أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث العبدويس - السيّابُ لَمْ يَكُن رَكيكاً يا وَطني














المزيد.....

السيّابُ لَمْ يَكُن رَكيكاً يا وَطني


ليث العبدويس

الحوار المتمدن-العدد: 3617 - 2012 / 1 / 24 - 20:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثيرُ النار مِنْ مُستصغَرِ الشَرَرِ، وعظيمُ النهرِ مِنْ دَقيقِ السواقي، وجلاميدُ الجِبالِ مِنْ توافه الأحجارِ، وأشدُّ الحروب الأهليّة دَمويّةً بدأت إثرَ كَلمةٍ حمقاء لَمْ يَزِنها عَقلٌ رَشيد، أو رَصاصَةٍ طائِشة خَرَمتْ غِشاءً رَقيقاً مِنْ تَعايُشٍ قَلِق، أو دسيسَةِ مُغرِضٍ بِليلٍ أحرَقَتْ مضارِب العَشيرة الواحِدة، قَدْ يَكونُ ذلِكَ وَهجُ المظاهِرِ الساطِع، وَهج يُبهِرُ الأبصار حتى لا تَكادُ تُبصِرُ الحَقيقةَ وهي تتسَلَّلُ مُتواريّة خَلفَ سِتارٍ كَثيفٍ مِن الإنكار المَرَضي والكِبرياء الزائِف.
نحنُ نُهَرّبُ أخطرَ أسرارنا خَلفَ قِناعٍ مِن المُجاملات الرخيصة، مواظبون نحنُ على تغذية نِفاقِنا منْ نزيف شرايينِنا المفتوحة، نرتَشِفُ بِصمت ووجومٍ فناجينَ قهوَتِنا السوداء المُرّة فيما يتكوّرُ تحتَ جُلودِنا ذئبٌ أغبر، غجريونَ اخترنا الصعلَكة عند بوابات المُستقبل مُتبركينَ بِتمائِم العجائِز المعتوهات، نُثرثِرُ تحتَ سَقف الوَطَنِ عَنْ وَحدَةٍ نَدُقُّ كُلَّ يومٍ ألفَ إسفينٍ في جَبينِها، ألفَ سِكْينٍ في ظهرِها، عَنْ تلاحُمٍ شَربنا دَمَهُ حتى القطرة الأخيرة بعدَ المِليون، ثُمَّ مَسحنا شوارِبنا الكثّة بأكمامِنا القذرة.
مُستمرونَ نحنُ في القَبضِ على ذات الجَمر ومضغِ نفسِ الأشواك، ماضونَ نحنُ في تَجاهُلِ ألسِنة اللهيب وهي تلتَهم خيمنا، الأفاعي وهي تطرُدُ صِغارَنا لتغفو في مَهدِهِم، الألوانَ تنسَحِبُ مُستسلِمةً امام زَحف جُدران الرماد، الشُحوبَ يعتَصِرُ آخِرَ زنابِق ربيعِنا القصير.
ولأني أربأ بنفسي أنْ أتَقمُّصِ دورِ الغُرابِ الناعِقِ بالسوء، لكنَّ الرملَ لمْ يَستُر نعامةً مذعورة واحِدةً ، فأني سأبوحُ بِما نتهامَسُ بِهِ سِراً، حربُنا الأهليّة القادِمةُ وشيكَةُ الوقوع، قريبةَ الاندلاع، طالِعةٌ علينا كَقَمرٍ مُستديمُ المُحاق، كعيونِ ميدوزا، يُحجّرُ كُلَّ قلبٍ بالضغينة، أم كانَ السيّابُ ركيكاً؟ أوليسَ غريباً أنْ تتَسِقَ سرديّةُ الفاجعة التي تحفَلُ بها أسطورةُ ميدوزا الحسناء الممسوخة مع مجرى تاريخِنا المأساوي الراهِنْ؟
سنتمنى حينها كُلَّ أمانينا الضالة الطائِشة، سنعرف أنَّ للموتِ طعماً شديد المرارة، يسكُنُ تلك الحدَقات القابِعة كعيونِ أسماك القرشِ خلف أقنعة المُلثّمين، وسنتمنى فيما نتمنّى، أنْ نبتَلِعَ أنفُسَنا عِندَ حواجز التفتيش الزائِفة وهي مشغولَةُ في فرز الناسِ إلى مولودٍ ومفقود، حيٍ وميّتْ، جُثّةٍ ومشروعِ جُثّةٍ مؤجل، حَربٌ سَنُثري عشيَتَها قاموسَ النِزاعاتْ المحليّة بِمُصطَلَحٍ طازِجٍ خام، سَيجِدُ مكانهُ حتماً إلى جانب (اللبننة) و (الأفغَنة) و (البلقَنة).
جميلةٌ كانتْ هي ميدوزا (كالوطنِ قُبيلَ تعفُّنِهِ وتقيُّحِ جِراحِه) بيدَ أنها استسلَمَتْ لانفلات رغباتِها الجامِحة (أولَمْ نُحوّل البلدَ إلى مزرعةِ حَشيشِ وَحَلَبةً تتهارَشُ على أرضها الطينيّة ديكةُ الشرقِ والغرَب)؟صهلتْ تحتَ أنفاسِ ميدوزا شَهواتٌ برّية، فانساقتْ لِتُدنّسَ معبَدَ (أثينا) بخطيئةِ الزِنا مع (بوصيدون) فَحَلَّ عليها سَخَطُ الآلِهة، غابَ الجَمالُ وحَلَّ القُبْح، رَحَلَ السَلامُ وجاءتْ الحرب، تلاشَتْ النضارةُ وخيّمَ الشُحوب، وكأوطانِنا المُتكلّسة المُتحَجّرة، صارَ وَجهُ ميدوزا اللعينُ يُحيلُ الناظِرَ إليه صوّاناُ أصمْ، ولنْ تنتَهي قُرونُ الخوفِ إلّا بِسيفِ كسيفِ (بروسيوس) ليهوي على عُنُقٍ كان يحمِلُ رأساً جميلاً ذاتَ يوم.
ليث العبدويس – بغداد – [email protected]



#ليث_العبدويس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُذكرات لاجئ سياسي 2
- مُذكّرات لاجئ سياسي
- نَحنُ.. والبَحرُ..وإسرائيل
- سوريا وَفَلسَفةُ الثُعبان المُقَدَّس
- رِسالةٌ إلى بشّار الأسَدْ
- وَقَفاتٌ عِندَ مُسلْسَلٍ مَمْنوع
- خرْبَشاتٌ طُفوليّة على جِدار العيدْ
- جرائِمُ الشَرَف.. وَقفةٌ شُجاعة
- ليبيا.. انتهاءُ عامِ الرَمادة
- وحشٌ طليقٌ في الشام
- -جمهورية- انكلترا المُتَحِدة
- فينيقُ لُبنان..ورمادُ الطائِفيّة
- هوامش على دفتر الثورة
- الصومال.. محنةُ الضمير.. محنةُ الإنسان
- الإرهاب الإسلامي ..تهافت النظرية
- هل شارف عصر الطغاة على الانتهاء؟


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث العبدويس - السيّابُ لَمْ يَكُن رَكيكاً يا وَطني