أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ليث العبدويس - الموتى لا يبتسِمونَ في الصُور














المزيد.....

الموتى لا يبتسِمونَ في الصُور


ليث العبدويس

الحوار المتمدن-العدد: 3969 - 2013 / 1 / 11 - 00:25
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


هذا المَقالُ لَمْ يَكتَمِل يوماً وَلَنْ يَكتَمِل، لأنَّ مِقَصَّ الرَقابَةِ أجهَضَهُ كَجَنينٍ مُشوّه، وَضَعوهُ مَعَ فاتورَةِ المُستَشفى في عُلبَةٍ مِنْ الوَرَقِ المُقوّى وَتَحَلَّقوا كالسَحالي حولَ أُمّهِ النازِفة، ينتَظرونَ ما تَجودُ بِهِ الثَكلى.
هذا المَقالُ لَنْ يَرى النورَ أبداً لأَنَهُ ابتَلَعَ خارِطَة الطَريقِ في سَورَةِ التياثٍ مُفزِعَةٍ وَضاعَ في دِهليزِ الكَلِمات، هذا المَقالُ كَزُهورِ الدَفلى الحَزينة، كالخُزامى السوداء، كَسَحجَةٍ، كَلَطخَةٍ، كَلَعنَةٍ، لَئيمٌ، وَقِحٌ، صَفيقٌ، كَضَحكاتِ العاهِرات.
قَصَدْتُ "الزَعتَريّ" أُنَقّبُ عَنْ مُروءَتي العَرَبيّة، إذْ لَمْ نَعُد نَثِقُ كَثيراً بِكلامِ عَجائِزِنا وَمُعمّرينا في عَصرِ ما بَعدَ الحَداثَةِ والخَباثَةِ وَما وراءَ التَفكيكيّة عَنْ نَقاءِ سُلالَتِنا الساميّة، فَرُبَّ "جَدّ" مِنْ غابِرِ الغُزاةِ قَدْ يَكونُ انسَلَّ إلى مخادِعِ جَدّاتِنا تارِكاً بَصمَتَهُ الوِراثيّة وَنَسَباً دَخيلاً بروميّ أو فارِسيّ أو مَغوليّ أو وَغدٍ مِنْ أوغادِ الحَملاتِ الصَليبيّة، وَما الضيرُ إنْ كانَ قَدْ "حَسّنَ النَسلَ القَبيحَ" وَلَطَّفَ مِنْ مَلامِحِنا الصَحراويّة؟ أوَلسنا القائلينَ بأننا نَمُتْ للسَماءِ بِقرابَةٍ وأن لَنا بالأنبياءِ وَشائِجَ روحيّة؟
قَصَدْتُ "الزَعتَريّ" أبحَثُ عَنْ مِخيالٍ رَسَمَتهُ ريشَةٌ غُمّسَتْ بِجودِ المضايِفِ البَدَويّة، عَنْ سِحرِ شَرقِ الشَهامَةِ والكَرامَةِ والدِلاءِ والوَفاءِ والشوارِبِ التي اشقَرَّتْ مِنْ التَبغِ الرَديءِ واليَشامِغِ المُرَقَّطَةِ بالأحمَرِ القاني كالنُخاعِ الخارِجِ مِنْ قَحفِ الجَماجِمِ، عَنْ موائِدِ الفُقراءِ وموقِدِ حاتِمَ الطائيَّ الذي استَبدَلَتهُ ثَقافَةُ البترولِ بأضواءِ النيونِ وَعُلَبِ الليلِ الطافِحَةِ باللَحمِ الرَخيصِ المُستورَدِ مِنْ أوروبا الشَرقيّة، عَنْ أُكذوبَة التاريخ الكُبرى ورَمادِ َداحِسَ والغَبراء وَكُلَّ حُروبِنا الأهليّة.
هنا اشتُموني.. فَلستُم تُحسِنونَ مُنذُ بَدءِ الخَليقَةِ غير الشَتمِ وَغيرَ اللَطمِ وَغيرَ اجتراحِ المَذابِحِ والمواشِحِ والفَضائِحِ وَغيرَ الصَهيلِ باستِقلالِكُمِ التامّ وموتِ عَدوِكُمُ الزؤامِ وَغيرِ انتِصاراتٍ هُلاميّة وَجعجَعاتٍ كَلاميّة زَكَمَتْ أنفَ ابن شَدّادَ فَقاءَ مِنْ نُتنِها وأعلَنَ تحويلَ أنشِطَتَهُ إلى البَغاءِ والسَمسَرَةِ مُحرقَاً حماسَتَهُ العَنتَريّة!!
