أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين الداغستاني - نشيج خافت في سديم معتم














المزيد.....

نشيج خافت في سديم معتم


محمد حسين الداغستاني
صحفي وشاعر وناقد


الحوار المتمدن-العدد: 3957 - 2012 / 12 / 30 - 11:12
المحور: الادب والفن
    



وأنا أنقبُ في ذاكرة الستين المتعبة عن مجريات آخر لقاءٍ لنا معاً ، تذهب محاولاتي سدى ، فالذاكرة التي كانت مفعمة بالأحداث والوقائع السارة والحزينة باتت مكدودة ، وشرعت هي الأخرى مثلي تذوي أوراقها كأشجار الخريف النفضية ، فأتحايل عليها ، وأكتفي بتلك السوانح القابعة في قعر ٍ سحيق يعز القدر إستعادتها بمقدار .
ورحيلك الى تلك الولاية الأنيقة في أمريكا القاصية ليس فريداً ، بل ولم يكن مفاجئاً فقد كانت له مقدمات وأوجاع ومعاناة وضيق شديد ، لكنه كان مزدوجاً ، فلم تكتف ِ بشدّ الرحال الى خارج البلاد بحثاً عن الأمان والعلاج من الأسقام والإستقرار (المؤقت) ، وإنما أعقبته برحيل ٍ سرمدي لا أمل لنا معه بلقائك ثانية ، وإلى أين ؟ الى أرض طالما كنت َ تصب جام غضبك على سدنتها الذين عبثوا بالوطن ومزقوا أوصاله ويسّروا لأعدائه أن يلتهموه وهو حيٌّ وصابر! إنها الأقدار تجعلنا رهينة الجغرافية التي لا نختارها إلاّ قسراً !
وبالعودة الى السويعات المشتركة لنا في حديقة كازينو لبنان الصيفي ، أنت بغليانك وفورة المشاعر الجبارة التي كانت تمور في أعماقك ، وأبو فراس برزانته ووقاره ، ومحمد رياض بمشاكساته وقدرته اللعينة على إثارتك والذي يستذكرها الآن بندم ٍ شديد ، وأنا الذي كنت ُ أرتدي ريش حمامة السلام لتهدئة الخواطر وخلق الفهم المشترك المفقود ـ مع إني كنتُ أشاطرك في كل ما يثير حماسك ـ أتذكر غضبك الجامح وتنبؤاتك التي أثبتت الأيام صوابها ، فها الوطن أصبح نهباً للداني والقاصي ، ولم يكلف الغازي نفسه فرش شوارع مدينتنا ومدن الوطن بالورد كما وعد ، ولم يرصف الذهب والفضة بدلاً عن بلاط أرصفتها ، بل ورغم الثراء الفاحش للبلاد فلا زلنا نحنّ ُ الى كوّة النور العليل والأمن المفقود ، فأغضب على نفسي لأنني كنتُ أهادن وأبحث عن حلول ٍ متأرجحة لا نجدها اليوم في دنيانا !
أذاً رحلت عنّا يا أبا علي ، في يومٍ حزين توقف قلبك الكبير ، وأصبح كل ما في حولك مجرد موجودات صماء وخرساء هوت في وهدة الصمت الجليل ، إلاّ بعض مرضاك المعدمين الذين كنت َ تترك عيادتك لتشتري لهم او لأطفالهم البؤساء الدواء على حسابك من الصيدلية المقابلة لعيادتك ، وأحباؤك الذين بات النشيج الخافت يمزق أحشاءهم ويحيل يومهم الى سديم ٍ قاتم .
ولست قلقاً عليك حيث رحلت ، ففي صرتك التي تحملها على كتفك خزين ٌ وافر من إنسانيتك التي كانت تسفح على من احتاجك ولم يحتاجك ، كما وكان النبل الذي فيك يفيض على الاخرين ، وبعد فوراتك كنت َ تعود الى ذاتك المفعمة بالمودة واليسر والحياء والتسامح بل والندم أيضا ً ، وهذا من شيم الرجال .
أبا علي .. برحيلك الأليم أصبح من العسير ترويض النفس على تقبل الأمر الواقع ، لقد ملأت حياتنا بقداسة الألفة والبذل السخي ، ومثلما كنتَ حاضراً في المسرات والملمات ، فستبقى معنا ، وسيشوب رحيلك الكثير من الرضوخ القسري والوجع الآسر .
وداعاً ..



#محمد_حسين_الداغستاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلام ٌ .. يئن من الظمأ
- الراديكالية المفرطة ..
- لنبدء بأنفسنا أولا ً !
- ذروة الوجع
- إعلان على الملأ !!
- تحت سقف السماء الأولى
- بحثا عن بوح العصافير في رئتي !
- تماس على خط الشريان !!
- قوة الروح
- آتي إليكِ كالحار على قمة الثلج !!ّ
- (سهيلا ) .. الهدنة المستحيلة !!
- تأثر الإعلام التركماني بالإعلام العراقي وتأثيره عليه (*)
- القصد والتلقائية في فن محمود العبيدي
- عدنان القطب .. السكون المؤجل !!
- تراجع الحدس !!
- تحولات آمنة محمود الصادمة
- الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبالون الإختبار الكبير !
- السطوة الثاقبة !!
- قحطان الهرمزي ومحنة المدينة العصية ! *
- رائحة الأهل !


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين الداغستاني - نشيج خافت في سديم معتم