خبرتي مع الناشرين

سامي الذيب
(Sami Aldeeb)

الحوار المتمدن-العدد: 3929 - 2012 / 12 / 2 - 12:08
المحور: سيرة ذاتية
    

كان يا مكان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان
هكذا يمكننا أن نبدأ قريبا حكاية الناشرين الذين طالما ما فرضوا إرادتهم على الكتاب الجدد، وحتى المخضرمون منهم. ويمكن لكل مؤلف أن يحكي لنا مغامراته عندما أراد أن ينشر أول كتاب كتبه للتعريف برأيه أو جهاداً في قضية أو كشرط للحصول على درجة أكاديمية. وعامة يبدأ المؤلف بنشر مقالات قصيرة ثم مطولة في صحيفة أو مجلة تعطف عليه.

وكانت أول مغامراتي في سويسرا في هذا المجال في الصحف اليومية من خلال مقالات قصيرة في أعمدة الصحف اليومية ضمن رسائل القراء. ثم ما لبثت أن نشرت بعض المقالات في مجلة Choisir للآباء اليسوعيين. وكان أحد المقالات الذي أعتز به مقالي عن المرحوم محمود محمد طه في أبريل من عام 1985 بعد ما شنقه النظام النميري لرفضه تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان. وها أنا أتذكر هذا المفكر الفذ في عصر بدأ الظلام يخيم على وطننا مع دعاة تطبيق الشريعة الإسلامية في أيامنا. وما أحوجنا في أيامنا لمثل هذا المفكر الذي فضل نظام النميري شنقه لإسكات صوته.

وكانت أول خبرتي في مجال نشر الكتب مذكرتي في العلوم السياسية التي قدمتها للمعهد الدولي للدراسات الدولية في جنيف وعنوانها (حق الشعوب في تقرير مصيرها، النظرية الماركسية اللينينية والتطبيق السوفييتي). وكان علينا في ذاك الزمان أن نقدم 20 نسخة مطبوعة على الآلة الكاتبة مسحوبة بالستانسل ومجلدة كشرط للحصول على الشهادة. كان ذاك عام 1976. ثم جاءت مغامرة نشر رسالة الدكتوراه في القانون المقدمة لكلية الحقوق بجامعة فريبورغ السويسرية وعنوانها (غير المسلمين في بلاد الإسلام، الوضع في مصر). وقد تبنت نشرها دار النشر التابعة لجامعة فريبورغ عام 1979. وكان علينا وقتها أن نقدم 200 نسخة مطبوعة كشرط للحصول على لقب الدكتوراه. وبما أن تكاليف الطباعة كانت باهظة جدا، كتبت لعدد كبير من أهل الخير لكي يمدوا لي يد العون، وفعلا حصلت على مبلغ 12 ألف فرنك سويسري لتغطية مصاريف الطبع.

ثم توالت كتبي وقد نشرت أربع منها عند دار L’Harmattan في باريس. وكل كتاب منها أخذ مني ما لا يقل عن ستة أشهر مفاوضات مع دار النشر وتصليح المسودات قبل أن يرى النور. وحتى اليوم لم يصلني من هذه الدار فلس واحد كحق مؤلف. وكان علي أن أشكر تلك الدار لتكرمها علي.

ثم جاءت مغامرتي مع دار رياض الريس في بيرت لنشر كتابي عن الختان. وقد تعهدت الدار بنشره في جزأين. وقد صدر الجزء الأول منهما عام 2000 تحت عنوان (ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسحيين والمسلمين: الجدل الديني). وعندما أنهيت الجزء الثاني عن الجدل الطبي والاجتماعي والقانوني رفضت تلك الدار نشره رغم تعهدها الخطي. وبما أنه لم يكن في الإمكان نشر الجزء الثاني بمفرده، قررت جمع المجلدين في كتاب واحد ونشره في موقعي مجاناً. وقد رفضت بعد ذلك الدار المذكورة دفع حقوقي كمؤلف رغم أنها ما زالت توزع كتابي وتشير إليه في موقعها (http://www.elrayyesbooks.com ). فيا حبذا لو أن تلك الدار راجعت ضميرها حتى لا تبخس علي حقوقي. فأكل مال الناس حرام في كل النواميس الدينية والبشرية. وآمل أن يصل نصي هذا إلى مسامع تلك الدار بطريقة أو بأخرى. وهذا هو عنواني حتى تراسلني لترسل لي حقوقي [email protected]

