أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - ذكريات وخواطر سورية














المزيد.....

ذكريات وخواطر سورية


غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 3921 - 2012 / 11 / 24 - 20:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ذكـريـات وخـواطر ســـوريـة
عندما زرت مدينة مولدي لآخر مرة في صيف 1999 دعاني أحد زملاء الطفولة والحي والدراسة لوجبة غداء في بيته مع عائلته. وعندما وصلت أحدى بناته التي تبلغ السادسة والعشرين من العمر من وظيفتها. سمعتها تقول لأبيها أن وسام (غيرت الأسم) سوف يأتي لمشاركتنا القهوة والحلويات بعد الغداء...ولـه حديث جدي مع والدها... حديث جـدي.. يعني طلب خطبة أو ما شــابه... رأيت الأب يحمر ويخضر وينفخ ويزبد متوترا, ناظرا بغضب لابنته قائلا بصوت مسموع : أنا لا أستقبل هذا الهبور المهبول في بيتي.
وانا بفضولي العادي, ورغبتي إزالة جو الضباب من بيت مضيفي... متسائلا عن سبب غضب الأب... فأجابني أن هذا الطرطور الفاشل, يريد طلب يد ابنتي... وهذا غير معقول...لأن ابنتي ستنتهي معه هزيلة فقيرة...
وهنا أصررت على المزيد من التفاصيل من زميل طفولتي, الذي تركته أولى أيام الشباب بلا أية شهادة دراسية, بلا عمل...وأصبح اليوم موظفا في شركة حكومية كبيرة معروفة, وتاجرا وماليا منتفخا من شخصيات البلد... لأنه مدعوم يملك عدة بنايات في المدينة.
أما الشاب المرفوض فهو رئس الآنسة المباشر, يملك شهادة جامعية عالية, وهو موظف في دائرة حكومية رسمية, يمكن الثراء فيها بسرعة. ولكنه نظامي مليون بالمائة, ولا يخرج عن القانون. ولا مورد له سوى راتبه...يعني فقير فقير فقير...لأنه لا يقبل الرشوة (البرطيل والفساد)... ولكن الفتاة والشاب يحبان بعضهما البعض ويريدان الزواج...... لكن الوالد الكريم والتقاليد والعادات, وخاصة عقلية الوالد الخنفشارية, وطبيعة الحياة وعاداتها وحاجاتها الضرورية...لم تفتح أي بــاب أو أية نافذة لهما.....
تركت اللاذقية.. إذ انتهت زيارتي القصيرة آنذاك... وهذه الحادثة تعصر قلبي ومشاعري.. وتثير غضبي...نعم تثير غضبي.......................
أتساءل لماذا وصل شعبنا إلى هذا المستوى من قبول الفساد واللاأخلاق بجميع معاملاته السياسية واليومية والاجتماعية... معتبرا الفقر مرضا وعلة... والغنى الغير مشروع شطارة وفهلوة وبطولة. حتى ضاعت جميع القيم لدرجة أن من يمارسها يعتبر معتوها... وحتى السلطة الحاكمة تعتبره مشبوها أو متآمرا يدبر شيئا ما في السر والخفاء.............................
لهذا السبب, في هذه المعمعة التي وقعت فيها ســوريا اليوم, طفش غالب المنتفخين والحرامية والبلطجية, من أول أيام الحوادث, لاجئين إلى لبنان أو قبرص وتركيا, والمنتفخين الكبار إلى أوروبا وفرنسا خاصة, حيث جميع أموالهم مخزنة في بنوك فرنسية آمنة... والعديد منهم, يـتـآمــر ضد السلطة الحالية, بعد أن استفاد منها سنينا معتمة طويلة , واليوم من الفنادق الباريسية يمول المقاتلين, حاملا شعارات الثورة... وبهذا يراهن على مستقبل تجارته الفاسدة... من يدري؟؟؟ من يدري؟؟؟.........
أما الفقراء المساكين, مثل ذلك الشاب المرفوض, أظنه ما زال عانسا, لأنه من فقره لم يستطع استئجار أو شراء بيت ومن ثم الزواج... لأنه بقي فقيرا... أو قد يكون قد دمر سكنه العائلي العتيق... أو أنه خطف ـ انتقاما ـ أو قتل....لأنه أراد البقاء... والدفاع عما تــبــقــى...........
حزينة بلدي اليوم... بعد أن أضناها الفساد الأسود طيلة خمسين عاما... وفجر أسسها ومبادئها السياسية والقومية والاجتماعية, بـنـظـام أرعـن, لم يكن له مثيل في تاريخه... ها هو اليوم يتفجر ويهزل ويفقد أمنه وسيادته وكرامته, يقرر مصيره ومستقبله حتى أقزام العروبة والسيادة, من خارج الوطن وداخله... وأصبحت الشراذم التي تحمل ربطة سوداء على جباهها الغريبة, تحدد أمن أحيائها, وتقرر الموت والحياة لمن تشاء...لأن الوطن السوري الذي نشر حضارته آلاف السنين وعلم الأبجدية للعالم كله قبل الديانات كلها, أصبح مدمرا خاويا.. بلا أمن ولا أمان.. بلا حضارة... لأن السلطة والرجال الذين حكمونا منذ ما سمي استقلال البلد, لم يحضروا أجيالا لاستمرار المجد والثقافة والقومية والحضارة... إنما زرعوا أجيالا مثل صديق طفولتي المنتفخ الفاسد, والذي لا يؤمن بغير المال والدولار والغنى السريع الغير مشروع, بأية وسيلة كانت... ومنها رأينا خلال هاتين السنتين, كيف انتشرت الخيانات من أعلى قمة الهرم حتى آخر قواعده... وكيف دخل آلاف المقاتلين الجهاديين والمرتزقة, بلا أية رقابة في البلد الذي تحمل مخابراته صيت أن ذبابة لا يمكنها العبور, دون رقابة... أو أن تصطادها هذه المخابرات.... لذلك أرى أن الفساد, كان السبب الرئيسي, لوقوعنا في هذه الجورة المـأسـاويــة التي يصعب الـخـلاص منها, مع مزيد الجراح والأسـى والألـم!!!...............
الـلـيـل والـعـتـمـة هيمنا على بلدي.....
هل يــعــود الــنــور والأمــل إليه؟؟؟؟؟؟....................
بالانتظار.......
للقارئات والقراء الأحبة, كل مودتي ومحبتي وصداقتي.. وأطيب تحية مهذبة.. حــزيــنــة.
غـسـان صــابــور ـ ليون فــرنــســا



#غسان_صابور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمتي هذا المساء...
- ماذا عن سوريا اليوم؟؟؟!!!...
- كلام...كلام...كلام...
- هل تسمعون أجراس فلسطين؟؟؟...
- في الحوار.. مع الحوار (المتمدن)
- مات الملك...عاش الملك
- أشلاء سورية
- بورصة.......
- مسرحية ميشيل كيلو.. على قناة زينة اليازجي
- تعليق بسيط على مقال بدر الدين شنن
- ماتت في البلد أم صديقة
- كلنا مهاجرون
- الحرب الفيسبوكية.. اللاأخلاقية
- رد للصديق أحمد صالح سلوم
- صمتت دمشق...
- دعوني أطلق آخر صرخة...
- هل ستموت الهدنة قبل ولادتها؟؟؟!!!...
- حذرا.. حذرا يا قوم.. حذرا
- لنستيقظ من غبائنا.. قبل أن يداهمنا الموت
- فيديو.. قتيل.. وصرخة.


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - ذكريات وخواطر سورية