أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم وريوش الحميد - من وحي اللا معقول














المزيد.....

من وحي اللا معقول


سالم وريوش الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 3605 - 2012 / 1 / 12 - 03:06
المحور: الادب والفن
    


من وحي اللامعقول

منذ كنت صغيرا.. وأنا أرى الدم يطاردني كشبح يؤرقني يصيرني مجنونا لا يملك لنفسه قرارا، يحطم كل رغبة لي في البقاء، يميت كل أمل عندي، يسكن في داخلي خوفا مهينا، أفزع من كل سكين أراها تقترب مني..
أهو رهاب جديد تزامن وصيرورتي..؟

وكأنه يعيرني بخوفي وانهزاميتي ، فأحني رأسي كاسفا من تلك اليافعات وهنّ يعبرن أمامي، يتمايلن في غنج ودلال، لاهمّ لهن غير الأكل, يأكلن حتى ينعم الغير بهن فيتلذذون بلحم تفوح منه رائحة الرغبة المقرونة بالبقاء ، فهم ينهشون تلك الأجساد الغضة بلا أدنى رحمة.
أشم رائحة أنوثتهن تعبق بأنفي تشدّني إليهن، رغبة أكيدة أن أكون أبا لولد قد لا أراه!

- قتلنا عادة,هكذا قالت لي أمي.

ذبح أبي وعلقت أمي من قدميها، وقطعوها إربا.. أربا,دمر الحاملون لألوية الظلام ربوعنا ، وأمتلأت الأرض بالجرذان أكلت خضرة الأرض وأحالتها إلى يباب،غزتنا أسراب الخفافيش تخرج من كهوفها وأنا شاهد على مأساة عصر يخجل من نفسه ، لم أبكِ حينها ولم أشكُ حالي، لكن لمن أشكو وغيري مثلي لا يملك حق الاعتراض أو البكاء. كم تمنيت أن يأكلني أحد تلك الذئاب الجائعة ، فيضمّني لحد واحدا لا أن أُوزّع على عشرات اللحود لكنها أماني ليس إلا ...! ، دراكولا يعتمر عمامة ليبعث قطعان الضباع الجائعة تلعق بقايا الدماءالمسفوحة .. ! كل ما تمر من أمامنا نذر الموت يضطرب خافقي، تعتريني رعشة:
- هل أنا من ستكتب نهايته بهذه السهولة ..؟ هل أنا من ستهرس عظامه، و ستقطع أوداجه ...؟ لا أعرف متى تمر علي سكين أو ربما منشارا أو صفيحة صد ئة ، فبقائي رهين بها.. لازلت أبحث عن طوق النجاة محمولا على أجنحة الحمامات البيض ، ماعادت أسنة الرماح تحمل إلا الرؤوس
في ذلك اليوم جاءت رسل الموت الملثمة ، نعيق الغربان ألغى أي بارقة أمل عندي ، نعم تحققت نبوءتي .! فهاهم يأخذونني مع عدد من رفاقي بعد أن أمعنوا النظر بهوياتنا وتأكدوا من مطابقتها للشروط المنصوص عليها بمعاهدة الذبح من خلاف، ودّعَنا الجميعُ بالنظرات، وأي نظرات تلك، لا نعرف أهي نظرات تشفٍّ..؟ أم إشفاق ..؟ أم فرحة بالنجاة ..؟

ربطوني أعطوني جرعة مرّة من ماء وقليل من أكل بلا مقبلات تعينني على تجرع غصة الموت، وجاءوا بالسكين قدري المحتوم، فشحذوها أمامي، الله أكبر ، كبر المؤذن ، وقرأت لائحة الذبح على الطريقة الأسلامية ..
هاهو صديقي الذي لم أفارقه يساق إلى الموت قبلي بعد أن ودّعني بنظراته، رأيت في عينيه حزنا
قال قبل أن يفارقني:
- أوصيك بأمي، ضحكت حينها حتى أغرورقت عيني بالدموع ، وعرفت كم كان مغفلا صاحبي ، ألم يعلم إنني سألحق به بعد لحظات بعد أن أعلن الذباح أن أدفئوا هؤلاء ..! كم كنا نلعب سوية ..؟

( يا إلهي أعنِّي على تجرع هذا البلاء)، قلت هذا وأنا أتذكّر تلك المراعي وتلك المروج نتقافز بفرح سوية، كل يبوح لصاحبه عن دفين أسراره، وعن طموحه الموءود.. وفي دوامة التفكير هذه جاء شبح الموت يسير بخطى واثقة ثابت الجنان، بلا رحمة طرحني أرضا، وضع يده على منحري. وتحسس رقبتي, نظرت إلى المارة لا أحد يعيرني اهتمامه، لاأحد ينقذني من تلك اليد القاسية، وقبل أن يضع السكين على عنقي سمعت دويا و قرقعة وقصفا . وهبطت علينا من السماء حجارة من نار لا أعرف مصدر تلك النيران، زج قاتلي بنفسه في لجة هذا المعترك فسقط مضرجا بدمائه، و في غفلة من الجميع هربت، أطلقت ساقيّ للريح،يممت وجهي نحو المجهول ، حتى وصلت هذه الصحراء.

- أكثر من سنة وأنا أختبئ منك خائفا، مضطربا، مذعورا.

وأنت تحوم حول المكان، إلى أن ظفرت بي. وها أنا بين يديك وتحت رحمتك، فافعل ماتشاء...
هذه قصتي يا سيدي الذئب !


رأيت الغضب يسكن في حمرة عينيه, ثم بكى بكاءً مرّا ترق له القلوب ..
قال :

- أيها المسكين ستكون أنت بحمايتي وسأنتقم لك من قاتل
أمك وأبيك وأختك وأخيك.

تركني وذهب مطرق الرأس كاسفا.. يتمتم بكلام لم أفهمه قد يكون مثل كلامي همهمة من وحي اللامعقول.......!!!



#سالم_وريوش_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وفاء سلطان والفكر الاسلامي
- هل الواقع الحالي يؤيد افكار الاحزاب الشيوعيه العماليه
- النظرية النفسيه للارهاب والموت طغاة العالم
- النظرية النفسيه للارهاب والموت لدى طغاة العالم
- دراسة نقديه ل(اوليات الحداثة للناقد غالي الخزعلي )
- تغيير الاسم الحركي للحزب الشيوعي العراقي
- تتمة لاعقلانية المنهج القصدي لدى العالم سبيط النيلي سالم وري ...
- لاعقلانية المنهج القصدي لدى العالم سبيط النيلي / سالم وريوش ...
- اللعبة الاخيرة قصة قصيره
- ومضات سالم الحميد
- المسوخ قصة قصيرة
- الابتسامة الغامضة قصة قصيرة
- عروة بن الورد/ قصة قصيرة
- تراجيديا العصر الزيتوني في رواية خضير قد
- تداعيات حسان العلوان مسرحية ثقافية رمزيه
- قصة قصيرة


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم وريوش الحميد - من وحي اللا معقول