أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث العبدويس - نَحنُ.. والبَحرُ..وإسرائيل















المزيد.....

نَحنُ.. والبَحرُ..وإسرائيل


ليث العبدويس

الحوار المتمدن-العدد: 3559 - 2011 / 11 / 27 - 23:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دَرجنا باكِراً، ومنذُ نُعومةِ الأظفار وَبراءةِ الأطفالِ وَحَشد التَجمُعات الصَباحيةِ في باحاتِ المَدارِسِ على كُرهِ "إسرائيلَ" رُغمَ حالتِنا الأوليّة الخامّةِ التي لا تَتَقَبّلُ مَفاهيمَ الكَراهيّة او تحتَمل مُفرَداتِ البُغض، واعتَدنا الهِتافِ بِسُقوطِ "الصَهيونيّة" دونَ أن يَعني ذَلِك بالضرورةِ إلمامَنا بِماهيّةِ هذا "السُقوط" او شَكلِه، فَضلاً عَنْ إحاطَتِنا بِطَبيعة "الصهيونيّة" نَفسَها، تارِكينَ حَبلَ تَصوراتِنا بِهذا الشأن– حينَها – عَلى غارِبِ تَنشِئَتِنا السياسيّة، وّهذهِ الأخيرة بَلَغَتْ حَداً مِنَ السّذاجةِ والسَطحيّة ما يُثيرُ القَرَفَ والسُخرية.
ومُنذُ صُعِقنا مَذهولينَ بِسِعَةِ العالمِ المَعرِفي خارِج أسوار بيوتاتِنا الدافِئة الحنونة، وَبَعيداً عَنْ رِبقة القَسر الثَقافي الموَجّه وِفقَ تَعبِئَةٍ جَماهيريّةٍ ركّزتْ بِشَكلٍ مبالَغٍ فيهِ على معارِكِ المَصيرِ التي لا يَنجلي إوارُ أحَدِها حَتى تَندلِع غَيرُها وِفقَ مُتواليةٍ صارَ مِنَ اليسيرِ التَكَهُنُ بِمساراتِها وَنتائِجِها، اكتَشَفنا حَجماً رَهيباً مِنَ التَحامُلِ الموجّهِ صوبَ هذه الدولَةِ التي كانَ مُجرّدُ اعتبارِها في عِدادِ "الدول" خيانَةٌ عُظمى وجَريمَةٌ لا تُغتَفَر، فَقادَتُنا الضَروراتُ المُلهَمينَ وَعساكِرُ القوميين المُتحَمّسين وتُجّارُ الحقائِب الثوريّة ومُزيفو العُملاتِ والشِعارات كانوا يُصِرّونَ – بِرَغمِ ما ألحَقَتهُ بِنا إسرائيلُ مِن نَكبَةٍ وألآف النَكَساتِ - على وَصفِها بالدويلة، أو قَدْ يَتمادونَ في الاستِخفافِ بِخَصمِهمُ فَينعَتوهُ بالكيان، وأنَّ الإسرائيليينَ مَحضُ عِصاباتٍ وَشُذّاذُ آفاقٍ وَمُرابينَ جَشِعينَ وشراذِمُ فَرّتْ بِجُلودِها مِنْ مَحارِق النازيّةِ لِتَتَجَمّعَ على أرضِنا السَليبة .
مُنذُ قِراءاتِنا الأولى المُختَلَسَةِ إلى أدبياتِ الكِبارِ الزاخِرَةِ بالأدلَجَةِ والقولَبَةِ وَسوائِلِ الغَسولِ الدَماغي المُرَكّزة، عَرفنا مَدى الثَمالةِ التي أغرقَتنا فيها لافِتاتُ التحرير العَريضة وَكيفَ وُلِدَ وَشَبَّ وَعاشَ وَهَرِمَ ثُمَّ ماتَ جيلٌ - بَل – أجيالٌ مِن الشَبابَ العَربي وَهوَ يَقتاتُ عَلى هذا القيء الفِكري – كالمُجتَرّات – وأنَّ كُلَّ شيءٍ لَم يَكُنْ مِنْ أجل المَعرَكة، بَلْ لَمْ يَكُنْ ثَمّةَ مَعرَكةٍ أصلاً، وإنْ نَشِبَتْ فالهَزيمَةُ قَدَرُنا لا مُحالة.
تَهريجٌ وتقافُزٌ والاعيبُ حُواةٍ وَذرٌّ للرَمادِ في العيُون الدامِعة وَضَحِكٌ هِستيريٌّ سوداويٌّ على الذُقون الساذِجة، قَمعٌ للحُرّياتِ باسم الدواعي الأمنية وتكميمٌ للأفواه بِحُجّة المَصلَحة القوميّة وَسَرِقةٌ للبِلادِ والعِبادِ بِذريعة التَقَشُّفِ والترشيدِ وتوجيهِ الموارِدِ لِصالِحِ الجُهدِ العَسكَري الذي استمرَّ هَزيلاً مُضحِكاً مُتعثّراً بأسلِحَةٍ عَتيقة لَفظها القاموسُ الحربي وَذخائِرَ فاسِدة كَلَّفتْ صَفقاتُها المشبوهَةُ المِليارات وَفيالِق ضُبّاطٍ سُكارى مُترهلين مُتشمعي الأكبادِ يَخشون كتائِبَ التطهير السياسي أكثرَ مِن خشيَتِهم من جيش الدولة العِبريّة وَجُندٌ صِغارٌ رَعاديدُ مَذعورونَ دَحَرتهُمُ الأيامُ تُعشعِشُ خُرافاتُ القُرى النائية في عُقولِهم انتَزَعتهُم السُلطَةُ مِنْ أرحامِ مَزارِعِهم مُختَطِفَةٍ مَعاوِلَ حَرثٍ تداوَلتها أجيالٌ مِنَ الفَلاحينَ كأيّ إرثٍ ثَمين واعطَتهُم بَزّاتٍ خَشِنَةً وبَنادِقَ صَدِئة وَزَجّتْ بِهِم في أتونٍ حربٍ لَمْ تفتأ أنْ تَناسَلتْ على فِراشِ الميادينِ لِتستَحيلَ حروباً قوَّضتْ كُلَّ أحلام الحَصادِ المؤجل.