ثم جاءت مغامرتي الكبرى عندما أنهيت ترجمتي للقرآن باللغة الفرنسية بالتسلسل التاريخي مع ذكر المصادر اليهودية والمسيحية واختلاف القراءات والناسخ والمنسوخ. وقد أرسلت تلك الترجمة إلى 40 دار نشر في سويسرا وفرنسا وبلجيكا. ولكنها جميعها رفضت نشره. وبعد جهد مرير وقعت على دار نشر سويسرية صغيرة في مدينة Vevey وافقت على نشره واتفقنا أن تدفع لي فرنكين سويسريين لكل نسخة تباع بسعر 48 فرنك (أنظره هنا : http://www.editions-aire.ch/details.php?id=1382). فقبلت العرض إذ لم يكن هناك خيار آخر. وأذكر في هذا المجال محادثة لي مع مترجمة إيطالية للقرآن وهي أستاذة في جامعة البندقية. فقد سألتها لماذا لم تنشر ترجمتها للقرآن بالتسلسل التاريخي بدلا من التسلسل الحالي الذي لا معنى له، أجابتني أن الناشر الإيطالي يرفض ذلك. هذا مثال بين عدة أمثلة على ديكتاتورية الناشرين الذين يمنعون تقدم الفكر لأسباب عدة من بينها الخوف من الإسلاميين. وهذا الخوف في تزايد مستمر. وهذا ما جعلني أضع طبعتي للقرآن باللغة العربية مجاناً على موقعي لأنه من غير الممكن نشرها في الدول العربية.

ولن أطيل عليكم مغامراتي مع الكتب الأخرى وآتي بكم إلى بيت القصيد. فأنا أعتبر أن عصر الناشرين التقليديين قد ولى كما ولّت سيطرتهم على المؤلفين. فلحسن الحظ هناك إمكانيات جديدة لنشر الكتب مجاناً مع بعض الربح من خلال الناشرين على الأنترنيت. وقد اختبرت في هذا المجال دار فرنسية تدعى http://www.thebookedition.com تمكنت من خلالها نشر عدد من كتبي الجديدة وإعادة نشر الكتب السابقة. وهذا يتطلب معرفة استعمال الكمبيوتر وتنظيم الكتاب وإعداده شكليا لكي يتم نشره. فإذا تم إعداد الكتاب يمكن وضعه مباشرة على موقع الناشر الذي يراقبه سريعا ويسمح بنشره خلال يومين مجانا. وأنت تقرر ما تريد أن تربحه من الكتاب وتضيفه إلى تكلفته. فإذا ما أرادت أن تشتري الكتاب ورقياً أو بصورة pdf يمكنك طلبه مباشرة من الناشر على موقعه. وفي خلال أيام يصلك الكتاب. فهو تصنيع وفقا للطلب. فلا يكلف الناشر لا تخزين ولا دور توزيع ولا موظفين مختصين بالطباعة. كل شيء يتم آلياً. ولكني وجدت أن هذا الناشر يعطي إمكانية اختيار أحجام محدودة للكتاب ولا ينشر باللغة العربية، كما أنه لا يوزع كتبه بواسطة أمازون (Amazon) ولا يعطي الرقم الدولي الذي عليك أن تطلبه أنت من الهيئات المختصة في دولتك وتدفع ثمنه. وهو أمر يستغرق وقتا ومالا.

ولكني أخيرا وجدت دار نشر تعمل منذ مدة تتيح كل تلك الإمكانيات، وهي دار مرتبطة بأمازون وهي http://www.createspace.com . فهذه الدار تمكنك من نشر الكتب بأحجام مختلفة وحتى باللغة العربية كما تعطيك مجاناً رقماً دوليا للكتاب وإمكانية اختيار نماذج مختلفة من الأغلفة وتوزع كتبك من خلال أمازون. فقررت أن أعيد نشر كل كتبي عند هذه الدار. وفائدة هذه الدار والدار السابقة بأنها لا تملك حق النشر. فلك الحق في سحب كتابك متى تريد. فأنت لست مرتبط بها، كما يمكنك في أي وقت تغيير مضمون الكتاب وغلافه في أقل من دقيقتين. وفعلا بدأت بإعادة نشر كتبي عند هذه الدار في سلسلة صادرة عن مركز القانون العربي والإسلامي الذي أديره وصممت غلافاً وحجماً نموذجياً لكل كتبي وهو باللون الأخضر يمكن رؤيته من الرابط التالي http://www.amazon.com/s/ref=nb_sb_noss/183-6719773-0716639?url=search-alias%3Daps&field-keywords=aldeeb
وقد نشرت فيه حتى الآن 19 كتابا من بينها كتابي عن الختان مع مقدمة الدكتوره نوال السعداوي وملاحق في 765 صفحة: http://www.amazon.com/Male-female-circumcision-Arabic-Christians/dp/1481128736/ref=sr_1_3?ie=UTF8&qid=1354323767&sr=8-3&keywords=aldeeb+circumcision

وسوف أستمر في نشر كتبي المتبقية ومن بينها ترجمتي الفرنسية والإنكليزية والإيطالية للقرآن. كما سوف أنشر طبعتي العربية للقرآن عندما أنتهي منها. وقد افتح سلسلتي لغيري من الكُتاب الذين يكتبون في مجال اختصاص مركز القانون العربي والإسلامي الذي أديره.

#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات