أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ليث العبدويس - ليلى لَمْ تَعُدْ مَريضَة














المزيد.....

ليلى لَمْ تَعُدْ مَريضَة


ليث العبدويس

الحوار المتمدن-العدد: 3966 - 2013 / 1 / 8 - 23:36
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


تُرى.. هَل حَدثتُكُم يوماً عَنْ حَبيبَتي ليلى؟ هَل اخبَرتُكُم عَنْ تِلكَ التي لَمْ تَكُنْ وَلَنْ تَكون؟ عَنْ التي تَستَبيحُ أدقَّ أسراري بِخَفق الرُموشِ السومَريّة؟ عَنْ التي أقامَتْ عَلى مَشارِفِ أشعاري محاكِمَ تَفتيشِها وَوَزَّعَتْ جَواسيسَها عِندَ مَداخِلِ أورِدَتي وَمَخارِجِ شَراييني؟
هَل عَلِمتْ أني استَقَلتُ بَعدَها مِنْ خَطيئَةِ الشِعرِ وامتَهَنتُ التَسَكُّعَ بينَ مَقاهي الذِكريات؟ عَن التي تَحتَجِبُ عَنّي كُلَّ ذاتِ ظَهيرةٍ حَتّى هُطولِ المَساءِ الكَئيب، وأنا المُتسَمّرُ على مَصاطِبِ القَصاصِ كَصَبيّ مُشاكِس، أتجَرَّعُ خُمورَ الغيابِ الطَويل.
ليلى.. مُحاصَرَةٌ هي الكَلِماتُ في جوفي، مُتَجَمّدٌ هوَ الدَمعُ في جَفني، المَسافَةُ إليكِ مَلغومَةٌ ِبذاكَ الاشتهاءِ الخَجول، مَنْ سَيكتُبُ تاريخَ تَرنُحي بَعدَ أنْ شُنِقَ المؤَرِخون؟
ليلى.. أيُّ لَعنَةٍ ألقاها عليكِ ابنُ المُلوّحِ قَبلَ أنْ تَبتلِعَ الصحراءُ هذا المَخبول؟ هَل كانَ قَدَرُكِ أنْ تستَمرّينَ أسيرةَ المَرَضِ وأبقى أنا كالريشَةِ يتناهَبُني ظَلامُ العِراقِ الحالِك؟
أنا.. وقواريرُ الدواءِ المُصطَفّةِ عَلى خِزانَتَكِ كَمخاوِفي، وَكَهَنوتُ الحُكَماءِ العاجِز، وَفَجرٌ تَمرَّدَ عَليهِ ليلٌ الهاويةِ الحالِك، وأنتِ التي مَهما طالتْ سَهرَتُنا، وَمهما استَدرَجتُكِ لِتُقاوِمينَ الكَرى، لا بُدَّ في النِهايَةِ أن يُغلِبُكِ النُعاسُ، وَترضَخينَ لِوَسنَة الغَفوِ اللَذيذ، فتَنسَلّينَ مُستَسلِمَةً لِفراشِ الوَجَعِ المُستَديمِ بَعدَ أنْ تَتَصَنَّعينَ ابتِسامَةً وَدودَة وَتَضَعينَ على وَجنَتي قُبلَةٍ رَقيقة، وَتتمَنينَ لي صباحاً عِراقياً آخَر.
لَكِنَّكِ كسندريلا الرافِدينِ تتجاهَلينَ دَقّاتَ مُنتَصَفِ الليلِ لأنَّكِ لا تَملُكينَ عَرَبةً مُزخرَفَةً ولا حوذيّاً وَسيم، لا سُلطانَ للساعاتِ على حُضورِكِ المَلَكيّ، لو تَعلَمينَ أيَّ هَلاوِسَ يَضُجُّ بِها نومُكِ المُضطَرِب، هَلاوِسَ تُبقيني يَقِظاً حَتَى هَزيعِ العُمرِ أتساءل: كيفَ تَحتَمِلينَ كُلَّ تِلكَ الكَوابيس؟
وأَفَقتُ في صَباحِ الانتِفاضَة، وَتَذَكّرتُ أنها كانتْ – كَليلَةِ القَدرِ – بِلا عَواءٍ مِنْ كِلابِ الأزقّةِ المَسعورة، وَلَمَحتُ، مِنْ ثُقبِ البابِ جُثّةَ الحارِسِ مَثقوبَة الصُدغِ مُبتَلّةَ السِروال، وَرأيتُ حُطامَ كاميراتِ المُراقَبَةِ وَرُتَبَ الجنرالاتِ تَدوسُها أحذيَةُ جاريَ المَنغولي اللَطيف، وَرَأيتُ مِنْ نافِذَتي قوسَ غَضَبٍ يَطلُعُ مِنْ حَواري الكَرخِ القدَيمةِ وَيجتازَ جِسرَ الأئِمّةِ مُقَبّلاً جَبينَ الرَصافَة.
رأيتُ بِأُمّ عيني الرَصاصَة تَتَراجَعُ مَذعورَةً في مأسورةِ البُندُقيّة، ورَأيتُ كُلَّ شُهداءِ العِراق يَتَقَدّمونَ بِطَلباتِ لَمّ الشَمّلِ مَعَ أحبابِهمُ الأحياء، وَرأيتُ ضَبعاً دَبِقَ الأشداقِ يُقَلّبُ في تَلمودِهِ السَميكِ عَنْ تَعويذَةٍ تُميتُ كُلَّ البَشَر، وَرأيتُ.. نَعَم رَأيتُ جِراءَهُ تَجُرُّ مِنْ خَلفَها أمعاءَ جُثّةٍ طازِجَةٍ مِنْ قَبوٍ سِرّيّ قيلَ أنّهُ لِمُكافَحةِ الارهاب، رأيتُ تَهَشُّمَ كُرَةِ الساحِرةِ البَلوريّة وانسِحابَ المُهرّجينَ وَهَدمِ باستيلِ بغدادَ، رَأيتُ جان داركَ تَصدَحُ بأهزوجَةٍ ثوريّة بِطعمِ مِلحِ الهَورِ وَرَشاقَةِ عيدانِ القَصَب، رَأيتُ الِعراقَ كأني أراهُ لِلمَرّةِ الأولى.
رأيتُ المُثَقّفَ الماركِسيّ الذي أتلَفَ مُجَلداتِهِ خَشيةَ أنْ يَستَدِلَّ عَليها ذُبابُ المَعبَدِ وامتَهَنَ بيعَ الحُمُّصِ الَمسلوقِ عِندَ الزاويةِ.. رأيتُهُ يَقلِبُ قِدرَهُ الساخِنَ بِوَجهِ جُباةِ الضَرائِبِ والمُكوس، رأيتُهُ.. هكذا رأيتُهُ.. مُبتَسِماً لِلمَرّةِ الأولى مُنذُ عَشرِ سِنين.
تَلَفَتُّ.. فَلَمْ أَجِدْ ليلى في السَرير، وَوَجَدتُ بَقايا قَهوَةٍ سوداءَ مُرَّةٍ ورِسالةَ وَداعٍ أَمَر، عُدْتُ كالمَجنونِ ابن المُلوّحِ لِنافِذَتي أمَشّطُ بِبَصَري شَلَالَ الجَمعِ الهادِرِ دونَ جَدوى، بيدَ أني لِلَحظَةٍ خُلتُني لَمَحتُ وِشاحَها يَغيبُ بينَ الهاتِفين.



