أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان 96 : الختان كعلامة طهارة وتعالي















المزيد.....

مسلسل جريمة الختان 96 : الختان كعلامة طهارة وتعالي


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 3928 - 2012 / 12 / 1 - 06:41
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


ينظر الغربيّون باحتقار إلى الجماعات التي تمارس ختان الإناث. وكذلك ينظر اليهود إلى غير المختونين نظرة إحتقار وتعالي ويعتبرونهم نجساً. ولكي يتم إلغاء الختان، لا بد من كسر هذه النظرة المتعالية. وهذا ما قام به المسيحيّون. وقد ساهم رجوع فكرة النجاسة والتعالي عند المسلمين في تبنّيهم الختان. ونبدأ بتخلّي المسيحيّين عن ختان الذكور.

ذكرنا في مقال سابق أن المسيح لم يأخذ موقفاً واضحاً من الختان. ولكنّه هدم نظام التعالي الذي رافقه. فقد بدأ بالتمرّد على رجال الدين الذين وصفهم بـ«العميان الجهّال» (متّى 17:23)، طالباً من تلاميذه: «لا تدَعوا أحداً يدعوكم رابي [...]. وليكن أكبركم خادماً لكم» (متّى 8:23-11). وتعدّى على حرمة السبت معتبراً أن «إبن الإنسان سيّد السبت» (متّى 8:12). وغيَّر مفهوم الطهارة في الطعام: «ما من شيء خارج من الإنسان إذا دخل الإنسان ينجّسه، ولكن ما يخرج من الإنسان هو الذي ينجّسه» (مرقس 15:7)، أي ما يقوله وما يسيء به إلى قريبه (مرقص 20:7-22). وعلّق مرقس على هذا القول: «وفي قوله ذلك جعل الأطعمة كلّها طاهرة» (مرقس 19:7). كما أن المسيح سامح الزانية (يوحنّا 11:8)، وأكل مع الخطاة (متّى 10:9-11)، ودخل بيت زكا العشّار (لوقا 7:19)، وتحدّث مع السامريّة (يوحنّا 9:4)، ومدح شكر الأجنبي له (لوقا 18:17)، وعظَّم إيمان المرأة الكنعانيّة وقائد المائة الروماني به (متّى 10:8؛ 28:15). وقد وصل به الأمر إلى سن محبّة الأعداء (متّى 44:5).
ثم جاءت دعوة القائد الروماني قرنيليوس لبطرس. وقد لبّاها بناءاً على رؤيا تدعوه لأكل طعام يعتبره اليهود نجساً، سمع خلالها صوتاً يقول له: «ما طهّره الله فلا تنجّسه أنت» (أعمال 15:10). فتم كسر شعوبيّة اليهود التي تحرّم على اليهودي «أن يعاشر أجنبياً أو يدخل منزله» (أعمال 28:10). وقد جاء بولس ليقرّر أنه لا فرق بين يهودي وغير يهودي، بين رجل وامرأة (الغلاطيين 27:3-28)، وأنه «لم يبق هناك يوناني أو يهودي، ولا ختان أو غلف، ولا أعجمي ولا أسكوتي ولا عبد ولا حر» (قولسي 11:3)، وأن «كل شيء طاهر للأطهار» (طيطس 15:1). وجاء العمّاد ليحل محل الختان (قولسي 11:2-13). وبينما كان الختان علامة يتم خلالها بتر الغلفة التي تعتبر نجسة وتنفّذ فقط على الذكور، أصبح العمّاد علامة رمزية تجرى على كل من الذكور والإناث. وكان العمّاد يتم عادة على الكبار وليس على الأطفال، أي أن الإنتماء للدين كان تعبيراً عن إرادة شخصيّة واعية.

إنهارت إذاً عند المسيحيّين فكرة «التعالي على الغير» وفكرة «النجاسة» التي بُني عليهما الختان، فسقط الختان من تلقاء نفسه. وقد تزامن إلغاء الختان وإلغاء منع أكل الخنزير الذي تعتبره التوراة حيواناً نجساً (الأحبار 7:11؛ تثنية 8:14). فالفصل 15 من سفر «أعمال الرسل» الذي ألغى الختان عن الوثنيّين، طالبهم فقط بـ«اجتناب ذبائح الأصنام والدم والميّتة والزنى» (أعمال 29:15). فلم يعد الخنزير حيواناً نجساً كما عند اليهود.

