أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين الداغستاني - تحت سقف السماء الأولى














المزيد.....

تحت سقف السماء الأولى


محمد حسين الداغستاني
صحفي وشاعر وناقد


الحوار المتمدن-العدد: 3501 - 2011 / 9 / 29 - 12:40
المحور: الادب والفن
    


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( في أثناء الشروق والغروب ، في وضح النهار وحلكة الليل أعيش ذلك الشعور بأنني عاجلاً او آجلاً سأعود الى وطن الأجداد )
مياسة داغستاني / نيوجرسي / الولايات المتحدة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بلا مبالاة واضحة كانت الغيوم المتفرقة تنتقل على صفحة السماء الزرقاء ، فيما كانت قمم الجبال المرصعة بالثلج الناصع تعانق بعض هذه الغيوم بمودة ظاهرة ، وعلى الأرض كانت السيارة (الميني باص) الأنيقة تتصدى للطريق المبلط الملتوي والممتد نحو المرتفعات ببطء حذر لكن بعناء أكيد ، حيث على جانبيه إتخذ الزوار بعض المساحات المكسوة بالعشب الأخضر محطات للإستراحة في طهيرة يوم ٍ رائق .

أتقرب مترنحاً من هول المفاجأة وأنا أطلّ على الوادي السحيق تحت قدمي ، وفي القعر البعيد جداً ، تبدو الموجودات والمنشئات المشيدة ليس أكبر من علبة كبريت وضعت على بعد مئات الأمتار ، وأشعر بالدوار فأعود القهقري الى الوراء خوفاً من السقوط ، فيضحك الآخرون من خوفي !

على منحدرات هذه الجبال وفي اعماق غاباتها الساحرة كنت أشعر ومن معي بأننا لسنا وحدنا ، هنا تجوس أرواح الأسلاف الغابرين الذين قاوموا مدافع الغزاة وبنادقهم ونيرانهم المحرقة بالقامة والسكين ، فسقطوا على هذه المرتفعات كيمامة جريحة تعبت من الرحيل ، فمدت جناحيها وإختارت الرقود على صخرة قريبة !

ويجرفني بكاء مكتوم ، أقر بإستحالة إحتمال هذا الجمال الآخاذ من حولي وأعترف أن الأجداد إنتصبوا أمامي لا يصدقون ما يرونه الآن .. أحفادهم بين ظهرانيهم رغم تباعد الزمان وتخوم الأرض البعيدة جداً !

هنا غير بعيدين عن (مايكوب) في اعماق الجبال المعلقة بسقف السماء الأولى ، أجد أن للون سطوة وحشية وللخوف المسكون والمطبق على المكان عدا كركرات الطفال والصبايا من حوليسطوة أخرى .. هنا يكتسب الحلم صفاته النقي المندلق على اغصان بعض الأشجار المتدلية تحت ثقل الخرق وقطع المشة الملونة المعقودة والتي يشدها القادمون من المدن النائية ، لنيل الأماني كما تفعل النسوة بشناشيل نوافذ الأضرحة المقدسة في بلادنا .

إنني أتلاشى إذ ْ أجد نفسيس أذوبُ رويداً رويداً ، ولولا النسمات الباردة التي تلفح وجهي بين آونة وأخرى لأغمي علي حتماً ، لكنني أقاوم خجلاً ضعفي وكمدي ، واتلوا مع نفسي نشيداً عن الوطن تعلمته وأنا صغير

في رحلة العودة الى مايكوب كنت ُ أسترق السمع الى أصوات ٍ لعلها تعود ، وأسرح بنظري الى القرى المنتشية على السفوح ، لقد أيقنت ُ بأنني تغيرت ُ تماما ً ، وإنني أتدفق ُ كجدول ينساب دون عوائق على جانبي الطريق الهاوي الى الأعماق ، وبأنني فقدت جزءاً مهما ً من جسدي .

حالما ترجلت ُ من السيارة على باب الفندق شعرتُ أن ذلك الجزء المفقود من جسدي بين احراش تلك الغابة المسحورة لن يعود إلي ّ ثانية ، لكنني لم أبتئس !
إذاً عدتُ من غير قلب ، لقد تركته هناك ، وكنت ُ رغم ذلك سعيدا ً !
مايكوب / جمهوية الأديغي 17/ 6/ 2006



#محمد_حسين_الداغستاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بحثا عن بوح العصافير في رئتي !
- تماس على خط الشريان !!
- قوة الروح
- آتي إليكِ كالحار على قمة الثلج !!ّ
- (سهيلا ) .. الهدنة المستحيلة !!
- تأثر الإعلام التركماني بالإعلام العراقي وتأثيره عليه (*)
- القصد والتلقائية في فن محمود العبيدي
- عدنان القطب .. السكون المؤجل !!
- تراجع الحدس !!
- تحولات آمنة محمود الصادمة
- الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبالون الإختبار الكبير !
- السطوة الثاقبة !!
- قحطان الهرمزي ومحنة المدينة العصية ! *
- رائحة الأهل !
- طائر الوسن
- كيف أجدك ؟؟
- نحو إستراتيجية للأمن الإجتماعي في العراق
- دعيني أفترض !
- الجذور تستطيل باسقات !! (*)
- عصف السنين


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين الداغستاني - تحت سقف السماء الأولى