وَقَفتُ قُبالَةَ البوابَةِ الصَدِئَةِ لِمُخيّم "الزُعتُريّ" الذي يَرتَجُّ بآثامِ كُلّ العَرَب، لِمَ َذَكَّرَتني تِلكَ البوّابَةُ بِمداخِلِ المَقابِرِ وأسيجَةِ المَدافِن؟ قِطعَةُ الدَلالَةِ مائِلةٌ كأعناقِ السُحاقيّاتِ في مواخيرِ دُبَي، والدَليلُ المَطبوعُ يَعبَقُ بِرائِحَة الحِبرِ الرَخيصِ وَيُحَذّر بِعِباراتٍ حَمراء" يُمنَعُ دُخولُ ابناءِ القِرَدَةِ أو كُلُّ مَنْ تَحَدّرَ مِنْ خَنزير، وعلى المُتَضرّرِ اللُجوءُ إلى المَحاكِمِ المُختَصّة، مناظِرُ بَشِعة، يُرجى عَدَم اصطِحاب الأطفالِ أو مَنْ لَمْ يَكتَمِل لَديهِم ضُمورُ الحِس الإنسانيّ"!!
انهَمَكَ عُنصُرانِ مِنْ "ستازي" (هَلْ قُلتُ ستازي أم غستابو؟) شاكيا السِلاحِ في تَفتيشي بَحثاً عَنْ اختِلاجَةٍ بَشَريّةٍ رُبَما تَكونُ أفلَتَتْ مِنْ كاشِفِ العواطِف!! وَقَبلَ أنْ يسمحا ليَ بالدُخولِ إلى "الغيتو" نَبهانيَ إلى تَعليماتِ الزيارَة:
أولاً- يُمنَعُ إطعامُ "الحَيواتِ" الحَبيسةِ أو تَدليلِها باي شَكلٍ مِنْ الأشكال نَظَراً للرَفاهيّة القُصوى التي يَتَنَعَّمُ اللاجِئونَ في بَحبوحَتِها!!
ثانياً – يُحظَرُ التَكَلّمُ أو التواصُلُ أو أيُّ نوعٍ مِنْ التَفاعُلِ البَشَريّ مَعَ سُكّانِ الـ "غيتو" للحَيلولَةِ دونَ "تَقليبِ المواجِعِ" أو استِثارةِ ذِكرياتٍ تَعمَلُ إدارةُ المُخيّمِ عَلى مَحوِها مِنْ ذاكرة سُكّانِه!!
ثالِثاً – بالرَجاء الرُجوعِ إلى مَكتَب الادارةِ في حالِ مُصادَفَةِ أمورٍ غيرِ مُتوَقَّعة أو مُلاحَظَةِ اشياءٍ غيرِ مَفهومَة (صُراخ، عَويل، جُثَث، قُبور حَديثَة، ازدِحام، خيم مُهَلهَلَة، جوع،....الخ) نَظَراً لِوُجودِ نَشاطٍ اعلاميّ مُعادٍ يُحاوِلُ النيلَ مِنْ قيمِ النَجدَةِ والنَخوَةِ والغوثِ والروثِ التي طَبَعَتْ مَسيرَةَ الأُمّة وواكَبَتْ حَضارَتَها!!
رابِعاً – في حالةِ الاخلالِ بالالتزاماتِ الوارِدة في البُنودِ أعلاه، يوضَعُ المُخالِفُ قيدَ الحَجزِ لِحينِ تَسفيرِهِ خارِجَ تُرابِ الوَطنِ الغالي بِتُهمَةِ الإساءَةِ للذوقِ العام وَتعكيرِ أمنِ جَنّةِ اللاجِئينَ التي تَفتَحُ ابوابَها لِساعاتِ الفَجرِ المُتأخِرة، وَيوضَعُ في قَوائِمِ المَنع السوداءِ لِحينِ التوبَةِ أو اثباتِ أهليَتِهِ لِتَقَبُّلِ الواقِعِ الفَجّ بِلا رُتوش أو مَساحيقِ تَجميلٍ أو مُنكّهاتٍ أو سِواها!!
وَدَخَلتُ، أمْ أني لَمْ ادخُل؟ وَعَرَفتُ أنَّ هُناكَ قارَّةٌ سابِعَةٌ مَنسيّة وَخِسَّةٌ بِحَجمِ الكونِ تَتَلَمَّظُ وَتَدلَقُ لِسانَها ساخِرَةٌ مِنْ افلاطونياتِنا الفائِقة الحَماقة والبالِغة السَذاجَة، وانَّ مِنْ بَني البَشَرِ مَنْ لا يَصلُحُ إلّا أنْ يَكونَ زيتَ تَشحيمٍ للمُجنزَراتِ او مَتجَرَ ادواتٍ بَشَريّةٍ احتياطيّة، كما بَشَّرَ بِذَلِكَ نَبيُّ الآريينَ مُكَهرِباً أتباعَهُ في "نورمبرغ".
لا زِالَ بَعضٌ مِنّي يَقِفُ عِندَ أعتابِ "الزُعتُريّ" دونَ أنْ استَطيعَ استِرجاعَه، ولا زالَ عُنصُرا الغستابو يُغريانِني بالدُخولِ والتَفَرُّج!! وَلا يَزالُ دَليلُ الزيارَةِ التي لَمْ تَتُمَّ بينَ ثَنايا قَبضَتي المُتَعَرّقة رُغمَ ثُلوجِ العامِ الجَديدِ الحَزينة، وَصوَرُ اللاجِئينَ فيهِ تَكادُ تَبتَسِمُ لِعَدَسةِ المُصوّر، لولا أنَّ الموتى.. لا يبتَسِمونَ في الصوَر.