وعلى عكس ما جرى عند المسيحيّين الذين تحرّروا من أغلال الفكر اليهود، فإن المسلمين ورثوا عن اليهود:
- فكرة التعالي: «كنتم خير أمّة أخرجت للناس» (آل عمران 110:3).
- فكرة النجاسة: «إنّما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا» (التوبة 28:9).
- منع أكل الخنزير: «قل لا أجد في ما أوحي إلي محرّماً على طاعم يطعمه إلاّ أن يكون ميّتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهّل لغير الله به» (الأنعام 145:6). وواضح أن النص القرآني أخذ نص «أعمال الرسل» السابق الذكر وأضاف إليه الخنزير، ربّما في محاولة لجذب كل من المسيحيّين واليهود إلى دعوة النبي محمّد. وإن كانت التوراة تعتبر الخنزير «نجساً»، فالقرآن يعتبره «رجس» (الأنعام 145:6). والعبارة الأخيرة في الآية «أهّل لغير الله به» تساعدنا على فهم السبب الذي من أجله قديماً حرّم اليهود الخنزير. فقد كان الخنزير حيوان الذبائح الدينيّة لدى الكنعانيين وشعار الكتيبة الرومانيّة العاملة في فلسطين. فقد فُسِّر نص المزمور 14:80 «خنزير الغاب أتلفها» بأنه يشير إلى الجيش الروماني. فسبب التحريم إذاً تنافس ديني وسياسي بين اليهود وأعدائهم. وقد نسي السبب القديم وربط المنع بفكرة النجاسة. هكذا تتغيّر المفاهيم ويقع الناس ضحايا لجهلهم.
- تشديد في قواعد طهارة المرأة: فحُكِم بعدم صحّة صلاة وصوم الحائض، وحرّم عليها الطواف بالبيت ودخول المسجد ومس المصحف (الواقعة 79:56)، كما حرّم وطء الحائض في الفرج (البقرة 222:2). وقد لعبت هذه القاعدة دوراً في تبنّي نظام تعدّد الزوجات ونظام ختان الإناث كوسيلة للسيطرة عليهن.
- تحريم الزواج من الكافر وتحريم دفنه في مقابر المسلمين.

وبإرجاع الأسس الفكريّة التي قام عليها الختان، أي فكرة التعالي والنجاسة، لم يكن من الصعب على اليهود الذين أسلموا نشر كل من ختان الذكور والإناث بين المسلمين الذي ما زال الكثيرون يطلقون عليه إسم «الطهارة» رغم أن القرآن لم يأتي بذكرهما وأنهما يخالفان فلسفة القرآن التي تقول بكمال خلق الله. وقد إعتبر إبن جزي الغلفة نجسة «فلا يجوز أن يحملها المصلّي ولا أن تدخل المسجد ولا أن تدفن فيه». ويذكر إبن قيّم الجوزيّة أن الشيطان يختبئ في غلفة الذكر والأنثى. ويتناقل الشيعة عدداً من الأحاديث عن أئمّتهم تعتبر أن بول الأغلف نجس. وهناك أحاديث تقول بمنع غير المختون من الحج. وفي الإمارات لا يجوز للطفل غير المختون أن يدخل الجامع ولا تُقبل صلاته لأنه «غير طاهر». وفي السودان تعتبر البنت نجسة حتّى «دخولها السُنّة»، أي ختانها. والقول لشخص في هذا البلد إنه إبن غير مختونة تعتبر مسبّة تعني أنه إبن عاهرة. وكانت غير المختونات هناك تنتمي إلى طبقة العبيد. والقول لشخص إنه إبن غير مختونة يعني أنه من أصل غير عربي، أي مشكوك في أصله. وهذا يعني أن العرب كانوا ينظرون نظرة إحتقار لغير العرب.

