عادل محمد - البحرين
الحوار المتمدن-العدد: 3960 - 2013 / 1 / 2 - 12:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الرسالة المفتوحة التي وجهها الدکتور ملکي إلی المرشد علي خامنئي.
المصدر: نشرة "الموجز" التي تصدر عن مركز الدراسات الإيرانية والعربية في لندن.
الدکتور محمد ملکي، من مواليد عام 1933م، هو أول رئيس لجامعة طهران بعد انتصار الثورة عام 1979م. لم يستمر تعيينه في هذا المنصب طويلاً حيث قرر الخميني إغلاق الجامعات بسبب الانتقادات التي کانت توجه لرجال الدين بسبب سعيهم للانفراد بالسلطة. وبالتزامن مع ذلک أمر المرشد الأول بضرورة إحداث «ثورة ثقافية» بهدف تصفية الجامعات والمعاهد العلمية من الأساتذة والطلبة الموالين للنظام الملکي، وکذلک المنتقدين لحکم رجال الدين. ورفض الدکتور ملکي هذا القرار، وحينها أمر الخميني بالقبض عليه ومحاکمته. وصدر عليه في البداية حکم بالإعدام، تم تخفيفه إلی عشر سنوات سجن. وخلال فترة الاستجواب والمحاکمة والسجن، تعرض المذکور (حسب تصريحاته) لأشد أنواع التعذیب النفسي والجسدي، حيث فقدت إحدی عينيه البصر، وکُسر معصمه الأيمن. وبعد أن قضی خمس سنوات في السجن تم الإفراج عنه بکفالة، شريطة أن يحضر کل عدة أيام إلی مکتب النائب العام لاستجوابه!
وحتی عام 2006م، کان اسمه علی لوائح الممنوعين من السفر إلی خارج ايران. وفي عام 2009م، بعد الأحداث التي شهدتها ايران عقب الانتخابات الرئاسية، تم القبض عليه وسجنه لمدة 191 یوماً، وتم الإفراج عنه بکفالة. وفي عام 2011م، تم منعه مرة أخری من السفر إلی خارج ايران، بسبب الرسالة التي بعثها إلی مراقب ملف حقوق الإنسان أحمد شهيد.
وفيما يلي فقرات من الرسالة المفتوحة التي وجهها الدکتور ملکي إلی المرشد علي خامنئي.
بسم الحق
أهديها إلی ستار بهشتي وبقية شهداء طريق الحرية والمساواة
أيها المواطنون الأعزاء، الإيرانيون الأحرار، منذ حوالي ستة أشهر (22 مايو الماضي) کتبت في رسالة لحکام نظام الولاية ما يلي:
بالرغم من معرفتي بأن حکاية حکام هذا البلد، هي حکاية الفرعون، والزعم بالألوهية والغرق في نهر الجهالة والتکبر، إلی آخر لحظة، من أجل الحفاظ علی قوتهم الشيطانية، ومع هذا فلدي قناعة بأن هؤلاء الحکام، لديهم الإدراک والحکمة ليتراجعوا عن مسيرتهم في آخر أيام حياتهم.
ستة أشهر مضت علی کتابة هذه السطور، وخلال هذه الفترة حدثت في ايران والمنطقة والعالم تطورات کبيرة، کل واحدة منها کانت تکفي لإحداث صدمة في الأدمغة المتجمدة لهذة الجماعة. ولکن الاستبداديين ما زالوا متمسکین بشباک أوهامهم المترهلة في عبادة الشخصية. وحين سيشعرون بالصدمة والضربة النهائية علی أدمغتهم، سيکون قد فات الآوان، لأن هذه الضربة ستکون قوية ومحطمة لدرجة لا يقوون فيها علی نطق کلمة «آخ».
ثم يوجه الدکتور محمد ملکي کلامه للمرشد مباشرة ويقول:
والآن بعد مضى ستة أشهر لتحذيراتي وعدم الاهتمام بها، يبدو أنه فات الأوان، وإن عمر النظام قد وصل إلی نهايته، ويمکن الإحساس بذلک بکل ذرة من وجودنا، أود أن أوجه حديثي إلی أحد المسببين الأساسيين لکل هذا الظلم والتخريب الذي يواجهه شعبنا اليوم، أي جناب السيد علي خامنئي، ولأکتب إنه بدأ من أين، ووصل إلی أين.
قبل انتصار الثورة الإسلامية، کنت أعرفه ذا خصائص، مثل علاقته بالأدب والشعر والموسيقی والفن، کلامه جميل وقلمه سلس وقوي. يحب النقاش مع الشباب، ولا سيما مع الطلبة المجاهدين (أعضاء منظمة مجاهدي خلق المسلحة) والفدائيين (أعضاء منظمة فدائيو الشعب اليسارية المسلحة) والثوييین، حيث الکثير من المتحکمین بالسلطة اليوم، کانوا يعتبرون هذه المناقشات في ذلک الوقت جزءاً من مفاخرهم.
ولکن کلما اقتربنا من نهاية أيام العهد الملکي، کانت المسافة بينه وبين أصدقاؤه تزداد يوماً بعد يوم، وعلی العکس تقترب المسافة بينه وبين الجماعة التي کانت تطلق علی نفسها اسم حزب الله، وشعارها «الحزب فقط حزب الله، والقائد فقط روح الله» (أي روح الله الخميني). وبعد أن أصبح ضمن کوادر القيادة في حزب الجمهورية الإسلامية، ومن أجل الوصول أکثر إلی مراکز السلطة، لم يتوقف عن قمع وقلع الأصدقاء والطلبة والشباب الذين کانوا ينتقدون الأجواء السائدة في البلاد، ومحاولة حزب الجمهورية الإسلامية الانفراد بالسلطة. ونفس رجل الدين الذي کان یتظاهر بأنه ضد الاستبداد، والذي دخل السجن عدة مرات، وتم نفيه، وصل الآن إلی مکان في رداء الولي الفقيه، والنائب الحق لإمام الزمان، والحاکم المطلق، ويتحکم بکل شيء وبکل مکان، وهو ينادي «أنا ربکم الأعلی».
