أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الغفار غيضان - زمنُ المصاطب














المزيد.....

زمنُ المصاطب


محمود عبد الغفار غيضان

الحوار المتمدن-العدد: 3958 - 2012 / 12 / 31 - 18:25
المحور: الادب والفن
    



تملأ النسوة جرّات الماء في جوف القيلولة، تنثرها نسمات نُعاسٍ يتسلل داخل البيوتِ فارًّا من حرٍّ مرابطٍ أمامها. يتكرر ذلك مع شمسِ العصر الأكثر خجلاً عند لقيا المصاطب قبيل أنْ ترفعَ يديها عن الحوائط المُجهَدة والأسقف كالحة السواد مع مقدم الليل..... يعودُ الرجالُ من الغيطان، وتعرفُ ساعة الغروب جلبة خيرٍ بأرجلِ الماشية لا يليقُ بها وصفٌ بعدُ... يُفسحُ العواجيز المتراصون بالشوارع الطريقَ للمارة، زاجرين الأطفالَ المهرولين أنْ يكفوا عن اللعب... ينزل الفلاحون عن الدَّواب... تُفتح الأبواب بكامل اتساعها دون أن تغلق حتى الصباح... بعد العِشاء، تغرس نمساتٌ معطرةٌ بماء الترعة الصَّافي الفلاحين أعوادًا من حطب الوقت وبخور حكاياتٍ لا يجمعها في نسقٍ إلا المصاطب، ولا تقطعها سوى براريد الشاي... رويدًا رويدا... تصير المصاطبُ فُرُشًا لليل الكادحين ووسائد حواديتهم التي تتفنن صياحات "ديك النِّسِيبَه" في إجبارها على التوقُّف، بينما تتكفَّلُ السماءُ بسترٍ المصاطبِ حتى مطلع الفجر.

مع شمس الصباح، يغسلُ ضجيج الخير وجه القرية... ينزع عن فمه كل تثاؤبٍ... ويطوف به أرجاء الحقولِ، ثمَّ يرده إليها مع "زوَّادةِ" الضَّحى، متشحًا برائحة "البتاو"، و"المِشّ"، وبعض حبات الطماطم المُخضَّبة... على هذا الدربِ مرَّت أعوامٌ حلوة... حتى أدرك قريتنا حينٌ مِن الدهر جديدٌ... فلم يعد للنسوة جرَّات لماء الترعة، ولم يعُدْ حرَّ القيلولة ينتظر رشات الماء بعد أنْ جرحت مرواح الكهرباء كرامته... لم تعد الحوائط الأسمنتية مجهدة... صارت الأسقف ناصعة البياض... اعتاد العواجيز الجلوس على مقاعد المقاهي... واختطفت شاشات الحواسيب هرولة الأطفال بلا رجعة... تاهتْ جلبةُ الخيرِ دون منادٍ ... اختفت براريد الشاي.. قرضت فئران المدن دفاتر حواديت ليل الفلاحين عن آخرها... ولم تعد قريتنا تعرفُ عن المصاطب سوى.... زمنها!!

(هامش تفسيري: ديك النسيبة هو ديك يصيح قبيل منتصف لليل لينصرف الخاطب من بيت خطيبته كي يستطيع أهلها المنتظرون انصرافه- على أحرَّ مِن الجمر- النومَ.)

محمود عبد الغفار غيضان
31 ديسمبر 2012م



#محمود_عبد_الغفار_غيضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صداقة بالتبغ!
- سلة مهملات
- -أبو فرحان-
- -تَوبة-
- حقيبة أمي
- غُرزَة المعلم -منظور-
- قدمانِ مألوفتانٍ جدًّا
- -الحاجة-.. -أم محمود- و..- لقب آخر محبب-
- مشاهد غير متقطعة لطفولة غيضانية
- مشاهد من طفولة غيضانية: مشهد داخلي
- دهاليز عالم ثالث
- أم فرحات (من حكايات غيضان الحكيم)
- مِن نسْلِ غيضان الحكيم
- إنهم يلعبون -السيجه- في بلد غيضان الحكيم.
- سيجه
- عندما غضب غيضان الحكيم (من حكايات غيضان الحكيم)
- جنازير النهضة (من حكايات غيضان الحكيم)
- عودةُ الضَّخَّاخ ( على هامش: ما أشبه العتبة بالسيدة)
- عودةُ الضَّخَّاخ (على هامش: ما أشبه العتبة بالسيدة)
- حلم -أبو الشِّهيبْ-


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الغفار غيضان - زمنُ المصاطب