أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - نظرة ود عابرة














المزيد.....

نظرة ود عابرة


جوزفين كوركيس البوتاني

الحوار المتمدن-العدد: 3657 - 2012 / 3 / 4 - 09:15
المحور: الادب والفن
    


ضمني للحظة ذلك الغريب العابر. منحني نظرة ود عابرة افتقدتها منذ زمن بعيد، أو بالأحرى، لم اعد اهتم بالذي يدور حولي.. ضمتني عيناه بقوة غريبة، وشعرت بدفء يجري بأوصالي...عيناه خضراء بلون الربيع، واسعة كالبرية، نظرته دافئة؛ تذكرني بالأماكن الاستوائية- إنها لنظرة فضولية، تلتقط أنوثتي وقلبي الصدأ. تلك النظرة...حمحم وهز رأسه، وهو يرسل سلامه لي. كعادتي، لا أجيد الرد، وعندما أجده، فهو ليس سوى الصد واللامبالاة. آه كيف لا أبالي وعيناه تسكبان كل ذلك الود في أعماقي. وغاب عني لحظة وددت أن استجيب لدعوته تلك وأبادله السلام. أردت أن اعرف من هذا الغريب الذي يضم العالم بأسره في عينيه، وجاءني الجواب عفويًا من امرأة دخلت توًا خلفه، وهي تحمل رأسًا أشقراً. فوق جسدها الضئيل، و وجهًا يملؤه الحبور، وهي تسأل برقة موظف الاستعلامات عنه قائلة: "هل وصل الأستاذ؟"
وأجابها الموظف بفائق الاحترام من خلف مكتبه الكبير: "نعم سيدتي، وصل قبلك بلحظات."
ثم هزت رأسها بإيجاب وغابت، وهي تسير بثقة نفتقر نحن إليها. بل من النادر ان نجد امرأة تملك هذه الثقة.
تسألت مع نفسي: "ترى من أين كل هذه الثقة؟" تملكتني الغيرة وضحكت على بلاهتي. كيف لي ان أغار على رجل لا اعرفه؟ هل هذا معقول؟ أي هراء هذا؟
**
وعلمت فيما بعد إنهما زوجان فرنسيان قدما من فرنسا ليعملا في هذا البلد المنكوب والمغلوب على أمره. إنهما يديران هذه المنظمة "الإنسانية" لخدمة هذا الشعب التعب، وقد أكون أنا واحدة منهم..وشعرت بقرارة نفسي بأنني مدينة لهما، فتكفي نظرته إلي...وددت إرسال شكري له ولعيناه الخضراوتان؛ إنهما بلون بستان جدي..آه، أحاول أن أتذكر لماذا أنا هنا...وتراني تذكرت بعد ان قدم صديقي الذي كنت انتظره في الاستعلامات. كان يعمل هناك أيضًا، وقدم نحوي وهو يحييني وكم أسعدني لقاءه. جلس بجانبي، بدأنا نتحاور بشتى المواضيع، وانتهى لقاءنا بوداع. شد على يدي قائلاً: "غدا سأشد الرحال إلى ألمانيا بغية علاج زوجتي. كما تعلمين، زوجتي مصابة بمرض عضال... وأخي المقيم هناك قام بتجهيز كل شيء. عليَّ بمرافقتها لعله يجدون دواءًا لها... سأترك ابنتي الصغيرة عند أمي..."
تمنيت له الموفقية والشفاء العاجل لزوجته الحبيبية. تصافحنا كل منا يخفي عن الآخر ما في داخله من الود والاحترام، ثم غادرت المبنى وعدت أدراجي، وكلمات صديقي معلقة في مخيلتي ونظرة ذلك العابر الغريب الذي ضمني للحظة تدعوني إلى المجهول، مثل رحلة صديقي التي لا يعرف إلى أين ستقوده... لا يعرف إن كانت ستشفي زوجته أم لا... وصدق من قال: "إن النظرة الأولى إن لم نجتازها قد تقتحمنا و تقضي علينا."
وأنا اقتحمتني نظرة ذلك الغريب وزلزلتني وذكرتني بأنني لازلت امرأة بالرغم من كل الظروف التي مررت بها... ولكم أسعدني ذلك الغريب، ويا لغرابة الحدث! ولكن هذا ما حدث معي...



#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفنان المصري ياسر جلال يعتذر عن تصريحاته بشأن دور الجزائر ب ...
- ياسر جلال: رواية -غير مثبتة- عن دور للجيش الجزائري في القاهر ...
- مهرجان فلفل إسبيليت الأحمر: طعام وموسيقى وآلاف الزوار
- فيلم وثائقي يعرض الانهيار الأخلاقي للجنود الإسرائيليين في حر ...
- من -سايكو- إلى -هالوين-.. لماذا تخيفنا موسيقى أفلام الرعب؟
- رام الله أيتها الصديقة..!
- ياسر جلال يعتذر عن معلومة -خاطئة- قالها بمهرجان وهران للفيلم ...
- التربية تعلن نتائج السادس الإعدادي بفرعيه العلمي والأدبي للد ...
- مارغريت آتوود تنقل قراءها لعالمها الداخلي في -كتاب الحيوات- ...
- مكتبة الملك عبدالعزيز تطلق فيلم الحج -على خطى ابن بطوطة-


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - نظرة ود عابرة