل في المجال العلمي.
نفس الحالة تكررت على يد السيد الشهيد الصدر الاول في كتابه الاسس المنطقية للاستقراء، حيث قال بان تزايد الاحتمال وتكرراه فانه سبيل للوصول الى درجة اليقين، مثلا التمدد الذي يحصل لقطعة من الحديد عند تعرضه يوميا للشمس فهناك احتمال ان تكون الشمس هي السبب، خاصة اذا تكرر التمدد يوميا عند التعرض للشمس، وعليه فقد قال الشهيد الصدر الاول بان العين عضو مهم للانسان وتقوم بمهمة غاية في التعقيد هي النظر فاما ان يكون الله خالقها او الصدفة، لينتقل فيختار عضوا آخر من اعضاء الجسم ويخضعه لنفس الاحتمال وهكذا حتى يكشف التناسق البديع في جسم الانسان والذي يعكس تقليل احتمالات الصدفة وازدياد احتمالية وجود خالق عظيم، تلك الاحتمالية تبلغ درجة اليقين عند تكرراها على مستوى الخلية لجسم الانسان. الاعتراض العقلاني هنا هو.... كيف يتم اقحام الاستقراء من خلال دليل علمي لاثبات قضية دينية بحتة؟؟؟؟ نحن نعتقد انها محاولة بائسة لاثبات وجود الله وهي دليل قاطع على وجود الشك لدى علماء الدين وهم يحاولون بشتى الطرق اثبات وجوده واعطائه درجة اليقين متناسين بان جمال الله يكمن في ان يبقى مخفيا، فاليقين فيه جبر، لان يقيننا بان النار حارقة تجعلنا لا نمد ايدينا في النار، والله لا يريدنا ان نعبده مع الجبر، ولكن نعبده مع وجود احتمال للخطأ، ففي اليقين يصبح لديك طريقا واحدا، والله يريد ايمانا يكون له قيمة، ايمان يجتمع مع الشك، واي محاولة للوصول للايمان من خلال اليقين خطأ فادح.
في العقلانية العملية ذكرنا شرط تناسب الوسيلة مع الهدف، فانت مثلا ولغرض تأمين تنقلك من والى الدائرة تحتاج الى سيارة خاصة مثلا، والعقلانية تنعدم اذا ما اشتريت او فكرت بسيارة حمل (لوري) مثلا لتحقيق ذلك....
واسوء مثال يمكن لنا ان نذكره في هذا المجال الغزوة التي تعرضت لها (البارات) في بغداد!!!!!!! وخاصة عندما جاء التبرير من اجل زيادة الايمان!!!!!!! لانه لاتوجد اي علاقة بين الايمان وغلق (البارات)... والافضل هو ترك الحرية للناس لاختيار البار او المسجد ليكتسب الايمان المعنى الحقيقي له.
ومثال آخر شاهدناه من خلال ردود افعال المسلمين تجاه الفلم المسيء لنبي لاسلام والذي تم انتاجه من قبل اشخاص تافهين. هؤلاء الخمسة التافهون (منتجي الفلم) استطاعوا تحريك ملايين المسلمين في بقاع الارض بمظاهرات غوغائية تحت مدعى الدفاع عن الرسول!!!!! كان الهدف هو الاحتجاج وهذا حق.... لكن الوسيلة كانت القتل!!!!!! فتحولت المظاهرات الى لا عقلانية وغوغاء والمستفيد الاول منها الصهاينة، وكانت بمثابة اكبر طعنة للرسول على يد المسلمين.
لاجل تبيان العقلانية في عصر الحداثة لابد من عرض اهم مميزاتها في مقابل العقلانية التراثية والتي تتمثل بالنقاط التالية:
1. العقلانية الجديدة معقدة اما العقلانية التراثية فقد كانت بسيطة. حيث اختلفت الرؤية الى العالم الخارجي فالانسان كان ينظر الى العالم من خلال عقله، فكان دور العقل اشبه بالمرآة، اما اليوم فان الواقع اختلط مع العقل فاصبح العقل يشترك في صنع الصورة عن العالم.
