أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ليث العبدويس - كُلُّ الطُرُقِ تؤدّي إلى دِمَشْق














المزيد.....

كُلُّ الطُرُقِ تؤدّي إلى دِمَشْق


ليث العبدويس

الحوار المتمدن-العدد: 3926 - 2012 / 11 / 29 - 22:47
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


قريباً يا حَبيبيتي، سأرمي حَقيبَةَ الرَصاصِ وأتلفَّعُ بِعَلَمِ المَجدِ موقِداً شَمعَةَ أمَلٍ في مِحرابِكِ، فيما أنتِ تَغسِلينَ منارَةَ المَسجِدِ الأمويّ مِنْ قَترةِ الحَربِ وَرماد المَعارِك.
قَريباً، سَتسنَحُ ليَ الفُرصَةُ للبُكاءِ، تِلكَ الرَغبةُ التي نسيتُها مِنْ فَرطِ كِتماني لَها، سأستَقيلُ مِنْ رشّاشيَ الهادِرِ لِذرفِ الأدمُع على الذينَ قَضوا عِند جِسرِ الشَهادة دونَ أنْ يُقاطِعَني سُقوطُ شَهيدٍ آخَر.
قَريباً سيَتَسِعُ الوَقتُ وينفَرِجُ الوجود لأكتُبَ رِوايَةً عَنْ قَطرةِ حِبرٍ تَجمَّدَتْ خَجلى، تَردَّدَتْ، تأوَهَتْ، ثُمَّ غادَرَتْ سَطريَ المبتورِ إلى مَلحَمةِ الخُلود.
قَريباً سأدورُ في حواريكِ القَديمة بِخُشوع الأولياء باحِثاً عَنْ عَناوينِ ذَويهِم وأهليهِم وَوُجوهِ الأصدِقاء، سَيُمطِرُني صِغارُهُم بالأسئِلة وسَتَلتَفُّ علاماتُ الاستفهامِ حَولي، وسَيَدمي فوأدي إلحاحُ شيخٍ يتوسَلُني أنْ أُصدِقَ قَولي.
سأقول... ما تَراني سأقول؟ وأنا الفتى الذي يحيا ببغدادَ ويَموتُ كُلَّ يومٍ في عِشِقِ دِمَشْق، كَلّا، إنْ سألني أولئِكَ عَنهم فَلَن تَعييني الإجابة، في الجَنّة، في الفِردوسِ، في العلياءِ، بَلْ عِندَ الصَحابة، ما الغَرابَة؟
قَريباً سَتخلَعينَ السوادَ الكَئيب، السَوادُ الذي اتَشَحتِ بِهِ مِنْ عِشرينَ شَهراً، بَلْ مِنْ عِشرينَ دَهراً وتستأنِفينَ عُرْسَكِ الأُمَويَّ المَهيب.
قَريباً جِداً، سَترتَدينَ زينَتَكِ التي جَرّدَكِ مِنْ بُهرُجِها لُصوصُ التاريخِ ذوي الوُجوهِ المُتَسِخَةِ والذُقونِ نِصفُ الحَليقَة، سَتتبختَرينَ على بِلاطِ قَصرِكِ المَنيفِ كأيّ أميرَةٍ وَئَدَ حُرّاسُها الشُجعانُ مؤامَرَةً رَقيعَةً رَعناء صَفيقَة.
أعرِفُكِ يا حبيبَتي كَمَنْ يَعرِفُ مَلامِحَ وَجهِهِ وَعُروقَ يَديهِ، أعرِفُكِ مَهما طاشَ زَمَنُ الخَطبِ واستَطالَ شاطِئيهِ ، أعرِفُكِ منْ حَفيفِ الثيابِ ووَقْعِ الخُطى ووخزِ الغياب.
أعرِفُكِ بيدَ أنّي ارتَطِمُ كُلَّ لَحظةٍ بِذلكَ الجِدارِ الذي صارَ شيئاً فَشيئاً يَفصِلُ ما بينَ مَنفايَ القَسريّ وَوَطَني المُبَدَّد، هَل رأيتَ أحزاناً تتناسَخُ، تتَبَرعَمُ، تتجَسّدُ، تتَجَدّدْ؟ فَليسَ ثَمَّةَ أبشَعَ مِنْ شُعورِ إنسانٍ أعياهُ الارتياب وأضناهُ التَوحُّد.
قَريباً وَقريباً ، سَتنحَدِرُ مِنْ تِلكَ الجِبالُ التي تؤطّرُ جمالَكِ الأسيرُ سيولٌ عارِمة، لِتقتَلِعَ في طَريقِها كُلَّ ما رانَ على حُقولِ قَمحِكِ السَمراءَ مِنْ أدغالٍ وأشواكٍ قَميئَة.
يا صاحِبةَ الوَجهِ الذي يَرفُضُ الرَحيلَ والاستبدال، يا مَن تَسكُنينَ تَحتَ الحَقيقَةِ وَفوق الخيال وعلى أبسِطةِ المُحال.
وُجوهُنا هذا المَساءُ وَكُلَّ مَساء، تتوَجَّهُ صوبَ رَبّ السَماء، أنْ يَلطُفَ بِمركَبِكِ الفينيقيّ وَيُبارِكَ صَقرَ قُريشَ الأُمَويَّ، لأننا دونَ سيفِهِ الهاشِميّ المُطَعّم وَوَجهِهِ الدِمَشقيّ المُلَثَّم سَنعودُ أعراباً وأقناناً وَعبيداً وَرقيقاً وَجِرذاناً وَسَحاليٍ وَقَراداً في دُبُرِ الكونِ وأقطاعاً وشِراعاً مُحَطّم.
على ذاكَ، او قَريباً مِنهُ ماتَ عَليٌّ ، وعلى ذاكَ بَلْ عَليهِ تَلاشَتْ فُتوّاتُ ابنُ مُلجِم وخابَ خِنجَرُهُ الكِسرَويّ المُسَمّم.

ليث العبدويس [email protected]



#ليث_العبدويس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذَبحَةٌ أَبَويّة
- الحَبلُ السُرّيُّ العَرَبي
- اعترافاتُ مُثقّف مُرتَزق
- الدخُولُ إلى صَبرا وشاتيلا
- إنْ عُرِفَتْ حَلَب... بَطُلَ العَجَب
- العَروسُ والكلاشينكوف
- وقائِعُ انتحار كاتبٍ غاضِب // ليث العبدويس
- نوري.. نوزاد.. وحُلُم الأكراد
- قِمّةُ بغداد.. الدُخولُ إلى الخارِج
- مملَكَةُ الأيمو
- في تأبينِ مُتسوّلة
- يوميّاتُ مَدينَةٍ مَذبوحة
- مُناجاةٌ القَمَرِ المُهَشّم
- إلى بَغدادَ دَمعي.. مَعَ التَحيّة
- السيّابُ لَمْ يَكُن رَكيكاً يا وَطني
- مُذكرات لاجئ سياسي 2
- مُذكّرات لاجئ سياسي
- نَحنُ.. والبَحرُ..وإسرائيل
- سوريا وَفَلسَفةُ الثُعبان المُقَدَّس
- رِسالةٌ إلى بشّار الأسَدْ


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ليث العبدويس - كُلُّ الطُرُقِ تؤدّي إلى دِمَشْق