وهُناكَ، على الجانِبِ الآخرِ مِنَ الجَبهَةِ تَقومُ إسرائيل، عَدوُّ الله والأنبياءِ وعَدوّي وَعَدوكَ وعَدوُّ آبائي واجدادي وعدوُّ أبنائي الذينَ وُلِدوا والذينَ لَمْ يولَدوا بَعدُ وَعدوُّ الأحياءِ والأمواتِ والمَرضى والأصحاء والأذكياءُ والبُلهاء ( وَلستُ أدري هَل استبقيتُ أحداً لَمْ أُناصِبُه العِداء لإسرائيل؟ ).
هُناكَ، تَنتَصِبُ رايَةُ داودَ الزَرقاءُ وَمِنْ خَلفِها واحَةُ ديمقراطيّةٍ شابّةٍ وارِفة وَسَطَ تَجاعيد القَفر العَربي المُستَبِدْ، "مُتصهينونَ" يَتنَسمونَ عبيرَ الحُريّة المُعاصِرة على أفخَرِ معاييرِها، فالتَعدّدُيّة الحِزبيّة مُقدّسة، خِلافاً لِنُسَخِ الحِزبِ الحاكِمِ الأوحد المؤبّدِ عِندنا، والانتخاباتُ دائِبَةٌ بِلا تأجيل، مُصانة بِلا تَزييف ولا تأويل، والحُرّياتُ لَن نَحلَمَ نَحنُ اليَعارِبُ العالِقونَ في مأزق التاريخِ حَتّى بأضغاثِها، فلا اغتيالٌ ولا تَسميمٌ ولا أقبيةُ تَعذيبٍ أو دهاليزُ اختِفاءٍ قَسري، ولا مقابِرُ جماعيّةٌ للمُعارِضينَ او أحواضُ أسيد للمُنشَقين، البَرلَمانُ ناشِطٌ مُلتَهِب، يُسقِطُ وَزارَةً ويُبارِكُ أخرى، يُشرعِنُ ولا يتفرعَن، نوّابُهُ ليسوا اُجَراء – كنوابِنا الهزليينَ الصِوريينَ – عِند دولَةِ رَئيسِ الوِزراء.
الرَخاءُ مُنعَقِدٌ بأيدي الخُبراءِ الأكفّاءِ مِنَ "المُتصهينينَ" اللامِعينَ، وللهِ دَرُّ "تكنوقراطنا"، الرَفاهيّةُ مُتاحَةٌ عَلى قَدَرِ المبذولِ، تَماماً كَما تُتاحُ مُثلثاتُ الفقر والجَهل والمَرَضِ في بِلادنا على أوسَعِ مقدارٍ مَجاني، توازُناتُ الحَقّ والواجِبِ دَقيقَةٌ واضِحة، الفَسادُ مُدانٌ مُطارَدٌ مَطلوبٌ للعَدالةِ والتحقيق وإنْ تَورّطَ فيهِ عَليّةُ القوم، كَما تُطارَدُ النَزاهَةُ والأيدي البيضاءُ في جُمهورياتِنا المؤمِنَةِ على أيدي جلاوِزةِ المافيات الحُكوميّة.
كيانُ بَني صَهيونَ "دويلَةٌ" جاذِبةٌ للمُهاجِرينَ "المُتصهينينَ" الحالِمينَ بِبحبوحَةِ عيشٍ يَسترجِعونَ في ظِلّها الظَليل كَرامَةً مَهدورَةً أو حُلُماً مُضاعاً، فيما تَحوَلتْ أوطانُنا إلى "كياناتٍ" طارِدَةٍ لأبنائها المُكتَظينَ عَلى أرصِفةِ اللُجوءِ الإنساني والسياسي وَعِندَ بِلاط السِفارات الغربيّةِ البارِد، يُلوِحونَ بِجوازاتِ سَفَرٍ مُهتَرِئة يَستعطِفونَ قَراصِنةِ التهريب البَشري الى أوروبا اللبنِ والعَسلِ والأعينِ الخضراءِ والزرقاءِ دونما اكتِراثٍ بالأهوالِ والمخاطِرِ طالما أنّ المَركِبَ جاهِز والتعريفَةَ واضِحة والوِجهَةُ رؤومة والعودَةَ اُكذوبة وَفِرقَةُ الموتِ تَنتَظِرُنا عندَ بواباتِ الوطن القَديم، وهكذا، وَبَدلَ أنْ نُلقي بإسرائيل في البحر الأبيض المُتوسِط، طَفت جُثَثُ أولادِنا قُبالَةَ شواطئ القارَة الشائِخة، بعدَ أنْ بَصَقتهُم مَمالِكُ الحُزنِ والإرهابِ المُسمّاة بِلاداً عَربيّة.
علينا الخَجَلُ قبل ذِكرِ فظائِعِ "شتيرن" و"الهاجاناه" ومجازِرِ " دير ياسين" و"قانا" طالما أننا نَحتَكِرُ النُسخَة الأصليّة مِنْ هذا النَمط البربَري الدنيء، بَل إننا مدعوون للتأمُلِ في ملائِكيّة "مائير" و"شامير" و"شارون" بِمُجردِ مقارَنَتِهم بشيطَنة "بَشّار" و"غوّار" و" صُرصار" وكائِناتُ الجَحيم السائِبة الهارِبةُ مِنْ جَهنم.
وَخِتاماً يَختَلِجُ التساؤلُ المُرْ: مَنْ الأحَقُّ بِرميِ غَريمِهِ في البَحر؟ نَحن، أمْ بَنو "صَهيونَ"؟



