أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة الجواهري - حرفة تحطيم المعنويات














المزيد.....

حرفة تحطيم المعنويات


حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 3981 - 2013 / 1 / 23 - 14:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للقمر جانب مضيء، وآخر مظلم، يختفي القمر تماما من السماء عندما يكون الجانب المظلم هو الذي يظهر ليلا في السماء، ولكن لا أحد يراه، فهو مظلم، ونرى، بل ونتغزل، بالجانب المضيء عندما يظهر في السماء، فهو كوجه الحبيبة، ووجه كل جميله وجميل، بل هو عنوانا للجمال كما الزهور.
هكذا تعلمنا في كتب العلوم والأدب عندما كنا أحداثا في المدرسة.
لكن العجيب حقا هو أن لا يرى البعض في العراق سوى الجانب المظلم من القمر! رغم أن العين البشرية السليمة لا يمكن أن تراه، خصوصا خلال تلك الأيام من الشهر القمري والتي تكون معتمة تماما، تلك الليالي التي كنت أخشاها وأنا صغير، لأن خلالها تكثر السرقات، أيام زمان، ويظهر الطنطل والسعلوة أيضا، لكن مع ذلك يصر ذلك البعض على أنهم يشاهدون القمر!! وتزداد عجبا عندما يتهمك البعض بالعمى! وتتعجب أكثر حد الدهشة عندما لا يرى ذلك البعض القمر حتى لو كان مكتملا في يومه الرابع عشر، ويتهمونك بالعمى والهلوسة عندما تشير له!! وستكون بنظرهم إما اعمى، أو كذاب!!
نعم يحدث هذا الأمر في العراق كل يوم! ونسمعه ونراه ونقرأه من مؤسسات إعلامية تدعي الحيادية، بل وتضع إصبعها بعينك لتقتلع العين التي لا ترى ما تراه، فأنت لست بحاجة لها طالما لا تشاهد ما يشاهدون!!
الشيء يحمل بداخه نقيضه، أو التوازن في الطبيعة أمره معروف، فهناك الخير والشر، والجمال والقبح، والنور والظلمة، وحتى الذرة فيها العناصر السلبية والعناصر الإيجابية الشحنة بذات القدر.
فالتوازن الطبيعي في كل شيء موجود على وفق الفلسفة الديالكتيكية، وهو أن يكون هناك سلبا أو ايجابا متقاربين في كل مسألة، وليس هناك ما هو سلبي فقط أو ما هو إيجابي فقط، وكل من يدعي أن هناك سلبا فقط، أو إيجابا فقد، فهو من الغلات الكذابين على وفق هذه النظرية التي تحدث بها الفارابي وابن خلدون وماركس وكل المنظرين الماديين، وحتى القرآن في الآية الكريمة يقول ""ونفس وما سواها ألهمها فجورها وتقواها""، أي لا يوجد فجور ما لم يكون هناك تقوى، فكلاهما يعتبر مكون أساسي للنفس البشرية.
لكن مع الأسف الشديد أن العديد من المؤسسات الإعلامية لا تستطيع ان ترى القمر في ليلة الرابع عشر من الشهر القمري، ولا تستطيع أن تتلمس سوى الشر في النفس البشرية، فكل ما تراه وتتحسسه وتدركه هو الجوانب السلبية فقط!! وفي كل شيء، أو أنها لا ترى سوى تلك الأشياء التي تحطم معنويات الشعب العراقي، تتحدث عن العراق وكأن ليس فيه ما هو إيجابي قط، وكل شيء "خربان"، بل ما بعد الخراب!!
هذا العدد الكبير من الفضائيات والصحف والإذاعات، خصوصا تلك التي تشتم الحكومة ورئيسها تحديدا، كلها تشير إلى ما هو سلبي فقط، فهناك فساد فقط، وسوء خدمات مطلق، وبطالة بكل أنواعها، ومؤسسات دولة معطلة بالكامل، وفقر، بل وكل الشعب دون خط الفقر المدقع، والغريب أنهم يتحدثون عن سياسة تكميم الأفواه وهم يشتمون الحكومة ورئيسها ليل نهار!! ولا يستطيعون مشاهدة أو تلمس أي مظهر من مظاهر الديمقراطية، فالقضاء فاسد، والاعتقالات تطال الجميع بلا ذنب اقترفوه، وسجون أكثر من البيوت التي يسكنها الناس، وكل الموظفين فاسدين ومفسدين، وكل المسؤولين أكثر فسادا وإفسادا من ألائك، وعلى رأسهم الدكتاتور الأكبر رئيس الحكومة، وكأنهم يريدون من رئيس الحكومة أن يسمح لهم أن يضربوه "بالتواثي" حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة، ليقولوا أن في العراق بوادر للحرية والديمقراطية!!
