أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جوزفين كوركيس البوتاني - المرأة في بلدي














المزيد.....

المرأة في بلدي


جوزفين كوركيس البوتاني

الحوار المتمدن-العدد: 3939 - 2012 / 12 / 12 - 00:29
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


سألوني عن المرأة في بلدي، فقلت:
حين ولدت، قطب أبي حاجبيه وتملكه الأسى، ولكن بما أنه كان مؤمنًا، ابتسم بمرارة ومضى دون اي تعليق. وحين بدأت أكبر، ومع مرور الأيام، بدأ أخي يتذمر ويقلق عليَّ والملل لا يفارقه، حيث كان مجبرًا على مرافقتي أينما ذهبت حتى قدوم الزوج المبجل ليزيح عن كاهله الواجب والثقل والملل.

آه، والزوج طبعًا تم اختياره مسبقًا. وإن كان الأختيار قد ترك لي، كان طبعًا سيكون سوء اختيار، والسبب بسيط: لعدم وجود الخبرة او التجربة—ولم أقل تجارب كي لا أُلقب ب "الساقطة" في نظر العشيرة المهيبة؛ أقصد المهيمنة. وبسبب عدم التجربة، لم يكن من خيار سوى ان يسلمني الأب الحنون إلى الزوج المحترم، ولأنه "فلان ابن علان"، فقد كان أبي سعيدًا به ضامنًا له بأنني سليمة مئة بالمئة، وبأنني بضاعة غير مغشوشة. هناك عبارة متداولة في العشيرة يرددها الناس فيما بينهم: "بصراحة البنية ما واكعة عليها ذبانة." والرجل في بلدي يريد دائمًا امرأة من هذا النوع—أي "فطيرة وعلى نياتها".

وتمضي الأيام...وأنا بين كنف زوج ودود في الظاهر وحقود في الجوهر؛ فتراه لا يظهر ما يضمر في أغلب الأحيان. آه، ولكم يتعب هذا الزوج، ولكن ما في اليد حيلة. فلأنه شرقي ولا يرغب بأن يهان على يد أهله أولاً ثم على يد العشيرة التي تدرب رجولته على حزمة من الأخطاء، لذا تصبح هناك فجوة كبيرة على طول الخط بيني وبينه. كل ما نقوله لبعضنا ليس سوى رغوة ونعيش مع بعضنا على الهامش فقط—على الشهوة واللغو والهذر—وهكذا تمضي السنين دون ان اعرف ان كنت سعيدة معه أم تعيسة بسببه.
ولأن مسؤولية البيت بأكملها تقع بأكملها—كالعادة—فوق رأسي الذي يقال عنه فارغ وناقص عقل ودين ولا يحوي سوى على طلبات لا تنتهي، وتأخذني مسؤولية الأطفال ومجاملة الأهل والأقارب واحترام التقاليد والحفاظ عليها، هذا ناهيك عن تلبية رغبات الزوج التي تتعبني أكثر من اطفاله...وهي أمور تجعلني أصرف النظر عن نفسي لدرجة أنسى معها سبب وجودي...

ويستمر هذا حتى يحل دور ولي العهد، أبني الموقر، الذي سيرث مال وعادات وتقاليد أبيه، وسيواصل بعد غياب الأب لتكملة هذه المهزلة...وهكذا يسلمني الأب إلى الأبن كي يزيح عن نفسه بعض من تعب السنين، ويرافقني الأخير كظلي أينما ذهبت حتى توافيني المنية...وعندها يكون الأبن والأب والزوج أول السائرين في جنازتي، وبعد ان يتأكد لهم بأني لم أعد موجودة على وجه البسيطة، تراهم يتنهدون بحسرة...لا أعرف هل لأنهم تخلصوا من ذلك الثقل أم لأنه شعور بالذنب لا أكثر...

هذه هي المرأة في بلدي. وعلى كل من يريد التأكد من هذا الكلام، فليذهب وليبحث في عيون كل امرأة تصادفة على الطريق. صامتة كانت أم ثرثارة. صحيح لا يحق لكم النظر إليها لأن نظرتكم قد تعتبر إهانة في حقها وتقليلاً من شأنها—إذا كان لها شأن—ولا ينفع أيضًا ان تسألها لأن حنجرتها مبتورة. ويؤسفني بأنهم يتحدثون بوقاحة وبصراحة عن "حقوق المرأة"... وعجبي!

اتمنى ان لا تغضبوا مني فأنتم سألتم وأنا أجبت بصدق. فالحال في بلدي، باختصار : المرأة من الأب إلى الأخ إلى الزوج فإلى يد الأبن وبعدها إلى مثواها الأخير وبعد عمر طويل طويل...



#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصحة لا أحد!
- الداهية والأدهى منه
- عرس في أطراف المدينة
- نعيق غراب ونافذة انتظار
- طرق بابي ومضى
- اللقاء الأخير
- نظرة ود عابرة


المزيد.....




- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...
- الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...
- إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
- تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جوزفين كوركيس البوتاني - المرأة في بلدي