2. المعارف والمعلومات صارت ظنية بعد ان كانت جزمية، تلك الجزمية التي تحكمت بالعقول فلم تترك مجالا لقبول الاخر، فامام الجزم بوجود الله يصبح مجرد الشك عمل من الشيطان، ولهذا فان المسلمين يرون في البوذية او المسيحة حالات شاذة لانها لا تتفق مع معتقداتهم الجزمية.
3. العقلانية التراثية تعبدية، في حين العقلانية الحداثوية نقدية. العقلانية التراثية كانت تعبدية وتتبع المراجع، اما العقلانية الحداثوية فانها تطالبك دائما بالدليل.
4. العقلانية التراثية كانت جمعية اما العقلانية الحداثوية فانها فردية، فكل انسان هو محترم وله كرامة. والحداثة حطمت الكثير من القيود مثل القبيلة والامة والقومية وحررت الانسان بحيث اصبح الانسان اليوم هو المعيار النهائي.
5. العقلانية التراثية سطحية وجزمية وحصرية في مقابل التعددية لدى العقلانية الجديدة، اما لماذا التعددية فهذا بسبب ان الواقع له ظهر وباطن، وللحقيقة بطون عديدة، ففي العقلانية الجديدة تعددية للحقيقة فالحقيقة لم تعد مطلقة، ولهذا فان المثقفين يقولون نحن اقرب الى الحقيقة ولا يقولون بالحقيقة المطلقة ابدا.
وقبل ان يختتم القبانجي محاضرته تسائل هل الاسلام دين عقلاني ام لا؟؟؟؟؟
واجاب بنفسه ... بأن جوهر الاسلام يقبل العقلانية لكن الفكر الديني لا يقبل العقلانية.
فعند مقارنة الاسلام بالمسيحية او اليهودية نلاحظ بان بنية الاسلام تقوم على العقلانية. واجراء مقارنة بسيطة بين الاسلام والمسيحية في بعض النقاط الجوهيرية ستكشف عقلانية الاسلام... فالمسيحية تقول بان المسيح ابن الله؟؟؟؟!!!!! او الله ثلاثة!!!!اما الاسلام فيقول الله واحد، وهذا مقبول لدى العقل.
النبي يقول انا بشر مثلكم. كذلك الصلاة والصيام لها فوائد معروفة ويقبلها العقل، بعكس العشاء الرباني في الديانة المسيحية التي تقدم الخبز على انه لحم المسيح والخمر بانه دم المسيح!!!!!!
في الاسلام الاجتهاد يتصف بالمرونة الكبيرة قياسا الى تزمت الكنيسة واحكامها.
ونفس الحالة تتكرر عند مقارنة المسيحية مع الديانة اليهودية فالمسيحية اكثر عقلانية من اليهودية.
وختاما لان الفكر الديني الاسلامي غير عقلاني في اكثر الاحيان لذا فاننا يجب ان نعمل على عقلنة الفكر الديني. وما سلسلة هذه المحاضرات الا الخطوة الاولى في هذا المجال....



#أحمد_القبانجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاضرة العقلانية في الاخلاق
- محاضرة اعرف نفسك
- نقد الحر العاملي ومصنفاته
- محاضرة كيف نعرف الدين الحق؟
- محاضرة المنهج الهيرمنيوطيقي للمثقفين
- محاضرة العقلانية في الشعائر والطقوس
- القراءة المنسية ... مراجعة لنظرية «العلماء الأبرار» القراءة ...
- نقد أحاديث تفسير القرآن
- نقد الشيخ الصدوق وكتبه
- نقد العلامة المحدث محمد باقر المجلسي
- الشيخ الكليني وكتابه الكافي
- القرن التاسع عشر وإستقلال علم النفس ... المدرسة التجريبية
- الديمقراطية والمعنوية
- قراءة في البلورالية الدينية او الصراطات المستقيمة
- الايمان, السياسة, الحكومة
- العلم الالهي وحرية الانسان
- تحقيق في اخر اللحظات التي عاشها المسيح
- في نقد برهان النظم
- التقليد والتحقيق في سلوك طلاب الجامعة - د. عبد الكريم سروش
- نظرة عامة في براهين وجود الله


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد القبانجي - محاضرة العقلانية في عصر الحداثة