حقيقة لا يهمني رئيس الحكومة كشخص، لكن يهمني مسألة تحطيم العنويات للعراقيين، فبغداد هي الأسوأ بين مدن العالم، والنظام العراقي هو الأسوأ بين أنظمة العالم، والفراتين الأسواء والأكثر جفافا بين أنهار العالم، وكل ما في العراق هو سيء، بل الأسوأ، وهكذا.
أذكر القارئ الكريم بالحرب الباردة بين المعسكرين الإشتراكي والرأسمالي والتي دامت عقودا طويلة، كانت الدول تصرف عليها أموالا طائلة، من أجل أن تقول أن كل شيء "خربان" في معسكر الأعداء، وإن حياتهم هي الجنة التي وعدت بها الكتب السماوية، لكي يرفعوا من معنويات شعبهم ويحطموا معويات شعوب الخصم.
لكن الغريب في العراق هو أن مؤسساتنا الإعلامية، أحيانا، تعمل تطوعا لوجه الله تعالى من أجل تحطيم معنويات شعبهم!
قبل رأس السنة الجديدة قصدتني احدى الصحفيات لتسألني عن المخرج من الحالة المزرية التي نعيشها في العراق؟ على اعتبار أني خبير نفطي ويجب أن أركز إجابتي على موضوعات تخص النفط فقط، وأجيب لمذا كل هذا التردي في قطاع النفط رغم اهميته؟
فكانت إجابتي بالنسبة لها كما الصاعقة، واستفزتها إلى حد أن "المايك" كاد أن يسقط من يدها، والكامرة تصور الحدث، قلت لها: نعم تستطيعون تحطيم معنويات الشعب العراقي عندما تتحدثون عن أشياء لا يمكن عدها أو تقديرها من ناحية الكم، كما الجمال، أو الكراهية أو السعادة، فلا نستطيع القول عشرة غرامات جمال أو ثلاثة مترات كراهية، ولكن عندما يكون الحديث عن النفط، لا يمكن أن أكذب وأقول للناس أن ميزانية العام المقبل والبالغ مقدارها115 مليار دولار قد اقترضتها الدولة من بنك "المفلش"، فهذا الرقم يعني أن العاملين بهذا القطاع قد اجتهدوا وواصلوا الليل بالنهار لكي يوفروا للناس كل هذه الأموال، فهل نظلمهم ونقول أنهم كسالى؟ وبالتالي نوهم شعبنا بأن النفط قد ضاع ونحطم معنوياته في الوقت الذي نجد فيه أن النفط هو الذي يصنع خبز الشعب حاليا؟
كانت الصحفية قد مرت على آخرين قبل مجيئها لي، ويبدو أن السؤال كان واحدا للجميع، لماذا هذا التردي في القطاع الذي نسأل جنابكم عنه؟
ما أردت قوله هو أن الإعلام العراقي قد تحول فعلا إلى حرفة لتحريف الحقائق، ووسيلة لتحطيم المعنويات للعراقيين بحجة الإعلام الحر، وليتهم يعترفون أن هناك حرية إعلام.



#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خط نفطي عراقي عبر إيران
- البترودولار فقط للمحافظات الغير منتجة دستوريا
- معركة قانون النفط والغاز
- قال المنجمون
- هل حقا قانون البنى التحتية يرهن النفط؟
- توتال الشريك النائم
- استحقاق الإقليم من عائدات النفط
- هورامي يوضح
- تهريب النفط اهون الشر
- هل محافظ نينوى مشاكس أم إيجابي؟
- سياسة الكورد مضمخة برائحة النفط
- معضلة عقود كوردستان
- أزمة مضيق هرمز تهديد مؤجل
- حوارات حضارية حول قوانين النفط والغاز-سادسا
- حوارات حضارية حول قوانين النفط والغاز-خامسا
- حوارات حضارية حول قوانين النفط والغاز-رابعا
- حوارات حضارية حول قوانين النفط والغاز-ثالثا
- حوارات حضارية حول قوانين النفط والغاز-ثانيا
- حوارات حضارية حول قوانين النفط والغاز-أولا
- عقود اكسون موبيل غلطة الشاطر


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة الجواهري - حرفة تحطيم المعنويات