|
مصر..حكومة تكنوإخوان والحل غرفة إنقاذ
احمد البهائي
الحوار المتمدن-العدد: 3966 - 2013 / 1 / 8 - 13:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دعونا نبدأ كما تعودنا بالقديم وخاصة اذا بنيت علية حضارات ورتفعت به أمم ،فمن كلام الماوردي يخاطب الوزير( ..انت سائس مسوس تقوم لسياسة رعيتك وتنقاد لطاعة سلطانك ، فتجمع بين سطوة مطاع وانقياد مطيع،فشطر فكرك جازب لمن تسوسه، وشطره مجذوب لمن تعطيه ،وهو أثقل الاقسام محملا واصعبها مركبا، لان الناس مابين سائس ومسوس وجامع بينهم ...ويلزمك في حق سلطانك ألا تعتد عليه بصلاح ملكه لانك لصلاح مندوب ، ولا تعتذر اليه من اختلاله لان الاختلال اليك منسوب ، واجعل اعتذارك سعيك واجتهادك، فلسان الفعال أنطق من لسان المثال ...وليس يختص العدل بالاموال دون الاقوال والافعال ،فعدلك بالاموال ان تؤخذ بحقها وتدفع الى مستحقيها ...وعدلك في الاقوال ألا تخاطب الفاضل بخطاب المفضول ولا العالم بخطاب الجهول...).
هكذا في خضم حالة الاستقطاب الحاد والتخندق والتجاذبات والتشنج السياسي ،وبعد مخاض عسير اخيرا تم تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة هشام قنديل للمرة الثانبة،التى من اولويتها ايجاد سبل تحسين الاوضاع لخروج مصر من كبوتها الاقتصادية ، حيث أدى الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمام الرئيس محمد مرسي بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة ، ومع ذلك مازالت الحكومة تحمل لقب حكومة تسير اعمال كسابقاتها من الحكومات التى شكلت عقب ثورة 25 يناير. الحقيقة هي حكومة ليست تاريخية كما يصفها البعض ،بل شكلت في لحظة تاريخية وفي فترة انتقالية حرجة للغاية تمر بها مصر، فهى حكومة ( تكنو اخوان اكثر منها تكنوقراط ) فأغلب الوزراء من الاخوان أو الموالين لهم ،فالحكومة شكلت بعيدا عن أي توافق أو حوار وطني وليس لها قاعدة سياسية تساندها في ظل برلمان معطل بفعل القانون ودستور استفتي عليه وسط اعتراض اغلب القوي المدنية ، وسندها على الساحة الرئيس مرسي وحزب الحرية والعدالة. فهى حكومة اقرب الى حكومة ادارة ازمات حيث يأخذ عليها بان وزرائها يفتقدون الخبرة السياسية والاقتصادية والتجربة العملية بل معظمهم ينتمون الى الكادر الاداري لاجهزة الدولة والوزارات، وهم ممن كانوا يجيدون تنفيذ الاوامر من خلال وظائفهم الادارية ، فالكثير يصفونها حكومة تقدس البيروقراطية ونصوص اللوائح بقوتها لا روحها في تقديم الخدمات والاعمال ولا تميل الى الابداع ولا تحبذ روح المبادرة وتعيق فنون الادارة الحديثة ، فالحالة التى تمر بها مصر الان تحتاج الى رجال ذوي كفاءات وقدرات وملاكات ادارية واقتصادية خاصة على الصعيد الداخلي والخارجي .
ومع ذلك نأمل ان تكون الحكومة الجديدة قادرة على تكوين (غرفة انقاذ ) من خبراء اقتصاديين ومسؤولين عن التخطط الاداري على عجل تعمل على مساريين اساسيين في آن واحد .. **المسار الاول القضاء على ""البيروقراطية الادارية "" فبأستمرارها اي البيروقراطية الادارية في معظم معاملات واجراءات اجهزة الدولة والوزارات التى تهتم بشؤون المواطنين ابتداء بالخدمات الاساسية والتعليم والصحة والامن وليس انتهاء بصفقات الاستثمارات الوطنية والاجنبية وماشابه فهى تعيق التحولات الديمقراطية بركائزها الثلاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنهوض بالبلاد ، فالبيروقراطية بتعقيداتها الادارية وروتينها تكون ارض خصبة للفساد وتفشي الرشوة والوساطة وانعدام الشفافية ،ولهذا لابد من ثورة ادارية للتغيير داخل الدوائر الحكومية سواء كانت ادارية او خدمية او قانونية وتطهيرها من العناصر البيروقراطية التى تقوم على اداراتها وتمارس الوصاية الواضحة على المواطن العادي لدرجة تقيد الحريات.. حتى لا يتعاظم دورهم داخل الاجهزة ويشكلوا عنصر تقييد للحكومة نفسها فتعجز عن اتخاذات القرارات الاقتصادية والادارية والسياسية التي تهدف الى التغيير نحو الافضل من اجل الصالح العام .
