صورة سورية... وصور غريبة

غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 3932 - 2012 / 12 / 5 - 23:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

صــورة ســـوريــة.. وصـور غريـبـة
أظن أن صديقتي سلوى بلا كهرباء, حتى هذه الساعة من الليل الدامس. ولكن عينيها ترى وتكتفي بشمعة...حياتها شمعة... وليلها شمعة تحترق ساعات محدودة...وتهيمن العتمة... وهكذا كل يوم, وكل مساء...حتى تعودت عيون سلوى على الظلام...
كل حي سلوى معتم... وكل بيوت جيران سلوى معتمة... ما عدا بضعة نوافذ بزجاج مكسر, تأتي منها أضواء باهتة هزيلة, من بيوت يسهر سكانها من الخوف, فيشعلون شمعة إثر شمعة........
هذه صورة من حي نصف مهدم غير آمن, في مدينة سورية غير آمنة... تعبره الكهرباء بضعة ساعات قليلة, كأنها غير موجودة, في حي, في مدينة شبه مهجورة... كأنها نهاية العالم.. أو نهاية الحياة...
هذه هي علامات الحياة, إن صح التعبير, في بعض المدن السورية, بعد مرور رجال ملفحين, على سيارات رباعية الدفع, تحمل رشاشات ضخمة حديثة, يتكلم غالبهم عربية مكسرة غريبة, وبعضهم لا يتكلمها على الإطلاق, سوى كلمتي الله أكبر, بالعين حرف الهاء من الله, وبعدها بلهجة غريبة كلمة تكبير, لافظينها : تــاكــبــيــر, بشكل ببغائي كامل... مما يثبت كليا أن هؤلاء المحاربـيـن, لا يمتون للغة العربية بأية صلة.. وأكثر إلى أية بلدة أو قرية أو أصغر حارة ســوريـة... وبعد مرورهم وانسحابهم, لا كهرباء, ولا ماء...إذ أن كل ما يولد الكهرباء أو يوصل الماء قد تفجر...وعدد إضافي من القتلى والثكالى والأيتام... مسطرة من الديمقراطية والحريات الموعودة المنشودة... وأتساءل إن كان هذا الـ الله اكبر راضيا عما يفعلون باسمه!!!............
*********
من منكم لم يشاهد صور سوريا اليوم؟؟؟ ممزقة.. مشوهة.. مدمرة.. باكية.. حزينة... وهل رأيتم صور هؤلاء المقاتلين؟؟؟...هل تعرف أحدكم على واحد منهم.. وصدق ما يدعون من القتال من أجل الله ونبيه, ومن أجل الحرية والديمقراطية لسوريا وشعبها؟؟؟!!!... إنهم غرباء... ألف مرة غرباء... لأنني لا يمكن أن أصدق أن سوريا يــخــرب بلده بهذا الشكل الإجرامي الشنيع, مفجرا مولدات الكهرباء وخزانات المياه.. حارما عمدا تجويع أهل وطنه, مانعا عنهم أبسط الضروريات اليومية, لأبسط وافقر معيشة يومية... فجروا الأفران والمخابز...اغتالوا الأطباء... حرقوا المزارع... فجروا المدارس... حتى أذاعوا بيانات مانعين النساء من سواقة سيارة... وهل تبقت سيارة يقودها رجل أو أمرأة...لدى اقترابهم ومرورهم وحتى بعد رحيلهم... أرض محروقة... وجثث مقطعة... ورعب وموت وغضب... وآمال ضائعة.. مــيــتــة!!!...
لو تمت مصالحة, أو تم حوار سوري ـ سوري اليوم لإنهاء هذه المجزرة اللاإنسانية... ولا بد أن يــتــم. كيف يمكن بعدها التخلص من هذه الجحافل البربرية... ليبيا لم تتخلص منها حتى هذه الساعة. حتى بعدما سمي انتهاء ثورتها الربيعية حتى اليوم. وما زالت السلطة المركزية الجديدة, والتي من المفروض أن تحكم ليبيا بلا أية تجزئة سياسية أو حزبية أو عسكرية.. ما زالت تعاني من فوضى هؤلاء المقاتلين باسم الله أكبر!!!... والذين يتواجد آلاف منهم في سوريا اليوم, باعتراف كافة أجهزة المخابرات الغربية والعربية التي مولتهم من بداية البدايات, وجهزتهم وسلحتهم.. ومن ثم أدخلتهم إلى سوريا ببركات وتسهيلات حكومة السيد طيب أردوغان...........
لم أكن أتخيل أن يتغير وجه سوريا بهذا الشكل... كنت آمل وأتمنى له تغييرا جذريا دستوريا حقيقيا, بانتخابات آمنة سليمة حرة واضحة, تؤمن لبلد مولدي مستقبلا يفتح له طريق الديمقراطية الحقيقية لبناء دولة علمانية تؤمن لجميع مواطنيها, بلا أي تمييز على الإطلاق جميع الحريات الطبيعية الإنسانية, مثل بقية شعوب العالم المتحضر... لا أن يغرق بحرب أهلية شعواء, مصبوغة بطائفية دموية بغيضة شرسة... لا تؤدي سوى إلى الخراب الشامل, وفقدان كل أمل بالوصول إلى أية ديمقراطية أو أية حرية...
آمل أن تستيقظ يا شعب سوريا... يـا حـكـامـهـا.. ويا مـعـارضـيـهـا!!!..........
بالانـتـظـار.......
للقارئات والقراء الأحبة كل محبتي ومودتي واحترامي.. وأصدق تحية مهذبة.. حــزيــنــة.
غـسـان صـابـور ـ ليون قــرنــســا

#غسان_صابور (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل