أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم سبتي - القصة القصيرة جدا وتقرير المصير














المزيد.....

القصة القصيرة جدا وتقرير المصير


ابراهيم سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 3412 - 2011 / 6 / 30 - 14:37
المحور: الادب والفن
    


هل يشترط على المتلقي ان يحل الغاز ما يقرأه ؟ ام انه يحاول السير في القراءة المفتونة بغياب ‏الاسرار والاحاجي الى النهاية كي يستمتع ويفهم ما يقرأ ؟ ثمة ما يطفح على سطح النص ‏القصصي من اسئلة ورموز كثيرة وخاصة حين تكون القراءة مع القصة القصيرة جدا ذلك ‏الجنس الاشكالي .. فهي جنس يثير الفضول ويثير الزوابع والعواصف النقدية والمعارضات ‏المتحججة بالبقاء للأصل دائما وهم يقصدون القصة القصيرة .. اي ان البعض يعتبر القصة ‏القصيرة جدا وليد بائس ويتيم ومنشق على ذاته من رحم القصة القصيرة ، وسرعان ما يزول ‏ويختفي ويندثر كل منجزها الابداعي وكل ما كتب عنه .. اسئلة القراءة كثيرة في النصوص ‏القصيرة جدا التي تشي بمعان لا يمكن ان تفسرها الاسطر القليلة ولا يمكن ان تفسرها الحكاية ‏لانها غائبة اصلا .. وحين نكتب القصة القصيرة جدا يتبادر الى الذهن مباشرة ، سؤال القراءة ‏الابرز وهو ما الذي سيفهمه المتلقي منها ؟ وهو سؤال افتراضي نضعه نصب رؤانا قبل ان ‏تسيح الكلمات على السطح الابيض . القصة القصيرة واقع فرضته ظروف العصر في نهاية ‏القرن التاسع عشر حين غدت الرواية والمسرحية فن الاباطرة واللوردات والاغنياء والمترفين ‏والقصور والترفيه والذي لا بد منه .. فبرزت القصة مسالمة في ارض مشاكسة غير مستقرة ‏ولكنها اسست كيانها بعبقرية كتابها الفقراء والمعوزين والاغنياء معا .. وبعد نصف قرن على ‏ذلك التاسيس ، يطرح في الساحة ، فنا جديدا مستحدثا اسموه القصة القصيرة جدا ، فبادر الى ‏المعارضة من عارض وبادر الى التأييد من أيد وصارت بين اخذ ورد وشتائم واتهام بضعف ‏الموهبة والقصور واعتبروا القصة القصيرة هي الاصل ولا شيء يتولد منها وانها شجرة بلا ‏فروع ! وحين ياتي كاتبا ما ليكتب القصة القصيرة جدا ، يضع في مقدمة مخططه انها سهلة ‏التناول وسريعة الكتابة ولا تنفق منه جهدا او وقتا ولا حتى تحتاج الى فكرة او لغة او اسلوبا ، ‏في حين انها اصعب كثيرا من القصة القصيرة واكثر منها مراوغة ومخاتلة مع السرد او بناء ‏الحدث واخطر منها في ايضاح الفكرة .. انها الجنس الاصعب والاخطر في السرد . مع انها تظل ‏محتفظة بشروط لابد منها كالمفارقة والاختزال وتماسك جسد النص وهو وحدة البناء بكل ‏فقراته ومرجعياته ، فان الكثير من الكتاب يستمتعون بكتابة نصوص اشبه بالخواطر على انها ‏تنتمي الى خانة القصة القصيرة جدا .. وغاية الامر عند البعض هو رسم معالم واضحة وبيان ‏مرتكزات ومفاصل ومراجع لهذا الجنس ليقوم واقفا متاصلا بعيدا عن التهم .. وهو ما يعارضه ‏بعض النقاد حتى الان . ومنذ كتاب انفعالات لناتالي ساروت عام 1932 ، انتشر شرقا وغربا ، ‏فهو جنس استقطابي جمع بين كبار الكتاب وبين الهواة .الا ان قيمة الفن تبقى هي المعيار ‏الاول والمنافس بين الطرفين . وعندما يراد ايصال الفكرة ، فان وسائل متعددة تعمل معا ‏مشتركة لهذا السبيل اهمها ، استخدام الجملة الفعلية كمنطلق للسرد لانها متحركة وتعطي ‏غرضا يغني عن طول السرد والحوارات والحكاية التي لا توجد اصلا في النص ، ومن ثم فان ‏مناورة اللغة هي التي تغلب على الدهشة واظهار قدرة القاص وكفاءته .. فيلعب البناء المكثف ‏دورا كاشفا للفكرة والحدث وخاصة انها تسمح بان تكون اشبه بلقطة الكاميرا او شبيهة بمشهد ‏سريع خاطف .. انها فن سردي مهم وصعب ويحتاج الى مهارة استثنائية وخاصة ان عنوانها ‏يفصح عن الكثير من العتمة فيها ، فهو قادر على ان يمثل نصف النص المتبقي لها او نصف ‏النص المختزل .. وكثير من العناوين كانت مفاتيحا للسرد ومنيرة لظلمة تجثم احيانا على انفاس ‏النص ..وبتقديري فان العنوان في القصة القصيرة جدا من اهم عناصر نجاحها ومن ابرز ‏اسباب ابهارها . ولا يعني كتابتها بالضرورة ، هروبا من القصة او الرواية او كلاهما كما يظن ‏البعض .. لان كاتبها لا يستطيع باي حال من الاحوال ان يبحر في عوالمها المخبوءة تحت ‏ثقافة خاصة ، ما لم يكن مجيدا وكاتبا ماهرا للقصة القصيرة والرواية . وهو ما يفند اراء ‏وتصورات البعض من ان اللجوء اليها ، ناجما عن ضعف الموهبة او قلة الثقافة . وبالرجوع ‏الى المنجز الكمي والنوعي للقصة القصيرة جدا ، نجد انها كوّنت سجلا حافلا وتوثيقا مهما للرد ‏على المنتقدين الذين يصرون على عدم الاعتراف بها كجنس قائم بذاته .. انها حرب تدافع بها ‏عن نفسها حتى الاعتراف الكامل وتقرير المصير .. واعتقد جازما بان المستقبل ان طال او ‏قصر ، فانه سيحدد اهميتها وبالتالي سيكون الاوائل من كتبها من ناتالي ساروت مرورا ‏ببورخس وكالفينو ومونتيروسوا واندانيا وماركيز وسواهم ، روادا لهذا الفن الذي تاثرنا به ‏وكتبناه بشهية وبذخ لافكار لم تكن ستظهر في اي مجال اخر لولا القصة القصيرة جدا .. انها ‏فسحة الكاتب مع نفسه ولحظات ربما تمتد دهرا .. انها لعبة حظ قد يفشل كل شيء مالم تكن ‏الادوات كاملة مكتملة .. فلرب بضع كلمات تنتج نصا ليبقه متنقلا من جيل الى اخر ولرب ‏كميات من الاوراق المحبرة بسرد كاتب مشهور لا تجد لها من يقلبها .. هذا حال الكتابة الذي ‏يشبه حال الدنيا من مزاج الى مزاج ومن راي الى اخر نقيض .. وتبقى الثقافة والموهبة ‏والحرص اهم اسباب نجاح النص القصير او ما يسميه البعض بالاقصوصة ، طالما انه امتع ‏القاريئ ونقل له فكرة او رايا او مقطوعة لا يمكن نقلها شعرا او رواية ، فتكون القصة ‏القصيرة جدا ، قد سجلت حضورا ابداعيا لا يمكن ان يتخطاه الزمن او يصادره البعض ممن ‏ظلوا يهتفون بسقوطها .. ويكفي انها تبث اسئلة الوعي المضطرب او الوعي النبيه في كل كلمة ‏او سطر ويكفيها فخرا انها بسطورها المحدودة توصل فكرة ربما تعجز عن ايصالها باقي ‏الاجناس ..‏



