أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم سبتي - فرجينيا وولف .. نصف رواية متبقية














المزيد.....

فرجينيا وولف .. نصف رواية متبقية


ابراهيم سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 3965 - 2013 / 1 / 7 - 22:17
المحور: الادب والفن
    


لماذا ينتحر الكاتب ؟ لا جواب قطعيا حتما، إنه سؤال العبث اليومي بتفاصيله المزمنة التي لا تنتهي .. فرجينيا وولف ماتت منتحرة في نهر أوسي، ألقت بجسمها المثقل بالأحجار وجيوب معطفها البني كان مليئا هو الآخر بأحجار الضفة المطلة على بيتها الريفي التابع لمنطقة سوسيك ذات المنظر الآخاذ ( مذكورة في روايتها رواية لم تكتب بعد 1921 ) .
ماتت الروائية التي أثرت الأدب الانجليزي وصارت أحد أعمدته في العصر الحديث، جثمت في القاع تسعة عشر يوما حتى عثر عليها بحالة يرثى لها، إنها فرجينيا وولف صاحبة أسلوب تيار الوعي في الرواية الحديثة، لم تكن تعرف أنها ستنتهي إلى الانتحار ولم تفكر قط فيه، لكنها أيقنت بأن رحلتها كإنسانة لابد لها أن تنتهي مع أن رحلتها الروائية ما زالت في قمتها وحيويتها. ظلت مخلصة للكتابة ومحبة للأدب، كله ولم تفكر يوما بترك عشقها وهو كتابة الرواية مهما مرت بظروف قاسية، عاشت فشلها في الحياة الأسرية كفتاة تحتاج الى رعاية الأم وحنانها وعاشت فقدانها لعطف وحب الأب الذي مات بعد أمها بفترة وجيزة وعاشت فقدان الأخوة حين توفي شقيقها المحب لها مبكرا، ومن ثم عاشت أبشع من هذا حين كانت تصحو كل صباح على أصوات القنابل النازية وهي تدك لندن في أسوأ فترات الحرب العالمية الثانية حينما خطط هتلر لإركاع الانجليز بالقصف غير المسبوق .
الأدهى أنها عاشت فشل الحياة الأسرية حتى زواجها من ليونارد وولف عام 1912 الذي أدى حبه وحرصه عليها الى ترك العالم والاختفاء عنه للأبد. إذ أن زوجها ليونارد وولف الأديب وصاحب دار نشر معروفة في لندن، غمرها بحب لم تعرفه طيلة حياتها فكانت تبكي لذاك الحب العظيم والعشق الذي تكتب عنه ولم تره، إنها مصيبة القدر أن تموت من اجل إسعاد حبيبها، ولكي لا تزعجه بنوبات الصرع والجنون التي لازمتها ربع حياتها، نوبات كانت تخفيها عن الناس ولكن الأمر قد افتضح ولم يعد أحدا لا يعرف، انه قرار الموت إذن.
عاشت فرجينيا وولف حياتها بكل صخبها البيتي والأسري من دون أن تعرف طعما لذلك، ففجرت في نفسها طاقة كتابة لا مثيل لها وأبدعت أهم الروايات والقصص القصيرة والمقالات الأدبية. أما قرار الموت، فكان أكثر القرارات هدوء واتزانا في حياتها، فهي لم تعطه وقتا كافيا ليدخل اليها ( الموت) كما هو الحال عند الناس الآخرين. فله طريقته الخاصة. كانت السعادة التي دفعتها الى الانتحار، سعادة استثنائية تماما، لا السعادة التي تحطمت على جدران المرض الفظيع الذي التصق بها. المرض الذي كان يدفعها الى الصراخ في منتصف الليل وهي نائمة، فما كان من زوجها الا أن يهرع إلى الشارع الخالي مستنجدا، انه يحاول أن يبطئ
ويؤخر عنها الموت أو قراره. ولكنه ظل يسمع صرخاتها وكأنها ستلقى حتفها من مصيبة ما، تكتب رسالتها الأخيرة لزوجها وتغيب عنه الى الأبد ( لا أظن بأني سأتعافى من مرضي هذه المرة) فيقرأ الزوج المحب والمعجب بالأديبة في آن، رسالتها ويبكي ويذرف دموع الألم والندم، الألم من فراقها كزوجة وأديبة بارعة لطالما أعجب بها وبفنها الروائي وشجعها على كتابة بعض الروايات التي يرجع الفضل له بانجازها كرواية " السيدة دالواي " التي أنجزتها عام 1925 ورواية " أورلاندو " المنجزة عام 1928، أما ندمه فشعوره بأنه لم يمنحها الحب والعطف الكافيين حسب اعتقاده. بينما تعترف فرجينا وولف في رسالتها الأخيرة لزوجها قبل الانتحار بدقائق ( لا أعتقد بأن الحب والسعادة التي شعرنا بها نحن الاثنين سيشعر بها غيرنا ).
انه اعتراف واضح بحب الرجل له. انه الأديب والكاتب في الشؤون الاقتصادية في أشهر صحف لندن آنذاك وصاحب دار النشر المعروفة، تزوج فرجينيا وولف في عام 1912 وهي لم تكتب بعد أية رواية عدا بعض المقالات التي نشرتها في التايمز اللندية ومن ثم تحولت الى الكتابة في الملحق الأدبي للصحيفة نفسها. ويعتقد بعض الأدباء الانجليز بأنه أحد الذين شجعوا وولف على الكتابة النقدية الأدبية بينما كانت تفكر في باكورة حياتها، بأن تصبح ناقدة فنية تتجول في قاعات الفنون التشكيلية. أصدرت كتبا نقدية مهمة في مسارات الأدب الانجليزي ولاقت اهتماما كبيرا في الأوساط الثقافية والأدبية وخاصة كتابها عن القارئ المهتم بالأدب أسمته " القاريء العادي " في عام 1925 وكتاب آخر ظهر بعد انتحارها عنوانه " موت الفراشة ومقالات متنوعة أخرى ". اشتغلت فرجينيا وولف بأسلوب جديد أطلق عليه بتيار الوعي أو التداعي الحر وهو أسلوب عمل به بعض الكتاب المعاصرين لوولف وبدأت بكتابة رواية أرادت أن تبوح. وقد عرفت به باعتباره سيلغي السائد في الأسلوب التقليدي. وتميزت أعمالها باستفزاز المشاعر الإنسانية ومداعبة الضمير الإنساني بقدرة روائية فذة.
كتبت فرجينيا وولف تسع روايات وصدر لها ثلاثة كتب نقدية وكتاب سيرة. وهكذا ماتت فرجينيا وولف بعد أن ظلت جاثمة في باطن النهر تسعة عشر يوما بعد أن ملأت جيوب معطفها الجديد ( هدية عيد زواجها من ليونارد) بالحجارة ودخلت النهر سيرا من دون التفاتة الى الوراء!