#ليث_العبدويس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا وَفَلسَفةُ الثُعبان المُقَدَّس
- رِسالةٌ إلى بشّار الأسَدْ
- وَقَفاتٌ عِندَ مُسلْسَلٍ مَمْنوع
- خرْبَشاتٌ طُفوليّة على جِدار العيدْ
- جرائِمُ الشَرَف.. وَقفةٌ شُجاعة
- ليبيا.. انتهاءُ عامِ الرَمادة
- وحشٌ طليقٌ في الشام
- -جمهورية- انكلترا المُتَحِدة
- فينيقُ لُبنان..ورمادُ الطائِفيّة
- هوامش على دفتر الثورة
- الصومال.. محنةُ الضمير.. محنةُ الإنسان
- الإرهاب الإسلامي ..تهافت النظرية
- هل شارف عصر الطغاة على الانتهاء؟


المزيد.....




- الرئيس الصيني يستقبل المستشار الألماني في بكين
- آبل تمتثل للضغوطات وتلغي مصطلح -برعاية الدولة- في إشعار أمني ...
- ترتيب فقدان الحواس عند الاحتضار
- باحث صيني عوقب لتجاربه الجينية على الأطفال يفتتح 3 مختبرات ج ...
- روسيا.. تدريب الذكاء الاصطناعي للكشف عن تضيق الشرايين الدماغ ...
- Meta تختبر الذكاء الاصطناعي في -إنستغرام-
- أخرجوا القوات الأمريكية من العراق وسوريا!
- لماذا سرّب بايدن مكالمة نتنياهو؟
- الولايات المتحدة غير مستعدة لمشاركة إسرائيل في هجوم واسع الن ...
- -لن تكون هناك حاجة لاقتحام أوديسا وخاركوف- تغيير جذري في الع ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث العبدويس - نَحنُ.. والبَحرُ..وإسرائيل