#ابراهيم_سبتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يوجد نجم ثقافي في العراق ؟‎
- بمناسبة الذكرى الخامسة لرحيل الشاعر كمال سبتي .. موت الشاعر ...
- الروائي منتحرا .. فرجينيا وولف الساحرة
- هل يوجد نجم ثقافي في العراق ؟
- عن قاص عراقي
- الشاعرُ مؤنثٌ كالوردة
- القصة العراقية .. هموم التجربة ومتغيرات الذائقة
- هجرة الثقافة
- الكتابة في درجة الانصهار
- أدب الخيال العلمي وسطوة المعاصرة
- تأويل الثقافة
- في أول الطريق
- ثقافتنا في العصر التقني
- الكتابة عند حاجز الجنون
- الحوار المتمدن .. الحوار الإنساني المرصع بالحرية
- إعلامنا وهيمنة الإعلام القاتل
- السوط
- هل ينبغي إبادة شعب ؟
- رسالة إلى قيادة شرطة الناصرية
- كل حروبنا .. انتصار !!


المزيد.....




- مصر.. رفض دعاوى إعلامية شهيرة زعمت زواجها من الفنان محمود عب ...
- أضواء مليانة”: تظاهرة سينمائية تحتفي بالذاكرة
- إقبال على الكتاب الفلسطيني في المعرض الدولي للكتاب بالرباط
- قضية اتهام جديدة لحسين الجسمي في مصر
- ساندرا بولوك ونيكول كيدمان مجددًا في فيلم -Practical Magic 2 ...
- -الذراري الحمر- للطفي عاشور: فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية هزت وج ...
- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم سبتي - القصة القصيرة جدا وتقرير المصير