أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - نعيق غراب ونافذة انتظار














المزيد.....

نعيق غراب ونافذة انتظار


جوزفين كوركيس البوتاني

الحوار المتمدن-العدد: 3815 - 2012 / 8 / 10 - 23:09
المحور: الادب والفن
    


تركت غرفتي الموحشة التي لا تحوي سوى اربعة مرايا موزعة في الزوايا. تركتها بعد أن ادركني الملل من الإنتظار، ولأنني مللت مراقبة وجهي في المرآة—وجهي الذي بدأ يفقد رونقه شيئًا فشيئا...

هربت من نفسي المثبتة في المرايا، والتي باتت هي الأخرى باهتة كوجهي التعب. خرجت إلى شرفتي أراقب مدينتي، كركوك، المنسية التي لفظها الزمن وتقيئها يوم كان ثملاً...ومن يومها ليس من أحد يسأل عنها بصدق...إنها مرمية فوق حجارة التاريخ الثقيلة-أم تراها مدفونة تحتها؟ راقبت المدينة لبعض حين بضجر ونسائم الربيع تلسعني بهواء منعش ناشرة الهدوء في كل مكان حولي...
آه كم انتظرتك. ترى كم مضى من الوقت على انتظاري هذا؟ لم أعد أذكر...لم أعد أذكر كم مضى على الفراق واللقاء أيضًا... آه متى أتحرر من كل هذا؟...

**
ورجعت بي الذاكرة يوم تحولت إلى غراب وطرت باحثة عنك. دخلت قصور الأغنياء ونعقت في حدائق الملوك، والكل كره حضوري وتشائم منه حتى الطرد! الكل لعن نعيقي ولقّبني "بنذير الشؤم"... وأنا، آه يا أنا، كنت لامبالية وهازئة من خزعبلاتهم، ولم أكف عن البحث عنك...وبعد أن انهكني الطيران الطويل ومطارادات ولعنات الآخرين لي كنذير للبؤس، أضطررت للجلوس عند نافذة مفتوحة—وكانت نافذتك أنت! أخيرًا وجدتك هناك في غرفتك، تراقب قسمات وجهك وهمومك وترهاتك في مرآة قبالة نافذتك. كنت هناك تهندم نفسك، ربما لي أنا؟ من يدري...
وحين لمحتني في المرآة، جن جنونك وانتفضت صارخًا: "كش! كش! يا نذير الشؤم!" وعندها فقط أدركت بأنك لم تتعرف عليّ... وأزدت نعيقًا، حتى اختلط صوت صراخك بنعيق آلامي... وركضت إلى النافذة لاعنًا قدومي... "أذهب من هنا يا أيها الغراب، فأنا اليوم على أمل اللقاء بحبيبتي التي انتظرتها طويلاً!! أرحل أرجوك!" ولم يزدني ذلك سوى نعيقًا-اقصد بكاءً...

حاولت ضربي، ولكنني طرت قبل أن تمسني يداك، وعدت للوقوف أمام المرآة، وتهيأ لي بأنني سمعت صوت نحيبك من بعيد...وبينما كنت ألقي نظرتي الأخيرة على غرفتك، شاهدت خاتمًا ذهبيًا مرميًا فوق طاولة رغباتك، فعدت وسرقته وطرت بعيدًا والخاتم معلق في منقاري...
عدت إلى غرفتي مخلفة ورائي رجل أتعبه الأنتظار، رجل تناهى صوته إليَّ وهو يصرخ بكل قوته: "لقد ضاعت فرصتي!!"
كم تمنيت أن أسألك بأن تكف عن الإنتظار، لأن حبيبتك قد تحولت إلى غراب، إلى سراب...
واستيقظت فجأة من حلم عميق ووجدت خاتمًا ذهبيًا مرمي بجانب مخدتي، وغراب عند نافذتي يراقبني بحذر، ومن يومها وأنا أحب الغربان...كلما مر سرب منها، أقول في نفسي: "من يدري، لعل الإنتظار قد حوله هو الآخر إلى غراب...من يدري؟..."
23-7-2001



#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طرق بابي ومضى
- اللقاء الأخير
- نظرة ود عابرة


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - نعيق غراب ونافذة انتظار