#ليث_العبدويس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغلى رَغيفُ خُبزٍ في العالم
- زيرا الصَغيرة... والطائِراتُ المُغيرة
- كُلُّ الطُرُقِ تؤدّي إلى دِمَشْق
- ذَبحَةٌ أَبَويّة
- الحَبلُ السُرّيُّ العَرَبي
- اعترافاتُ مُثقّف مُرتَزق
- الدخُولُ إلى صَبرا وشاتيلا
- إنْ عُرِفَتْ حَلَب... بَطُلَ العَجَب
- العَروسُ والكلاشينكوف
- وقائِعُ انتحار كاتبٍ غاضِب // ليث العبدويس
- نوري.. نوزاد.. وحُلُم الأكراد
- قِمّةُ بغداد.. الدُخولُ إلى الخارِج
- مملَكَةُ الأيمو
- في تأبينِ مُتسوّلة
- يوميّاتُ مَدينَةٍ مَذبوحة
- مُناجاةٌ القَمَرِ المُهَشّم
- إلى بَغدادَ دَمعي.. مَعَ التَحيّة
- السيّابُ لَمْ يَكُن رَكيكاً يا وَطني
- مُذكرات لاجئ سياسي 2
- مُذكّرات لاجئ سياسي


المزيد.....




- بين الحصانة والمطاردة: كيف تُشرعن السلطة الذكورية القمع وتكم ...
- م.م.ن.ص// فلسطين-غزة تحت الذبح: جريمة العصر تُواصل مسيرتها ...
- -رايتس ووتش- تتهم شرطة أنغولا باستخدام القوة المفرطة ضد متظا ...
- بيان حزب النهج الديمقراطي العمالي فرع صفرو
- العدد 613 من جريدة النهج الديمقراطي
- يوم عالمي لنيلسون مانديلا الذي قال -حريتنا منقوصة بدون حرية ...
- أعياد دينية وأحزاب يسارية
- جورج عبد الله يشيد بالدعم الذي أدى للإفراج عنه
- الصحراء الغربية: هل تراجع جنوب إفريقيا دعمها التقليدي للبولي ...
- بعد اعتقال لـ41 عاما.. فرنسا تعلن الإفراج عن الناشط البارز ج ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ليث العبدويس - ليلى لَمْ تَعُدْ مَريضَة