ونجد إرتباطاً بين الختان والنجاسة عند القبائل الإفريقيّة. فبعض تلك القبائل ترفض الأكل مع غير مختون لأن يديه تتنجّس بمس قضيبه. وبعضها يعتقد أن بظر المرأة يحتوي على سم يمكنه أن يقتل الرجل الذي يمارس الجنس معها، وأن ملامسة البظر رأس الطفل قد تؤدّي إلى موته. وفي دولة «مالي» تعتبر الفتاة غير المختونة نجسة ولا يسمح لها بتحضير وجبات الأكل. وفي «أوغندا» تعتبر المرأة غير المختونة «بنتاً» مهما كان عدد أطفالها، ويعتبر إبنها «إبن بنت» دون أيّة كرامة في جماعته ولا يحظى بأي منصب هام. ولا يحق لهذه المرأة حلب البقر أو جلب لطعها من الحظيرة لتغطّي به سطح بيتها لأن ذلك يجلب النحس. كما لا يحق لها سكب الماء في الإناء الذي يحتوي ماء الشرب للعائلة، أو الرقص مع النساء التي تلد توأمين، أو الصعود إلى المخزن لإحضار الحبوب للطبخ أو الزراعة. وإذا مات رجلها لا يحق لها إستقاء الماء من النهر أو البئر للذين يدفنون زوجها. ويعتقد هناك أن المرأة التي ترفض الختان تغضب الأسلاف وقد تقع مريضة أو تهزل بسبب غضبهم. ورغم أن مجلس المنطقة قد أصدر قراراً بجعل ختان الإناث أمراً إختياريّاً يتعلّق بإرادة المرأة، إلاّ أن النساء يشعرن بأنهن دائماً مجبرات على الخضوع لهذه الممارسة بوسائل شتّى.
وليس من الصعب في مجتمع له مثل هذا الخوف من «النجاسة» أن يتمسّك بالختان إذا ما إعتبره وسيلة لبلوغ الطهارة. وقد أوضحنا في الجدل الطبّي أن المسيحيّين الغربيّين قد تبنّوا ختان الذكور والإناث بعد تغلغل الفكر اليهودي المتشدّد حول العلاقة الجنسيّة والعادة السرّية في العصر الفكتوري الذي إتّجه نحو تعظيم الجنس الأبيض. وقد إستمر التحجّج بالعادة السرّية مدّة طويلة لتبرير الختانين. ويرى عالم نفس برازيلي أن إدخال ختان الذكور والإناث في الولايات المتّحدة في القرن التاسع عشر لأسباب طبّية غير مثبتة علميّاً يخفي في حقيقته رغبة نفسيّة في خلق شعب مختار جديد طاهر خال من الأمراض.

--------------- خبر سار صدر كتابي عن الختان بالعربية ورقيا -------------
ويمكن طلبه من موقع امازون
مع مقدمة نوال السعداوي وملاحق في 765 صفحة: http://www.amazon.com/Male-female-circumcision-Arabic-Christians/dp/1481128736/ref=sr_1_3?ie=UTF8&qid=1354323767&sr=8-3&keywords=aldeeb+circumcision
ولكن يمكنكم أيضا تحميله مجانا بالعربية من موقعي
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic
وتجدون مجموعة من كتبي بلغات مختلفة بغلاف موحد أخضر تحت العنوان التالي
http://www.amazon.com/s/ref=nb_sb_noss_1?url=search-alias%3Dstripbooks&field-keywords=aldeeb



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلسل جريمة الختان 95 : كعلامة إنتماء وتمييز وتعارف وتضامن
- مسلسل جريمة الختان 94 : الختان والانجاب
- مسلسل جريمة الختان 93 : علاقة الختان بالزواج
- يسوع مجنون الناصرة
- إنا انزلنا إليك كشكولا
- مسلسل جريمة الختان 92 : ختان الإناث كعملية تجميل
- مسلسل جريمة الختان 91 : الختان كعمليّة تجميليّة جاذبة جنسيّا ...
- دين خفيف على المعدة
- هل يحق لنا انتقاد الأنبياء؟
- الأفكار العبقرية لله
- الصينيون ينسفون مكة بقنبلة نووية
- الحج والدوران حول حجر اسود
- مسلسل جريمة الختان 90: الختان كعمليّة تمييز بين الذكور والإن ...
- مسلسل جريمة الختان 88: الكبح الجنسي ببتر الغلفة والبظر والشف ...
- مسلسل جريمة الختان 88: الكبح الجنسي بشبك الفرج أو إخاطته
- سامي الذيب أستاذ أصول الشريعة؟
- خروف إبراهيم الخرفان
- مسلسل جريمة الختان 87: الكبح الجنسي وحزام العفّة
- مسلسل جريمة الختان 86: الختان وكبح النزوات الجنسيّة
- مسلسل جريمة الختان 85: الختان والدين من وجهة علم الاجتماع


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان 96 : الختان كعلامة طهارة وتعالي