إنهم يلعبون -السيجه- في بلد غيضان الحكيم.

محمود عبد الغفار غيضان

الحوار المتمدن-العدد: 3938 - 2012 / 12 / 11 - 08:57
المحور: الادب والفن
    

عندما تنكسر شمس العصر ململمة ما بقيَ مِن حرارتها وأشعتها المنسدلة على جدران الجامع العتيق بجانب بيتنا.. يبدأ تجمعهم في مشهد جعل من جلوسهم بجانب حائط الجامع الشرقي وبالتحديد عند بروز الجدار للخارج ناحية القبلة طقسًا يوميًّا مألوفًا، ومن هيئة تكومهم وتراصهم حول السيجه أيقونة من أيقونات الشارع. بمجرد أنْ تطأ قدمي العتبة الممتدة أمام بيتنا .. كنتُ أراهم كلما التفتُّ يسارًا... صياح. عراك- غير جاد- نكات، سخرية حادة، صراع غير مؤذٍ بالأيدي، صينية شاي يأمر أحدهم بإحضارها من بيته أو يتكرم أحد الجيران بإرسالها لهم: أبو عبد الجيد، أبو غانم، أبو جمال، أبو فرج، أبو مطاوع، الملك، وآخرون لم تعد ذاكرتي تتسع لهم. يمر أبو جهمي ذات يوم وهم يتصارعون كالعادة حول نقلة "سيجه" لم يتسع لها صدر أحدهم لأنها قد تعلن نهاية الدور.. فيسأل الجالسين: "مالك يا جدع إنت وهو"؟ فيرد أحدهم: "ده كل الكلب يا عم حسين؟"- هامش تفسيري: الكلب هو قطعة الحجر أو الطوب في لعبة السيجه التي تُلعب على رقعة من التراب تحفر فيها مربعات بعدد معين يتحدد حسب عدد الأحجار (الكلاب) التي يريد أن يستخدمها الطرفان المتنافسان، وتكون الأحجار أو قطع الطوب إو حتى قطع البَعَر الجاف الذي لا يلوث الأيدي ولا يترك بها رائحة كريهة– هامش تفسيري: هل يصح عمل هامش داخل الهامش؟! فضلاً عن أن المسألة يصعب أن يستسيغها القارئ البندري- من لونين مختلفين- فيجيب أبو جهمي: " أوا جتك هَمّ، هو يعني كل حتِّة الجاتوه!!!". يضحك الجميع حتى تقطع جلبتهم وتدخل ساحة ضجيجهم وسيجتهم عصا الحاج عبد المعز زاجرًا مهددًا بتخريب الرقعة إن لم يقوموا على الفور لصلاة المغرب في جماعة بعد أنْ صعد الشيخ علي عبد الموجود سطح الجامع للآذان.... يتظاهرون بالقيام على الفور بينما يرغبون جميعًا في دور جديد سريع خلال الفترة القصيرة بين الأذان والإقامة.

محمود عبد الغفار غيضان

#محمود_عبد_الغفار_غيضان (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل