أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم وريوش الحميد - رؤية في نص شعري للأديبة التونسية سليمى السرايري / صمت الصلوات المفقودة















المزيد.....

رؤية في نص شعري للأديبة التونسية سليمى السرايري / صمت الصلوات المفقودة


سالم وريوش الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 3965 - 2013 / 1 / 7 - 07:18
المحور: الادب والفن
    


رؤية في نص شعري للأديبة التونسية سليمى السرايري
صمت الصلوات المفقود
أنا من علمتني الفراغات أن أطفو من دهشتي

في أقاصي الجنون

لم يعد لي الآن ما يمكن مني

صمت الصلوات المفقودة ...

يتكدس فيه كل جهات الأرض .....

يؤثث موائدَ للخرابِ القادمِ

و يهيئ مآتم لأنحاءٍ غير مشاعة للجسد

من سيهتف بعد قليل

في طيف يتلو لنفسه تفاصيل الخروج

حيث تركض المنعرجات في ......

و تنام المهمات المستعجلة

كأني النقيض الذي يغفو على شبهي .....

كأني البلاد تمتحن شوارعها بعد موت العابرين

و أطفال يعودون من خصر يتناوب عليه الغزاة

الآن أفتح الساحات الخالية

و أروقة الخيول المنبهرة بالفراغ

أفصح عن موتي بمعنى لا يفهمه الماكثون في الضوء

للغرابة أن تهتف في جسدي ...

للتجاعيد و الضربات البطيئة أن تدرك الآن

أنني أكثر صرامة من زفير بلا أحد

صمت الصلوات المفقودة

رؤيا في نص للشاعرة المبدعة سليمى السرايري
إفاقة بعد إحباط


بداية
في هذا النص لست معنيا بالشكل البنائي للقصيدة من حيث الأنساق الشعرية وما يجب أن تتضمنه القصيدة من وقع موسيقي ، فأنا لست بشاعر بل ذواقا للكلمة الجميلة والمضمون الجيد
ولدي ‘‘إحساس بموسيقاها من خلال الإيقاع الداخلي للنص ، كتبت هذه الرؤيا لأن في النص شيئا جديدا وغير مألوف ولم نشهده قبل في جنس الشعر
من القراءة الأولى للنص
يحسب القارئ أن الجمل الشعرية ليس فيها أواصر ترابطية ولا إنسجام في وحدة النص ، ولكن ما أن يغور في أعماق النص حتى يرى هذا الترابط الغريب الذي يشكل الوحدة الهندسية التكاملية لبناء النص ، وهذا لايمكن أن يأتي بلا حرفنه و بلا أدوات متمكنة تمتلكها الشاعرة التي أبدعت
(( صمت الصلوات المفقودة ))


العنوان يوحي بأنه تشكيل لقصدية النص الذي كتبته الشاعرة
حيث اختارت في متن النص
( الصمت ، والفقد ، ،ومأتم وإغفاء ومن ثم الموت)( والفراغ )
(الذي اتى بمترادفات مختلفة )، وغيرها من الدلالات الصورية التي تدل على حالة من الإحباط كانت تكتنف نفس الإنسان *** المعادل لأنا الشاعرة التي كتبت به القصيدة والتي لم تقصد شخصها أو إنعكاس
حالتها السيكولوجية بل هو تصويرا لتداعيا ت الإنسان منطوقا بلسانها ليحكي لسان حاله ،
هذه الدلالات أعطت النص وقعا خاصا ،ومفهوما عميقا
سار ت عليه الشاعرة وهي تعتمد على وقع موسيقي ثابت للقصيدة من بدايتها وحتى القفلة الأخيرة
قد تتعالى نبرة الصوت فيها بما يشكل الحماس الداخلي أو حالة التوهج الوجداني الذي تضمنه التصاعد التتباعي للتحول في ذات الإنسان ، لكن القصيدة تبقى تحمل ذات الإيقاع ،والصدى الترددي للجمل الشعرية
ومن أول وهلة نجد أنفسنا أمام نص قد يفرض علينا في البدء قناعة وتصور يوحي لنا الاحباط الذاتي والنكوص ، الذي يفرض الصراع الذي يتغلغل إلى أعماق الوعي الداخلي للإنسان ، والذي لم يكن ملغيا منذ أن شرعت علينا أبواب القصيدة إذا ما استثنينا العنوان ، فمن خلال تتابع الصور الشعرية الكثيرة والدلالات التي شحنت بها القصيدة يظهر لنا هذا التوهج الداخلي وحالة الخلق للصورة الذي بدا يتصاعد بشكل تدريجي وبوتيرة ثابتة ،
ولعل العنوان أعطى دلالات تصوريه مختلفة عما في داخل النص من شحن وتحفيز للصراع الداخلي لأن المقطع الأول من القصيدة وهو مفتاحها فيه اختلاف عن المعنى التأملي للعنوان كما ذكرت وهو حالة للأنتقال من التأملي إلى الواقعي ومن المعنى الأعتباطي إلى المعنى القصدي