**المسار الثاني وهو"" دعم الاحتياطي النقدي"" وعدم المساس به ،فقد أعلن البنك المركزي المصري أن أرصدة الاحتياطى من النقد الأجنبى انخفضت بنحو 20 مليون دولارليسجل الاحتياطى حاليا 15.015 مليار دولار مقارنة بـ 15.035مليار دولار،وهو بذلك يدخل (دائرة الخطر) التى يحددها الخبراء بتغطية 3 أشهر من الواردات السلعية للبلاد، فتراجع الاحتياطي من العملات سيدفع العديد من المؤسسات الدولية لخفض التصنيف الائتماني لمصر مرة اخري ،فضلا عن عدم قدرة مصر على سداد ديونها ، كذلك التأثيرعلى مستقبل مصر التمويلي لدى المؤسسات العالمية المانحة خاصة في التقيم عند الاقتراض، ولذلك لابد من استحداث طرق جديدة بعيدة عن اهدار الاحتياطي النقدي لتدعيم الجنيه المصري في مواحهة الدولار، كذلك وضع ضوابط ومعاير جدية على الصناعات الاجنبية التى تتمتع بإعفاءات ضريبية وجمركية وتقوم بتحويل أرباحها بالكامل خارج البلاد مما يعد أحد عوامل الضغط علي الاحتياطي من خلال زيادة الطلب علي الدولار، كذلك ضرورة ترشيد الاستيراد بوضع استراديجية جديدة وخاصة على السلع الغذائية التى يمكن زراعتها داخل البلاد لتحل محل السلع المستوردة التي يتطلب استيرادها تدبير عملات أجنبية وذلك لتخفيف ضغوط الطلب علي النقد الأجنبي ،ايضا انشاء شركات عملاقة برؤوس اموال مصرية هدفها الاول زيادة الانتاج والتصدير، وضع معاير ضابطة على البورصات والسوق السوداء للعملات للحد من المضاربات على الدولار.
ومن هنا دعونا نقول لايتحقق ماسبق ذكره إلا بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب فالثقة وحدها لا تكفي بل على اساس الكفاءة والموهبة والخبرة والقدرات ، فمن المعروف ان تكوين الشخص الاجتماعي والفكري والفلسفي تحدد نوعية القرارات التي يمكن ان تتخذ في إطار مبادئ الثورة ،فكل مرحلة لها اشخاصها التي تحدد طبيعة المهمة التي يقوم بها،ولهذا يجب على القائد في صنع القرار ان يحدد الهدف بوضوح لكل مرحلة ومن ثم اختيار العناصر الملائمة والصالحة لكل مرحلة وخاصة القادرين على تنفذ الاهداف ،ولذلك لكي يحدث تغييرا يجب استخدام اشخاصا يتسمون بالجرآة والقدرة على المغامرة فكل واحد منا قادر على المغامرة ولكن يجب ان يكون داخل اطارها واصولها وقواعدها. واخيرا يستحضرنى هنا ما قاله صاحب كليلة ودمنة ( السلطان لايقرب الرجال على قرب ابائهم ولا يباهدهم لبعدهم،ولكنه ينزلهم على قدر ما عند كل امرئ منهم فيما ينتفع به ، وقد يكون الجرذ في البيت جاراً مجاوراً فينفي اذا كان ضاراً مؤدباً ،ولما كانت في البازي منفعة -وهو وحشي-اقتنى واتخذ ).
#احمد_البهائي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوريا... ( الاسد برؤية شكسبيرية )
-
المتأسلمين..(ألم تقرأوا دستور المدينة)
-
الدستور..الجماعة تعود كهيئة لتصبح هى الدولة
-
هكذا الرئيس مرسي.. (الفكر القطبي هو بعينه الفكر الهيجلي )
-
هل أخطأ مرسي ؟ .. نعم
-
الجماعة -متى تقرأ تاريخها ..؟! -
-
قرض لا بد منه
-
اوباما رئيسا --متى سيتعلم العرب--
-
اوباما لايفعل ما يقول..
-
المناظرة الثالثة وحقبة - الحرب الباردة -
-
.. اذا فالدستور كما هو لم يتغير
-
النظام المصرفي بين الأسلمة والتقليدي
-
طبيا احيانا الموت بسبب المضاعفات ..كذلك اقتصاديا
المزيد.....
-
الكرملين يكشف عن موعد وصول بوتين إلى ألاسكا.. فهل يتأخر عن ل
...
-
السفير زملط في بلا قيود: نحن مع أي ترتيبات انتقالية تنهي الح
...
-
قمة ترامب وبوتين في ألاسكا.. ما رمزيتها وماذا يريد الطرفان؟
...
-
قرى درزية في الجنوب السوري معزولة عن العالم واتصالها الوحيد
...
-
عقب صلاة الجمعة.. قتيل ومصاب في إطلاق نار قرب مسجد في السويد
...
-
نتنياهو وحلم “اسرائيل الكبرى”
-
مالي: المجلس العسكري يتهم -قوى أجنبية- بالتخطيط لزعزعة استقر
...
-
فشل مفاوضات جنيف بشأن معاهدة جديدة للحد من تلوث البلاستيك
-
فيديو - قبيل قمة ألاسكا... احتجاجات مناهضة لبوتين في أنكوريد
...
-
تنديد أممي دولي متصاعد بخطط إسرائيل الاستيطانية
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|