كلمتي هذا المساء...

غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 3919 - 2012 / 11 / 22 - 00:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هذا المساء, أرسل لي صديق طبيب فرنسي فيديو يستمر دقيقة واحدة عن تنفيذ عملية إعدام قامت بها مجموعة (جهادية) بثلاثة مجندين سوريين... حفروا حفرة كبيرة, أشعلوا فيها بعض الشجيرات اليابسة, ثم سكبوا كمية من البنزين على رؤوس الأسرى المطمشين وعلى كامل ثيابهم ورموهم داخل الحفرة المشتعلة, بعد تلاوة آيات من القرآن عن نار جهنم... وأترك لمخيلة القارئات والقراء الأحبة النهاية الفظيعة الإجرامية التي انتهى بها هؤلاء المساجين المساكين الثلاثة...لم نسمع صراخهم المخنوق..لأن صــراخــات الله أكبر من الجماعة الثورية الجهادية المختلفة الأشكال كانت تعلو على صراخ المعذبين الثلاثة... جــريــمــة حــرب فظيعة... جريمة حرب رهيبة. لم أسمع أحد يستنكرها. من واشنطن إلى مكة إلى اسطنبول إلى الدوحة إلى باريس فابيوس الذي استقبل حكومة الخطيب وسفيره ماخوس, مع رئيسه فرانسوا هولاند في قصر الأليزيه. مفرغا السفارة السورية من موظفيها المسؤولين حتى يسلمها لسفير الثورة الجهادية السيد ماخوس...ومـامـا أمريكا تصفق لهم شاكرة إياهم على ولائهم. لأنهم ينفذون أجندتها في سوريا الجريحة على أكمل وجـه... وهكذا لا يرى العالم مأسـاة ما يحدث أيضا من قتل وتقتيل إبادي جماعي على الأرض الفلسطينية المنكوبة... وخاصة أن الكلفة أرخص عندما يقتل السوريون سوريين, وأوفر وأوسع عندما يقتل العربان عــربــا........وهكذا تكتمل الحلقة...الحلقة المفرغة التي يدور بها العربان من سنين طويلة كبغال السقاية... يدورون.. ويجرون...يجرون...ويدورون... غير أن المياه التي يسحبونها لا تصب في اراضيهم الفكرية اليائسة البائسة...إنما في أراضي إســرائيل الكبرى التي تقتل وتتوسع... وتتوسع وتقتل... والعالم يصفق لها ويدعمها......وماذا تحلم إسرائيل ومن يديرونها بمهارة وجبروت ودقة, غير أن نقتتل بين بعضنا البعض, بوحشية لا مثيل لها بين البشر... وهي تتكفل بتصفية ما تبقى من إمـكـانـيـات وعــقــول!!!.
*********
أعدت مشاهدة هذه الصورة الرهيبة الفظيعة.. عدة مرات ومرات...لم أكن أتصور أنه يمكن لإنسان أن يقتل إنسانا آخر, بهذا الشكل الرهيب.. صارخا الله أكبر!!!...سيجيبني حتما أحد المختصين بكراهية الديانات الأخرى أن الفرنسيين من عدة قرون أحرقوا جـان دارك التي أنقذتهم من الأنكليز, بعد أن أدانوها بالسحر والهرتقة... ولكننا يا بشر أو يا أنصاف البشر...نحن في القرن الواحد والعشرين, وتسعة أعشار العالم المتحضر ألغت حتى أحكام الإعدام, لأجرم المجرمين...وما من دولة تسمح لجنودها بإعدام الأسرى... وشــتــان بهذه الطريقة الجهنمية الغير إنسانية بالحرق بالبنزين والشجر اليابس... يا بشر.. يا قوم... يا ورثة القتل وتحليل القتل باسم الله ونـبـيـه... وهما ألف مرة منكم بــراء.. براء...
رهيبة هذه الصور.. فظيعة هذه الطريقة بقتل الآخر. لا أقبلها حتى لقاتل أبني أو أمي وأبي... لا أقبلها لألد أعدائي... ولا أؤمن بالكراهية والحقد والعداء... ومن أدخل اليوم إلى ســوريـا والسوريين هذه الكراهية وهذا الحقد وهذا العداء؟؟؟!!!...
كيف كنا في الخمسينات, نعيش في تـــآخ كامل بين جميع السوريين, بلا طائفية, بلا تمييز, بلا أية تفرقة...تجمعنا سوريتنا أقوى من أية ديانة أو إثنية... ماذا أصابنا اليوم؟ وكيف استورد ومن أين قدم هؤلاء القتلة الذين أجزم من لهجتهم العربية المطعوجة, ألا علاقة دم أو قومية أو مشاعر إنسانية بسوريتنا التي يمزقونها كل يوم ألف ألف مرة. قابضين عن كل ميت مذبوح أو مفجر أم مقنوص حـفـنـة من الدولارات القطرية العفنة.
هؤلاء القتلة سيكونون دوما قتلة...كائن من انتصر وساد في هذه المعمعة ـ المعركة المجهولة المصير. وسيكونون أبدا العثرة الصعبة الكبرى لأية مصالحة سورية ـ سورية مستقبلية مــأمــولــة!!!...........
لهذا على من تبقى من العاقلين النادرين بهذه السلطة وهذه المعارضة اليوم, أن يتخلصوا من هؤلاء القتلة الذين يرتكبون كل يوم ألاف جرائم الحرب من قنص وخطف وحرق وتدمير واغتصاب الأبرياء... وسوف يحاكمون ـ حتما ـ كمجرمي حـرب...بعد نهاية النهاية.. مهما كانت... لأنهم صمتوا عن الجريمة.. أو مولوا الجريمة.. أو شــاركوا بالجريمة!
وإلا من واجب من تبقى من الشرفاء في هذا الوطن السوري, أن ندعو ونسعى إلى خلاصنا من كل من يحمي القتلة والمجرمين.. من أي طرف كانوا...
لأن هذا هو منطق الشرف والعقل والحكمة والخلاص.. وخاصة سـلامة الوطن السوري وبــقــائــه وديمومته............
بــالانــتــظــار................
للقارئات والقراء الأحبة كل مودتي وصداقتي.. وأصدق تحية مهذبة... حــزيــنــة.
غـسـان صــابــور ـ ليون فــرنــســا

#غسان_صابور (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل