أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أم الزين بنشيخة المسكيني - ماذا بعد الحائط ؟














المزيد.....

ماذا بعد الحائط ؟


أم الزين بنشيخة المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 3968 - 2013 / 1 / 10 - 22:21
المحور: كتابات ساخرة
    



هاهي الأصوات تتعالى منذ سنة من الزمن من كل صوب و من كلّ حدب ..أصوات غاضبة و أخرى يائسة و ثالثة صامتة و لامبالية ، و رابعة مستنكرة و مستنفرة .."البلاد دخلت في حيط "..أيّ معنى لصدمة جماعية بالحائط ؟ و أيّ حائط اصطدمنا به يا تُرى ؟ و من أيّ المعادن قدّ هذا الجدار ؟ و من بناه و من علاّه فوق جراحنا ؟
و تزدحم في أذهاننا للتوّ و تتصادم صور مختلفة للجدار و جدران كثيرة تنتصب حيثما ولّيت وجهك .لا تخف من الجدران فهي تحميك من الحرّ و القرّ و تُخفي زلاّتك و نزواتك لكنّها تسجنك أيضا و تخنق أنفاسك و تمنعك من الحرية ..و لك في الجدران مآرب كثيرة أخرى : فبعضنا يحلم بأن يمتلك جدرانا يسكنها بكرامة لأنّه سئم من عبودية الجدران المكرية ، و آخر يرى في الجدار النهاية و العطالة و البطالة ، فتراه يكتب على الجدار و ينكحه باللغة من أجل الانتصار عليه .
و ثمّة في الذاكرة الانسانية الخالدة جدران عديدة : سور بابل و أهرامات مصر و حائط المبكى و الحجر الأسود و جدار الصين و جدار برلين و جدار فلسطين ..و لكلّ أمّة جدرانها ..و الجدار كتب عنه كافكا و سارتر و خلّده بالرسم الرسّام الاسباني أنطوني باتياس ..لماذا نشتكي اذن من الجدار و لماذا نخاف الذهاب اليه؟ ألا يجدر بنا أن نسقط حائط مبكى الثورة التونسية ؟ ألم يكن سقوط جدار برلين سنة 1989 قد وقّع نهاية القرن العشرين بنهاية الحرب الباردة و سقوط النظام الشيوعي ؟ ألم تُعتبر أحداث 11سبتمبر 2001 التي أسقطت برجي التجارة العالمية بأمريكا قد أغلقت تاريخا و فتحت تاريخا آخر ؟
ليس الاصطدام بالحائط اذن سيّئا الى الحدّ الذي نعتقد فيه ..بل انّ للجدار رمزية فنيّة من نوع خاصّ جدّا ..وهو ما نعثر عليه لدى أشهر الفنّانين الاسبان المعاصرين ، أنطوني تابياس الذي خصّص كل لوحاته لرسم الحيطان ..و قد كتب في ذلك نصّا مثيرا تحت عنوان "بلاغ حول الحائط " يعبّر فيه كيف حوّلت لوحاته برسمها للجدران " كلّ ماكان غليانا مشتعلا الى صوت قارّ " ..و ربّما نكون قد اصطدمنا بحائط تابياس حيث نتعلّم منه كيف يمكننا اختراق الحائط بالانغماس في عمق الغبار باحثين لنا عن خطوط أخرى من أجل أن نصير في حجم مشاكلنا و في حجم الحائط الذي اصطدمنا به .يقول تابياس مايلي :" في عمق الحائط ،ثمّة رمزية الغبار و في الغبار رمزية الرماد و الأرض و رمزية الـتآزر الذي يجعلنا نبصر بالفرق بيننا شبيها بالفرق بين حبّتي رمل ..و يضيف " أمّا المفاجأة المذهلة فكانت اكتشافي ذات يوم أنّ لوحاتي تحولت الى جدران ..فأيّة خيالات تنبعث من رسم جدار "
نعم ثمّة خيالات شتّى تنبعث من صورة الجدار ..كل حفريات المعنى ..كل الآلام السجينة ..بعضهم كتب بدمه على جدار ما ..ثمّة أوجاع كثيرة و شتائم و شعارات نحفرها على جسد الجدار من أجل أن نجتازه و ننتصر عليه .
لكن حذار من حمل الجدار في عقولنا ستتعطّل أحلامنا و يصيبنا العطب في كل مكان ...و سنتلذذ جماعيا بالهزيمة ..في حين بوسعنا دوما أن نحدث ثقوبا و نوافذ في الجدران ..و بوسعنا أن نبصق دوما على الجدران السيّئة ..لكن لا ينبغي أن نشتم الجداردوما ..حيث يحدث أن يستر عيوبنا و أن يحمل عنّا أوجاعنا و أن نرسم على تجاعيده قلوبنا أو أسماء من نحبّ و أحيانا ننثر مقدساتنا على صدور الجدران الحزينة ..
يقول الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز عن الفرنسين :" انّهم لا يعرفون مزاولة الصيرورة و يعتمدون في تفكيرهم على مقولتي الماضي و المستقبل التارخيين و حتى بالنسبة الى الثورة فانهم يفكرون في مستقبل الثورة بدلا عن صيرورة ثورية ..انهم لا يعرفون رسم الخطوط ..انهم لا يعرفون شقّ الجدار و برده "
ربّما لا يجدر بنا اذن أن نعتقد أنّ ثمّة حائط يعطّل أحلامنا ..لماذا لا نطلب القفز على الجدار أو اختراقه أو حتّى اسقاطه علّنا نجد وراء هذا الحيط حدائق وسيعة و أزهارا أجمل ..



#أم_الزين_بنشيخة_المسكيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هدية تأبّط شرّا الى الشنفرى في رأس العام ...
- في كلّ زيتونة صداع قديم .......
- من أين سيأتي المستقبل ؟
- اعلان زواج ..ثور مثقف يبحث عن ثورة مناسبة ..
- جائزة ملوك البريطان الى ثيران العربان ..
- تجمّع أسمائها و تصلّي ...
- صمت قليل يكفينا كي نموت معا ..
- و االعَوَرُ من مأتاه لا يُستغرب ..
- عودة الخرافة و بؤس السياسة ..
- الاه من الحلوى ..
- عطور اسلامية في زجاجات سلفية ؟
- يقتاتون من المزابل ..و الحكومة تحتفل ..
- علاليش علمانية تبحث عن أعيادها ...
- و... تضحكين...
- من هم الفاسدون ؟؟؟
- كلمات كاريكاتورية للمسّ بالمدنّسات ...
- الدلالة الفلسفية لمفهوم المواطنة ..
- هل نحن مواطنون ؟
- ما هي مقدّسات الحكومة ؟؟؟
- انتدبوهم للموت غرقا ...


المزيد.....




- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أم الزين بنشيخة المسكيني - ماذا بعد الحائط ؟