أنا من علمتني الفراغات أن أطفو من دهشتي

في أقاصي الجنون
تجد أن هذا
الاستهلال فيه أكثر من تأويل دلالي هو مقاربة مابين رؤية الجملة الصورية أو الشكل المنظور عبر المشاهد التخيلية التي تطالعنا به الشاعرة و الصورة الكامنة في الذات الإنسانية والتي تعكس شكلا موحيا إلى التحدي الذي
أستهلت نصها به فقد جاءت جملة غير مألوفة لكنها تحمل بلاغة أنيقة وأشارة مسبقة لمحاولة التخلص من الغربة الكلية التي كان يعاني منها الإنسان ، تركيبة أعطت للمعنى أبعادا ذات مضامين عميقة ، أنها محاولة عرض للخواء الفكري
الناتج من الفراغ والذي كان يعاني منه النموذج الذي صنعته الشاعرة ( الإنسان ) ليولد تحديه الأول والذي جاء على شكل طفو من الدهشة

لم يعد لي الآن ما يمكن مني

صمت الصلوات المفقودة
ليأتي التحدي الثاني بجملة أكثر يقينية وجدية وإصرارا أكثر صرامة وهي بذا ترى الا قدرة على أن يتمكن الصمت من الإنسان مرة ثانية
وأن الإنسان سيؤدي هذه الصلوات بما تتضمنه من معان وأفعالا سلوكية دون تردد ، وهي حالة انتقال من النكوص إلى التغيير نحو تسامي المشاعر ، فرض هذا الأنتقال باختيار عقلي وليس اختيارا عاطفيا لأن القرار جاء بعد تجربة معاشة بكل ابعادها المأساوية ، لذا فأن الغاية من العنوان قد توضحت أبعادها الحقيقية وأعطت الملامح البعيدة لهذا التشبيه وهو النقيض الذي أرادته الشاعرة بمعنى الإنتفاض وليس الإستسلام للواقع ،
أفاق البطل (الإنسان ) (و الذي رسمته الشاعرة )وكأنها تراه بمرآة داخلية من غيبوبته
ليقرر المواجهة
ولكن لابد أن تكون هناك أسباب لهذا الخروج أو هذه المواجهة ، لذا قامت الشاعرة بعرض المبررات التي استدعت الخروج في أكثر من جملة شعرية
(( فهو يؤثث لموائد الخراب ، وهو ينصب مآتم للجسد ، وهو حالة سبات للمهمات المستعجلة ))
أذن هناك صور للمأساة التي فرضت نفسها على السياق الشعري والذي جاء وكأنه محاكاة للذات ومخاطبة للمجهول أتت بشكل تتابعي ودون إغراق بالتفاصيل ،
الشكل البنائي للنص جاء على محاور مختلفة
عنوان تأملي
عرض للحالة التي كان يعيشها ا لإنسان ماقبل الشروع بمحاولة التغيير
محاولة للمواجهة أو الثورة على الواقع السلبي المفروض
مسببات هذه الثورة
تشبيه لحال الأنا الشخصي ( سيكلوجية الإحساس ) )
من ثم الإصرار على الإنتصار
التشبيه الذي جاء
في غمرة الصراع مع الذات لتأكد أن هناك نسخة شبيه أخرى لهذا الإنسان،ليس بمفهوم الشبيه أو البديل الأخر ، ربما ماعنته هي أزدواجية الشخصية ، وهذا يعني أن هذا البديل ليس كيانا آخرا لكنه صراع (الأنا مع الهو ) ، الصراع الذاتي الكامن في نفس الإنسان ، صراع الرغبات ،
لتأخذنا إلى التداعيات ألتي جعلت هذا الإنسان يتخذ قرارا كان لزاما عليه تطبيقة ( إصرار داخلي )
هنا عبر صورها الشعرية تقودنا إلى تشبيهات غرائبية تتوائم مع ذات الإنسان المتحفز ة للخلاص
(( فهو النقيض الذي يغفو على شبيهه، وهو البلاد الممتحنة ، وهو الأطفال الذين يعودون من الخصر ))
إنها صورا سريالية فيها الكثير من المجاز الغريب مرسومة باتقان ، حيث لاتحوي مألوفا مجازيا واحد ا رغم تعدد الجمل في كل هذه التشبيهات ،
