أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم هيبة - مشكلة السعادة














المزيد.....

مشكلة السعادة


ابراهيم هيبة

الحوار المتمدن-العدد: 3920 - 2012 / 11 / 23 - 00:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


متى تبدأ السعادة في التحقق؟ - عندما نقتنع بأنه لا شيء مضمون في هذه الحياة؛ وبأن هذه الأخيرة لا يمكن أن تعطي دائما أكثر مما هو ممكن. لقد سلك البشر كل الطرق التي اعتقدوا بأنها تؤدي إلى السعادة، فانتشروا في مناكب الأرض بحثا عن المال أو المجد أو المتعة؛ لكن بعد أن تمَّ لهم ما كانوا يرغبون فيه، وقعوا في الضجر وعدم الرضا. يقول الصديق إبكتيتوس:" السعادة لا تكمن في الكسب والتمتع، بل في الكف عن الرغبة."- وفي الواقع، بقدر ما يرغب المرء ويتمنى وينتظر، بقدر ما تبقى السعادة خارج متناوله. افتح أي كتاب في التيولوجيا أو الحكمة أو الأخلاق، وسترى بأنه لا يقترح عليك ، بخصوص مسألة تحصيل السعادة، إلاّ وصفة واحدة وبسيطة: الإذعان. " واجه العالم بقلب مفتوح، هكذا تجده يقول لك، وستصبح سعيدا؛ تقبل تقلبات الدهر بصدر رحب، وسترى كيف ستنال سكينة الروح وراحة البال."
في يوم ما يفتح المرء عينيه فيجد نفسه بأنه ابن اسكافي أو وزير، وبأنه ملزم بأن يعيش على هذه الطريقة أو تلك؛ وقد يدفع الطموح وعدم الرضا المرء إلى التمرد على هذا الوضع الاجتماعي أو ذاك؛ ولكن عندما يتأمل في أحوال العالم جيدا ويراقب عن كثب تعسفات القدر، سيتبين له، و على نحو واضح، بأنه لا شيء يستحق أن نحزن أو نتمرد لأجله؛ ذلك أن هذا العالم ليس سوى مسرحية كبرى حيث كل واحد منا مجرد ممثل وكل سيرة ذاتية مجرد دور.
السعادة مقولة مشبعة بالتناقض، وإن كانت ممكنة في هذه الحياة فإنها لا تتمظهر إلا على شكل شعور نوستالجي- إنها مثل الصحة، لا نستشعر أهميتها إلا بعد أن نكون قد فقدناها. لهذا، تجد الواحد منا يستعمل دائما في حديثه عن سعادته صيغة الماضي وليس أبدا صيغة المضارع. إنها تكون دائما وراءنا؛ مما يعني أنها تكون دائما خارج متناولنا.
رغم كل البريق الذي يتمتع به مفهوم السعادة في الأدبيات الفلسفية، إلاّ أن روح الانسان لها من الحظوظ لكي تنجو عن طريق البؤس أكثر منه عن طريق الرفاه والازدهار. فليس هناك ما هو أشد خطرا على الإنسان من العيش في بحبوحة دائمة. المرض والأرق والقلق بشأن المستقبل المادي- كلها مظاهر للبؤس توقظ الروح و تدفع المرء إلى طرح الأسئلة ومعاينة كبريات القضايا الميتافيزيقية. و من هذا المنطلق، نجد بأنه ليس هناك فرق جوهري بين الانطلاق في رحلة بحثا عن درهم و الانطلاق في أخرى بحثا عن الله.
وبصراحة، إذا كنا نملك بعض الأفكار العميقة حول الله و الحب والموت، فإننا مدينون بها إلى الطابع الدرامي للحياة؛ فلولا الجراح والتمزقات التي يلحقها الزمن بقلوبنا وأرواحنا، لكنا قد متنا من الضجر والبلادة. ولا غرابة في الأمر، فالإنسان يكون عميقا وهو يعيش تحت سقف كوخ أكثر منه وهو يعيش تحت سقف قصر.



#ابراهيم_هيبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجُل السلحفاة
- العين الفاحصة
- تحت تأثير إيروس
- خرافة اسمها الحقيقة
- ميتافيزيقا الدموع
- لعنة الولادة
- عدو المرأة
- جاذبية المشنقة
- أنا و العالم
- تأملات في الضجر
- إنسان السطوح
- منافع المرض
- مصادر الصلاة
- تمارين في الزهد
- البعد الميتافيزيقي للأرق
- حول الزواج
- مائة عام من العزلة
- عبادة الأنا
- فينومينولوجيا الموت
- بؤس الفلسفة


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يكشف موقف -حماس- من مقترح قطري بشأن إطلاق سراح ...
- الكمائن الأخيرة تكشف -تحولًا تكتيكيًا- في أداء حماس.. فكيف ت ...
- اليونيسكو تدرج -قصور الحكايات الخيالية- الألمانية في قائمة ا ...
- موسم العمل الصيفي للمراهقين.. هل كل الفرص آمنة ومناسبة؟
- مسؤول أميركي: لا علم لنا بمصير المرحّلين إلى جنوب السودان
- جندي إسرائيلي يحذر من -انهيار- الجيش بسبب سياسة نتنياهو
- إيران تبدي استعدادها للتفاوض وتتمسك بقدراتها العسكرية
- الجيش الإسرائيلي يتحدث عن قتل عنصر بحزب الله بغارة على الخيا ...
- شاهد محاولة بطولية لإنقاذ نسر جريح في أعماق غابة.. هل نجحت؟ ...
- وزارة الصحة الفلسطينية تعلن حصيلة قتلى السبت بنيران إسرائيلي ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم هيبة - مشكلة السعادة