#ابراهيم_سبتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة بقلب نابض
- ثقافة المذيعين والأخطاء المكشوفة
- هل يصنع السياسي مجدا لنفسه ؟ ‏
- القصة القصيرة جدا وتقرير المصير
- هل يوجد نجم ثقافي في العراق ؟‎
- بمناسبة الذكرى الخامسة لرحيل الشاعر كمال سبتي .. موت الشاعر ...
- الروائي منتحرا .. فرجينيا وولف الساحرة
- هل يوجد نجم ثقافي في العراق ؟
- عن قاص عراقي
- الشاعرُ مؤنثٌ كالوردة
- القصة العراقية .. هموم التجربة ومتغيرات الذائقة
- هجرة الثقافة
- الكتابة في درجة الانصهار
- أدب الخيال العلمي وسطوة المعاصرة
- تأويل الثقافة
- في أول الطريق
- ثقافتنا في العصر التقني
- الكتابة عند حاجز الجنون
- الحوار المتمدن .. الحوار الإنساني المرصع بالحرية
- إعلامنا وهيمنة الإعلام القاتل


المزيد.....




- يحقق نجاح كبير قبل عرضه في السينما المصرية .. أيرادات فيلم أ ...
- في جميع أدوار السينما المصرية .. فيلم الشاطر رسميًا يعرض في ...
- لمى الأمين.. المخرجة اللبنانية ترفع صوتها من في وجه العنصرية ...
- وصية المطرب أحمد عامر بحذف أغانيه تدفع فنانين لمحو أعمالهم ع ...
- قانون التوازن المفقود.. قراءة ثقافية في صعود وسقوط الحضارة ا ...
- وفاة الفنانة الإماراتية رزيقة طارش بعد مسيرة فنية حافلة
- ماذا بعد سماح بن غفير للمستوطنين بالغناء والرقص في الأقصى؟
- فيديوهات وتسجيلات صوتية تكشف تفاصيل صادمة من العالم الخفي لم ...
- مونديال الأندية: هل يصنع بونو -مشاهد سينمائية- مجددا لانتزاع ...
- الشاعرة نداء يونس لـ-القدس-: أن تكون فلسطين ضيف شرف في حدث ث ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم سبتي - فرجينيا وولف .. نصف رواية متبقية