ثم تنقلنا بآلية متمكنة إلى حالة العمل التطبيقي للفعل ، رغم إنها كانت تخاطب شيئا مجهولا نجهل كنهه
تأتي بجملا أكثر غرائبية ،فيها تحريك للوعي الكامن داخل المتلقي ، لأن ماتنطق به الشاعرة من جمل لايمكن أن تمر دون تحليل للمضمون القصدي الذي ترومه من قبل القارئ الذي يجب أن يمتلك الوعي المتوائم مع القدرة التخيلية للشاعرة ،
ومن هنا جاء النص بأكمله تحفيزا لمشاعر واحاسيس المتلقي إذ خلقت صور جمالية للنص وللفكرة ضمن سياقات رمزية مبتكرة في استخدام الجمل الصورية والقيم الجمالية المحفزة،
لم تبتعد الشاعرة عن روح النص لأنها قد خلقت لنا أجواء متكاملة ومترابطة بنسق درامي ثابت
لكنها عمدت للعبث باستخدام المجاز دون مجازفة هذا العبث لم يخل بالمضمون بل أضاف إليه الكثير
ثم تأتي بجمل تضمنها إبتكار لجمالية الصورة لتكون الحد الفاصل بين النهاية وما قبلها حيث يتحول المشهد الداخلي إلى مشهد خارجي ،
تحول من صراع الذات إلى ماهو خارج الذات
،(( حيث الساحات ، وأروقة الخيل ))
وأكثر ماشدني في هذه النص هي الرؤيا العميقة التي صورت به حالة التناقض بين من يعيش بالنور ومن يعيش في
( ظلمة الموت )، الموت الذي قصدته هنا لايعني العدمية بل هي حالة استمرار للخلق لأنها قصدت الأنبعاث من خلال الفقد والغربة التي هي جزء من الأحساس بالوجود ، والذي يمكن أن يولد من جديد مادام هناك إصرار وحزم وارادة تحد لكل ماهو غير واقعي ومنطقي ومألوف
تنتهي القصيدة بإتخاذ القرار النهائي الملزم للإنسان بتطبيقه و الذي أكدته الشاعرة من خلال عبورها إلى ماهو متجاوز لمساحات أ زمة الذات
بل أعطت من خلال تشبيها لخاتمة النص القوة الكامنة في مجمل النص إذ أكدت طبيعة التحدي والأدوات المستخدمة وأصرار على الأنتصار
((أنني أكثر صرامة من صمت الصلوات المفقودة ))
لقد كان نصا متميزا وهو انتقالة كبيرة في تشكيل الجمل التي تعتمد المجاز الذهني ، فيه تعميق البعد السيكولوجي للصراع مع الذات الإنسانية بمعناها العام من جهة ومع الواقع من جهة أخرى
وفقت سليمى السرايري بتشكيل بنائية إستعارية كاملة ضمن سياق هندسي تتجلى فيه وحدة النص بشكل رائع
*** ملاحظة
استخدمت الشاعرة لغة الأنا معادلة لكلمة الإنسان



#سالم_وريوش_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتضار
- احتضار / قصة قصيرة
- ومضات 2
- مسرح البانتو مايم
- يادعاة الحروب ، ياقساة القلوب
- أدب الطفل
- الشيوعيون قادرون على أدارة أعقد الملفات
- غرابيب الطغاة
- قراءة تحليلية في نص (خروجا على الصف ) لربيع عقب الباب
- بلون الغضب / إلى روح الشهيد شهاب التميمي
- حب يحيه صمت القنابل - قصة قصيرة
- مسرحية (( الحلم ))
- مخادع مستباحة
- بغداد تستعد لقمة القمم
- فارس بني دولار
- مقالات ساخره
- ماذا تخبؤه لنا قادم الأيام .. بعد محاكمة الزعيم عادل إمام
- من وحي اللا معقول
- وفاء سلطان والفكر الاسلامي
- هل الواقع الحالي يؤيد افكار الاحزاب الشيوعيه العماليه


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم وريوش الحميد - رؤية في نص شعري للأديبة التونسية سليمى السرايري / صمت الصلوات المفقودة