ليث العبدويس [email protected]



#ليث_العبدويس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى لَمْ تَعُدْ مَريضَة
- أغلى رَغيفُ خُبزٍ في العالم
- زيرا الصَغيرة... والطائِراتُ المُغيرة
- كُلُّ الطُرُقِ تؤدّي إلى دِمَشْق
- ذَبحَةٌ أَبَويّة
- الحَبلُ السُرّيُّ العَرَبي
- اعترافاتُ مُثقّف مُرتَزق
- الدخُولُ إلى صَبرا وشاتيلا
- إنْ عُرِفَتْ حَلَب... بَطُلَ العَجَب
- العَروسُ والكلاشينكوف
- وقائِعُ انتحار كاتبٍ غاضِب // ليث العبدويس
- نوري.. نوزاد.. وحُلُم الأكراد
- قِمّةُ بغداد.. الدُخولُ إلى الخارِج
- مملَكَةُ الأيمو
- في تأبينِ مُتسوّلة
- يوميّاتُ مَدينَةٍ مَذبوحة
- مُناجاةٌ القَمَرِ المُهَشّم
- إلى بَغدادَ دَمعي.. مَعَ التَحيّة
- السيّابُ لَمْ يَكُن رَكيكاً يا وَطني
- مُذكرات لاجئ سياسي 2


المزيد.....




- بعد أن تعهد رئيسها بتوظيف الطلبة المتظاهرين.. شركة أمريكية ت ...
- أصالة وأهمية الندوة العالمية الأولى لمناهضة الفاشية المرتقب  ...
- الفصائل الفلسطينية تدين دعوات لرفع الأعلام الإسرائيلية بالمس ...
- موقف لافت من حزب الشعب الجمهوري التركي بشأن فلسطين
- العدد الأسبوعي (554 من 2 إلى 8 ماي 2024) من جريدة النهج الدي ...
- الاستشراق والإمبريالية والتغطية الإعلامية السائدة لفلسطين
- نتائج المؤثمر الجهوي الثاني لحزب النهج الديمقراطي العمالي بج ...
- ب?ياننام?ي ??کخراوي ب?ديلي ک?م?نيستي ل? عيراق ب? ب?ن?ي م?رگي ...
- حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا ...
- قادة جامعات أميركية يواجهون -دعوات للمحاسبة- بعد اعتقال متظا ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ليث العبدويس - الموتى لا يبتسِمونَ في الصُور