السيد علي خامنئي، والآن حيث انکسر طلسم سلطتکم بأحجار الثورات الشعبية، أود أن أتحدث معکم کصديق قديم حول عدة أشياء. من المحتمل إنک تؤمن بأن الموت حقّ، وسيغادر الکل، من ضمنهم أنا وأنت هذه الدنيا. ومن دون شکّ فإن موتنا سيختلف عن بعض. ومن المؤکد أنک قمت أنت والذين من حولک بالإعداد والتخطيط لذلک اليوم، ولکن إلی أي مدی ستنجحون، الله أعلم.
نعم جناب السيد علي خامنئي، أنا وأنت سنعيش 80 عاماً، أقل أو أکثر، مع هذا الفارق، وهو إنني أحرقت 50 عاماً من أجل حبي لحرية ايران وشعبه، بينما أنت أحترقت حباً للسلطة والمنصب. لا أعرف من منّا الفائز في هذا القمار، أنا أم أنت؟
عندما أسمع مرات لکلامک، أشعر بأنک بعيد جداً عن الواقع. ومؤخراً أشرت في کلامک في محافظة خراسان الشمالية إلی حرکتين. الأولی، التي وقعت في عام 2009م، بعد الانتخابات (الرئاسية) حيث تفضلتم بأنهم کانوا مجموعة من أصحاب الفتنة. ولکني رأيت في الأفلام وبعيني، مئات الآلاف وحتی مليون ومليوني مواطن، قد خرجوا للشارع للدفاع عن أصواتهم. سؤالي هنا هو، کيف يمکن تفسير هذا الفارق الشاسع؟ إما أن تکون عيناي قد تعرضتا لداء تضخيم الأشياء، أم أن عينيک قد أصابهما داء تصغيرها.
السيد خامنئي، لا أعرف من الذي يعمل في بيتک (مکتبک) وکيف يعرضون عليک تقارير ما يحدث في الاجتماعات. لا تأخذ برامج الزيارات التي تقوم بها والتي يخططونها لک، علی أساس إن هذه الجماهير التي تشارک في استقبالک ورؤيتک، قد أتت برغبتها وميلها، بمحمل الجدّ. يکفي مرة واحدة أن تعطي توجيهات بعدم تعطيل المؤسسات والمدارس في أية مدينة، وألا يجبروا القرويين علی القدوم لاستقبالک، ليتضح هل أن هذه الجموع الغفيرة، قد جاءت بسبب الضغوط والتطميع، أم رغبة منها وحبها للنظام ومظهره الولي الفقيه.
وبعد أن أشار إلی المشاکل التي يواجهها الشعب، يقول توکلي:
أعترف بأن ايران في طريقها للانهيار. لا تصدق کلام المقربین لکم. إنهم يفکرون فقط في مصالحهم الخاصة، وسيترکونک في نهاية المطاف. الناس تری إنکم السبب وراء کل مصائبهم ومصاعبهم، بسبب تصرفاتکم وکلامکم. کنتم أنتم وما تزال تنکر المشاکل العديدة للشعب، بدلاً من أن تجد سبيلاً لحلها. کنتم أنتم الذي قلتم إن ايران أکثر بلد حرّ في العالم. کنت أنتم وبسبب سياساتکم الخاطئة وغير الحکيمة، قد سمحتم للأجانب من خلال العقوبات، أن يجعلوا حياة الناس أکثر سوءآً وصعوبة. کنتم أنتم السبب وراء وقوف العالم ضد ايران. کنتم أنتم الذين أعطيتم الضوء الأخضر لعناصرکم في داخل وخارج ايران، في الشارع والصحراء، للقيام بأعمال إرهابية، وإراقة دماء الإيرانيين المعارضين. أنتم بصفتکم رئيس الجمهورية (المرشد کان لفترة رئيساً للجمهورية) وقائداً، المسؤول عن المذابح التي ارتکبت بحق العشرات الآلاف من الناس في الثمانينات، واستشهاد …… (أسماء شهداء الانتفاضة الخضراء في عام 2009م).
السيد خامنئي، إنک تفتقد الشروط اللازمة للقيادة، وطبقاً للمادة 111 من الدستور. لذلک فإن عليک أن تقدم استقالتک بخضوع للشعب الإيراني العظيم، وأن تعلن إنه بناءً علی الأجواء السائدة، فقد ثبت أن نظام الولاية، غير قادر علی إدارة شؤون البلاد. إن الشعب الإيراني يعرف کيف يدير شؤون البلاد، وذلک من خلال استفتاء عام، حر وتحت إشراف المنظمات الدولية، ليمسک مقاليد مصيره بنفسه، وليمنع ما وقع في ليبيا وسوريا من مذابح وتدمير المدن.
جناب السيد خامنئي، لا تشک في ذلک، لأن غداً سيصل الدور عليک، وإن هذه الرسالة هي الأخيرة لکم.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
دکتور محمد ملکی
الاثنین 26/11/2012
#عادل_محمد_-_البحرين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